يُسمّونها بغير اسمهـــا

د.خالد الطراولي
[رئيس حركة اللقــاء]
[رئيس حركة اللقــاء]
من غرائب هذا الزمان المتصابي، أن صاحب مركز نداء في تونس العاصمة تلقى 500 مليون من الخارج فلما أحيل على التحقيق في

الفساد أصبحت له تفريعات ومستويات ودرجات وألوان وصور وأسماء ومسميات...منها المقبول ومنها المرفوض، منها المسموح والمتغاضى عنه ومنها المأخوذ بالجريرة، ومنها الخيّر ومنها الشرير، منها الصالح ومنها الطالح... ولله في خلقه شؤون !!!
هذا السقوط الأخلاقي هو تعبيرة عن خلط متعمد في المفاهيم والمصطلحات، عن تشويش في آليات الضبط والتوجيه، عن خلل في ملكات الوعي والفهم، عن عمى القلوب في التمييز بين الخير والشر والحسن والقبيح، وهي منهجية صلبة تدفع لأن يتقدم الصفوف خبيثها وأراذلها، فيرتج المشهد عموما ويفرز مواطنا هجينا لا أخلاق له ولا قيم سوى نرجسيته وأناه المتعالي ومصلحته الضيقة.
إن التلكؤ المتواصل في حسم قضية الفساد والإفساد التي طالت العهد السابق ولا تزال كالمُعَلَّقة بالنسبة للعديد من أطرافها، هي نذير سوء ورسائل غير سليمة المضمون. لقد ترنح مفهوم الفساد وتضبب وغاب الإطار الأخلاقي والقيمي في التحديد والتوجيه، وأصبح الفساد مفهوما مائعا فضفاضا زئبقيا، يعيش على النسبية ويستظل بالقانون في بعض أطرافه، بدعوى الحرية الفردية أحيانا، أو باحترام العادة والمتعارف عليه، أو ما لم يضر قليله فهو معفي عنه أحيانا أخرى...
ولا يمكن لبيت العنكبوت أن يظل صامدا إذا تخللت خيوطه نسائم عابرة أو سحابات صيف ذات رذاذ... لقد صدق الرسول الكريم صلى الله عله وسلم وهو يتحدث في جوامع كلمه : ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها.
Comments
8 de 8 commentaires pour l'article 64062