التآمر الدولي... و الغباء و الحمق السياسي العربي في المحرقة السورية

<img src=http://www.babnet.net/images/6/taoufikphoto.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم: توفيق بن رمضان

في البداية أقول: يجب أن لا يفهم من كلامي أنّني من المساندين للنّظام السوري، بل أنا أؤكّد على أنّني من الذين يقفون على نفس المسافة من النظام و المقاتلين من كلّ الفصائل و الشرائح و الاتجاهات و الفرق.

...

أولا و في البداية يجب التّوضيح أنّ كافة دول العالم و منها بالطبع دول العالم العربي و الإسلامي يدورون في فلك و إطار النّظام الدولي المتصهين، أي إنّ اللاعبين و الفاعلين السياسيين يتحرّكون و يدورون داخل حلبة النظام الدولي الغربي المتصهين، و كلّ من يخرج من الحلبة الزريبة و يتجاوز و لا يحترم قواعد لعبته يعمل على التصدّي له و إعادته للحلبة و يجبر على احترام قواعد لعبتهم و إلا يكون مصيره المحاربة و التدمير و السحق، و هذا ما هو حاصل مع إيران منذ أكثر من ثلاث عقود، و ما حصل في السابق مع صدام و القدافي رغم تحفظاتي عليهما، و هذا ما هو حاصل منذ أكثر من سنتين مع النّظام السوري، و لكن في سوريا الكل يتحمّل مسؤولية الدمار و التقتيل حكاما و ثوارا، و الأطفال و النساء الأبرياء يدفعون ثمن التناحر السياسي و الفتنة المدمّرة للعباد و البلاد.

و مستقبلا لنتمكّن من التخلّص من هيمنة النظام السياسي الغربي و نتجنّب تآمره و تدخلاته السافرة في شؤوننا، يجب على النخب العربية و الإسلامية أن تعمل على صنع نظام سياسي جديد خاص بشعوبنا و دولنا، أي نظام سياسي جديد محلّي ينسجم مع ثوابت الأمة و يحترم خصوصياتها و شرائعها، و إلاّ فلن تقوم لنا قائمة و لن تبنى لنا حضارة من جديد، ما دمنا نلعب داخل حلبة النظام الدولي المتصهين الذي تترأّسه و تشرف عليه مباشرة الولايات المتحدة الأمريكية، و بطريقة غير مباشرة إسرائيل و الصهاينة المنتشرون في جميع أنحاء العالم و الذين لهم نفوذ رهيب في الكثير من الدول و بالطبع عند بعض الدول العربية، و لا يخفى على أحد أنّ الكثير من النخب السياسية في الولايات المتّحدة الأمريكية يأتمرون بأوامر الصهاينة و يعملون جاهدين على إرضائهم، فالصهيونية هاته الأيام تسيطر على كلّ السياسات و التوجّهات في معظم الدول الفاعلة و النافذة في النظام الدولي العالمي و كل الآلات السياسية و الحزبية في الولايات المتحدة الأمريكية تقع تحت الضغط و التسلّط الصهيوني و لم تتمكّن إلى اليوم من الإفلات من سطوتهم و التحرّر من نفوذهم.

و كما هو معلوم في السياسة لا مجال للعواطف و الارتجال و الاندفاع، بل إنّ السياسة هي فنّ تحقيق الإنجازات و النجاحات بأقل الخسائر و التضحيات، وهي فنّ التعامل مع الممكن و براعة التجاوب مع المتغيرات، و هذا ما لم يفهمه زعماء السلفية و من يتّبعهم من الشباب المغرر به المندفع و المتحمّس، و هنا يكمن الغباء و الحمق و البلاهة السياسية عند الكثير من النخب العربية و بالطبع من بينها الكثير من القيادات السلفية، فقد دفعوهم للقتال ضد النظام و ورّطوهم في حرب الهدف منها استنزاف الشعب و الوطن و الجيش السوري.

- فقد كانت النخبة السياسية العربية حمقاء و غبية سياسيا عندما حارب بهم الغرب الصليبي العثمانيين و بعد ذالك احتلهم و سيطر على أوطانهم و فعل فيهم الأفاعيل و نهب خيراتهم و ثرواتهم...
- و قد كانت النخبة السياسية العربية حمقاء و غبية سياسيا عندما دعموا صدام و حاربوا الشعب الإيراني بعد ثورته علي الشاه و تسببوا في تقتيل الآلاف بل مئات الآلاف من الشعبين المسلمين و استنزفت الدولتين و الغرب و الصهاينة هم المستفيد الوحيد من تلك الحرب.
- و قد كانت النخبة السياسية العربية حمقاء و غبية سياسيا عندما تلاعب بهم الكيان الصهيوني بعملية السلام الموهومة الذين مكنته من مزيد التوسع و تثبيت أقدامه في الأراضي العربية ببناء المستوطنات.
- و قد كانت النخبة السياسية العربية حمقاء و غبية سياسيا عندما دعموا أمركا في حربها ضد صدام و عندما مكنوها من الدخول إلى المنطقة و بناء قواعد عسكرية فيها.
- و قد كانت النخبة السياسية العربية حمقاء و غبية سياسيا عندما تآمروا و لم يدعموا المقاومة في لبنان و غزة و كل التآمر و الغدر المحلي و الغربي تمكنت المقاومة من الانتصار و ذهب العملاء إلى مزابل التاريخ.
- و هم اليوم يتمادون في الحمق و الغباء السياسي بإشعال نار الفتنة و الإقتتال و التدمير و استنزاف الشعب و القطر السوري و يقدمون خدمة مجانية للغرب و الصهاينة و يحققون لهم ما عجزوا عن تحقيقه بأنفسهم على امتداد العشرات من السنين الفارطة.

و في كلّ الحالات و مهما كانت النتائج، أي إن تمكّن النظام من سحق المقاتلين أو تمكّن الثائرون من إسقاط النظام، فالعرب سيكونون هم الخاسرون، و بالتّالي يمكن القول أنّ النظام الدولي المتصهين قد تمكّن من استنزاف الشعب و الوطن السوري و دمّر الجيش السوري و تخلّص من الشباب المتحمّس لقتال الصهانة و من يدعمهم في دول الغرب و تمكّن من سحق كلّ من له نية التصدي لمشاريع الإدارة الأمركية في منطقتنا العربية على الأراضي السورية بجنود و أموال عربية و دون أن ينفقوا فلسا واحدا أو يتكبّدوا أي خسائر في الرجال و العتاد و النفقات، كما أنهم تمكّنوا من كشف و إظهار كل من له نية التصدّي للمشروع الصهيو-أمركي في عالمنا العربي و الإسلامي و إن لم يلتحق بالمقاتلين في سوريا و مالي، و بعد انتهاء الحرب في سوريا لا شكّ أنّهم سيؤلّبون عليهم الأنظمة بعد عودتهم إلى أوطانهم و سيطالبون بمحاكمتهم و إيداعهم السجون، و عندها ستكون المواجهة بينهم و بين السلطات في أوطانهم و سيتسبّبون في انتشار الفوضى و انعدام الأمن و الاستقرار و بالتالي ضرب التنمية و الازدهار و بالطبع العرب هم الخاسرون في النهاية.

كاتب و محلل سياسي




   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


8 de 8 commentaires pour l'article 65253

Adam1900  (Poland)  |Vendredi 17 Mai 2013 à 19:29           

بسم الله الرحمن الرحيم
أشكر الكاتب والمفكر السيد توفيق بن رمضان ...
لا تصدقوا العرب المغفلين الذين يخربون بيوتهم بأيديهم وهم متهالكون يفوضون أمرهم للمستعمر والصهاينة . فلا سيادة ولا شرف يستنجدون بالناتو الإستعماري لتكسير الدول التي لا تدور في فلكهم ... يبذرون أموال شعوبهم لحماتيهم والدفاع عن بقاء عروشهم العملاء . النصر انشاء الله لسوريا الصامدة الداعمة لكل الامة العربية . التي لم تستسلم وبقيت
منيرة الطريق ضد المؤامرات وضد أنصـاف الرجال من حكام العرب عبيد , الغرب
وعبيد الصـهيونية .. حكام الرجعية التي وضـعـتهم بريطانيا جواسيس وعملاء لها..
هؤلاء الزعماء هم اعداء العروبة والإسلام وأعداء الحرية والتقدم .
الامـة تعرفهم وستحاكمهم و بئـس المصـير , وخذوا من فرعون مصر مبارك عـبرة ,
الامـة باقية والخونة زائلون ,, الامة العربية يحكمها اليوم عبيد الصهيونية وأمريكا
أموالنا وأرضنا وشعوبنا أهدوها للمستعمر ليعـملوا فينا ما يريدون ..
الرجعية تـقاتل كل شريف ووطني , إرضـاءا لأسيادهم وقهرا وإذلالا لامتهم ,
النصـر قريب باذن الله من القوي العزيز , وكرامة العرب وقوة العرب ستعـود .
الرجعية تدعم الشر لتخـريب البلاد بأيدي جهلاء من جماعات تدعي الاسلام
ضد الاسلام . جماعات ارهابية مجـرمة عميلة تابعة وتدعمها الصهيونية ..
وبعد ما يسـمى الربيع العربي سـيطرت جماعات اسلامية على الحكم بدعم
من الغرب ومن الصهيونية لضرب الروح التحررية الوطـنية ,, حتى نبقى
ضـعفاء مفـككين لا نقدر على المقاومة أو الإنتصار
الحرب في سـوريا دمار وخراب وهـزيمة ضد كل ما هو عربي تقدمي
الرجعية هي العدو الاول للأمة العربية , خطـطوا لتدمير افغانستان والعراق
القوي وثم حطموا ليبيا والآن في سوريا . يرسلون المرتزقة الاغـبـياء اعداء الامة وأعداء
الله لقتل الشـعـب والجيش السوري الصـامد نيابة عن الصهيونية .
فمن باع ارض فلسطين للصهاينة ألستم أنتم يا عرب ومن يعمل على تهديم المسجد الاقصى اليوم أليسوا العرب بسياساتهم المتخاذلة ومؤامراتهم الخسيسة .

Clubiste97  (Tunisia)  |Vendredi 17 Mai 2013 à 10:21           
Vive bachar al assad leader des honnetes arabes.

BenMoussa  (Tunisia)  |Vendredi 17 Mai 2013 à 00:55           
أنا أحترم الرأي المخالف ولكنني لا ولن أحترم المتعالين على الناس الذين يصفون غيرهم بالحمق والغباء وقلة الفهم
وعدم الإرتياح لما يحصل في وطننا العربي وفي سوريا خصوصا لا يبرر تقديم تفسير ساذج ينسب ذلك إلى حمق وغباء الساسة العرب وبالتالي يبرؤ ذمتهم ويلقي المسؤولية على من اختارهم أو رضي بهم. ثم من الأحمق الغبي بن علي أم القذافي أم علي صالح أم بشار أم صدام ... أم من يصفهم بذلك؟
ثم من المستفيد مما جرى هل هي الصهيونية فقط، أم الحكام الفاسدين وسدنتهم وعبيدهم ومن سرق أموال الشعوب وجوعها وكبت على أنفاسها وسلبها أبسط حرياتها هل هي الصهيونية أم الحكام والسدنة والعبيد وهل من يقوم بكل هذا ببهلوانية عجيبة وحرفية ومكر ودهاء هو أحمق غبي أم من يصدق بأنهم حمقى وأغبياء علينا ألا نلومهم فهم مساكين يجب أن نشفق عليهم

TOUTOU  (Tunisia)  |Jeudi 16 Mai 2013 à 20:37           
هذا كلام معقول يا سي بن موسى يجب عليك احترام الرأي المخالف و ريما أنت لم تستوعب ما أراده الكاتب فهل أنت مرتاح لما يحصل في وطننا العربي و في سوريا خصوصا من تدمير و زهق للأرواح و المستفيد الوحيد هي الصهيونية

BenMoussa  (Tunisia)  |Jeudi 16 Mai 2013 à 20:12           
داء الأمة متأتي من طبقة ترى أنها مستنيرة وتحتقر غيرها من بني جلدتها، وهذا الداء زرعه المستعمر فطوع مجموعة لخدمته أوهمهم بأنهم نخبة مستنيرة وغيرهم رعاع أغبياء لا يفقهون شيئا. ثم توارثه الحالمون بالسلطة والجاه على كل المستوبات وفي كل الميادين، وهذه النخبة من تمكن منهم من سلطة كان دكتاتورا بامتياز ومن قال خطبة أو كتب مقالا أو حتى تعليقا أرغد وأزبد واعتبر الناس أغبياء وحمقى وهو الوحيد الفذ الفاهم. ومما فاقم داءهم انبراء بعض ممن امتهن العبودية للتصفيق
لهم وتمجيدهم

TOUTOU  (Tunisia)  |Jeudi 16 Mai 2013 à 19:31           
لعلمك يا سي benmoussa لو لا الغباء و الخمق السياسي للنخب التي مثلك لما آلت الأمور لما نحن عليه من دمار و فوضى و لما وصلنا لما نحن عليه تبا للمنغلقين من أمثالك الذين لا هم لهم إلا التنبير و الكلام الفارغ و لا يطرحون و لا يقدمون حلولا أو إقتراحات

TOUTOU  (Tunisia)  |Jeudi 16 Mai 2013 à 19:21           
يا benmoussa هذا كلام صعيب على مخك ما تنجمش تفهمو

BenMoussa  (Tunisia)  |Jeudi 16 Mai 2013 à 18:15           
تحليل ساذج جدا ينسب التطورات السياسية في العالم العربي إلى حمق وغباء الساسة العرب
إن بعض الكتاب فقدوا العقل فهذا الكاتب بعد أن دفن الثورة التونسية ودعا إلى إقامة سرادق العزاء لها بل وادعى أنها لم تقم بل الناس يقولون إن هنك ثورة ها هو لا يرى في الساسة العرب إلا الحمق والغباء
لم أكن أظن أن يصل بغض الإنسان لنفسه وفصله وعشيرته إلى هذا الحد. أدعو له بالشفاء وأنصحه بتجنب حرارة الطقس


babnet
All Radio in One    
*.*.*