القشّة التي قصمت ظهر الترويكا

<img src=http://www.babnet.net/images/8/ancle234.jpg width=100 align=left border=0>


محمد يوسف
ناشط ومحلل سياسي



لقد طغى الارتهان للحسابات المشوبة بدفع التفاؤل للامام قبل وبعيد الانتخابات خاصة , عندما اعتبرت الترويكا هدفا بحدّ ذاته .ان التحالف بين الاطراف الثلاثة كان مجرد خلطة براقماتية سريعة تسهّل هضم الاطراف الدولية للانتقال الديمقراطي .هي وجبة سريعة fast- food خالية من شروط حفظ الصحة تم اعتمادها لاشباع النهم للكرسي الملغوم . فلا غرابة ان تعقبها حالات الاسهال المزمنة . ان وجود ائتلاف بين النهضة وحزبين ( علمانيين ) لا تتوفر فيهما مقومات الحزب في مستوى غياب امتلاكهما لمشروع مجتمعي يرتبط بالتاريخ والمستقبل , فالمؤتمر والتكتل يفتقدان لبنية تنظيمية ونخب متجانسة قادرة على جذب القواعد الى مشروع... لقد تم الامعان في القفز ببلاهة على سخافة المناورات الحاصلة في تقاسم غنائم الحقائب الوزارية عند تشكيل اول حكومة شرعية ...




لقد تناست النهضة تحت وقع السباق المشبوه وغير الخاضع لآليات الثورة ما سطرته في ادبياتها الاولى خاصة ما يرتبط بمشروعها الاصلاحي كامتداد لحركة الثعالبي وكرد فعل على انحرافات الحزب الاشتراكي الدستوري الذي لم ينكر في جوهره مرجعيته الاسلامية الوسطية كمنطلق للتفاعل مع الحداثة . لقد اختلط عليها الامر فاستسهلت دحض عمق الحركة الوطنية استنادا الى انحرافات الممارسة السياسية واكتفت بالقياس على تمظهر الديكتاتورية التي لم تكن سوى غطرسة زعامات رمت بهم الثورة الى مزبلة التاريخ ولكن رجالات في الوطن ظلوا مغمورين وكان من الاجدر على اصحاب المشاريع الحقيقية ان يشيدوا مسلكا محصنا تجاههم .
في غياب التوازن المطلوب , تلذّذت النهضة بانقسامات ضعّفت شريكيها في الحكم وركزت على التصدي العقيم لسهام المعارضة الميتة مجتمعيا و الباحثة عن الضربة القاضية على النهضة من خارج العرف الديمقراطي . وكانت النهضة مطمئنة بانفرادها الى ضعف ما تبقى من التكتّل ومتعالية على مراهقة المؤتمر المهدد بالاندثار...
لقد ظلل الاستفراد المغشوش ادراك الذات المنشطرة بقوة ضبابية الرؤية وتوهمت الانسجام والوحدة التي يفرضها استعجال الاجراءات الراهنة والانية وحالات الطوارئ التي تستوجبها فرق اطفاء الحرائق التي لا تنتهي والتي وتؤول دون تحقيق اي انجاز يذكر على المستوى التأسيسي وعلى المستوى الامني وعلى المستوى التنموي الاجتماعي. لقد غابت ضرورة الحسم والفصل المتأكد بين الجماعة والحزب لمواجهة متطلبات الحكم على حدة ورعاية المشروع التربوي الثقافي بآليات غير مقيدة بالظرف السياسي .
لقد ظل المؤتمر والتكتل المستضعفين يرقبان من خارج الحلبة صراع الديكة بين النهضة والمعارضة والثورة المضادة وكان الامر كله يجري في ظرف تنامت فيه التهديدات الامنية وبوادر غرق الاقتصاد وميوعة المحاسبة وفتحت فيه شاهية المخابرات الخارحية المعادية.
بحث المؤتمر الماضي قدما بقيادات غير متجانسة نحو المعارضة وهو لا يملك ما يخاف على خسارته عن منفذ الخلاص من كماشة الحكم الذي لا يحكم بعد ان استهلك اكثر من اللزوم شعار مطلب المحاسبة وصدّق انه بامكانه ان يظفر بنصيب من السلطة. اما التكتل المحدود جدا فلم يعد ينجه الا ما تبقى من حداثّيته في اذهان العدد المعدود باصابع اليد من رجاله فهو مضطر لانتظار فرصة الصدفة ليثبت عدم تبعيته للنهضة واصوله العلمانية , بحثا عن لافتة التميز والتي لم تعد ميزة للوجود.
لقد استطاعت النهضة ان تتجاوز محنة اسقاط الحكومة وكذّبت نبوءة نهاية العالم بنهاية السنة الاولى شرعية , وحولت شرور العنف ( الثوري ) المتزايد الى من يدفع الى تأجيجه ... ولعلها اطمأنت الى اقتدارها على المحافظة على التوازن فاستسهلت تحقيق مكاسب نوعية جديدة تساهم في الحد من التوتر وترفع عنها ضغوط الاستهداف والاحتقان وتؤسس لمداخل اوسع للانتخابات القادمة ضمن حكومة ائتلافية موسعة تقدم فيها تنازلات دون المساس بالنهج الحكومي القائم في المحاسبة وفي العلاقة بالهيئات التأسيسية والاصلاح الاداري. وهي بذلك تمعن في غلطتها الاولى وقد ورّطت نفسها بدون موجب في آلة الحكم ولعبة الكراسي ووهم النفوذ . انها ماضية في اكل ثمرة لم تنضج بعد.
لقد ادرك المؤتمر والتكتل بمجرد فشل استجلاب الجمهوري والتحالف الديمقراطي وحركة وفاء فرصة رفعهما سقف الشروط , فلم لا يكونا هما الاولى والأحق بالاشتراط خاصة وان امر التحوير الوزاري اخذ وبدون موجب قانوني او سياسي منزلة قنطرة العبور الى اتمام شوط ثان ( مفتعل ) للمسار الانتقالي. لقد اصبح لديهما هامش مناورة حقيقي لحفظ كرامتهما الانتخابية وبقائهما ضمن مضمار السباق المشروط بتركيع النهضة بمهر لا يقل اطلاقا عن شروط المعارضة .وهذا الامر حول بقائهما في الائتلاف مكسبا وخروجهما منه بطولة ولم يكن الثمن باهضا ولا الهدية منتظرة .
ان النهضة لن تفلت هذه المرة من انقسام حقيقي في المواقف . ولن يكون موقفها من شريكيها الا مغامرة في كل الحالات.لان بناءها الداخلي ارهق قواعدها الذين لا هم انفتحوا على عامة الناس ولا هم تضامنوا مع جموع الاسلام السياسي الرافض للعبة الديمقراطية .
ان الاحباط الذي يطال عموم الشعب لا يبالي بتفاصيل واسباب فشل النخبة انه فقط يراكم الاحباط الدافع نحو الاستقالة او تصديق من يتربص بالذين كذبت نبوءتهم .
وفي كل الحالات فان اطراف الترويكا واطياف المعارضة قلوبهم شتى وان حسبناهم جمعا .
ويا خيبة المسعى اذا ساعدنا اعداء تونس ان يكونوا على قلب رجل واحد.
ان الرهان هو الوصول فعلا للانتخابات القادمة وضمان ديمقراطيتها . وما زال طيف سياسي شديد الاهمية يتصدر مجال القدرة على الفعل ولا يمكننا انكار وجوده , شغله الشاغل ابطال مفعول الثورة والكفر بديمقراطيتها ما دامت قد تأتي من جديد بالاسلام السياسي او بمن ينفذ محاسبة حقيقية او بمن لا يضمن المحافظة علئ المتمعشين من منظومة النظام. ولعل كل من لا تعنيه مصلحة تونس في الداخل والخارج مستعد اكثر من اي وقت مضى ان يعمل بفاعلية وجد ودهاء .
ربّ ضارة نافعة ما دامت دائرة النفاق تضيق . وما الازمة الدستورية الملوح بها وتفاقم الازمة السياسية الا اقتراب من التعبير الصادق على الواقع واتجاه مطلوب لمواجهة المرض العضال وهو اكبر من ديمقراطية ملعوب بها ,لا تسمن ولا تغني من جوع .


Comments


10 de 10 commentaires pour l'article 59992

Laabed  (Tunisia)  |Lundi 4 Février 2013 à 17:25           
لم ار حكاما بهذا القدر من النذالة و قلة المسؤولية كما هو الحال عندنا اليوم ،فالكل يريد الاستقالة و الكل يريد التنصل من المسؤولية،غير شاعرين بانعكاس ذلك على الانفلا ت الامني و على التسيب و على السلم الاجتماعية، ماذا سيقول المواطن البسيط،و هو يرى ما يحدث، بصراحة لم نعد نريد اي شىء، المهم ان توصلونا الى انتخابات ،فالذي لا يستطيع تحمل المشؤولية الان لن يتحملها في المستقبل،وكمواطن ادين هذا التصرف المراهق

SOS12  (Tunisia)  |Lundi 4 Février 2013 à 16:56           
حكومــــة ولـــدت في صخب عارم

تآمر عليها الاعلام والاتحاد والمجتمع المدنـــي وسموها موقتة ولم يمر يوم بدون احداث اوابتزاز او ترهيب او تهم

والكاتب الــمــوقـر يــحــلــم بمواصلة المشروع الاصلاحي للــــثعـــالبـــــــي


Ammar  (Tunisia)  |Lundi 4 Février 2013 à 15:07           

أنا متفائل أن مدة أسبوع كافية لإقناع حركة النهضة بضرورة التغيير في وزارتي السيادة لمافيه المصلحة الوطنية حتى تتجنب بلادنا تداعيات خطيرة جدا على غرار السيناريو المصري الكارثي أو فراغ حكومي قد يعصف بالانتقال الديمقراطي و هو ما تنتظره قوى الثورة المضادة

رجائي من الجميع أن يقتنعوا بخطورة المرحلة في تاريخ بلادنا وأن لا يدخروا جهدا في سبيل حتمية الاتفاق... شخصية مستقلة و توافقية قد تكون الحل في وزارة العدل

إلى آخر لحظة لن أفقد حلم التعايش الممكن بين الإسلاميين المعتدلين و العلمانيين المعتدلين لما فيه خير البلاد و العباد...

Ammar  (Tunisia)  |Lundi 4 Février 2013 à 14:51           
Troïka : le coup qui ne casse par le dos, le consolide (aldharba allati la taksim aldhahr toukawih)...

Observo  (Canada)  |Lundi 4 Février 2013 à 14:31           
Une tres belle exposition des problemes de la troika. nahda a un certain moment se voyait inconditionnellement la plus forte au pays, alors qu'elle l'est conditionnellement aux resultats des elections.

ce parti a fait une mauvaise lecture de la nature de cette phase de transition et a gouverne comme si la tunisie a atteint l'age de maturite en democratie. d'autant plus qu'ils gouvernent comme si ils ont une experience dans le pouvoir et maitrisent bien les rouages de l'etat...desole, mais ils s'entent trop a justifier leur echec dans la gestion de cette coalition

quant au cpr et takattol, eux aussi manquent de l'experience dans le pouvoir mais il s'avere que l'effritement de leurs bases au profit de nidaa tounes les a rendu trop presses a se lancer en mode campagne electorale pour sauver ce qui reste de leur bases en envoyant des fleches venimeuses a leur allier nahda, sans prendre en consideration la coalition qui les unisse.

bref, le manque d'experience les guette tous

Zoulel  (Tunisia)  |Lundi 4 Février 2013 à 14:09           
Je crois que la solution ne réside pas dans le choix des personnes qui devraient diriger le pays pour le reste de la période transitoire, mais les programmes consensuel qu'il faudrait appliquer. on ne devrait pas s'attendre à un miracle qui sauvent la misere en quelques petits mois mais tout simplement à des points communs auxquels il faurait tenir. gerer le pays au quotidien, mettre en place un programme précis pour traiter et combattre la
corruption (accélerer les dossiers ....), mettre en place les instances constitutionnelles et terminer rapidement la rédaction de la constitution. installer l'instance des élections et fixer les échéances électorales...
ces programme ou plutot objectifs devraient être suivis minutieusement aussi bien par les gouvernants que par les opposants.

Averti22  (Tunisia)  |Lundi 4 Février 2013 à 13:53           
مقولة انه ليس هناك حزب بامكانه الحكم بمفرده هي مقولة خاطئة تبنتها كل الاحزاب بمن فيهم النهضة وذلك على وجه المسايرة والمجاراة اعتبارا وان الواقع السياسي ومستوى النخب عندنا لا زال يشكو اخلالات فادحة في الرؤى والتوجهات. يبدو ان حزبي المؤتمر والتكتل سيخسران اذا غادرا الترويكا لانهما منحا من النهضة من الوجاهة والمكانة والمواقع ما لا يحلمان به بل اكثر من حجمهما السياسي الحقيقي. وعلى النهضة ان تواصل تجربة الحكم بمفردها وان تبقى متماسكة وتطعم نفسها
بكفاءات وطنية غير حزبية والبقية تأتي في الانتخابات المقبلة. فلا بد ان نتعود جميعا على ترك المجال لاي حزب يفوز بالانتخابات ان يمارس السلطة بكل اريحية بدون ارباك او احراج مفتعل وضغوط وخزعبلات وذلك الى آخر الولاية ليتولى غيره السلطة ان زكته صناديق الاقتراع. اما اليوم فاننا بعيدون عن هذه العقلية والجميع يتهافتون على الكراسي على حساب مصالح الشعب ورهانات الواقع وعقلية الضغينة والحقد والاقصاء بسبب اعتبارات ايديولوجية. انها المراهقة السياسية في اوضح
اشكالها.وهو التصحر الثقافي والسياسي وقصور التكوين وغياب ارادة البناء الذي يعزى ايضا الى رد فعل لا شعوري من مخلفات الاستبداد والكليانية المتوحشة التي عرفتها تونس اكثر من نصف قرن.

3ABROUD  (Tunisia)  |Lundi 4 Février 2013 à 13:37           
Soyons optimistes, la triade n'a pas encore explosée. il reste encore la possibilité de réconciliation par l’intermédiaire des sages. l’effervescence des reliques cpristes pour secouer leurs partenaires, sera calmée quand ils connaîtront leur ampleur. cette triade ira jusqu'à la fin : les élections.

Hugo_  (Tunisia)  |Lundi 4 Février 2013 à 13:25           
السؤال الذي يطرح نفسه الآن، لو نفترض جدلا انّ الخلطة الاخري التي تظمّ مزيج من اشتراكيين و نقابيين و تجمعيين و لبراليين تنجح في الانتخابات، فماهو ردّ فعل الاسلاميين و عندما نقول اسلاميين ليس بالضرورة نهضة فقط بل سلفيين و تحرريرين. لننتظر ردّة الفعل.

Mandhouj  (France)  |Lundi 4 Février 2013 à 13:14           
L’expérience en vie démocratique entre laïques et islamistes était appuyée par l’existence d’un ennemie identifié et unique dans son côté dictature. par contre les différences idéologique depuis les années 1980 étaient limitées en terme de confrontation à des débats et exposés et échanges qui ne poussent pas l’expérience à une fabrication d’un socle commun solide devant les événements cruciaux type révolution… le feuille du 18 octobre n’a
pas résisté à la révolution et par ce que la révolution a engendré en matière d’espaces des libertés (espace des convoitises) , mais aussi en situation du vide en pouvoir dominant malgré la continuité des institutions. la période d’après 23 octobre 2011 aurait pu unir plus de partenaires (…), mais voila, il y a eu confusion pendant la période électorale, les partis ont communiqué sur des projets durables (pour une législature de 5 ans au
moins), le provisoire a rappelé tout le monde à la réalité. s’unir autour des objectifs communs (nouvelle constitution, hautes instances indépendantes medias, justice, isie, loi électorale) aurai pu être facile, mais la réalité économique et sociale est imposée comme une 1ère urgence… dans tous les cas de figure, c'est une expérience inédite, et j'espère qu'elle ira jusqu'au bout de la réalisation. ben ali harab. mandhouj tarek.


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female