إلى الأستاذ قيس سعيد : كيف نخلص الشعر من العجين ؟

<img src=http://www.babnet.net/images/8/kaissaidle13333.jpg width=100 align=left border=0>


رشدي المحمدي
قاض وخبير في قانون المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية
قطر






الأستاذ قيس سعيد قامة مديدة في القانون الدستوري، لا شك ولا اختلاف في ذلك. وقد حاز على ثقة التونسيين لأنه من الجامعيين القلائل الذين حافظوا على توازنهم إزاء خيار غرق فيه كثير من أمثاله بين الطمع في المناصب أو الاصطفاف الخبيث مع دعاة الفوضى تحت ستار الحياد. ولكن الأستاذ قيس سعيد، ومع تقديري لكفاءته ونبوغه، يبقى خبيرا في مجاله لا غير، ومتى خرج من فضاء القانون الدستوري يصبح رأيه عاديا لا فضل له ولا امتياز فيه.
وما جرني لهذه الملاحظة ما نقلته بعض المصادر عن مقترح منسوب إليه بشأن إبرام الصلح مع الفاسدين مقابل تنمية المعتمديات المحرومة . وقد سارعت عديد صفحات الفايسبوك إلى نشر مقترحه على نطاق واسع. وقد يكون للمشرفين على تلك الصفحات عذرهم، فقد رأوا حكمة الرجل في مواضع اختصاصه ، وربما توقعوها منه في غير ذلك.
ويقوم الحل الذي اقترحه الأستاذ قيس السعيد على إبرام صلح جزائي مع رجال الأعمال الفاسدين وترتيبهم حسب درجة الفساد، ومن ثمّة يتم الاتفاق معهم على التعهد بإنجاز التنمية في بعض معتمديات البلاد ، بعد أن يتم ترتيبها أيضا حسب مقدار التخلف التنموي والحاجة إلى بعث المشروعات . ولا شك أن في هذا المقترح ما يغري المواطن العادي أو المسؤول البسيط ( وما أكثرهم هذه الأيام ) ، خاصة وأنه يستلهم من تجربة التعامل مع المتورطين مع النظام النازي في ألمانيا . ولكنه مقترح بسيط، يقفز على التفاصيل المهمة، ويتغاضى عن لب الموضوع. ولب الموضوع هو كيفية تقدير نسبة الفساد تمهيدا لترتيب الفاسدين.
فلو افترضنا أن أحد رجال الأعمال قد تحصل في ضل النظام البائد على صفقة أو امتياز من الدولة أو انتفع بمبالغ الدعم بوجه غير مشروع، أو أنه استغل علاقته ببعض العائلات المتنفذة في الماضي للحصول على أجزاء من الملك العمومي أو الخاص أو لشراء منشآت عمومية أو للحصول على عمولات من شركات أجنبية . أو انه تورط في ممارسات احتكارية أوتسلط على حقوق غيره وأثرى بغير الطرق المشروعة. لنفترض الآن أن الثروة الحالية لرجل الأعمال المذكور تبلغ 1000 مليون دينار، هل نعتبر أن كل ذلك المبلغ ثمرة الفساد الذي ثبت في حق رجل الأعمال المعنيّ . وماذا عن المشاريع الأخرى، السابقة أو الموالية، التي قد يكون الطرف المعني تحصل عليها بالطرق القانونية . كيف نفصل المال الفاسد من المال الشرعي . وهو سؤال يحيلنا على سؤال آخر : كيف نحصي ثمرة الفساد . هذا ما لا يجيب عنه الأستاذ قيس سعيد، للأسف، وهو لب الموضوع.

مقترح الأستاذ قيس سعيد

الآن لنطرح سؤالا آخر: ماذا يحصل في حال عدم التوصل إلى الحل أو التقنية السليمة التي تخول لنا احتساب ثمرة الفساد. لا شك أن الصلح الذي يقترحه الأستاذ سعيد سيقوم على التقدير الجزافي، الاعتباطي لثمرة الفساد. وهو ما يفتح المجال لفساد جديد أثناء معالجة الفساد القديم. لا بد الآن من طرح سؤال آخر : كيف يمكن تخليص الشعر من العجين ، وهل يوجد حل علمي ، تقني قانوني ، لتقدير ثمرة الفساد . أجيب على الفور : نعم الحل موجود ، وسبق تطبيقه في بلدان أخرى ، كما يوجد في العالم خبراء أكفاء ومختصون في هذه المسائل على وجه التحديد. وبوسعي أن أشير إلى تقرير صادر بتاريخ 23 جوان 2011 على يد فريق عمل مشكل من خبراء من البنك الدولي ومنظمة التنمية والتعاون لأوروبا بالتنسيق مع مبادرة ستولن أسّست ريكوفري . ويتناول التقرير كيفية حصر واحتساب الأرباح التي يتم جنيها من الرشوة من قبل الشركات التي تلجأ لمثل هذه الوسائل للحصول على الصفقات وجني المنافع والأرباح . وإن كان التقرير يقتصر على قياس ثمرات الرشوة، إلا أنه يمثل وثيقة عمل متميزة للاستئناس بها. خاصة وأنه مبني على حالات واقعية وجدت بالفعل ، كما أنه مفيد للتعرف على المناهج التي تتراوح بين :
منهج المداخيل الخام : ويقوم على افتراض أن الشركة ما كانت لتحصل على الصفقة لولا اللجوء للفساد ، ولذلك تسحب منها كافة المرابيح

منهج العوائد الصافية : ويقوم على طرح المصاريف التي دفعتها الشركة المخالفة بما فيها مبالغ العمولات والرشوة .

منهج الفوائد الإضافية : ويقوم على الاجتهاد في الجواب على سؤال ماذا كان يحصل لو لم يتم اللجوء للرشوة .

وأختم بملاحظة : إذا ما وجدت رغبة صادقة لمعالجة عادلة لملفات الفساد العالقة ، لا مفر من اللجوء إلى بيوت الخبرة العالمية . ولا فائدة من تكليف الخبراء التونسيين ، لأنهم ببساطة غير موجودين، وهذه حقيقة لا بد من الإصداع بها، وحتى إن وجد بعضهم فلا حاجة للبحث عنه في حالة الفوضى الحالية التي تسود البلد . وفي كل الأحوال فإن التعامل مع هذا الملف يجب أن يكون بعيدا عن الحسابات المالية التافهة أو الرخيصة حتى لا تتكرر تجربتنا المريرة مع ملف مصادرة الأموال المهربة إلى الخارج ، ولا بد من تخصيص ميزانية ضخمة للحصول على مساعدة مكتب استشاري عالي مضمون الكفاءة



Comments


7 de 7 commentaires pour l'article 61560

Bbcapbon  (France)  |Lundi 11 Mars 2013 à 22:05           
J'ai quand même l'impression que chaque fois qu'on essaye de commencer à réfléchir à inquiéter les corrompus, 50000 bâtons poussent spontanément dans roues.!

Amir1  (Tunisia)  |Samedi 9 Mars 2013 à 17:45           
القول التونسي المشهور: آش يخلص الزرب(بسكون الراء) مالحرير

Tounsitata  (Tunisia)  |Samedi 9 Mars 2013 à 17:29           
Très simple comme idée;chacun son domaine;en tunisie tout le monde devient expert partout;surtout aujourd hui.idee de kais sayed est tres absurde ;il juriste;il ne peut pas être économiste.

Toucom  (France)  |Samedi 9 Mars 2013 à 13:42           
Partant du principe qu'un bien mal acquis ne profite jamais, je dis au prof kaïs saïd que ton idée n'a que l'avantage de mettre en lumière les corrompus, à part ça comment financer des projets avec l'argent sale ? ça s'appelle le "blanchiment des corrompus". partout dans le monde on fait tout pour mettre sous verrous les corrompus et les trafiquants et vous vous leur donner une sortie honorable !!! désolé prof. kaïs ça me choque ça...

Nabbar33  (France)  |Samedi 9 Mars 2013 à 13:10 | Par           
و تبقى قضايا الاستثراء الفاحش من نضر القضاء

Nabbar33  (France)  |Samedi 9 Mars 2013 à 13:08 | Par           
قيس سعيد أستاذ دستور لا يمنعه ذلك من الإدلاء براي عام يخص التونسيين عامة
أضف إلى ذلك اصطفافه إلى جانب الثورة و حياده المشهود به و هو ما يرتقي برأيه إلى أكثر من رأي عام
رأيه استشهد بتجارب غير فاشلة و اعتمد على نظرة عملية يمكن أن تسرع بالنهوض بمناطق ما عرفت إلا النسيان
رأي و جب على الأقل مناقشته و تفعيل البعض منه على الأقل

Lechef  (Tunisia)  |Samedi 9 Mars 2013 à 11:18           
تخليــــــــصً الشعرً منً العجينً عملةً صعبةً علىً العمومً وً لاً ينجماً لاً محاميً وً لاً قاضيً وً لاً لً الصحافيً بلً يلزمهاً مهندسً باشً ً ً يستنبطً طريقةً بأقلً التكاليفً كيماً يستخرجواً الذهبً منً التربةً وً اليورانيومً منً الفسفاط


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female