عبد الباري عطوان: السيسي ليس عبد الناصر

<img src=http://www.babnet.net/images/8/abariatwan400.jpg width=100 align=left border=0>



عبد الباري عطوان



ان يختلف البعض مع حركة الاخوان المسلمين ويشهر سيف الكراهية تجاههم ومعتقداتهم الدينية والسياسية، فهذا شأنه، بل وحقه المشروع، طالما تحلى بأدب الخلاف، لكن ان يحاول هذا البعض ان يترجم هذه الكراهية بدعم انقلاب عسكري، اطاح برئيس منتخب، ويجعل من قائده الفريق اول عبد الفتاح السيسي نسخة اخرى، ربما اكثر بياضا، ووطنية، من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فهنا نختلف ونرفع الكارت الاحمر معترضين.



الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، كان صاحب مشروع تحرري، له شق داخلي عنوانه الاصلاح الزراعي والقضاء على الاقطاع واجتثاث الفساد، وتطبيق خطة تنمية صناعية ثقيلة وتحقيق الاكتفاء الذاتي في مختلف المجالات، بحيث يأكل المواطن المصري مما يزرع، ويلبس مما يصنع.
اما الشق الخارجي من المشروع الناصري، فكان عنوانه التصدي لحلف بغداد والمشروع الصهيوني في المنطقة، والاستعمار الغربي في العالمين العربي والاسلامي، ومساندة حركات التحرر في العالم باسره، وتكوين التيار او التكتل الثالث الممثل في دول علم الانحياز.

عشت عاما من عصر الرئيس عبد الناصر، او بالاحرى العام الاخير (نوفمبر 69 الى سبتمبر 1970) عندما توجهت الى مصر بهدف الدراسة الثانوية والجامعية، وكان جميع المصريين سواسية تقريبا، يلبسون نفس الملابس، ويدخنون نفس السجائر، وينظفون اسنانهم بالمعجون نفسه، ويرتدون الاحذية نفسها وجميعها من صنع محلي وتستخدم خامات محلية، والبضائع المستوردة من الخارج كانت محصورة في شارع صغير في احد ازقة القاهرة يسمى شارع الشواربجي لا يزيد طوله عن خمسين مترا، يضم بوتيكات صغيرة فيها بعض الملابس التي يهربها الى البلاد من كان يسمى في ذلك الحين تجار الشنطة .
الجمعيات التعاونية كانت تطفح بالاطعمة من مختلف الانواع ابتداء من الدواجن وانتهاء بالاسماك واللحوم وباسعار رخيصة مدعومة، وبعد وفاته وتولي الرئيس السادات مقاليد الحكم بدأ مسلسل الازمات والحديث عن طوابير الفراخ امام الجمعيات، وتضاعفت عدة مرات اسعار اللحوم، وانكمش حجم رغيف الخبز وساءت نوعيته.
الرئيس عبد الناصر انحاز للفقراء المعدمين، وفتح الجامعات امامهم، ووفر لهم الوظائف والعيش الكريم وكان واحدا منهم في طعامه وشرابه ومسلكه ويكفي انه عاش ومات دون ان يملك بيتا او عزبة او حتى استراحة.
حتى عداؤه للاخوان المسلمين الذي يستغله اهل الحكم اليوم لتبرير اطلاق النار على المعتصمين السلميين في ميدان رابعة العدوية فلم يتبلور الا بعد اقدامهم على محاولة اغتياله اثناء القائه خطابا في ميدان المنشية في الاسكندرية.
السؤال الذي نطرحه بقوة الآن هو حول هوية مشروع الفريق الاول عبد الفتاح السيسي بشقيه الداخلي والخارجي، فعلى الصعيد الداخلي لم نر غير معاداته لحركة الاخوان المسلمين وتصميمه على انهاء اعتصام رابعة العدوية السلمي بالقوة، والانحياز بالكامل الى مجموعة من الليبراليين وتقسيم الشعب المصري الى معسكرين، واحد من الشرعية الديمقراطية وآخر ضدها. معسكر مع الانقلاب العسكري وآخر ضده. اما على الصعيدين العربي والاسلامي فلم نسمع الفريق السيسي ينطلق مرة واحدة باسم فلسطين او التصدي للمشروع الصهيوني، وتحرير القدس، او دعم المقاومة، وكل ما سمعناه وشاهدناه حتى هذه اللحظة، هو اغلاق معبر رفح، وان فُتح فلساعات محدودة جدا (اربع ساعات) ومن اجل الحالات الطارئة فقط، وتدمير الانفاق التي كانت تشكل شريان حياة لاكثر من مليوني انسان على جانبي الحدود مع قطاع غزة.
ربما يجادل البعض، بان الفريق السيسي ليس رئيسا لمصر، وان وظيفته الرسمية هي نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع وقائد القوات المسلحة ولهذا من الظلم مطالبته بمشروع سياسي، وهذا صحيح نظريا، ولكنه عمليا هو الحاكم الفعلي للبلاد، وهو الذي وجه الدعوات للشعب للتظاهر، وعين الرئيس المؤقت ويتلقى التهاني من الزعماء العرب.
الرئيس عبد الناصر اتفقنا معه او اختلفنا جعل من مصر دولة عظمى مهابة ومحترمة عربيا ودوليا، وحقق لها الاكتفاء الذاتي، وبنى جيشا قويا لها وللامة العربية واذا لم يكن ديمقراطيا مثلما يتهمه البعض، وهذا صحيح، فارجو ان تسموا لي دولة عربية واحدة غير لبنان كانت ديمقراطية قولا وفعلا في زمانه.
نحن مع مصر قوية موحدة وديمقراطية ايضا، يكون الخيار فيها للشعب مصدر كل السلطات. والحكم لصناديق الاقتراع.. نحن مع الحاكم المنحاز للفقراء والمعدمين الذين يشكلون الاغلبية الساحقة، وعندما يتبنى الفريق السيسي هذه القيم ويضعها على قمة اولوياته داخليا ويحقق لمصر الحرية والكرامة ويعيدها الى مكانتها التي تستحق عربيا ودوليا، ودورها في دعم القضايا الوطنية العربية والاسلامية فلن يختلف معه الا اصحاب الاجندات الخارجية التي لا تريد لمصر وللامة العربية والاسلامية الا الدمار والخراب.
نتمنى ان يكون الفريق السيسي عبد الناصر جديدا، ولكن عليه اولا ان يقرأ تاريخ الرجل جيدا، ويستفيد من تجربته وايجابياتها، ويتجنب اخطاءها في نظر خصومه واولها او بالاحرى على رأسها، عدم ارتكاز حكمه على قواعد ديمقراطية راسخة تحترم الارادة الشعبية.



Comments


10 de 10 commentaires pour l'article 69242

Elwatane  (France)  |Vendredi 2 Août 2013 à 00:49 | Par           
على بعض الأخوة قراءة المقال مرة ثانية و ثالثة اذا لزم الأمر فالمقال في واد وهم في واد!!!

Amor2  (Switzerland)  |Jeudi 1 Août 2013 à 20:21           
Daily1999@@@
و الله لا تحشمها أفّاك كذاب ، يا معزة أنت تعيش في تونس تطالع جريدة الصباح و الشروق الأفاكة و تشاهد البنفسجية النوفمبرية.. فمن أين لك من هاته المعلومات الإستخباراتية لأرصدة جماعة النهضة في بنوك سويسرا؟؟؟ الله لا تربحك كم أنت بغل و غبي !!! فكيف علمت بصفقات السلاح ؟؟
سؤالي لك يا حيوان ، هل ما زال مالُ للدولة التونسية كي يسرق؟؟؟؟؟؟

Abouamr  (Tunisia)  |Jeudi 1 Août 2013 à 17:28           
أنت ياعبد الباري عطوان
يا من تخفي كرهك للحركات الاسلامية والاسلام السياسي
امانيك لن تتحقق ابدا
السيسي سيعتقل وينتهي امره نهائيا
وسيعود محمد مرسي

Saber1982  (Tunisia)  |Jeudi 1 Août 2013 à 17:22           
تاريخ جمال عبد الناصر أسود ، فقد إبتدأ عصره بالإنقلاب على الرئيس الشرعي لمصر أنذاك أحمد نجيب و وضعه تحت الإقامة الجبرية ، ثم قام بتمثيلية حادثة المنشية لكي يقصي الإخوان ، ولا يجب أن ننسى عدائه للإسلام والعلماء وما فعله للشيخ سيد قطب خير دليل على ذلك ، وقتله وتعذيبه للألاف في السجون ، وقد أكمل حكمه بنكسة 67 وخسارة سيناء

OMAR_Tounes  (Tunisia)  |Jeudi 1 Août 2013 à 17:00           
يا سي عبد الباري، زمن الإنقلابات ولى ، الشعوب لم تعد تقبل بالقبضة الحديدية. السيسي سينقلب عليه سوى من الإخوان أو من العلمانيين الأحرار حيث أن هناك علامات انشقاق من حركة تمرد و من الذين ساندوا الإنقلاب في بدايته. سقوط السيسي لن يتجاوز سنة.

Free_Mind  (Tunisia)  |Jeudi 1 Août 2013 à 15:34           
Le ministre de la cultures a plusieurs entreprises, lotfi zitoun pareil, ghannouchi a un chateau en angleterre...
ils sont tous riches.
pourquoi est ce qu'ils ne declarent pas leurs revenus?

Ngolo  (Canada)  |Jeudi 1 Août 2013 à 15:03           
@ daily 1999:
منين جبت المعلومات هاذي سي العطاي يعطيكك دقة على وجهك يا حمار

Ghiwani  (Germany)  |Jeudi 1 Août 2013 à 14:43           
@daily1999
ياماما،قداكش فايق وومهف!!

Daily1999  (Tunisia)  |Jeudi 1 Août 2013 à 14:15           
عبد الباري عطوان :" بنوك سويسرا إمتلأت بأموال قيادات اخوان تونس، الثراء الفاحش الذي إكتسبتها قيادات الجماعة غنائما من حكم تونس يصدر إلى البنوك العالمية وتستغل في تسليح منظمة الإخوان في سوريا والسودان واليمن فيما تونس والتونسيين على حافة الإفلاس"

Le_Prof  (Tunisia)  |Jeudi 1 Août 2013 à 14:03           
لا فض فوك


babnet
*.*.*
All Radio in One