كيف يمكن القطع مع التداين الخارجي

<img src=http://www.babnet.net/images/8/adelsmali.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم عادل السمعلي (*)



اثر إندلاع الثورة بتاريخ 14 جانفي 2011 ظهرت في المشهد التونسي مصطلحات ومفاهيم جديدة تعبر عن نفسها وتفرض وجودها في الساحة التونسية و من ذلك مصطلح القطع والقطيعة مع الماضي وذلك لا يمكن ان يكون الا مطلبا مشروعا وحلما جميلا الا أنه لا يجب أن يغيب عن أذهاننا أن القطع والقطيعة مع الماضي لكي تنجح لا بد من توفير كل الاسباب والشروط لإنجاحها حتى لا نسقط مرة أخرى في فخ إعادة إنتاج نفس الاشكال البائسة ولكن تحت مسميات جديدة براقة ولماعة فكيف يمكن أن نقطع مع منوال التنمية القائم على المديونية منذ عشرات السنين ونمهد الطريق لتنمية متوازنة تأخذ بعين الاعتبار الرفاه والاستقرار الاجتماعي والتوازن المالي والاقتصادي




ان الوضع الاقتصادي التونسي يمر بدون شك بفترة حرجة لأسباب معلومة ولا تخفى على المتابعين منها ما هو مرتبط بالوضع الداخلي ومنها ما هو خارجي مرتبط بالوضع الاقتصادي العالمي الا انه من المبالغة الحديث عن أفق مسدود أو إستحالة الخروج من النفق

فبالرجوع الى التاريخ القريب نلاحظ ان اسوأ أزمة اقتصادية عرفتها تونس على حد علمنا تعود لأواسط الثمانينات في عهد المرحوم محمد مزالي حيث لم تتجاوز خزينة احتياطي العملة الصعبة 40 يوما من الواردات وهي المهلة التي كادت أن تقود البلاد لحافة الافلاس والعجز عن الايفاء بتعهداتها المالية الداخلية والخارجية والكل يعلم أننا تجاوزنا تلك المرحلة الصعبة وتجاوزناها اعتمادا على الدعم المالي الخارجي وبرامج الاصلاح الاقتصادي والمالي

و الآن أمام الوضع الصعب الجديد ما بعد 14 جانفي 2011
لا أحد يمكن ان يدعي انه يملك عصا سحرية لمواجهة كل الاشكالات الاقتصادية المطروحة حاليا بعد تراكمات عقود من الفساد المالي والاداري حتى اصبحت منظومة الفساد جزء لا يتجزأ من منظومة حركة رأس المال الوطني والاجنبي مما يتطلب تكاتف وتظافر جهود الصادقين لتفكيك وتحييد مكونات هذه المنظومة الفاسدة لكي لا تواصل عملها في نخر و انهاك الاقتصاد التونسي وهذا الهدف بقدر ما هو صعب ومعقد وملتبس بقدر ما هو قابل للتحقيق في زمن معقول لو كانت النية واضحة والعزيمة كافية للقطع مع الاساليب القديمة الذي نتمنى أن تلتحق فعلا لا قولا بالماضي ولا تعيد انتاج نفسها باشكال جديدة

لا شك أنه ليس من السهل ان يتعافى الاقتصاد التونسي في ظل التحولات الكبرى التي تعيشها المنطقة العربية وتداعياتها على المبادلات التجارية وفي ظل إرتباط اقتصادنا بسوق المال والاعمال الاوروبية التي تشكو بدورها أزمة عاصفة تهدد وحدة الاتحاد الاوروبي وعملته الموحدة الا أنه من المؤكد أن القراءة الجيدة للأحداث والتطورات حولنا قادرة أن تمكننا من تجاوز هذه المحنة بأخف الأضرار وربما الاستفادة منها لإرساء قواعد مالية واقتصادية تأخذ بعين الاعتبار الهزات الاقتصادية العالمية لكي لا نبقى دائما رهينة لرأس المال الاجنبي

إنه من المؤكد أن الوضع الحالي في تونس يتطلب ضخ كمية معتبرة من الاموال في الدورة الاقتصادية وليس لنا في الوقت الراهن الا خيارات محدودة تتمثل في التداين الخارجي بطريقة عاجلة و بشروط معقولة في مرحلة أولى وفي تشجيع تدفق الاستثمارات الاجنبية المباشرة في مرحلة ثانية لان ذلك سيمكن من تغطية عجز مؤشرات التوازنات الاقتصادية الكبرى وإن كان البعض لا يحبذ مثل هذه الديون إلا أن الواقع الحالي يجعل من ذلك ضرورة مؤكدة لانقاذ الاقتصاد وان كانت لدينا تحفظات على هذا التمشي الا أن التفكير الاقتصادي السليم يقول أن بنية الاقتصاد القائم على التداين الخارجي لا يمكن أن نجازف بتغيير هيكلته بين عشية وضحاها بقرار سياسي أو عاطفي فالاستمرارية في هذا المجال ضرورة تتطلبها الحكمة وعكس ذلك يعتبر عشوائية وتخبط


إن منوال التنمية الاقتصادي القائم على التداين الخارجي يصبح بمرور الزمن مرتبط إرتباطا عضويا وفق حلقات قوية ومتسلسلة بالمؤسسات المالية العالمية ولا فكاك له من ذلك الا باصلاحات جذرية كبيرة وممتدة في الزمن ليتعافى من هذا الارتباط العضوي ويحقق تفرده الذاتي ولعلي لا ابالغ حين أؤكد ان هذا المنوال الاقتصادي يشبه لحد كبير لمحنة إدمان المخدرات حيث لا يمكن الفكاك والتملص من هذه الآفة الا عبر وصفات علاجية تتطلب الصبر والأناة والعزيمة والاصرار على بلوغ الاهداف المسطرة خطوة خطوة ويعقب كل خطوة دراسة وتقييم وتصويب .

إن كارثة الكوارث أن يتم التداين الخارجي لزيادة أجور الموظفين خضوعا لإبتزاز النقابات والطامة الكبرى أن تخصص هذه الأموال لتمويل مشاريع مفلسة مسبقا أو أن يضع السياسيون جزء من هذه الأموال في جيوبهم أو في حسابات أجنبية خاصة بالعملة الصعبة كما كان يحدث في العهد السابق.

إن القطع مع منوال تنمية يرتكز على المديونية الخارجية ليس بالبساطة والسهولة التي يدعو لها البعض وسط أزمة مالية عالمية خانقة و أمام ضعف تدفق الاستثمارات الاجنبية المباشرة وأن الطريق الصحيح من أجل إقتصاد وطني متين ومتماسك ومتوازن يتطلب الحكمة والدقة والتبصر و الحذر من المزالق والمخاطر التي يمكن أن نسقط فيها في صورة التسرع في إتخاذ قرارات إقتصادية غير صائبة قد تكلفنا غاليا على جميع المستويات

(*) كاتب ومحلل تونسي وخبير بنكي


Comments


5 de 5 commentaires pour l'article 61431

Amir1  (Tunisia)  |Jeudi 7 Mars 2013 à 18:02           
@taucom
mais la communication dépend de ces mêmes médiats.
moi, j"ai tout simplement essayé de penser à une manière pour se libérer de l'endettement.
nous sommes d'accord sur le troisième point: l'état donne l'exemple par une réduction importante des dépense.
et si les partenaires sociaux ne sont pas pour de telles mesures, ils assumeront les conséquences aussi.


Toucom  (France)  |Jeudi 7 Mars 2013 à 17:29           
@amiri
faire une politique d'austérité maintenant c'est difficile à mettre en oeuvre pour les raisons suivantes:
1-l'ugtt est un syndicat politique qui ne s'intéresse pas vraiment à l'intérêt national malgré les paroles de ses dirigeant et en premier abassi, donc il va tout faire pour empêcher la mise en oeuvre d'une telle politique.
2-une politique d'austérité ne peut être menée qu'avec un gouvernement élu, fort et non provisoire.
3-il faut une politique de communication forte pour expliquer le pourquoi d'une telle politique économique et avec les médias qu'on a aujourd'hui ce n'est pas gagné d'avance.
donc il faut que l'État donne l'exemple de bonne conduite et fait en sorte que le climat soit favorable pour attirer les investisseurs en attendant les prochaines élections.

Amir1  (Tunisia)  |Jeudi 7 Mars 2013 à 17:06           
إجراءات عاجلة
- التخفيض من توريد الكماليات إلى الحد الأدنى.
- تحديد التداول النقدي لصالح التداول بالشيكات والبطاقات البنكية المضمونة بإجراءات مشجعة.
- إجراءات تقشفية قوية في نفقات الدولة.
- ضبط منظومة إعلامية صارمة لخلاص الديون
-تجميد الترقيات والأجور في كل الوظائف لمدة خمس سنوات وبالتزامن تجميد الأسعار إن لم يكن تخفيضها بالإتفاق مع
الأطراف الإجتماعية
- تيسير عمليات الإستثمار والإكتتاب في المشاريع.
-......................................
في انتظار بلورة مشروع وطني واضح المعالم يحضى بدعم كل مكونات المجتمع التونسي


Toucom  (France)  |Jeudi 7 Mars 2013 à 11:54           
L'article ne donne pas une solution ni même une piste pour sortir de la crise et rompre avec le cercle vicieux de l'endettement extérieur. donc la question que vous avez posée " comment rompre avec l'endettement extérieur ?" reste entière . pour le reste tout le monde (ou presque) est à peu près d'accord sur les bienfaits à court terme de l'injection de l'argent frais (même venu de l'extérieur) dans l'économie mais ceci n'est pas la
solution à moyen-long terme. en plus l'auteur ne parle pas du problème du fond : quel modèle économique doit-on mettre en place qui rompt avec le système actuel qui a conduit la pays là où il est actuellement.

Mandhouj  (France)  |Jeudi 7 Mars 2013 à 08:46 | Par           
À ma connaissance la capacité de couverture des importations à la fin de la période m.mazli était de trois jours. Sachant qu'il a pris le pouvoir avec une capacité de six mois. Quand 70 pour cent des entreprises tunisiennes travaillent avec les circuits de l'économie parallèle, la sortie de ce modèle de développement par L'endettement extérieur devient une affaire de conscience patriotique et national. Avec l'actuel modèle de développement on tous dans l'aliénation devant le capitalisme étranger donc facilement colonisable. Mais voilà votre article tire la grande sonnette d'alarme. Ben ali harab. Mandhouj tarek.


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female