من مهازل الإعلام التونسي: موزاييك تحتفل بعودة شكري بلعيد في المطار

بقلم الأستاذ بولبابة سالم
عاد الزعيم الملهم و قائد الثورة الرفيق شكري بلعيد من باريس بعد مسيرة نضال طويلة في المنفى ضدّ القهر و العسف و الطغيان , لقد حضر أنصاره من حزب الوطنيين الديمقراطيين و بعض قادة الجبهة الشعبية و على رأسهم حمة الهمامي . لم يكن الحدث عاديا في مطار قرطاج صباح الأحد , استقبال غير عادي لرئيس حزب عادي , تصريحات استفزازية شعبوية يدّعي صاحبها أنّ الجبهة الشعبية هي البديل للحكومة الحالية – و هذا من حقه – فكل حزب معارض ينبغي أن يكون حكومة ظل للسلطة القائمة كما يحصل في البلدان العريقة في الديمقراطية – الشعارات التي رفعها أنصار الوطد و الجبهة الشعبية عموما تؤكّد أنّهم مازالوا بعيدين عن روح الديمقراطية التي يرفعونها كشعار تكذّبه تحرّكاتهم و مواقفهم العدائية للسلطة الشرعية .
عاد الزعيم الملهم و قائد الثورة الرفيق شكري بلعيد من باريس بعد مسيرة نضال طويلة في المنفى ضدّ القهر و العسف و الطغيان , لقد حضر أنصاره من حزب الوطنيين الديمقراطيين و بعض قادة الجبهة الشعبية و على رأسهم حمة الهمامي . لم يكن الحدث عاديا في مطار قرطاج صباح الأحد , استقبال غير عادي لرئيس حزب عادي , تصريحات استفزازية شعبوية يدّعي صاحبها أنّ الجبهة الشعبية هي البديل للحكومة الحالية – و هذا من حقه – فكل حزب معارض ينبغي أن يكون حكومة ظل للسلطة القائمة كما يحصل في البلدان العريقة في الديمقراطية – الشعارات التي رفعها أنصار الوطد و الجبهة الشعبية عموما تؤكّد أنّهم مازالوا بعيدين عن روح الديمقراطية التي يرفعونها كشعار تكذّبه تحرّكاتهم و مواقفهم العدائية للسلطة الشرعية .
تقتضي الديمقراطية التنافس السياسي ضمن الأطر الديمقراطية و التغيير عبر الصندوق الإنتخابي دون غيره وهو ما لا يروق لبعض – و أقول جيّدا البعض – أيتام لينين الذين يصرّون على العنف الثوري كما يصرّ بعض السلفيين على العنف باسم الدين . يفعلون ذلك لأنّهم يدركون جيّدا ألا أمل لهم في صندوق الإقتراع رغم أنّنا جميعا قبل سنوات لم نكن نحلم سوى بالكلمة الحرّة و حرية التعبير و تجنب المراقبة البوليسية فإذا بالجميع يبحث عن الكرسي الذي لا يتّسع إلا لمن يختاره الشعب . ما قام به أنصار الجبهة الشعبية في مطار قرطاج الدولي ليس حبّا في شكري بلعيد و إنّما تحرّك استباقي و مساندة معنوية له بعد تصريحات وزير الداخلية الذي اتّهمه بالتحريض على العنف و الفوضى في الأحداث التي شهدتها مدينة سليانة في الأسبوع الفارط و بعد حملة إعلامية استهدفت الرجل حتّى اعتقد الجميع أنّه سيقع ايقافه بمجرّد عودته لأرض الوطن. كل هذا الأمر يبدو بديهيا في لعبة السياسة المتشعّبة و المخادعة لكن المستغرب في الأمر هو حضور إذاعة موزاييك لتغطية عودة شكري بلعيد من المطار بصفة فورية و تصدّر ما يعتبرونه حدثا بداية نشرة الأخبار بل كادت المذيعة أن تغني طلع البدر علينا لولا بعض حياء . هذه الإذاعة – و لي عودة إلى خطّها التحريري بعد الثورة و من يقف وراءه – تقوم بتغطية مكثّفة و غير مسبوقة و بالتفاصيل المملّة لكل أنشطة الأحزاب اليسارية ليس حبّا فيها بل لأنّها تشكّل رأس الحربة في مواجهة الحكومة و النهضة على وجه الخصوص خدمة لأطراف من النظام القديم تملك المال و لا تستطيع تسويق الوجوه التجمّعية باعتبار فقدانها للمصداقية فتمنح الفرصة لمن لهم خبرة في مقارعة الخصم الإيديولوجي , و أرجو أن يدرك بعض الرفاق في اليسار المناضل – و بعضهم من أقرب أصدقائي- خطورة المخطط الجهنّمي و ألا يكونوا ألعوبة و حطب المعركة بين من يحرّكون الأحداث خلف الستار و الحكومة الحالية المرتعشة و الفاشلة .
هل يتصوّر عاقل أن يكون خبر تحوّل رئيس الحكومة إلى الجزائر الشقيقة بعد خبر عودة شكري بلعيد حتّى ظننّا أن الرجل كان يفاوض على الإستقلال النهائي لتونس. ليقع استقباله استقبال الأبطال. و أريد أن أسأل مدير البرامج في إذاعة موزاييك : ماهي القيمة الإخبارية لعودة شكري بلعيد من باريس ؟ و هل ستتابعون في المستقبل عودة رؤساء الأحزاب المائة و الخمسين من الخارج ؟ و هل هكذا يفعل الإعلام الوطني المسؤول مع من يدعو أهالي سليانة على مواصلة تحدّي أعوان الأمن وهو في قلب باريس يستنشق الهواء الباريسي النقي بعيدا عن الرشّ في الوقت الذي يسعى فيه الإتحاد العام التونسي للشغل و الحكومة لحزمة اجراءات للتهدئة .
ماهو مؤكّد أن السيد شكري بلعيد سيكون ضيف إذاعة موزاييك في الساعات القادمة وهو الذي يتجوّل باستمرار بين الإذاعات و القنوات التلفزية بعد الثورة و لا ندري متى يشتغل في مكتبه , كما سينزل ضيفا على مختلف الإذاعات الأخرى . أمّا حكومتنا فمازالت نائمة في العسل و تطلق تصريحات مسائية لتكذّبها في الصباح و تلقي التهم و لا تطبّق القانون . لقد ذهبت هيبة الدولة و خسرت الحكومة مصداقيتها أمام الرأي العام و صدق من قال الأيادي المرتشعة لا تصنع التاريخ . من حق شكري بلعيد أن ينتشي و يستقبل بالزغاريد وهو الذي تحصّل على صفر فاصل في الإنتخابات و كأنه يقول للأغلبية الفائزة : لقد فزتم و لكنّكم لن تحكموا . نعم هم لا يحكمون لأنّ الحكم يأبى الخوف و التردّد و الإرتباك و الحسابات السياسية . لقد تطاحنت جميع الأحزاب في سليانة التي أصبحت محجّا للجميع في لعبة المزايدات السياسية الرخيصة لتنتهي الأزمة و ليبقى المواطن البسيط هناك دون حلول واقعية للمشاكل المتراكمة .
كاتب و محلل سياسي
Comments
40 de 40 commentaires pour l'article 57416