حتّى لا يفوّت القوميّون اللّحظة التاريخية

<img src=http://www.babnet.net/images/8/salemlabiadnationalistesss.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم الأستاذ بولبابة سالم

للقوميّين في تونس تاريخ نضالي عريق , بدأ منذ الإستعمار حيث شكّلت الحركة اليوسفية الإنطلاقة الحقيقية للتيار العروبي الإسلامي في تونس , فعلاقة العروبة بالإسلام كالعلاقة بين الروح و الجسد و لعلّ كتاب الدكتور عصمت سيف الدولة عن العروبة و الإسلام شاهد على ذلك الارتباط الملحمي و الذي عبّر عنه من خلال شواهد تاريخية كثيرة . لقد اعتبر الزعيم الوطني صالح بن يوسف استقلال المغرب العربي عن فرنسا و توحيد الجهود نحو هذا الهدف من المسائل التي لا تقبل المساومة و لقي دعما كبيرا من الزعيم الخالد جمال عبد الناصر الذي لم يبخل على المقاومين بالسلاح في تونس و الجزائر و المغرب . في مرحلة الستينات بلغ المدّ القومي أوجه بعد الحروب المتتالية مع الكيان الصهيوني كما شكّلت المحاولة الإنقلابية التصحيحية التي قادها المناضل لزهر الشرايطي سنة 1962 ضدّ الإلتفاف على مسار الإستقلال تأكيدا على الحضور القويّ لهذا التيّار أما المحطة الأخرى المهمة فكانت عملية قفصة سنة 1980 التي قادها أحمد المرغني و رفاقه.





في سنوات السبعينات و الثمانينات كان الطلبة القوميون و رغم تشتتهم هم الطريق الثالث كقوّة رئيسية بين اليساريين و الإسلاميين . الصراعات و التشرذم و حبّ الزعامة حرمهم أن يكونوا البديل الثالث في خضمّ الإستقطاب الثنائي الحادّ الذي تعيشه الساحة السياسية . لقد كان للقوميين تاريخ نضالي مشترك مع اليسار ضمن النقابات العمالية مما جعلهم أقرب للقوى اليسارية من الإسلاميين . و عندما يطرح موضوع الهوية نجد تقاربا في الرّؤى بين الإسلاميين و القوميين وهو الموضوع الذي يشكّل صراعا مستمرّا في تونس منذ الإستقلال بين القوى التغريبية و القوى التي تدافع عن الإنتماء العربي الإسلامي لتونس . يصرّ بعض أصدقائي القوميين على التفسير التآمري لبعض الأحداث التاريخية بما فيها الثورات العربية رغم تلقائيتها كالثورة التونسية مثلا كما تتقاطع بعض التيّارات القومية مع اليساريين في اعتبار الإسلام السياسي صناعة أمريكية أو ترى في أحسن الأحوال أنّ الإسلاميين مجرّد دمى بأيدي الغرب لذلك لا نستغرب أن تتّخذ بعض قيادات حركة الشعب قرارا بالإنضمام إلى الجبهة الشعبية رغم معارضة بعض أنصارها و كوادرها في الجهات .
في الآونة الأخيرة تولّى أحد الوجوه القومية المعروفة حقيبة وزارة التربية وهو الدكتور سالم لبيض الذي كان أحد قيادات الطلبة العرب التقدميين الوحدويين , و من المعلوم أن سالم لبيض قومي مستقل لكنه من المدافعين بشراسة عن الهوية العربية الإسلامية لتونس و ضدّ أزلام النظام القديم .و لوزارة التربية مكانة خاصّة ضمن التركيبة الحكومية لدورها التربوي و البيداغوجي كما أنّها أكبر مشغّل في الوظيفة العمومية وهي فرصة لإصلاحها بعد أن طالتها انتقادات عديدة في السنوات الأخيرة و اعتبر الأمر رسالة مشفّرة من أصحاب السلطة الحالية للتيّار القومي بأنّهم يلتقون في المقاربات والمرجعيات رغم بعض الاختلافات في المواقف السياسية. و لئن رحّب أغلب القوميين باختيار سالم لبيض لمنصب وزاري حساس بل تابعنا السيد زهير المغزاوي – وهو الناطق الرسمي لحركة الشعب - يردّ بشدّة على هجوم بعض المعارضين على الخلفية الفكرية للوزير الجديد في تأكيد للصراع الإيديولوجي القائم في تونس بين المنحازين للهوية العربية الإسلامية لتونس و المتطرّفين العلمانيين , فإنّ بعض القوميين المتشدّدين انتقدوا بشدّة سالم لبيض لقبوله العمل في حكومة تقودها حركة النهضة و يعتقدون أنّ التحالف لا يكون إلا مع القوى التقدّمية لذلك فسّر البعض أنّ تصعيد نقابات التعليم التي يسيطر عليها القوميون هو لإحراج الوزير الجديد الذي كوّن حوله طاقما تفاوضيا من النقابيين السابقين للحوار مع نقابات التعليم للخروج من المأزق . نذكر ذلك مع التأكيد على أنّ مطالب قطاعات التعليم ليست وليدة اليوم , و لكن نطرح السؤال التالي : هل تناسى إخوة الأمس التاريخ النضالي المشترك حتّى لا يعطوا فرصة لنجاح الوزير الجديد ؟ لماذا يصرّ القوميون على تفويت اللحظة التاريخية ففي التاريخ لحظات فارقة قد لا تتكرّر وهي فرصة للعودة للفعل السياسي المباشر بعيدا عن الشعارات ؟ لماذا لا يتعلّمون من بعض القوى اليسارية التي لازمت الصمت على من عمل مع بن علي مثل سمير العبيدي و غيره ؟
مازلت مقتنعا بأنّ القوميين هم القوّة القادرة على تعديل المشهد السياسي المختل متى تجاوزوا خلافاتهم ووحّدوا صفوفهم ضمن جبهة قومية قد تقلب الموازين السياسية و تسحب البساط من الكثير من الأحزاب الميكروسكوبية التي نفخ فيها الإعلام و كشفتها الإنتخابات الأخيرة .
كاتب و محلل سياسي





Comments


13 de 13 commentaires pour l'article 63595

Srettop  (France)  |Jeudi 18 Avril 2013 à 08:40           
علاقة العروبة بالإسلام كالعلاقة بين الروح والجسد؟ يبدو أنك نسيت أن المسيحي ميشال عفلق أسس حزب البعث كما أن عبد الناصر كان علمانيا

MSHben1  (Tunisia)  |Mardi 16 Avril 2013 à 19:37           
@wadi1
انا اشاطرك الرأي و ان العرب الكلهم ما اينجموا شيء و كذلك منهم تونس و المغرب و الجزائر لكن احقاقا للحق بلدان المغرب العربي على الاقل هم حدهم حد ارواحهم و قلالة فلم يدعوا يوما انهم هم ابطال العرب و جهابذتها اما البلدان المحسوبة على القومية كما العراق و سوريا و مصر و ليبيا و اليمن فهم يتشدقون و لا ينجزون شيئا هم بالضبط كما المعارضة الغبية التونسية و المصرية فكلاهما اغبياء امتلغين و خاصة في مصر فالبرادي طول حياته رئيس المفتشين بالامم المتحدة و ما جر
كان على الباكستان النووية و ايران اما اسرائيل فلم يفتح فمه حول ترسانتها و تو جاي يريد يحكم مصر انه معتوه عند ي انا خبير الاستراتيجيين اما عمر موسى فهو طيلة حياته رئيس جامعة الدول العربية وكان قواد حسني امبارك يأتمر بأوامره حتى في اجتماعات الدول العربية و لا يتحرك الا حسب اجندته و لم يحقق شيئا للعرب و هو بدوره يريد ان يحكم مصر انه امتلغ كما صديقه البرادعي و هما مجرد خونة للعرب و لانفسهم .

انا خبير الاستراتيجيين
انا قائل الحق في كل حين
انا mshben1.

Wadi1  (Canada)  |Mardi 16 Avril 2013 à 19:06           
@
mshben1(tunisia)
اخطاك يا سي سالم الابيض فالقوميون جربتهم الشعوب العربية على مدى 50 عاما او اكثر في العراق و سوريا و ليبيا و مصر و اليمن و ما جلبوا الا الحروب ضد بعضهم البعض و الهزائم .

et les autres pays arabes ne sont pas mieux: tunisie, algérie, maroc, jordanie, arabie saoudite, kuweit, liban....
d'ailleurs, les 2 pays gouvernés par le parti baath, syrie et irak sont les 2 pays les plus avancés des pays arabes. les syriens nous envoyaient leurs professeurs et l'irak formait nos professeurs.

Charif  (Tunisia)  |Mardi 16 Avril 2013 à 18:27           
العائلة القومية الموسّعة مطالبة بتجاوز خلافاتها التافهة و النظر إلى المستقبل بعيدا عن تصفية الحسابات حتى لا تكون في خدمة أجندة اليسار

MSHben1  (Tunisia)  |Mardi 16 Avril 2013 à 17:36           
اخطاك يا سي سالم الابيض فالقوميون جربتهم الشعوب العربية على مدى 50 عاما او اكثر في العراق و سوريا و ليبيا و مصر و اليمن و ما جلبوا الا الحروب ضد بعضهم البعض و الهزائم . هم سكيرون و مرتادي الحانات و الملاهي و لا دين لهم و لا ملة . لا كونوا لا فلاحة و لا صناعة و لا تجارة لا علم و لا قيم و لا اخلاق . انهم ثلة آمنت بدكتاتوريتها و بجهل الشعوب ففعلت فيهم ما فعلت من تنكيل و اباطيل .

انا خبير الاستراتيجيين
انا mshben1.

Tounsiakahaoua  (Tunisia)  |Mardi 16 Avril 2013 à 15:12           
بل أن القوميون لا يمكن أن يغردوا خارج السرب

Charif  (Tunisia)  |Mardi 16 Avril 2013 à 15:06           
التيار القومي له أنصاره و الدفاع عن هوية الشعب التونسي مسألة مقدسة ضد التيارات الفرنكفونية و الفوضوية التي تسعى بكل جهدها لضرب الإنتماء الحضاري لتونس بل و بعضها يعادي العروبة و الإسلام فلا أفهم سبب عدم تلاقي الإسلاميين و القوميين الذي ن يبدو أنهم غارقين في مشاكل الماضي و لم يعيشوا الحاضر

SOS12  (Tunisia)  |Mardi 16 Avril 2013 à 15:05           
القوميون
انتهو سياسيا وفي سلطة الدولة في العالم العربي باسره بعد هزائم وتاريخ دموي
تهاوو فكريا وتنظيميا لعدم المراجعة والنقد الذاتي والعجزعن التغيير
ظهور الاسلاميين اربكهم واضـــناهم لتقاسم بعض القيم كانو يرفعونها شعارات
تخللهم للنقابات اكسبهم قوة مــخزنة لم تحرك الا ضد النهضة نكالا فيها
وانظمو في اغلبهم مع الاتحاد ضد اهداف الثورة

اما د لـــــبيض المستقل فلا يشاطرهم الراي لانه يحمل توجهات وطنية دون احتكار لمن سيقود
وبما انه وسطي ومتفاعل مع الثورة انــقضو عليه عن طريق ل الـــيعقوبي
الــــمتوحش لارهـــاصه وقبوله العمل مع النهضة وان كان معهم في الاتحاد
اما البراهمي والــــعمدوني فهما من الـــضاهرة الصوتـــية المفضوحة
وعلى العموم فالقوميون اعداء للدستوريون حاسدون للاسلامـــيين وتـــبعللآخرين ومتردديــــن احيانا وممزقين

Charif  (Tunisia)  |Mardi 16 Avril 2013 à 14:54           
ما قام به محمد براهمي لا يشرف التيار القومي . من المعيب أن يرتمي القوميون في أحضان اليسار و لا يتمسّكوا باستقلاليتهم . لكن يبدو أن ثقافة الإحتجاج غلبت ثقافة التسيير

Biladi2012  (Tunisia)  |Mardi 16 Avril 2013 à 12:10           
لماذا نربط نجاح ثورة تونس بالإنتماءات الإديولوجية، إن كان قومي أو إسلامي أو غير ذلك لا يهم فالمهم أن يكونوا وطنيين ولديهم ما يكفي من الحكمة والإخلاص لخدمة تونس بعد أن خربها جهل وطمع الدساترة والتجمعيين.

Amir1  (Tunisia)  |Mardi 16 Avril 2013 à 12:04           

واضح: تصبح مصلحة أبنائنا ومصالح العاملين بالتعليم أداة في الصراع السياسي.
والنقابات طرفا سياسيا لا مهنيا

MuradKing  (Tunisia)  |Mardi 16 Avril 2013 à 11:52           
نتمنى ذلك أما بشكون؟ الإبراهيمي بولحناك الحاقد ؟ ههههه

Zoulel  (Tunisia)  |Mardi 16 Avril 2013 à 11:43           
نعم يحق لابناء صالح ان يواصلوا مشواره ..هذا الطريق اسلم من غيره.


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female