وبعدين يا حكومة !؟؟

<img src=http://www.babnet.net/images/8/lestroismousquetairessss.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم / منجي باكير

جاءت أحداث الثّورة و استبشر كلّ التونسيين بهذا التغيير الشعبي الحاصل و توسّم الجميع خيرا في أن يتبدّل الحال إلى ما هو أفضل معنويّا و خصوصا مادّيا .







لكن مع مرور الوقت بدأ اليأس يدبّ في بعض هؤلاء المتفائلين ، نعم يأس أملته وقائع الأحداث و التطوّرات ، صحيح أن الثورة كانت ثورة كرامة لكن أيضا كانت ثورة على واقع مادّي مرير و انسداد أفق ( العيّاش) أمام الهوّات السّاحقة بين طبقات المجتمع ، منذ الثورة و حتّى الآن لم يبرز على السّطح إلاّ انفلات إعلامي تحكمه و توظّفه جماعات و أفراد لغايات شخصيّة ضيّقة ، و استهتار واضح بالقيم و الأخلاق ، و ظهور نوعيّة جديدة من المناضلين بعد 14 جانفي الذين أصبحوا يمارسون عقدهم السّياسيّة و يزرعون الشكوك و الفتن بمناسبة و غير مناسبة فقلبوا الفيستة و تزعّموا المنابر من جديد و بلغة جديدة و أقصوا الشرفاء الذين أدمت قلوبهم و أجسادهم آلة الطغيان في العهود السّابقة ليبقوا متفرّجين ..
و لاحظنا تغوّل كثير من ( البانديّة ) و خرّيجي السّجون في السطو و البراكاجات و ترويع الآمنين و آخرين انتهزوا غياب تطبيق القانون ليزحفوا على الأملاك الخاصّة و العموميّة و يطلقون أيديهم في هذه الأملاك بكلّ وقاحة و صحّة رقعة ...
قاسمنا الليبيّون معاشنا و سكننا و قارعونا بكثرة أموالهم حتّى في أسواقنا الشعبيّة و أحياءنا الشعبيّة و زادونا أزمات على أزماتنا و شجّعهم أباطرة و سماسرة لا يضبطهم ضابط و لا يردعهم رادع و لا يملكون ضميرا ،،،
تعطّلت كثير من مؤسّساتنا و إداراتنا فعطّلت مسار حياتنا و تأخّرت بنا ، أحاطتنا المزابل من كل صوب و غزتنا في عقر دارنا و ( زيّنت شوارعنا و حوارينا و أحياءنا) حتّى صارت جزءً من ديكورات طرقنا .
عانينا و نُعاني من غلاء الأسعار المتواصل و المتصاعد و المغلّف بماركة (اشرب و إلاّ طيّر قرنك ) حتّى في أساسيّات حياتنا و ضروراتها فضلا عن احتياجاتنا الأخرى ،،، غلاء يمسّ في غالبه الطبقات الفقيرة و يهتك ما بقي من ستر للطبقات المتوسّطة ، هذه الطبقات التي هي أذرع تونس و محرّكها الإقتصادي و الإجتماعي و التعليمي و الصحّي و الثقافي و الفكري ،،،،
فهذا طبعا لا يعني الطّبقة الثّريّة و الكوادر و أصحاب المهن الحرّة و القطاع الخاصّ الذي هو بدوره برغم مداخيله الخياليّة يقاسمنا نفس الخبز و نفس الزيت و نفس مشتقّات القمح و الطماطم و الحليب و الغاز و سائر الموادّ المدعّمة و لكنّها لا تدفع من الضرائب إلاّ القليل القليل بينما الكادحون يُجزّأ نصيبهم من الضرائب مسبّقا و بكلّ دقّة في الحسابات و بلا تأخير
فحتّى متى و إلى متى ستبقى غالبيّة هذا الشعب تعاني من ويلات الحكومات المتعاقبة ؟ و هل أنّ هذه الطبقات الكادحة قُدّر لها أن تكون عنوان التضحيّة مع كلّ حكومة تريد أن تنجح برامجها الإقتصاديّة و السّياسيّة .و هل هذا هو ما جنته من الثورة !؟؟
هذه الطّبقات من الشعب لا تهمّها الأحزاب و مشاكلها و لا تهمّها تهريجات المعارضة و لا تبريرات الموالاة و لم يسعدها قطّ هذا السّيل الجارف من الإنحلال الأخلاقي المعروض على وسائل الإعلام و لم تترقّب كتغيير حاصل بعد الثورة أن ترى وجوها كانت تنغّص عليها عيشها أيّام الدكتاتوريّة و تتمعّش من حُرّ مالها و هي الآن تدّعي النّضال و تحاول أن تمحق قيمها و موروثاتها الأخلاقية و عقيدتها بدعوى التحرّر، بقدر ما يهمّها أن يرجع لتونس أمنها و أمانها و أن ترجع الحقوق إلى أصحابها و أن تحكمها نُخبة وطنيّة بحقّ .كما يهمّها أيضا أن تتحسّن أحوالها المادّية على مستوى الأفراد و الجهات و أن يأخذ القانون مجراه و أن ترجع الأمور إلى نصابها ...



Comments


5 de 5 commentaires pour l'article 56225

Lina  (Tunisia)  |Lundi 5 Novembre 2012 à 10:52           
وبعدين يا إعلام؟
وبعدين يا معارضة سلبية؟
وبعدين يا شعب لا يعترف بالصبر ولا بالمرحلية و لا بالتضحية ؟

Zekri  (France)  |Dimanche 4 Novembre 2012 à 17:50           
Excellent article bravo si mongi.
.............................................................................

@bourced commentaire par excellence.

Swigiill  (Tunisia)  |Samedi 3 Novembre 2012 à 21:50           
"قبل أن تكره شيئاً أو تنزعج منه، حاول التعرف عليه بنفسك، ولا تكتفِ بما تسمعه عنه أبداً من الأخرين، فصدقني إنهم يكرهونه لأنهم سمعوا عنه أيضاً!"

Tunverite  (Tunisia)  |Samedi 3 Novembre 2012 à 20:26           
يقول أردغان "لا الدولة ولا الجمهورية بحاجة الى وصي .. ولا تحتاج هذه الامة الى مربية. هذه الامة المجيدة لديها الارادة والقوة لحماية جمهوريتها ودولتها".
واضاف اردوغان "ربما يكون من الممكن حكم البلاد تحت سيطرة عدد من النخبة .. ولكن في جمهورية ديموقرطية يجب ان تستمد قوتك من الشعب." و الشعب التونسي بفطرته السليمة والذي تحرّر من قيوده يأبى إلا أن يتشبث بحريته و كرامته

Bourced  (Tunisia)  |Samedi 3 Novembre 2012 à 16:39           
يبدو لي ان العنوان لا يمس واقع الامور الا سطحيا وكأن الحكومة هي وحدها المسؤولة.وعندما نقول وبعدين فهذا يدل وأن الامكانيات لدينا في تونس متوفرة والحكومة تتغاضى وتمتنع عن الاصلاح. في الواقع اكتشفنا كلنا مدى الازمات الضاربة والنقائص الموروثة في كل الميادين والجهات. واصبحنا نشاهد يوميا حجم الكوارث الاجتماعية ومدى البؤس والخصاصة وسوء التسيير وفقدان الحوكمة وانعدام العدالة وتكافؤ الفرص وانسداد افق التنمية الصحيحة وغير هذا من اوجه الخراب والدمار على حد
قول الرئيس المرزوقي. فعلا ان الاوضاع بالبلاد التونسية وصلت الى حدود قصوى من الاهمال والاخطار وكانت توشك الامور على الانهيار.ورغم ذلك فقد ابدع الاعلام النوفمبري في تزييف وكتمان الحقائق واظهار تونس كجنة على الارض.اما اليوم فان مشاكلنا الموروثة والمتراكمة هي من النوع الهيكلي الذي يستوجب حلولا هيكلية.وكل من يدعي اصلاح الامور كلية في سنة او سنتين فهو يتنكر للحقيقة ولسنن الحياة باعتبار ما تراكم في خمسين سنة من مساوئ واختيارات فاشلة ومن تعمد تهميش
عديد الولايات لا يمكن التعاطي معه بحزمة اصلاحات وبموارد بسيطة ومحدودة. علينا ان نصارح الشعب وخصوصا العاطلين والفقراء بان الوضع الموروث كارثي بامتياز وان التجاوز الى مراحل اكثر رخاء يتطلب وقتا طويلا وجهودا جماعية وتفكير وخطط استراتيجية قصيرة وطويلة المدى. اما من كان يركب على احباطات الناس ومشاكلهم لاغراض انتخابية فان مآله الفشل لأن الشعب لا بد ان يدرك وان المشاكل والاحراجات كثيرة والتحديات والرهانات كذلك وان التجاذبات السياسية والمعارك الانتخابية
لا تقدم شيئا ذا بال.وما يمكن ان نجنيه حقيقة هو ثمرة ما نغرسه في ابنائنا من قيم التعلم والاجتهاد وما تعطيه المدرسة والجمعيات المدنية للمواطنين من اتجاهات حضارية ومن مقاربات ثقافية عقلانية ومتطورة تغير ما بالنفس والواقع معا.ومن هنا فليست الحكومات هي التي تغير ولكن المجتمع بتركيباته ثم المواطن المسؤول الذي يتعاطى بعقلية جديدة ويأخذ بزمام امره ويبادر ويجتهد ويثابر ...وهكذا


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female