سيطرة الفضاءات التجارية الكبرى الفرنسية على السوق التونسية تفاقم أزمة الغلاء

<img src=http://www.babnet.net/images/6/carrefour.jpg width=100 align=left border=0>


كريم السليتي (*)

قد يكون من النادر أن تجد بلدا مستقلا في العالم تسيطر على سوق البيع بالتجزئة فيه شركات بلد أجنبي آخر. حيث تعمد الحكومات في إطار سياسة مقاومة الاحتكار والمنافسة غير النزيهة وإمكانية الاتفاق بين الشركات ذات نفس الاختصاص (cartel) إلى تنويع جنسيات شركات التوزيع والبيع بالتفصيل أو ما يسمى عندنا بالفضاءات التجارية الكبرى، وذلك بهدف تشديد المنافسة بينها وهو ما ينعكس بالضرورة على تخفيض الأسعار وتنوع السلع المعروضة.





في تونس وكالعادة فنحن نشذ عن القواعد الاقتصادية والعلمية المعمول بها. في عهود الاستبداد تمكنت شركات الفضاءات الكبرى الفرنسية من الانفراد بسوق التجزئة الداخلي التونسي، حيث تمكنت خلال العقدين الماضيين من السيطرة تماما على هذا السوق لوحدها وبسهولة كبيرة. فقد انتشرت هذه الفضاءات في كل الأحياء تقريبا، بتسهيل وتواطئ واضح من عائلة الرئيس المخلوع السابق وحاشيته.

خطورة هذه الفضاءات التجارية ليس في انتشارها وقربها من المستهلك بل في كونها أغلبيتها الساحقة هي ماركات من جنسية واحدة (شركات فرنسية).ومن المعروف أن شركات البيع بالتجزئة قد تتنافس في ما بينها فوق أرضها (يعني في فرنسا) لكنها في الأسواق الخارجية، تتعاون في ما بينها لاكتساح والسيطرة على تلك الأسواق. وهذا للأسف هو الواقع في تونس.

وبما أننا في سوق مفتوحة لا تتحكم الدولة ممثلة في وزارة التجارة في كثير من المتغيرات فيها، فإن هذه الشركات صارت تتحكم تماما في جزء هام من نسب التضخم وتوجيه المستهلك للاستهلاك المواد المنتجة من شركات فرنسية. هذا إضافة إلى ضعف القدرة التفاوضية للمُصنّع التونسي أما ضخامة وسيطرة هذه الشركات على سوق التوزيع. وكل هذا انعكس سلبا على الأسعار مما أدى إلى التهابها بشكل غريب في مدة وجيزة.

وفي هذا التحليل سأتعرض للجوانب الاقتصادية للموضوع، علما بأن الجوانب السياسية غير مستبعدة تماما من المسألة خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الأطراف التي تملك هذه الشركات سواء في فرنسا أو شركائها المحليين في تونس.

1- التنافس يولد أقل أسعار و منتجات متنوعة من العالم مقابل أسعار أرفع ومنتوجات فرنسية فقط في ظل وجود جنسية واحدة لشركات البيع بالتجزئة

إن تنويع جنسيات شركات البيع بالتجزئة هو ضمان لوجود حد أدنى من التنافس بين هذه الشركات ويمكن للمواطن التونسي أن يتأكد من ذلك عندما يقارن على سبيل المثال تأثير تنوع جنسيات شركات الاتصالات على أسعار المكالمات في تونس.

كما أن تنويع جنسيات شركات الفضاءات التجارية الكبرى يؤدي إلى تنويع السلع المعروضة في ظل المنافسة بينها. حيث تسعى كل شركة إلى توفير السلع الأكثر تنافسية من حيث الأسعار والجودة على مستوى العالم. ونلاحظ مثلا أن بلدان الخليج ودول جنوب شرق آسيا، تنشط بها شركات فرنسية وأمريكية وبريطانية وهندية بالإضافة للماركات المحلية. وقد عاينت حجم التنافس بين الفضاءات التجارية الكبرى هناك وهوما يثير سعادة المستهلك ويمكن تلك الدول من التحكم في الأسعار وبالتالي في نسب التضخم.

في مقابل ذلك نجد في تونس أن الفضاءات الكبرى هي التي تفرض السعر وتفرض جنسية المنتج التي كما قلنا إما محلي أو منتج لشركة فرنسية أو موزع فرنسي.



2- التنافس يمكن المنتجين التونسيين من هامش تفاوض في حين إذا كانت هذه الشركات من بلد واحد فإن هذا الهامش ينخفض بصورة كبيرة.

الانعكاس الاقتصادي الثاني لسيطرة جنسية واحدة للفضاءات التجارية الكبرى هو إضعاف قوة التفاوض للمصنعين التونسيين وربما حتى الأجانب، لكون هذه الشركات هي من كبار المشترين وإتفاقها فيما بينها من شأنه أن يقوي قوة ضغطها عند التفاوض مع المزودين، فتُملي شروطها سواء في تحديد ثمن الشراء أو فترة تسديد الدين أو حتى شروط النقل والتأمين وغيرها من الكلف المرتبطة بالجانب اللوجستي.

3- الاتفاق بين هذه الشركات يرفع من هامش ربحها وينعكس سلبا على الأسعار ونسب التضخم وعلى الاستهلاك ويؤدي إلى تراجع الإنتاج الوطني.

الضغط على المزودين المحليين على مستوى كلفة الشراء لا ينعكس على المستهلك لأن هذه الشركات سوف ترفع من هامش ربحها بوصفها تسيطر على سوق التجزئة في ظل غياب المنافسة من جهات أخرى. وهو ما يؤدي حتما إلى ارتفاع الأسعار التي يتحملها المستهلك التونسي في الأخير وبالتالي على نسبة التضخم في البلاد. ومن شأن ارتفاع الأسعار أن يخفض جزئيا من الاستهلاك الذي ينعكس بدوره على المزود والمُصنّع التونسي، وهذا الانخفاض في الإنتاج يقلل من الاستثمارات ويحد من خلق مواطن جديدة للشغل بل قد يؤدي إلى فقدان مواطن الشغل التي كانت موجودة.

والحل المتعارف عليه لتفادي هذه الإشكالية الاقتصادية الكبيرة هو في تنويع جنسيات الفضاءات التجارية الكبرى في تونس بحيث يتعين تشجيع الشركات المحلية وكذلك من جنسيات غير فرنسية للاستثمار في هذا المجال في تونس، حتى نقلل من ارتهان تجارة التجزئة في تونس للسياسات الخاصة بالشركات الفرنسية المختصة في هذا المجال. كما أن تنويع جنسيات شركات تجارة التجزئة من شأنه فتح السوق التونسية أمام سلع جديدة من دول صاعدة أكثر تنافسية من السلع المنتجة من شركات فرنسية سواء في فرنسا أو خارجها. وهو ما سينعكس بصفة لا تقبل الشك على الأسعار التي سوف تشهد تراجعا هاما بسبب تخفيض هامش ربح الفضاءات الكبرى نتيجة المنافسة، كما أنه سيقوي من قدرة المصانع والمزودين التونسيين على التفاوض مع هذه الشركات، وهو ما سيؤدي إلى التشجيع على الاستثمار نتيجة لتزايد الطلب وبالتالي المزيد من مواطن الشغل والأهم من هذا كله مزيد التحكم في نسبة التضخم.

(*) خبير بمكتب استشارات دولي




Comments


20 de 20 commentaires pour l'article 60539

Zainouba  (France)  |Lundi 18 Février 2013 à 19:17           
On n'a pas trouvé un grand centre commercial tunisien pour y aller. arrêter de critiquer des étrangers qui travaillent pour gagner de l'argent (c'est la règle économique) mais plutôt publie un article où tu critiques l'industrie tunisienne, la consommation tunisienne et en particulier l'absence des centre commerciaux tunisiens. propose des solutions et arrêter de critiquer la france (l'ennemi étranger d'ennahda). tout le monde sait très
bien que babnet a été rachété par ennahda.

Toonssii  (Tunisia)  |Lundi 18 Février 2013 à 18:58           

الإحتلال الإقتصادي الفرنسي لتونس ...! لهذا السبب فرنسا دخلت مباشرة في اللعبة القذرة حتى لا تفلت من بين يديها مستعمرتها


Observateur  (Canada)  |Samedi 16 Février 2013 à 23:25           
Le colonialisme français de notre pays continue sous une autre forme (avant il était militaire, culturel et souverainiste, mais maintenant, il est économique par l'intermédiaire de ses compagnies qui appauvrissent le consommateur tunisien et exploitent nos concitoyens par des salaires 5 fois plus bas que ce qu'ils auraient donné à un français)

HatHat  (Tunisia)  |Samedi 16 Février 2013 à 11:21           
C'est vraiment du n'importe quoi cet article.
comme d'habitude, on veut toujours faire porter le chapeau de nos échecs à quelqu'un d'autre.

Moncef  (Canada)  |Samedi 16 Février 2013 à 05:22           
Ya si silliti,
la planete est devenu aujourd'hui un village. on appelle ca la mondialisation.
les multinationales sont partout: walmart, target,costco, loews, géant, monoprix...et tout autre domaine a ses multinationales et casi-monopole (apple, samsung...toyota...)
c la loi du marché : l'offre et la demande. et les altermondialistes qui manifestaient devant wall street et les grandes places n'y peuvent plus rien (occupy wall street).
la clé c la productivité et le relation qualité-prix qui sont en général régis par le gros volume.
donc les petits producteurs, les petits manufacturiers...n'ont plus le choix que de grandir seuls ou en fusionnant. sinon c leur fin et c leur faim.

Voidmain  (Tunisia)  |Samedi 16 Février 2013 à 01:26           
اصبت يا كاتب المقال بل لو بحثت عن انتماء مديري تلك المؤسسات ستجد بقدرة قدير ان جلهم يعادون الشرعية ويساندون مايسمى بنداء تونس والفرنكفونية ولا يريدون كشف ذلك

3loulou  (Tunisia)  |Vendredi 15 Février 2013 à 21:29           
لهذا السبب فرنسا لا تريد خسارة هذه السيطرة و زادت من لعبتها السياسية القذرة


Slim76  (Tunisia)  |Vendredi 15 Février 2013 à 19:34           
الشركات الموجودة و التي تحدثت عنها هي شركات تونسية اغلب رأس مالها تونسي و لكنها تدفع مبلغ مالي سنوي لتلك الشركات الاجنبية مقابل استعمال اسم الشركة و مقابل تلقي تكوين خاص في التسويق و ادارة الخ
يعني تلقي خبرات و اشهار فقط
ارجو من كاتب المقابل المرة المقبلة البحث الجيد قبل كتابة المقالات و شكرا

Tunisienwatani  (France)  |Vendredi 15 Février 2013 à 17:38           
على الثورة التي اطاحت بالمخلوع ان تطيح ايضا بالسيطرة الاجنبية على اسواقنا و هو عمل شعبي بالاساس اتها دعوة لمقاطعة هذه الشركات و تشجيع المؤسسات الوطنية حتى وان كات ذلك سيكلف جيب المواطن
فهل ان شعبنا الذي قام بالثورة بامكانه ترجمتها في الواقع بالمساعدة على انقاذ اقتصاده الوطني

Amelyassine  (Tunisia)  |Vendredi 15 Février 2013 à 17:34           
Si le niveau des experts est comme celui qui a écrit cette thèse, j'ai peur pour ma tunisie!
les grandes surfaces représentent 13% de l'ensemble de la distribution en tunisie. et les enseignes françaises sont les leaders du marché mondial.
ces enseignes sont présentes avec un savoir faire technique et commercial.
je préfère personnellement ce circuit où je sais que ces enseignes font travailler des tunisiens, et paient leurs impôts à l'état que de favoriser le circuit parralèle pour ne pas dire le marché "noire"
juste pour rappele la france investit et prend le risque avec la tunisie , elle emploi plus de 140 000 tunisiens (emploi direct) et est le premier investisseur étranger en tunisie.
le sous entendu de cet articles et de ramener des enseignes américaines et autres chez nous !!
je vous dis mr "l'expert" que la grande distribution doit évoluer chez nous pas pour s'entendre sur les prix comme vous insinuez mais plus tot pour moderniser le secteur

Mak159  (Tunisia)  |Vendredi 15 Février 2013 à 16:26           
Je vais parler d'un cas concret à sfax, nous avons des magasins de petites et moyennes tailles telle que shoppingclub prixchoc zedna qui arrivent a vendre les mêmes produits jusqu’à 30% moins cher que les grandes surfaces telle que carrefour promogro monoprix !!!!!!

DinarTn  (Tunisia)  |Vendredi 15 Février 2013 à 14:28           
Geant (monoprix), carrefour(carrefour market) et promogro (magasin général) avaient lancé en 2011 une centrale d'achat commune pour mieux négocier les achats massifs (pouvoir de négociation meilleur) mais surtout pour contrôler ensemble les prix de vente. depuis 2011 les prix avaient augmenté sans raison: voici la raison

Tunisienn  (Tunisia)  |Vendredi 15 Février 2013 à 14:14           
Bien dit babnet ... il faut multiplier ces dires ... minimum d'objectif c'est d'orienter votre discours à des sujets qui peuvent mobiliser l'opinion publique vers l'essentiel.... j'ajoute en plus qu'en quelques semaine passées le pdg de land'or a parlé directement dans ce sujet de "tabou" ... il a réclamé une perte potentielle de vers 7-8 md subie par son entreprise de faite que ce dit cartel l'a empêché de présenter ces produits dans
les pavillons de ces supermarchés...de faite qu'une autre marque française concurrente domine le "souk" ...plus précisément c'est danon!!!!

Midnight  (France)  |Vendredi 15 Février 2013 à 14:09           
Bonne analyse, par contre un pays qui se respecte doit avoir ces propres circuits et enseignes de grandes distributions pour qu'il puisse avoir la main sur les prix et l'inflation et ne pas laisser tout ça dans la main des multinationales dont le seul objectif est de gagner un max d'argent...

Riadhbenhassine  (Tunisia)  |Vendredi 15 Février 2013 à 12:05           
هذا هو النوع من التحاليل الذي يجب أن نتوجه إليه ، تحاليل تغوص إلى العمق و تكشف الإخطار على إقتصادنا و تهدينا إلى مواطن الضعف

Biladi  (Tunisia)  |Vendredi 15 Février 2013 à 12:01           
Désolé mais un article qui ne vaut rien! depuis quand on a la culture de grand surface partt en tunisie!!! si c'est pas les 10 ou 20 ans passé! qu elle sont les société qui travaille sur le marché!! monoprix! tunisienne magasin general! tunisienne apart la vente d'une part dernieremt carrefour!! oui francaise mais jamais j'ai retrouvé une recommandation sur les produits francais au contraire elle favorise le produit tunisien, meme par
obligation de loi. au contraire. donc c'est pas la peine de mentir sur les gens. pour des raisons a savoir quoi. c'est pas ainsi on raisonne logiquement.

Free_Mind  (Tunisia)  |Vendredi 15 Février 2013 à 11:16           
-la france est le pays qui investi le plus en tunisie
- les enseignes francaises de distribution sont les leaders mondiaux avec un ou 2 americains qui n'investissent pas beaucoup en afrique.
- la france est la première destination de nos exportation
-la france est le pays qui nous envoie plus de touristes (résidant dans des hôtels)
ces enseignes fournissent des prix inférieurs à ceux qu'on trouve dans les supérettes et épiciers

Hahahahahaha53  (Tunisia)  |Vendredi 15 Février 2013 à 11:07           

il faut pas commencer à attaque les entreprises il faut respecter toute les entreprises qui ont fais confiance à la tunisie et qui on investis leur argent

étant donné le chômage actuel c'est totalement irresponsable de faire se genre d'attaque

et ces pas avec des article comme ca que on va attirer les investisseurs étranger


Chokko  (Tunisia)  |Vendredi 15 Février 2013 à 11:04           
خانها ذراعها قالت مسحورة

Chokko  (Tunisia)  |Vendredi 15 Février 2013 à 11:01           
Il y a cinq degrés pour arriver à être sage : se taire, écouter, se rappeler, agir, étudier ...


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female