رسالـة مفتوحـة الـى الســيد وزيــر العــدل

<img src=http://www.babnet.net/images/6/bhirihanibal.jpg width=100 align=left border=0>


أحمـد بـن مصطفــى

يطيب لي ، بعد اطلاعي على حديثكم المنشور بصحيفة ” الضمير “ بتاريخ 10 جانفي 2013 ، أن أوجه إليكم هذه الرسالة المفتوحة ، لعلها تخطى بأكثر اهتمام من الرسائل المتعددة الموجهة مني الى وزراء العدل الذين تحملوا مسؤولية هذه الوزارة منذ 2006 قبل الثورة وبعدها ، أملا في تدخلهم وتفعيل سلطاتهم المكفولة قانونيا لرفع الظلم عنّي وتمكيني من ممارسة حقوقي في تتبع ومحاسبة أزلام النظام السابق والقضاة الضالعين في المظلمة المسلطة عليّ من قبل النظام السابق ، بعد انهاء عملي كسفير بأبوظبي وعودتي الى تونس خلال شهر أوت 2006 . وقد تسببت هذه المظلمة في تدمير حياتي المهنية كدبلوماسي كما تسببت في تشويهي وإلحاق الضرر البالغ بي وبأسرتي ماديا ومعنويا ومهنيا وذلك رغم انتهائها لصالحي من الناحية القضائية بعد الثورة بحكم بعدم سماع الدعوى صادر بتاريخ 21 فيفري 2011 .

وبعد صدور هذا الحكم ، قمت برفع دعوى قضائية ضد الأطراف السياسية والإدارية المسؤولة عن ملاحقتي ظلما واستصدار حكم غيابي بسجني لمدة ست سنوات ، والحال أن السبب الحقيقي لهذه التتبعات الظالمة هو عدم حضوري الشخصي كسفير الى مطار دبي للتغطية على عملية تهريب أموال ضخمة بالعملة الصعبة من قبل جليلة الطرابلسي شقيقة زوجة الرئيس المخلوع وزوجها محمد محجوب . كما قمت برفع تقرير حول الفساد المالي للعائلة الرئاسية المرتبط بالتعاون الاستثماري مع الإمارات للجنة تقصي الحقائق في الرشوة والفساد التي أحالت الملف الى القضاء فيما يتصل بواقعة تهريب الأموال المشار إليها، وقد تعهد السيد عميد قضاة التحقيق بالأبحاث وأجريت في جانفي 2012 مكافحة بيني وبين جليلة الطرابلسي التي طلبت مني أن أسامحها مؤكدة أن النظام السابق هو المسؤول فعلا عن ملاحقتي ، ولكنها حملت صخر الماطري مسؤولية هذه التتبعات في محاولة منها للتنصل من المسؤولية . ومهما يكن من أمر فإن المهم بالنسبة لي اعتراف المذكورة بمسؤولية النظام السابق في توظيف امكانيات الدولة ومن بينها الإدارة والقضاء والإعلام لتحطيمي ومحاكمتي والزج بي في السجن .



وبخصوص الشكاية الأصلية المقدمة بتاريخ 3 جوان 2011 تحت عدد 7028208/ 2011 ضد عبد الوهاب عبد الله ومجموعة من كبار السياسيين والإداريين ، فقد تم إعلامي منذ بداية شهر جوان 2012 أنه على ضوء الأبحاث الأولية المجراة في الغرض ، قررت النيابة العمومية احالة الملف الى التحقيق القضائي بمكتب تحقيق الخامس ، إلاّ أنني مازلت أنتظر الشروع في الأبحاث لمحاسبة هؤلاء المسؤولين على التجاوزات التي اقترفوها بحقي وبحق مصالح تونس باعتبار أن معاقبتي جاءت على خلفية غضب النظام من عدم تسخيري لإمكانيات السفارة لخدمة مصالح أحد أفراد العائلة الرئاسية ، ولكنني لم أجن من هذه الشكاية بعد الثورة إلاّ المزيد من المظالم بدليل أن بقايا النظام السابق في الإدارة سعت الى معاقبتي والحيلولة دون رد اعتباري واسترداد حقوقي من خلال عرقلة تعييني في خطة دبلوماسية ، وما تزال هذه المظلمة الجديدة قائمة الى حد الآن ، رغم المساعي العديدة التي قمت بها لدى السلطات الشرعية بعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي .
أما في ما يتعلق بالقضاة الذين ساهموا في تكريس هذه المظلمة عمدا بخضوعهم لتعليمات النظام السابق رغم وجود أدلة براءتي بين أيديهم منذ انطلاق التحقيق ضدي في فيفري 2007 ، فقد تقدمت بشكاية ضدهم الى وزير العدل منذ 3 جوان 2011 وضمنت هذه الشكاية بالتفقديّة العامة تحت عدد 1 / 3351 بتاريخ 4 / 06 / 2011 ، وقد طلبت فتح تحقيق ضد هؤلاء القضاة لما ألحقوه بي من أضرار بالغة بسبب الاخلالات الاجرائية والقانونية العديدة التي ارتكبوها بحقي في إطار تعاطيهم مع هذه القضية ، وقد استشهدت كدليل إدانة ضدهم بقراراتهم غير القانونية التي تخللت كافة مراحل التحقيق ، وأدت الى محاكمتي ظلما بست سنوات سجن فضلا عن قرار حاكم التحقيق بمصادرة حقي في حرية الحركة والتنقل من خلال منعي من السفر منذ سبتمبر 2007 ، مع الإشارة الى أنني لم أتلق الى الآن أي رد على المساعي العديدة التي قمت بها لدى التفقديّة العامة لوزارة العدل لمتابعة مآل هذه الشكاية .
واعتبارا لما ورد في حديثكم الصحفي المشار إليه من تأكيد للعزم على محاسبة كل من تورط من القضاة في منظومة الفساد والاستبداد والشروع الفعلي في اتخاذ اجراءات ملموسة لمعاقبة القضاة الفاسدين ، ورد الاعتبار للضحايا وإنصاف المظلومين ، وتطبيق القانون على الجميع وإقامة قضاء عادل ونزيه وجعل عام 2013 سنة مسائلة الفاسدين من رموز النظام السابق وحسم ملفاتهم ، فإنني أرجو أن تأذنوا بتسريع البت في هذه القضايا خاصة وأنها تندرج في إطار تفعيل العدالة الانتقالية التي أكدتم أيضا أنها تتصدر اهتمامات الحكومة في المرحلة القادمة .
وفي هذا الصدد أود التذكير بأن الشكاية المرفوعة مني ضد عبد الوهاب عبد الله وعدد من كبار السياسيين والإداريين لا تتعلق فقط بالتجاوزات الإدارية وإساءة استعمال السلطة للإضرار بي وبهدف تحقيق منافع غير قانونية لفائدة الأطراف المشتكى بها وعائلة الرئيس المخلوع بل أنها تتداخل مع قضية تهريب الأموال المشار إليها التي تتنزل في سياق أوسع يشمل توظيف الدبلوماسية من قبل النظام السابق لخدمة مصالحه الذاتية ومصالح العائلة الرئاسية على حساب المصالح العليا لتونس . وفي هذا الإطار تندرج ممارسات الفساد المرتبطة بما سمي بالمشاريع الاستثمارية الكبرى ، التي تزامنت مع فترة عملي كسفير ومنها خاصة مشروع سماء دبي ومشروع مدينة تونس الرياضية وخوصصة بنسبة % 35 من رأس مال اتصالات تونس علما أنني رفعت تقريرا مفصلا حول هذا الملف الى لجنة تقصي الحقائق ومقاومة الفساد ، وبينت طبيعة وحجم الرشاوي والمنافع والعمولات الضخمة المقدرة بالمليارات التي تحصلت عليها العائلة الرئاسية مقابل وساطتها والامتيازات الممنوحة للأطراف الفائزة بهذه الصفقات . وبالتالي فإن الإسراع بالبت في هذه القضايا لا يخدم مصلحتي الشخصية بقدر ما يخدم المصلحة العامة للبلاد التي حرصت دائما على تغليبها على مصالحي الذاتية .
أما في ما يخص القضاة الذين أساءوا لي بإساءة استخدام سلطاتهم وعدم تقيدهم بتطبيق القانون وهم قاضي التحقيق عبد العزيز الزريبي والقاضي منير وردليتو الذي ترأس دائرة الاتهام والمستشارين ام العز بن عمران وجمال المستيري ، والقاضي المنجي الأخضر الذي كان يشغل خطة الرئيس الأول بمحكمة التعقيب فإنني إذ أصر على أهمية اخضاعهم للمساءلة لبيان الحقيقة بكافة جوانبها ، فإنني أؤكد أيضا على ضرورة أن تشمل المساءلة أيضا وزيري العدل السابقين البشير التكاري والأزهر بوعون حتى يتسنى بيان الطابع المسيس للقضية الملفقة ضدي من قبل النظام السابق والتوظيف المتناسق للإدارة والقضاء والإعلام ضدي ، وخضوع كافة الأطراف المورطة فيها لتعليمات السلطة السياسية كما أكدته جليلة الطرابلسي خلال المكافحة معها أمام السيد عميد قضاة التحقيق . وإن الكشف عن هوية هذه الأطراف في كافة المواقع والقطاعات المشار إليها ، ليس من باب التشهير بها أو الإساءة الى سمعتها بل يعكس الحرص على مساعدة الجهات المعنية بكشف الحقائق وكافة ملابسات القضية لاسيما وأن اقرار الحقيقة هو أول خطوة باتجاه تفعيل العدالة الانتقالية التي تشمل أيضا المحاسبة واسترداد الحقوق ورد الاعتبار لضحايا النظام السابق .
وعلى صعيد متصل فإنني أتطلع أيضا الى أن تشمل التحقيقات التجاوزات المالية والممارسات غير القانونية التي تخللت التحقيق ومنها خاصة استدعاء الوزارة لشهود الإدانة المزعومين من أبوظبي الى تونس للإدلاء بشهادات إدانة ضدي أمام قاضي التحقيق وذلك خلال الفترة من نوفمبر 2007 الى فيفري 2008 علما أن الوزارة هي التي تحملت نفقات السفر ذهابا وإيابا لاستقدام هؤلاء الشهود ومنهم المدعو حسام السهيلي الذي لم يكن يعمل أصلا بالسفارة وكذلك المدعو وجيه القابسي ، مع الإشارة الى أن قاضي التحقيق اعتمد هذه الشهادات رغم عدم تقديم أصحابها لشكايات ضدي ، ووجه لي على أساسها تهمتي الاستيلاء على أموال ومنقولات عمومية والحال أن وثائق الجرد والمحاسبة الموجودة بين يديه تثبت بطلان هذه الادعاءات .
وفي نفس السياق ، تجدر الإشارة الى أن القاضي منير وردليتو مع مستشاريه قام بتأييد قرار الإدانة الصادر عن قاضي التحقيق ا ، وذلك رغم أنني قمت بتقديم نسخة قانونية من وثائق الجرد والمحاسبة إليه وهي صادرة عن دائرة المحاسبات التي مكنتني من هذه الوثائق لإثبات براءتي أمام محكمة التعقيب التي سبق لها أن أنصفتني ونقضت بتاريخ 9 / 12 / 2009 قرار دائرة الاتهام الأولى الصادر بتاريخ 16 / 03 / 2009 والقاضي باحاتي على الدائرة الجنائية للمحاكمة .
وهكذا قامت السلطة السياسية بالالتفاف على قرار محكمة التعقيب الصادر لصالحي ، ولا يفوتني أن أشيد بهذه المناسبة بالقضاة الشرفاء الذين أنصفوني وهم السيدة رفيقة بنعيسى والمستشارين السادة عبد المجيد المانع ويوسف الزكري ، كما لا يفوتني التنويه برئيسة دائرة المحاسبات التي أذنت بتمكيني من أدلة البراءة التي امتنعت وزارة الخارجية عن تقديمها للقضاء في سعيها المحموم لتثبيت التهم الباطلة ضدي . لكنه تم الالتفاف على هذا القرار باللّجوء الى القاضي منير وردليتو ثم رئيس دائرة تعقيبية ثانية معروف أيضا بخضوعه لتعليمات السلطة السياسية ، إلا أنني سأحجم عن ذكره بالاسم لأنه انتقل الى رحمة الله وسأكتفي بالدعوة له بالمغفرة وحسن القبول .
وكانت الخطوة الأخيرة التي مهدت لمحاكمتي غيابيا ، رفض القاضي المنجي الأخضر لطلبي المؤسس قانونيا ، بإحالة الملف الى الدوائر المجتمعة . وفي الواقع لم يكلف هذا القاضي نفسه مجرد الرد على طلبي بل أحيل الملف سرا إلى الدائرة الجنائية دون اعلامي بذلك وفوجئت بصدور حكم غيابي ضدي بتاريخ 4 / 11 / 2010 بالسجن لمدة ست سنوات والحال أنني كنت ممنوعا من السفر ولم أكن بحالة فرار بالخارج كما روجته الدعاية الرسمية في حينه . وقد علمت بهذا الحكم الجائر الذي استغل لتشويهي عن طريق بعض الصحف المأجورة ومنها خاصة صحيفة بيزنيس نيوز التي سخرت من قبل النظام السابق للقيام بحملة تشهير واسعة النطاق امتدت حتى بعد الثورة وبعد تبرئتي قضائيا بحكم بعدم سماع الدعوى صادر بتاريخ 21 / 02 / 2011 .
والملاحظ أنني قمت منذ 2010 و2011 بتقديم شكايتين ضد الصحفي نزار بهلول المدير العام لموقع بيزنيس نيوز الذي مثل في مناسبتين أمام المحكمة بتهمة الثلب ونسب أعمال غير قانونية الى موظف عمومي على أساس الفصل 128 من المجلة الجزائية . لكنني لاحظت أيضا تأخرا غير مفهوم للحسم في هذه القضايا .
والجدير بالذكر أنني تعرضت إلى تجاوزات خطيرة جديدة بعد الثورة تمثلت في محاولة الوزارة الضغط عليّ للتنازل كتابيا ، وقبل الحسم قضائيا لصالحي ، عن حقوقي في التتبع وذلك سعيا منها لحماية كبار السياسيين والإداريين المورطين في القضية من الملاحقة القضائية وعلى رأسهم عبد الوهاب عبد الله . لكنني رفضت هذا التنازل وبعد تبرئتي قضائيا قمت برفع دعوى قضائية ضدهم كما سبق ذكرهم ، فتمت معاقبتي بسحب ترشيحي من خطة رئيس مركز جامعة الدول العربية بتونس ، الذي رشحت له رسميا في إطار استرداد حقوقي ورد اعتباري الذي تعهدت به الوزارة بعد الثورة ضمن حركة السفراء لعام 2011 وشرعت في تنفيذه ، وكان من المفترض أن أباشر مهامي مطلع 2012 .
واني أرجو أن تشمل التحقيقات في القضية الرئيسية هذه المظلمة الجديدة نظرا لترابطهما الوثيق اذ أن الممارسات التي تخللتها هي ذات التجاوزات التي تعرضت لها قبل الثورة وهي إساءة استعمال سلطة الوزير المولدي الكافي وكاتبي الدولة رضوان نويصر وخميس الجهيناوي لحرماني من حقوقي المكفولة قانونيا وذلك لتحقيق أغراض غير معلنة ، لعل أخطرها التستر على جرائم العهد البائد والضغط للحيلولة دون محاسبة رموزه والأطراف الإدارية والسياسية التي سخرت لخدمة مصالحه .
وللأسف ، فإنني مازلت الى حد اليوم أنتظر الجواب على المساعي العديدة التي قمت بها لدى السلطات العليا بعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي ، لاستعادة حقوقي ورد اعتباري لاسيما وأن ذلك كان وما يزال ممكن التحقيق في الإطار الإداري ودون حاجة الى اللجوء الى القضاء ، وذلك من خلال تثبيت تعييني في الخطة الدبلوماسية المشار إليها .
وعلى أمل أن يحظى هذه الرسالة المفتوحة وما أثير فيها من قضايا بما تستحقه من عناية و اهتمام ، أرجو أن تتفضلوا بقبول فائق التحية والتقدير .


متابعة - أتصلت بنا وزارة العدل وأعلمتنا أن ملف السيد بن مصطفى محل متابعة, واهتمام من لدن اللجان المختصة.



Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 59248


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female