العثمانيون قادمون

بقلم حاتم الكسيبي


ليعذرني إخوتي العربان، فما بدّلت البشرة والشّمائل ولغة اللّسان، ولكنّها الحقيقة تصدع بالبيان، فتدوّي لها أركان المتوسّط و سائر البلدان، هاهم يا اخوتي بنو عثمان ،هاهم أحفاد محمد الفاتح و جلال الدين وسليمان، قدموا يمدّون يد العون يتقدّمهم أردوغان. ذاك الذي تتلمذ على يد الدّاعية أربكان، فعلم أن العدل أساس العمران، وأنّ الإسلام هداية الرّحمان، يبني و يشيّد الحضارة في القديم و في كلّ أوان، فهو طوق النّجاة على الدّوام للإنسان، في هذه الدّنيا و يوم الحساب و الميزان. ثم ليعلم المبهورون بالرّجل في هذا الزّمان، أنه ذاق الأمرّين مناضلا و في الحكم من بني علمان، ففي التّسعينات كان ما كان، لقد فازوا في الانتخابات و عمروا المجالس و القصر و الإيوان، ولكنّ للجيش أركان و أركان، فانقلب على الشّرعية وأودع الفائزين وراء القضبان. و كان لهم إعلام كالّذي نملكه يقاتل الأصالة أينما كان، فيوهم الناس بالفشل والخور دون استبيان، ويُكبّر ما حُقّر ويُصغّر الكبير فنُصاب بالملل والاكتئاب والغثيان.
ما يئس القوم و ما تركوا السنّة والقرآن، فأعادوا الكرّة بحكمة و عزم و إتقان، و تشكّلوا بسرعة في حزب ثان، فانتصروا لذاك الدّين الّذي لا يهان. كانت انطلاقة جديدة بحنكة و حسبان، ارتكزت على عدل و تنمية و اعمار و بنيان. فنهضت أرض الترك من السّبات و سحر الجان، وعانقوا أحلام الماضي و نخوة الفرسان، أساطيل و جيوش و صناعات متقدمة و عمران، فنجاح تجاري و دين زائل و تقدم علمي بإتقان. تلك وصفة استعملت في عديد البلدان، فلاقت القبول الشعبي واحترام الجيران، فتركيا وماليزيا تعد نموذجان، لنجاح فكر الإسلام السياسي و الإخوان.
علم الإخوة الأتراك أن نجاح الأمة مرتبط بإطفاء النيران، هنا وهناك في مصر وسوريا و لبنان، فهرعت إلي دول الربيع العربي بالمعونة لتبديد الاحتقان، و النصيحة للحاكم الجديد والسلطان. وفود قدمت تتلوها أخرى للاستثمار والغشيان. زارت الوسط والجنوب والشمال فتنقلت في كل مكان، و عرضت بضاعتها : هلمّوا ندعمكم يا أهل الزيتونة و القيروان. فنحن بكم قوة وبدونكم وهن وضعف وخذلان، لنرمّم حضارة غابت لفترة من الزّمان، ولنبحث عن أحلاف جدد من الشرق الأقصى والغرب الأدنى و الألمان.
ثم اتّجهت صوب الجولان، وصاحت : يا أهل الشّام، يا أهل الكرم و الإحسان، اثبتوا فنحن نحمي ظهرانيكم فكونوا لاجئين بأمان، وسندعم أشاوسكم بالسّلاح والعتاد و الشبّان، فالأمر قد حسم والخير فيما قدّره الرّحمان. ثم أومأت إلى الحبيبة فلسطين المعزولة بالجدران، ضفة وغزّة تقطّعت أوصالهما بمستوطنات القطعان، بكت العين وسال الدمع على أسير يعذّب ويهان، أبشري يا غزّة فبضاعتي ستغزو المتجر والدّكان، فحصارك أضحى مكسورا لا يجبر و به يُستهان. قد فاوضتُ أصحاب الشمعدان فتلكّئوا أوّل الأمر يا إخوان، ثم أذعنوا لشروطي واعتذروا أمام جميع البلدان، و سيصرفون تعويضات في الإبّان، ولكنّ جوهر الأمر عندهم أن راودنا حلم الوحدة و القوّة والعنفوان، فخشيتْ إسرائيل المتعنّتة تعجيل زوالها فأظهرت التّفهم و التّحصين من إيران. هيهات هيهات أن تنطلي حيلكم فقد عاشركم الأجداد طوال أزمان، فأنتم أصل الدّاء والعلّة بعينها أيها الجرذان.
Comments
15 de 15 commentaires pour l'article 62725