نعم لمبادرة حمادي الجبالي و لكن بشروط

مختار البوزيدي
في البداية اودّ أن أؤنبّه إلى أنّ أي مبادرة سياسية تحتاج أن تتوفّر فيها جملة من الشروط الموضوعية و أن تتنزّل في ظلّ مناخ سياسي و توقيت مناسب حتّى يكتب لها النجاح. لقد كنت قبل و بعد إعلان نتائج إنتخابات المجلس التأسيسي ضمن عدد كبير من المناضلين و من كوادر النهضة و أنصارها من المدافعين على خيار حكومة تكنوقراط مطعمة ببعض السياسيين. إلاّ أنّ حركة النهضة فاجأتنا بإعلان الأخ حمادي الجبالي رئيسا للحكومة و انخراطها مع حزبي التكتل و المؤتمر في تكوين حكومة غلب على تركيبتها المحاصصة الحزبية و تقديم أهل الولاء و الثقة على أهل الكفاءة. لقد انبنى خيارنا على قراءة موضوعية للواقع و للإمكانات الذّاتية للقوى السياسيّة المناصرة للثورة و الفائزة في انتخابات التأسيسي. هذه القراءة حاولت أن تبتعد عن القراءات العاطفية المنتشية بالفوز في الإنتخابات. ولقد توصّلنا إلى الإستخلاصات التقييمية التالية:
في البداية اودّ أن أؤنبّه إلى أنّ أي مبادرة سياسية تحتاج أن تتوفّر فيها جملة من الشروط الموضوعية و أن تتنزّل في ظلّ مناخ سياسي و توقيت مناسب حتّى يكتب لها النجاح. لقد كنت قبل و بعد إعلان نتائج إنتخابات المجلس التأسيسي ضمن عدد كبير من المناضلين و من كوادر النهضة و أنصارها من المدافعين على خيار حكومة تكنوقراط مطعمة ببعض السياسيين. إلاّ أنّ حركة النهضة فاجأتنا بإعلان الأخ حمادي الجبالي رئيسا للحكومة و انخراطها مع حزبي التكتل و المؤتمر في تكوين حكومة غلب على تركيبتها المحاصصة الحزبية و تقديم أهل الولاء و الثقة على أهل الكفاءة. لقد انبنى خيارنا على قراءة موضوعية للواقع و للإمكانات الذّاتية للقوى السياسيّة المناصرة للثورة و الفائزة في انتخابات التأسيسي. هذه القراءة حاولت أن تبتعد عن القراءات العاطفية المنتشية بالفوز في الإنتخابات. ولقد توصّلنا إلى الإستخلاصات التقييمية التالية:

1ـ إنّ القوى السياسيّة المناصرة للثورة و الفائزة في انتخابات التأسيسي بسبب الظروف الذّاتية و الموضوعية لم تهيّئ نفسها لتحمّل مسؤولية الحكم. فقد حرَم نظام البغي و الفساد طيلة أكثر من خمسة عقود النخب السياسية المعارضة له من اكتساب الخبرة الإداريّة و العمليّة، ولا شكّ أنّ هذه النخبة لم تتعاف بعد من آثار سنوات التجريف الذي أحدثته عقود من القهر والفساد.
2ـ ثقل تركة الفساد الّتي خلفها الإستبداد و الطغيان على مدى أكثر من نصف قرن كاستفحال حالات الفقر و اختلال التوازن الجهوي في مجال التنمية و ارتفاع معدّل البطالة خاصّة في صفوف الخرّيجين.
3ـ تلغيم الحكم و مؤسّساته من طرف حكومة السّبسي إضافة إلى سيطرة بقايا النّظام السّابق على مفاصل الإدارة و المواقع المتقدّمة فيها.
4ـ استنفار الأطراف المخالفة للترويكا لإفشال أيّ جهد تقوم به و توظيف كل المؤسسات الّتي اخترقوها في المراحل السّابقة كالإعلام، و النقّابات، و الجامعات وحتّى الأجهزة الأمنية.
5ـ تواصل الإضطرابات في القطر اللّيبي و عدم وجود أفق قريب للاستقرار.
6ـ التزام أغلب الأطراف السياسية بتحديد مدّة عمل التأسيسي بسنة، وهي مدّة لا تسمح بتحقيق انجازات حقيقية. وقد كانت هذه المدّة بمثابة الفخ الذي وُضع للقوى الثورية لتوريطها في الفشل و الإخفاق.
اتضح اليوم للجميع أنّ أداء حكومة الترويكا لم يكن مقنعا، قد يعزوه البعض إلى عدم كفاءة أعضائها ولكن الأكيد أنّ الظروف الموضوعية لا تسمح لأيّ حكومة مهما كانت كفاءة أعضائها أن تحقّق نجاحات و إنجازات مقنعة إضافة إلى أنّها ورثت وضعا متدهورا جدا بعد الفشل الذريع الذي تسببت فيه حكومة السبسي وزملائه. أودّ أن أذكّر أنّ سقف المطالب و الطموحات بعد الثورات عادة ما يكون مرتفعا جدّا، وأنّ مشروع حكومة التكنوقراط الذي قدّمنا مبرراته لم يكن مؤمّلا منه أن يلبي كل هذه الطموحات. حكومة التكنوقراط كانت في أسوا التقديرات قادرة في ظرف سنة أن توقف الإنحدار إلى الأسوأ و أن تحمي القوى السياسية المناصرة للثورة من الفشل ويأس جماهير الشعب منها، وهو ما يفسح المجال لعودة الفلول إلى الحكم. كما كانت ستسمح للنخب السياسية المساندة للثورة باكتساب الخبرة العملية من خلال التواجد في المواقع الخلفية بدل التواجد في المواقع الأولى، و كانت ستسمح باختصار المرحلة الإنتقالية و الإسراع بكتابة الدستور.
و اليوم بعد سنة من تجربة الترويكا و أزمة التحوير الوزاري وحادثة اغتيال المناضل شكري بلعيد تتأكّد هذه القراءة و تثبت صحّتها وهو ما دفع رئيس الحكومة الأخ حمادي الجبالي إلى تقديم مقترح تكوين حكومة تكنوقراط. نحسب أنّ هذا المقترح جاء متأخّرا ولكن إذا توفّرت بعض الشروط الموضوعية يمكن لهذه الحكومة أن تق البلاد شر التراجع إلى الأسوأ و أن تساهم في إنجاز خطوات إلى الأمام على طريق تحقيق أهداف الثورة. إضافة إلى الشروط التي وضعها رئيس الحكومة نقترح ما يلي:
أ ـ أن يُسنَد كل وزير بفريق من السياسيين المحسوبين على الثورة من الترويكا و غيرها كمستشارين، ممّا يساهم في دعم و ترشيد قرارات الوزير و أن يكسب المستشارين مزيدا من الخبرة.
ب ـ أن تكون الجهات الدّاخلية خاصّة مهد الثورة سيدي بوزيد و القصرين ممثّلة في هذه الحكومة.
ج ـ أن تتكوّن وزارة التخطيط و التنمية من فريق ممثّل لكلّ الجهات و خاصّة الدّاخلية منها.
د ـ أن يقترح رئيس الحكومة صيغة مقبولة حتّى يواصل الأخ علي العريض تواجده في وزارة الدّاخلية ليتابع التحقيق في قضيّة الإغتيال.
ه ـ أن يتواصل الحراك الشعبي عبر المسيرات لحض الحكومة الجديدة و إلزامها بالعمل على تحقيق أهداف الثورة دون خوف أو تردّد و إيصال رسالة إلى المتآمرين مفادها أنّ الثورة مستمرّة في تحقيق أهدافها بتطهير البلاد منهم.
و ـ إسراع المجلس التأسيسي بإتمام كتابة الدّستور و إصدار قوانين تحصين الثورة و إنشاء المحاكم التي تساهم في الإسراع بمحاكمة الفاسدين و قتلة شهداء الثورة.
ح ـ القيام بإجراءات حازمة و جريئة لتحييد الإعلام العمومي و إلزام العاملين فيه بالمهنية.
ز ـ أن يواصل الأخ حمّادي جهوده لإقناع مؤسسات حزبه حتّى لا يكون أوّل من يسنّ سنّة الخروج على قرار المؤسسات. كما يتحتّم على مجلس شورى حركة النّهضة أن لا ينشغل بالقرارات الجزئية و القضايا التنفيذية و يتفرّغ لرسم السّياسات العامّة و تهيئة حركة النهضة للتحديات المستقبلية ، وحتّى لا يتحوّل هذا المجلس إلى جزء من الأزمة بدل معالجتها.
في الختام أودّ أن أؤكّد أنّ الحكومة السّياسية التي يطرحها المؤتمر و وفاء و غيرهم لا يمكن أن تنجز إنجازات كبيرة في المرحلة الإنتقالية المتبقيّة، و عليه فإنّ مقترح الأخ حمّادي هو إنقاذ للترويكا مع أنّه إنقاذ للوطن. ولا يفوتنا أن نؤكّد أنّ نجاحه هو نجاح للترويكا و فشله لا قدّر الله يلزمه و لا ينعكس سلبا على القوى الدّاعمة للثورة.
Comments
10 de 10 commentaires pour l'article 60435