الإغتراب السياسي وحزب الكَنَبَة قد يكون ملاذ التونسيين

<img src=http://www.babnet.net/images/6/upset.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم / منجي باكير

من بعد الثورة و ما تلاها من حملات إنتخابيّة حملت معها كثيرا من الشعارات الفضفاضة و الوعود المستحيلة و الترويج للحلول السّحريّة من معظم الأحزاب و الأشخاص الذين – هرولوا – إلى محاولات إثبات كينونتهم و تركيز وجودهم داخل الوعي الشعبي التونسي المتعطّش أصلا ولعهودا طويلة إلى التعدّدية الحقيقيّة و التنافس النّزيه و الإنتخابات الشفّافة الديمقراطيّة و يفتقر افتقارا مزمنا إلى الإنتماء العلني و نُصرة من يرى فيه ما تراوده أحلامه في تحقيقه سواء على مستوى الفكر أو كذلك على مستوى الواقع المادّي ...

قلنا إذا كانت الحملة الإنتخابيّة و كان الباب فيها واسعا حيث تمكّن الكلّ من أن يغنّي على ليلاه فمنهم من وعد بالضغط على الأسعار و منهم من وعد بإغراق التونسيين في جنّات من النّعيم و منهم من وعد بتغيير أحوال الرعيّة إلى أرغد العيش في لمح البصر و منهم من وعد ببناء قنطرة فوق المتوسّط و منهم من وعد بالرجوع إلى شريعة الله و ردّ الإعتبار لدين الله الذي غرّبه و همّشه الحكّام السّابقون و منهم من وعد بأن يأتِ بما لم تستطعه الأوائل و ليس في أوراق الحاضرين و المتقدّمين ،،،



لكــــن كما يقول موروثنا الشعبي في الأمثال – يطولْ السّفر و يترخى الطّفرْ- بمرور الوقت رغم قصر المدّة تعرّى المستور و انكشف و زال بريق الوعود و جدّ الجدّ ، فسقطت الشعارات و ضاعت التنظيرات و غاب الشعور بالوطنيّة و نكران الذّات و ظهر عوضا عن ذلك الجري وراء المصالح الحزبيّة الضيّقة و التناحر على الكراسي و سال لعاب الأكثريّة لسيولة الأموال و الجاه ،،، غابت مصطلحات الطبقة الشغّيلة و الدّفاع عن الحقوق و الإحساس بالفقراء و المناطق المهمّشة ، اندثرت اللغة الثوريّة و تلاشت قوالب الإنحياز إلى الشعب و الحريّة و الكرامة و باقي المشتقّات التحرّريّة ، لتحلّ محلّها التكتّلات الحزبيّة العمياء و تكوين الجبهات الجوفاء و النداءات العدميّة للإنقلابات والدّخول في الصراعات الوسخة و – التكمبين – و عرقلة مسار التنمية و تعطيل مسالك الإنتاج و إثارة الفتن ،،، و صار في كل مئذنة حاوي ينادي و يستقطب من سهُل استقطابه و يعلن النّفير العامّ – الحربي – لجرّ البلاد إلى الفوضى و تقويض السّلم الإجتماعي ،،، هذا قابله و يقابله تخاذل و عجز مفرط من جانب من أعطاهم صندوق الإنتخابات حق المسك بدواليب الدّولة و فوّضهم لرعاية مصالح الشعب و الذود عنها و تطبيق قوانين البلاد لحماية الأغلبيّة و تيسير الخروج بالبلاد من دوائر الإنتقالي و المؤقّت ...
كما فرّط الفائزون و نكسوا وعودهم التي طالما سوّقوا لها و بشّروا بها و انتابتهم حمّى التنازلات المجّانيّة غير عابئين بما قطعوا العهد عليه و ألزموا أنفسهم به فصدّقهم غالبيّة العمق الشعبي و على ذلك كان نصيبهم الأوفر في الإنتخابات ،،،
وسط كلّ هذه الغوغائيّة في المشهد السّياسي و مع كلّ هذه الرّعونة و الخروقات في التعاطي مع الشأن السياسي العام من كلّ الأحزاب الفاعلة بقيت الكتلة الكبرى من الشعب منهمكة في أعمالها اليوميّة تتابع المجريات بصمت لا تشغلها إلاّ مسيرة البناء و الترميم وهي لا تتدّخر جهدا في الدّفع بالبلاد إقتصاديّا و اجتماعيّا نحو الأفضل ،،،
لكنّها بالمقابل هي تتّقد غضبا و حنقا من هذه المكوّنات التي تمسك بأزرار التصعيدات و المزايدات و المتاجرة بالبلاد و العباد و الإستقواء بالخارج لاختطاف البلاد إلى وجهات غير محمودة العواقب بدافع مصالحهم الشّخصيّة أو خدمة لولاءاتهم الحزبية الأنانية .كما أنّهم سئموا المواقف السلبيّة التي أصبحت تميّز أحزاب السّلطة و مهادنتها المريبة لكلّ ما يهدّد أمن البلاد و استقرارها و تساهلهم مع الخطابات الإحباطيّة و التحريضيّ.
الكتلة الكبرى من الشعب أصبحت تعايش – رغما عنها -الإغتراب السياسي وسط هذه التناقضات و الممارسات المنافية لأخلاقيات السّياسة الرّشيدة و أصول العمل الحزبي الوطني ، بل غالبيّتهم ندموا على أصواتهم التي أدلوا بها سابقا ليشعروا بعقد الذّنب أنّهم كانوا سببا لتصعيد كثير من الوجوه أو الأحزاب ...و خيّروا – قسرا – اللّوذ بالصّمت آنيّا و الإمساك عن مناصرة أي فصيل حزبي مهما كان لونه أو توجّهه لينخرطوا في – حزب الكَنَبة –




Comments


2 de 2 commentaires pour l'article 70112

MOUSALIM  (Tunisia)  |Mardi 20 Août 2013 à 15:49           
علينا بكشف الحقيقة لشعبنا وإن كانت غاية في المرارة فسياسيونا في السلطة والمعارضة هم مجرد مسرح للعرائس ودمى توجه عن بعد وكوكبنا تحول بالفعل لسفينة تحمل الجميع لكن بقيادة الولايات المتحدة التي أثبتت أنها القوة الساحقة والماحقة وهي التي تقرر وعلى البقية أن تنفذ والا كان العقاب غاية في القسوة .. نحن أمام رسم جديد للخارطة العالمية يلغي رسم سيكس بيكو ولم يعد التحاور على الساحة التونسية يجدي نفعا بل علينا بالتوجه لحكامنا الفعليين وراء الحدود وتونس ولاية
تتحكم بمصيرها حكومة عالمية والدمى التي تصدع رؤوسنا في الداخل مجرد كومبارس مقرف ....

Jojojo  (Tunisia)  |Mardi 20 Août 2013 à 15:38           
• بما أن الثورة بدون رأس قيادي فإن إستتباعات ذلك تكون غير متوقعة تماما كالكرة إن ثبتها على القمة ستبقى وإن أطلقتها فإنها تتدحرج و لا نتنبأ بمسارها, و من بين الإستتباعات نذكر:
كثرة الرؤوس القيادية تجاوز 170 ربما راجع لآنحطاط الأمية و لكن القيادات التي تريد الفعل و تغيير الواقع تتأرجح بين من له قاعدة إنتخابية حقيقية و من يحلم و يتنبأ بقاعدة إنتخابية واسعة جدا
الإغتيالات حاصرت الحزب الحاكم و لكنه غير مالك و تدفعه شيئا فشيئا نحو المزيد من التنازلات حتى ينحسر دوره إستعدادا للإنتخبات المقبلة إن تمت
بروز قيادات معارضة للحزب الحاكم و غير مالك تدعو إلى المجازر و التصفية الجسدية و تنادي بتجييش تلاميذ المعاهد وتحرض على عدم دفع الضرائب للوصول إلى الديمقراطية المنشودة عن طريق صندوق الإقتراع إن تم
مواجهة الحزب الحاكم و لكنه غير مالك جيشا من الإعلاميين المتربصين به تنفيذا لأجندات لا تخدم المصلحة العامة بل تخدم فلول المرحلة الإستبدادية
بروز طبقة سياسية لا تتقن حرفة السياسة و طبقة مثقفة مترهلة متبرجوزة فأنتجت دولة مرتعشة
تكدس ملفات الفساد دون البت فيها و تواصل عمل الفاسدين الذين يبحثون عن الإتحاد
عصابة الثورة المضادة تشكلت و إ كتملت و ستفعل كل شيء للاستحواذ على مقاليد الحكم الفعلي ، أي الحكومة و بذلك زاد حجم التهديد باغتصاب الثورة أحب من أحب و كره من كره
بروز حيادية الإدارة كمطلب شعبي وجب تحقيقه بواسطة أجهزة رقابية مدسترة حتى نضمن شفافية الإنتخبات إن تمت
يتبع


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female