أدعياء الديمقراطية : المتساقطون في طريق الثورة

بقلم عادل السمعلي
لقد استفادت الثورة التونسية من الانقلاب العسكري السافر في مصر أيما استفادة لم تكن تخطر على بال أحد وفتحت العيون والأبصار على حقائق نعرفها تاريخيا وحدسيا ولكن دلائلها وحججها تقتصر على النخب السياسية والفكرية و ليست في متناول عامة الناس البسطاء ولكن حدوث مثل هذا الانقلاب العسكري بمصر مكننا من فرصة تاريخية لكشف عراء المتدثرين بشعارات الحرية والكرامة والديمقراطية والإرادة الشعبية وهم لا كرامة لهم ولا مبدأ غير حب المال والسلطة والنفوذ حتى وإن أدى ذلك لبيع أنفسهم للشيطان والتحالف مع أعداء الامة من من الصهاينة والعربان .
لقد استفادت الثورة التونسية من الانقلاب العسكري السافر في مصر أيما استفادة لم تكن تخطر على بال أحد وفتحت العيون والأبصار على حقائق نعرفها تاريخيا وحدسيا ولكن دلائلها وحججها تقتصر على النخب السياسية والفكرية و ليست في متناول عامة الناس البسطاء ولكن حدوث مثل هذا الانقلاب العسكري بمصر مكننا من فرصة تاريخية لكشف عراء المتدثرين بشعارات الحرية والكرامة والديمقراطية والإرادة الشعبية وهم لا كرامة لهم ولا مبدأ غير حب المال والسلطة والنفوذ حتى وإن أدى ذلك لبيع أنفسهم للشيطان والتحالف مع أعداء الامة من من الصهاينة والعربان .
ونفس الشيء تحقق في المشهد المصري حيث انكشف المستور وأفرز هذا الانقلاب الغادر التيارات الوطنية الحقيقية والتيارات الانتهازية التي تبحث لها عن مكان في ثورة لم تدعمها ولم تشارك فيها واكتفت بالوقوف فوق الربوة تنتظر الفائز الأخير لكي تؤيده وتبارك له النصر.
إن ما أتاه السيسي قائد العسكر في مصر اعتداء على الكرامة المصرية واستهزاء بالإرادة الشعبية في اختيار من يحكمهم وإن اصطفاف بعض النخب التونسية وراء هذا الانقلاب والادعاء أنه نابع من إرادة شعبية كشف حقيقة الكثير منهم الذين صموا آذاننا بالحديث عن استحقاقات الثورة وتحقيق مطالب الجماهير في العدالة والحرية والكرامة البشرية ولا ندري عن أي حرية وكرامة يتحدثون في ظل مساندتهم الفجة والانتهازية لانقلاب عسكري تام الاركان و كامل الاوصاف .

نحن نعلم جيدا أن مصير الثورات العربية لا يتحدد في سنة أو سنتين بل إن المسار الثوري لتحقيق أهدافه يحتاج لسنوات طويلة من الصراع بين النظام القديم مدعوما بالإعلام والدولة العميقة وبين الارادة الشعبية والحراك الجماهيري لأنه من المسلمات أن الطبقة الاقلية التي تحكمت في مقدرات هذه البلدان وخيراتها لا يمكن أن تستسلم بسهولة وأن الجماهير لا بد لها أن تفهم هذه الحقائق وتستوعبها و لا بد أن تتحلى بالصبر واليقظة والتحفز وخاصة بالسلوك الرصين و العقلاني حتى لا تفقد البوصلة وسط جسامة التحديات وقدرة الخصوم على المناورة والالتفاف باستعمال أبشع وسائل الخبث والمكر فالثورات العربية الحديثة مفتوحة على كل السيناريوهات بما في ذلك السيناريوهات الدموية و الدفع نحو التطاحن الداخلي السياسي والمذهبي والطائفي.
إن اصطفاف مدعي الديمقراطية وراء الانقلاب العسكري في مصر كانت فرصة تاريخية للشعوب العربية لتعرف الصديق من العدو والصادق من الكاذب والانتهازي من المبدئي وهذا الامر ذو فائدة عظيمة لأنه يسهل عملية الفرز التاريخية بين المخلصين للثورة و المتآمرين عليها الذين انخرطوا كلاميا في الثورة وتصرفاتهم تكذب ذلك ومواقفهم من الاحداث تفضحهم و تكشف عوراتهم وقد استفادت قوى التغيير في تونس أيما استفادة من ذلك

فمواقف حزب نداء التجمع المؤيدة لانقلاب العسكر أعطت لطمة قوية لمن أدعى أن هذا الحزب هو حركة تحمل رؤية جديدة وأنها ليست من مخلفات حزب بن علي الحزب الذي حكم البلاد سابقا وأرانا الكوارث و الويلات ثم لبس لبوس الثورة من باب الخداع والمناورة كما أن تأييد الانقلاب من طرف الجبهة الشعبية التي تلم شتات الماركسيين والبعثيين أوقعهم في فخ إدعاء الثورية ومحاربة الامبريالية والصهيونية والديكتاتورية وهم يعلمون تمام العلم ويعرفون تمام المعرفة أن هذا الانقلاب خططت له ونفذته قوى إمبريالية و صهيونية بدعم من ديكتاتوريات عربية .
إن صمت رابطة تونس لحقوق الانسان إزاء هذا الحدث الجلل يمثل دليلا إضافيا على انحراف هذه المنظمة عن مسؤولياتها الوطنية و الحقوقية فهل هناك انتهاك سافر لحقوق الانسان أوضح وأكثرا جلاءا من انقلاب عسكري على الارادة الشعبية وتزييف للوعي الجماعي للفعاليات الجماهيرية وهل انخراط رابطة الحقوق التونسية المنهجي في تضخيم الخطر السلفي وتثبيت الادعاءات الكاذبة بوجود إمارات إسلامية بتونس كإمارة سجنان وإمارة بنقردان هو انخراط حقوقي أو انخراط إيديولوجي في بث البلبلة وإعادة خلط الاوراق لصالح النظام القديم الذي لعب على أوراق العنف السلفي حتى بليت هذه الاوراق واحترقت ولم يعد يصدقها أحد .
أما الاتحاد العام التونسي للشغل فقد قدم دليلا ضافيا وشافيا أنه لا يؤمن بالحرية ولا بالديمقراطية إلا بالديمقراطية المزيفة على شاكلة ديمقراطية المخلوع بن علي فهو بموقفه المؤيد للانقلاب والادعاء أنه نتاج إرادة شعبية فهو يؤكد أنه خرج عن الاسس والمبادئ التي سطرها مؤسسوه الاوائل ودفعوا ضريبة الدم من أجل ذلك وهو الآن يدافع عن الديكتاتوريات العسكرية والاستبداد كما كان يفعل ذلك سابقا زمن الجنرال الهارب بن علي .
أما في مصر فردود الافعال على الانقلاب لم تكن تختلف كثيرا عن المشهد التونسي فأيده أغلب المهزومين إنتخابيا مع فارق في مواقف التيار السلفي
أماعن فضيحة حزب النور السلفي فحدث ولا حرج حيث تم الوقوف على حقيقة أن التيارات السلفية المدعومة من بعض دول الخليج لا تصلح للسياسة وأن غاية ما يمكن أن تقوم به هو الجانب الدعوي والوعظي الارشادي أو الاخلاقي وأنه لا ناقة لها ولا جمل في السياسة وفنون السياسة مما أجبر بعض المنتسبين إليه من الشباب المتحمس والمؤمن بالثورة الى الانشقاق التنظيمي والالتحاق بالمسيرات الجماهيرية المساندة للشرعية المصرية بعد أن وقفوا على هشاشة المواقف لقياداتهم وعدم قدرتهم على فهم واستيعاب الاحداث الجارية بمصر الثورة مما وضعهم في موقف خارج مسار التاريخ .
إن حزب النور السلفي لم يتفطن إنه وقع ضحية سذاجته السياسية وحساباته الخاطئة إلا بعد فوات الأوان وأصدر بيانا هزيلا يرفض فيه تعيين البرادعي رئيسا للحكومة و يرفض حل مجلس الشورى كما يستنكر فيه الاعتقالات و غلق القنوات بدعوى ان هذا لم يكن ضمن ما اتفقوا عليه في الجلسة التفاوضية التي اطاحت بالرئيس الشرعي مرسي
إن ما حصل بمصر من انقلاب على الشرعية كان مخطط له أن يقع في تونس أولا وقد صرح بذلك السيد فرحات الراجحي وزير الداخلية التونسي المعزول في بدايات 2011 أي قبل الانتخابات التونسية بأشهر عديدة وقال أن هناك خطة يعدها فلول بن علي بقيادة الدولة العميقة لإستعامل الجيش التونسي للانقلاب على الانتخابات في صورة ما إذا أتت الانتخابات بالإسلاميين .
وقد كان لهذا التصريح الذي كان له دوي القنبلة داخل المشهد التونسي دورا كبيرا في إفشال هذا المخطط الجهنمي و لكن إلى حين لأن مواقف التهليل والترحيب المبالغ فيها من الاطراف المرتبطة بالنظام القديم بالانقلاب العسكري في مصر بما في ذلك الاعلام التونسي الذي أصبح منذ أشهر يتحدث عن السيناريو الجزائري يدلل على أن حلم الانقلاب مازال يراود المهزومين .
لقد تحول مرسي المنتخب شعبيا و المعزول عسكريا من مخلوع إلى بطل قومي تهتف باسمه الجموع من الرباط الى جاكرتا مرورا بتونس قلب الثورات العربية وأعطى له هذا الانقلاب الجبان شعبية عالمية لم تكن تخطر له عن البال ولا عن بال من خطط ومول ونفذ الانقلاب وصدق من قال قديما : رب ضارة نافعة ورب محنة فيها منحة .
ونحن مازلنا في قلب المعركة الثورية ... معركة الشرعية والإرادة الشعبية .. إلا أن المؤكد والثابت أن ما حدث من انقلاب عسكري في مصر والذي أراد الفلول والانتهازيين تقديمه على أنه ثورة ثانية هو أفشل انقلاب في التاريخ المعاصر وذلك بقطع النظر عن عودة مرسي للحكم من عدمه لأنه أعطى للعالم فرصة تاريخية لمعرفة وفرز القوى التقدمية الديمقراطية من القوى الرجعية الظلامية التي تهلل لأي انقلاب بمجرد هزيمة في الانتخابات والتي تقبل بحكم العسكر وجبروته تعويضا عن هزيمتها الانتخابية والأخلاقية ونكالة في الخصوم السياسيين فعن أي ديمقراطية هؤلاء يتحدثون وهم في الوهم الثوري غارقون وعن مسار التاريخ خارجون
Comments
57 de 57 commentaires pour l'article 68309