المتطرّفون اللاّئكيون و كونيّة حقوق الإنسان

<img src=http://www.babnet.net/images/8/jawherbmbarekkkkkkkkkk.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم الأستاذ بولبابة سالم

تصرّ النّخب المنبتّة عن واقعها و مجتمعها على محاولة السّطو على الثورة بإثارة قضايا لم تكن من أهداف ثوّار سيدي بوزيد و القصرين و الحوض المنجمي و مجمل الشباب التونسي. هؤلاء المتغرّبون و أنصار الرّؤية الغربية لتحرير المرأة يريدون فرض رؤية الأقلية على الأغلبية و ممارسة دكتاتورية جديدة على الشعب باسم الحداثة – كما يفهموها – و يجدون في الإعلام المرتبك و أحيانا الموالي لأفكارهم منبرا لنشر أفكارهم – وهو حقّهم – و لكن الأخطر هو محاولة فرضها مستندين إلى بعض المنظمات الدولية التي تموّلهم و تتماهى مع أفكارهم.

في خضم النقاش حول مسودة الدستور كثر الحديث على ضرورة التنصيص على كونية حقوق الإنسان وهي بدعة لم نجدها في الكثير من الدول العريقة في الديمقراطية , فمن المعلوم أن كل المجتمعات تسعى للحفاظ على خصوصياتها الحضارية و الثقافية , وهل يوجد مجتمع بدون قيم و أخلاق يسعى لحمايتها . و الأخطر أن هؤلاء المتطرفين اللائكيين سواء كانوا أفرادا أو جمعيات أو منظمات لا يعلنون صراحة عن المحاذير الخطيرة المترتّبة عن هذا الأمر و الذي يصطدم مباشرة بالقيم الدينية للشعب التونسي و ذلك جزء من نفاقهم الذي مارسوا بعضه في الحملة الإنتخابية بادّعاء التمسك بالهوية العربية الإسلامية للشعب التونسي ثم الإلتفاف عليها بعد ذلك , وهم يمارسون مختلف أنواع الضغط و الإحتجاج بالعويل و الصياح في الساحات و أمام المجلس الوطني التأسيسي, هم يتوهّمون أنّهم يحرجون النهضة لكنهم في الحقيقة يقدمون لها خدمة مجانية لأنها تجعلهم في صدام مع المجتمع. سأكشف ما يتخفّى وراءه هؤلاء : إن التنصيص على كونية حقوق الإنسان – و رغم الكم الكبير من الإيجابيات و الحقوق الواردة فيه- يعني أيضا الإقرار بالمسائل التالية :




1/ حقّ الحياة أي إلغاء عقوبة الإعدام.

2/ المساواة التامة بين الجنسين : أي المسّ من منظومة الميراث في منظومتنا القانونية و في الشريعة الإسلامية.

3/ حق الإنسان في التصرّف في بدنه : أي حق المثلية الجنسية .
بالنسبة للمسألة الأولى فإنها تتناقض مع نصّ قرآني صريح و لكم في الحياة قصاص يا أولي الألباب , ففي المنظومة التشريعية الإسلامية فإن حفظ النفس هو المقصد الأول للشريعة الإسلامية وهو الذي يؤكّده بقوّة الشيخ العلامة محمد الطاهر بن عاشور. فالقصاص هو لضمان سلامة النفس البشرية من أي تهديد لحياتها فشدّة العقوبة هو لتبيان هذا المقصد , و قد سوّى القرآن الكريم النفس الواحدة بجميع الأنفس للدلالة على مكانة النفس البشرية , قال تعالى : من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا و من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا .

أما المسألة الثانية فلم يجبنا أصحاب هذا الطرح على السؤال التالي : هل نبيح في بلدنا زواج الشواذ و المثلية الجنسية ؟ و هل هذا الأمر من أهداف الثورة ؟؟؟؟

بالنسبة للمسألة الثانية, فهي كلمة حق أريد بها نقض نص ديني أصيل بل و تهديد منظومة تشريعية و قانونية تونسية كاملة وهو المساواة في الإرث بين الذكر و الانثى , وهذه المسألة لم يفرضها حتى بورقيبة – و لا أظنهم أثر منه علمانية – و قد حاول ذلك لكنه رفضها عندما لم يجد مخرج شرعي و سند ديني صريح . و الواقع أن هؤلاء يقعون في جهل واضح لما تقرّه الشريعة الاسلامية في باب الإرث و يكتفون بالقراءة السطحية دون عناء النظر و الدراسة , ربّما لأنّ المنظومة التشريعية الإسلامية غير مكتوبة باللغة الفرنسية .
الميراث في الشريعة الإسلامية يخضع لثلاثة مستويات كما يقرر ذلك الدكتور محمد عمارة :

1/ درجة القرابة : فكلما كانت القرابة بالمتوفّي أكبر زاد النصيب في الميراث سواء كان ذكرا أو أنثى.

2/ موقع الجيل الوارث من التتابع الزمني للأجيال : فالأجيال التي تستقبل الحياة يكون نصيبها أوفر من الأجيال التي تستدبر الحياة .و ذلك بصرف النظر عن الذكورة و الانوثة للوارثين فالبنت ترث أكثر من الأم – و كلتاهما أنثى – و الإبن يرث أكثر من الأب – و كلاهما من الذكور .

3/ في حالة تساوي درجة القرابة و الجيل فإن الذكر الوارث مكلف بإعالة أنثى- زوجة- بينما الأنثى فإعالتها فريضة على الذكر المقترن بها , وهو تمييز محدود , قال تعالى : يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين { النساء 11 }.
و يغفل الكثيرون أو يتغافلون عن حالات يكون فيها نصيب الأنثى أكثر من نصيب الذكر في الميراث { أنظر كتاب ميراث المرأة و قضية المساواة للدكتور صلاح الدين سلطان}.

للأسف الشديد ما نشهده اليوم هو صراع بين نخب لم تكن جزءا من الثورة التي اندلعت من أجل التشغيل و رفض التهميش و المطالبة بالكرامة و الحرية . و الشعب التونسي لم يرفع شعارات دينية لأنها من المسلمات . و أرجو ممّن يرفعوا مطلب كونية حقوق الإنسان أن يدرسوا جيّدا نتائج الإنتخابات فمن يعادي هويّة الشعب فقد قرّر الإنتحار السياسي.
كاتب و محلل سياسي



Comments


24 de 24 commentaires pour l'article 58943

Laabed  (Tunisia)  |Samedi 12 Janvier 2013 à 22:17           
مقال لارضاء الناخب النهضوي

Samir68  (Tunisia)  |Samedi 12 Janvier 2013 à 14:52           
اغلب هؤلاء المعارضين كانو يعيشون في الدول الغربية يتمتعو ن بالحرية التي منحتها لهم و عندما يعودون ليحكمو في بلدانهم يريدون ايهامنا بأن الحرية سيئة و بأن الحل في قوانين حرية ربما تعود للقرون مضت حتى الحيوانات تتمتح في اوروبا بقوانين تحمي حريتها افضل من البشر
و كل عادة لا يوجد افضل من الدين و الامن لاسكات الاصوات المعارضة

Ibnourochd  (Tunisia)  |Samedi 12 Janvier 2013 à 08:42           
A mon avis, il ne faut pas rater l'occasion de dénoncer l'auteur de cet article qu'il faut classer à l'extrème droite rétrograde et néfaste pour les libertés et le les valeurs universelles.
les plumes mercenaires sont malheureusement trop nombreuse de nos jours - dommages pour ce pays pris en otage par des marchands de la religion et gangréné par le whahhabisme ennemi des libertés et hostile à toute forme de progrès.


Charif  (Tunisia)  |Vendredi 11 Janvier 2013 à 23:55           
لا يوجد شعب يتنازل عن قيمه و يرضخ لحثالة تتمعّش من أسيادها في الغرب

Toonssii  (Tunisia)  |Vendredi 11 Janvier 2013 à 22:10           

هؤلاء كلاب فرنسا وحراس مصالحها و إستراتيجيتها في تونس . هؤلاء يتم إستدعائهم في فرنسا و تعطى لهم الأبواق. عياض بن عاشور وقعت دعوته في أكثر من مرة في راديو أروب 1 ليطمئن المسؤولين الفرنسيين أنه سيبذل كل ما في وسعه من أجل ضمان القوانين و البنود التي رسختها فرنسا
نفس الشيء بالنسبة للمسمى جوهر بن مبارك الذي تتم دعوته بصفة متواصلةمن طرف قناة فرانس24


Averti22  (Tunisia)  |Vendredi 11 Janvier 2013 à 18:46           
تحفظات السيد بولبابة في محلها لكن اضيف ان اضافة الحقوق الكونية لا يترتب عنها اشكاليات اذا تم اقرار ضوابط لها مثل التنصيص على علوية النص الدستوري على المعاهدات الدولية. في هذه الحالة تصبح مسألة الحق في الحياة منضبطة بمقتضيات الفصل 16 الذي ينص على الحق في الحياة الذي لا يتعارض مع احكام القانون الجزائي الذي يثبت عقوبة الاعدام.كما تصبح مسألة المساواة بين الجنسين تخضع لاحكام الفصل 5 وكذلك احكام التوطئة التي تقر اعتماد ثوابت الاسلام ومقاصده ومن
ثوابته احكام الميراث. في كل الاحوال هناك مخاطر في ايراد الحقوق الكونية في اطلا قها طالما لم يهتدي المشرعون اليوم الى تدقيق الضوابط القانونية التي تجعلنا نتحاشى اي صراع في التأويلات.

MOAPensee  (Europe)  |Vendredi 11 Janvier 2013 à 15:56           
Au fait il y a une vague contre l'islam je dis bien l'islam et pas la religion. et ce depuis des miliers d'annees. c'est vrai l'islam n'a que 1,434. mais depuis ibrahim aleih assalam. encore avant depuis nouh aleih assalam, sans parler de bani israeil . la religion est l'islam pour tous les messagers sans exception. yacoub aleih assalam, au moment de sont deces il demandait a ses enfants de koi vous croyez , ils repondaient nous
croyons a ta relegion et celle des tes peres ibrahim , ismaeil et is'hak qui est l'islam.
ceci il ya au moins 3500 a 4000 annees. et on n'arrete pas a denoncer l'islam. au fait c'est la nature de cette contradiction de la vie. voyons encore pourquoi allah n'accepte pas la croyance a 90 eme min ( les temps d'arret de la mort) car a ce moment la ledecedé voit tout ,le paradis , l'enfer .... donc ces mecs ne croient qu'a la matiere. meme l'amour pour eux ce n'est qu un acte sexuel alors que l'islam a donne
bcpd'importance a l'amour "وجعل بينكم مودة و رحة" encore je leur demande voir les paroles de kess ibnou saaida ceci avant l'islam (قس ابن ساعدة) on retrouve le bon sens , il a des paroles comparables a سورة الإخلاص c'est tres beau de le lire et de comprendre , les pensees ne sont que du bon sens.

TheFreeTunisian  (Germany)  |Vendredi 11 Janvier 2013 à 15:53           
Imposer l'universalite de n'importe quelle loi ... en fera une loi superieure a la constitution tunisienne ... ce qui voudra dire qu'une loi ... qui n'a pas été décidée par le peuple tunisie et pour laquelle personne ne nous a demande notre avis ... nous sera imposée par la force de l'exterieur

si vous n'appelez pas ca une nouvelle forme d'occupation et de colonialisme ... je ne sais pas comment vous l'appelez alors

Charif  (Tunisia)  |Vendredi 11 Janvier 2013 à 15:39           
من يدعون لكونية حقوق الإنسان و يدوسون على هوية الشعب التونسي هم مجرد ظاهرة صوتية نفخ فيها الإعلام و لا أثر لهم في الواقع. تونش عربية اسلامية رغم أنفهم و شكرا لك استاذ بولبابة على فضحهم مجددا.

Srettop  (France)  |Vendredi 11 Janvier 2013 à 14:44           
نحن العرب لا بد أن نكتفي بمقدار محدود من الحرية بحكم هويتنا العربية الإسلامية ولسنا أهلاً لممارسة الحرية التامة كبقية الشعوب وخاصة منها الغربيةل اللائكية

Riadhbenhassine  (Tunisia)  |Vendredi 11 Janvier 2013 à 14:25           
بالله يا "أستاز أبو بلبابة" ما عادش تحكيلنا على الكورة و سليم الرياحي، أقعد كان تحكي على الأمور الفكرية و التحاليل السياسية، على خاطرك كي تحكي على الكورة و الإفريقي و سي سليم راك توسّخ في روحك و تولّي "خر طر"، و إقبل نقدي بصدر رحب راني نحبّلك الخير

Tunisien_expa  (Germany)  |Vendredi 11 Janvier 2013 à 13:49           
Ce sont les droits des criminels et non pas les droits de l'homme.

MOUSALIM  (Tunisia)  |Vendredi 11 Janvier 2013 à 13:14           
كونية حقوق الانسان استبلاه لشعب يعاني من جهل مثقفيه الذين وقف بهم القطار في القرن الماضي وتحولوا لأهل الكهف لا يعرفون ما استجد في الغرب من ثورة ثقافية و علمية مدهشة وهو الفكر ما بعد الحداثوي الغربي ويجهلون أهم أسسه وهو مفهوم -النسبية الثقافية -التي نسفت وفككت المقولة الأسطورية الحداثوية عن كونية المفاهيم والمقولات التحليلية الغربية .انه وهم المماثلة للمثقفين العرب المتغربين والذين يعتبرون الثقافة مجرد سيارة يمكن استرادها واستعمالها في كل الطرقات
ويرفضون اقتباس المثال الياباني القمة الثانية في الهرم الدولي في موازنة التطور والحداثة توازيا مع المحافظة على التراث الديني والثقافي لليابانيين ...

JAWHAR  (France)  |Vendredi 11 Janvier 2013 à 13:02           
@boulbeba
les mots "laïque" et "extrémiste" utilsés dans le titre ne vont pas ensemble !

Srettop  (France)  |Vendredi 11 Janvier 2013 à 12:56           
لما الاقتصار على المسائل الثلاثة المذكورة ؟ فلنتخذ من القرآن دستوراً

Tunisia  (France)  |Vendredi 11 Janvier 2013 à 12:02           
بقلم عبد العزيز كحيل

ما فتئت النُخب العلمانية العربية تنظّر للديمقراطية وتبشّر بها وتتوعّد "أعداءها" حتى رفعتها إلى درجة الدين بل زادت على ذلك فقرّرت أن الديمقراطية هي الأصل والقاعدة ولا مكان للدين وتقصد الإسلام تحديدًا إلا إذا أذعن لمنطقها وقوانينها، وكم ازدرت المتديّنين الذين يُعرضون في رأيها عن بركات الديمقراطية ويتشبّثون بشريعة غابرة وأحكام لا تصلح لأنظمة الحكم المعاصرة ولا تُقيم وزنًا لحقوق الإنسان...
هذا هو خطاب العلمانيّين في البلاد العربية، ومعلوم أنّهم هم الذين حكموا دُوَلهم بعد الاستقلال في معظم البلاد فما رأت منهم حرية ولا عدلا ولا احترامًا لحقوق الإنسان ولا نهضة ولا ازدهارًا اقتصاديًا، وعند مواجهتهم بهذه الحقيقة كانوا يجادلون بالباطل ويتذرّعون بحجج شتّى لتبرئة ذمّمهم وتحميل مسؤولية التردّي للأنظمة العسكرية بل للإسلاميّين أنفسهم لأنهم " محافظون ورجعيون" يرفضون التقدم والحداثة.
وجاءت أحداث الثورات العربية لتُخرج النقاش من التجريد إلى الواقع، فقد سقطت أنظمة استبدادية في عدد من البلاد العربية واحتكم الناس هناك إلى صناديق الاقتراع وفق القواعد التي يرتضيها العلمانيون ويقدسونها- لإيجاد البديل بناء على آليات الديمقراطية، وأفرزت الانتخابات فوزا كاسحًا للإسلاميين كما كان متوقّعًا، واستبشر الرأي العام بذلك، وتكرّر المشهد في تونس ومصر والمغرب وليبيا، وتأكّد المراقبون أن هذه ظاهرة طبيعية يُنتظر اكتساحها لباقي البلاد كلّما عبّرت
الشعوب عن رأيها بحرية في أجواء النزاهة والشفافية، وهنا أسفرت النخب العلمانية عن وجهها الحقيقي وسقطت ورقة التوت التي كانت تُخفي سوءتها وذهب شعاراتها أدراج الرياح، وتبيّن من مواقفها وسلوكها أنّها لم تعُد تعادي الإخوان المسلمين أو عامة الإسلاميين كما تصرّح، بل جاهرت بمعاداة الديمقراطية ذاتها ليس لأنها فاسدة ولكن لأنها عكست صورة النخبة العلمانية القبيحة، أي أنّ هؤلاء قاموا بتكسير المرآة العاكسة التي لا ذنب لها في الحقيقة بدل العكوف على إزالة ما بهم
من قبح وتجميل صورتهم بصدق لا من خلال الزيف والتزييف كما دأبوا منذ عقود.
فخصوم الإخوان وخصوم الإسلام يتذرعون بالخوف على الديمقراطية من أن تتحول البلاد إلى دولة دينية، ولكن لو تحولت الديمقراطية إلى دكتاتورية لهم أو تخدمهم فسيقول بعضهم هذا تحرر وديمقراطية، ذلك أنّهم يقصدون بالديمقراطية دكتاتورية الأقلية، وهذا مسلسل سيء الإخراج والتمثيل بدأ منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي في الجزائر، فعُقب انتفاضة الشارع العارمة سنة 1988 شغلت الأقلية العلمانية الساحة وهي المتنفّذة في دواليب السياسة والإدارة والإعلام ورفعت شعار الديمقراطية
في وجه الشارع المسلم الذي طالب بتحكيم الشريعة، واحتكم الشعب إلى صناديق الاقتراع مرّة بعد مرّة في ظرف سنتين، فكان فوز الإسلاميين ساحقًا في المجالس المحلية ثم البرلمان، فهاجت النخبة التغريبية ووصفت الشعب بأرذل الألقاب واتهمتُه بالغباء وعدم بلوغ الرشد وطالبت بدكتاتورية الأقلية تحت مسمّى " المجتمع المفيد" أي الأقلية التي تعرف في مقابل الجماهير الجهولة، واستطاعت استمالة قيادة الجيش لأطروحاتها وكان لدى هذه استعداد مبدئي وانقلبت على الديمقراطية
بدعوى... الحفاظ على الديمقراطية وحماية الدولة من التفكّك، فأدخلتها دوّامة من الدماء والخراب والفساد قُتل فيها نحو 200000 جزائري، ليُقبر بعدها المسار الديمقراطي وتعود الأقلية إلى التسلّط السافر على حياة المجتمع لمنع الإسلاميّين نهائيّا من التأثير فيه.
وإذا كان من الصعب تكرار النموذج الجزائري بسبب التطوّرات الدولية فإنّ العلمانيّين لا يعدمون وسائل أخرى أقلّ " سفورا" لكنّها فاعلة، وهذا ما يحدث في مصر وتونس بالضبط، ويتلخّص في الانقلاب على الديمقراطية التي يزعمون أنهم أهلها ودعاتها، ومحاصرة التيار الإسلامي وإرباكه بكلّ الوسائل غير الشريفة والاستقواء بالخارج من أجل إبعاده عن السلطة ولو أكّدت صناديق الاقتراع ألف مرّة انحياز أغلبية الشعب له وثقته فيه، لا لشيء إلا رفض المرجعية الإسلامية والاستهانة
بالاختيار الشعبي الحرّ وتقنين استبداد الأقلية التي تعرف ما ينفع الشعب أكثر منه هو لأنه ما يزال قاصرا عن إبصار محاسن العلمانية المتزّينة بأسماء شتّى كالليبرالية والتقدمية والجمهورية والتنوير والحداثة، وهي وإن اختلفت فصائلها في أكثر من محور وصعيد إلاّ أنها متفقة على القاسم المشترك بينها وهو رفض الاختيار الحرّ والحريات وحقوق الإنسان خارج دائرتها، ويزداد رفضها وتطاولها إذا كان الصوت الفائز هو الإسلام، وهي الآن في مصر وتونس تنادت بإفشال الحكومات
المنتخبة بأيّ ثمن، فلا تتورّع عن استعداء الجماهير عليها بغير وجه حقّ، ولا عن استدعاء العدوّ الخارجي لمؤازرتها بمختلف الوسائل، وإنما تسجّل نقاطًا لصالح مخطّطها التخريبي؛ لأنها في الدولتين مازالت تمسك بتلابيب الإعلام وتتبجّح بالمال الفاسد ودعم أوساط النظامين البائدين، بهذا لا تترك الحكومات الجديدة تعمل ولا حتى تلتقط أنفاسها، فتعرقلها بالشائعات والاضطرابات المتنوّعة وحملات التشويه والتشهير، والتشكيك في كلّ مبادرة ولو شهد لها العلم كلّه بالصواب، كأنّ
فيهم نزل قول الله - تعالى - على لسان الكفّار: ( لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلّكم تغلبون)، فليس عند النخبة العلمانية المتطرّفة منطق ولا إنصاف، بل هو العداء لجميع الإسلاميين؛ لأنهم في نظرها كلّهم متطرّفون مستبدّون لا يشفع لهم تاريخ نظيف ولا تضحيات في سبيل الحرية والكرامة ولا سيرة حسنة يشهد بها القاصي والداني.
في هذه الأجواء من العداء السافر والدسائس والمكر الكُبّار يتحرّك الإسلاميون متوكّلين على الله واثقين في أمّتهم، وهم يعلمون أنّ الحلّ يتمثّل من الناحية النظرية على الأقلّ في التعجيل بتطهير بُؤر الفساد الموروثة عن أنظمة الاستبداد وعلى رأسها الإعلام والقضاء، فقد تغوّلت بقايا الدكتاتورية المنهارة في ظلّ حلم الإسلاميين وتسامحهم وانشغالهم بأولويات الاستقرار والتنمية وخدمة الشعب في حياته اليومية، ولن يستطيع الحُكم المنبثق عن الانتخابات الحرة أداء مهامه
إلاّ بعد التطهير الكامل لهذه الجيوب التي أصبحت مراكز قوى حقيقية تحتقر الشعب وتعرقل توجّهاته.
لا أُنكر أن هناك جهات علمانية يُمكن وصفُها بالمعتدلة، لا تُعادي الإسلام بل تجهل دقائق فكره وأحكامه، تتفاعل مع الجماهير وتؤازر الثورات الشعبية بصدق، لكنّها خفيفة الوزن بالمقارنة بالعلمانية العدوانية الحثيثة النشاط، وهو ما نراه حتى في سورية، فبعض الأطراف العلمانية المحسوبة على المعارضة تخذل الثوّار وتشكك في الثورة لا لشيء سوى بروز الصوت الإسلامي في ساحة القتال وتصدّره المعارضة السياسية، في هذه الحالة يفضّلون بقاء النظام المستبد، ويبحثون عن فرص
للتفاهم معه ولو رفضته الأغلبية الساحقة من الشعب، هذه ديمقراطية العلمانيّين العرب: التغني بها إعلامياً والتجني عليها كلما كانت في غير صالحهم، إنه الكيل بمكيالين والفجوة السحيقة بين التنظير والتطبيق، في حين نرى التزام الإسلاميين بقواعدها، حتى من أولئك الذين يتحفّظون عليها بنسَب مختلفة، لأنهم أصحاب أخلاق، لا يتعاطون المخادعة ولا ينقضون العهود.
فما العمل إذن؟ إنّ بقاء الحال على ما هو عليه يُنذر بتطوّرات وخيمة ترتمي فيها أغلب المجتمعات العربية بسبب الفجوة بين شعوب تريد المرجعية الإسلامية وأحزاب وتنظيمات تتبنّى قضاياها وتقبل بآليات الديمقراطية التي أصبحت مطلبا عالميا، وبين نخبة لادينية ترفع شعار الديمقراطية وتمارس باسمها الإقصاء والعدوان، معها الغلبة المالية والإعلامية وينحاز لها الجهاز القضائي الموروث عن الحكم الاستبدادي والذي لا يحكم بما أنزل الله ولا بما يقتضيه الحياد والعدل، وهؤلاء
العلمانيون يفسرون حلم الإسلاميين بالضعف ورباطةَ جأشهم بالخوَر، ولا بدّ من وضع آليات صارمة تحمي اختيار الشعوب وتعيد الأقلية إلى حجمها الطبيعي، ونحن نعلم أنّ كلّ شيء أمام الأنظمة الجديدة أولوية، لكنّ درء المفاسد مقدّم على جلب المصالح كما هو مقرّر، فينبغي التعجيل بتقليم أظافر النخبة التغريبية وكسر مخالبها التي تطال بها الدين والأخلاق والعباد وحتى قواعد الديمقراطية التي تتخذها نظريا بديلا عن الإسلام، وإنه لمن قبيل الغفلة الثقة بهم وبفهمهم
للديمقراطية، فهي لا تعدو عندهم حرية ازدراء الدين والتحلّل من الآداب العامة وحماية "الفنّ" أي أجواء الفجور والتحلّل من الأخلاق، أمّا النزول عند رغبة الأغلبية وحكمها فقد أثبتوا ألف مرّة كفرانهم به، هذه حقائق ينبغي تبليغها لعامة الناس مدعّمة بالأدلّة القاطعة لتشكيل حاضنة شعبية قوية وواعية تحمي اختيارات الشعوب المسلمة الدستورية والسياسية والاجتماعية من التعطيل على يد علمانيين تأكّد الجميع هنا وهناك أنهم ضدّ التفاهم والتوافق بل ضدّ رغبة الأكثرية
التي يعلمون أنها لن تنحاز لهم أبدًا فاختاروا أن يقفزوا عليها ويتجاوزوها ولو أهلكوا البلاد واعتدوا على الديمقراطية، دينهم المزعوم.

Freesoul  (Oman)  |Vendredi 11 Janvier 2013 à 11:33           
الثلاثة الموجودين في الصورة خرجو من حادثة الانتخابات بجروح طفيفة بعدما فتح لهم الاعلام منابره لتعويض خسائرهم لكنهم لم يدركو انهم يثيرون حفيظة الشعب و الذي ان انتفض مرة اخرى لن يرضى باقل من جز رقابهم فليذهبو و يطالبو بتطبيق المنظومة الكونية و التي هي اساسا مرجعيتها لا ترقى ان تنظم حياة الحيوانات فما بالك بالناس فليذهبو و يطالبو بتطبيقها في بلدان المنظمات التي يرتزقون منها ...

Zoulel  (Tunisia)  |Vendredi 11 Janvier 2013 à 11:15           
اقول بصراحة وموضوعية ان النخب السياسية التي تدعوا الى الحقوق الكونية لا لشيء الا لمعاكسة النهضة فهي في الواقع تضع نفسها في صدام جوهري مع اغلبية الشعب وذلك في نظري اقسى درجات الغباء.

Swigiill  (Tunisia)  |Vendredi 11 Janvier 2013 à 11:04           
بامكاني حساب حركة الأجرام السماوية، ولكن ليس جنون البشر.

Free_Mind  (Tunisia)  |Vendredi 11 Janvier 2013 à 11:04           
Les gens n'arrivent pas a comprendre la démocratie.
dans une démocratie, on trouve plusieurs avis (islamistes laïcs...).
ceci va engendrer un débat pacifique sur le modèle qui correspond à notre société en ce moment.
la diversité ne fait qu'enrichir le débat a condition de ne pas recourir a la violence.
Ça devrait engendrer un consensus, un juste milieu.
ps: en tunisie, on a des islamistes comme bahri jlassi qui demandent la légalisation de la pé (fornication des enfants) et de l'esclavage puisque l'islam ne les interdit pas

Charif  (Tunisia)  |Vendredi 11 Janvier 2013 à 10:53           
شكر أستاذ بولبابة على هذا الردّ الرائع و العلمي , ما يعجبني في مقالاتك أنك تكتب بطريقة مباشرة دون التفاف . إنهم أزلام فرنسا و عملاؤها الحضاريون.

Observer  (Tunisia)  |Vendredi 11 Janvier 2013 à 10:29           
Globalisation des droits de l'homme?
quels droits et pour qui?
cet arsenal de lois internationales n'a rien servi pour rendre les droits des peuples opprimés pendant des décennies!
alors pourquoi en faire une référence dans la future constitution sinon que pour sceller des projets de futures "fitnas"dans notre pays.
chaque défenseur de cette thèse doit se poser la question:est ce qu'il s'agit de sa conviction personnelle ou est il poussé par d'autres?

Swigiill  (Tunisia)  |Vendredi 11 Janvier 2013 à 10:04           
الكلمات اللبقة والمظهر الأنيق نادراً ما يرافقهما فضيلة حقيقية.

Swigiill  (Tunisia)  |Vendredi 11 Janvier 2013 à 10:03           
إن لم يرتكب الناس حماقات أحيانا فلن يتم أبدا فعل شيء ذكي.


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female