تونس: 23 أكتوبر يوم عادي في أيام غير عادية

<img src=http://www.babnet.net/images/8/le2333.jpg width=100 align=left border=0>


د.خالد الطراولي (*)

يوم من أيام الله، ويوم من أيام البشر، الثورة مرت من هنا، 23 اكتوبر يوم عادي لو لم تلمسه إرادة الشعب التونسي حين قرر العيش في ظل الشرعية، شرعية الصناديق الشفافة، فهو المرجع وهو المحدد وهو صاحب الكلمة الفصل...

نعم شاب هذا اليوم ضباب حملت الحكومة جانبا منه حين تحدثت أحزابها يوما عن مواعيد والتزامات أخلاقية، وحين صرح بعض زعمائها بنهاية حكمهم بنهاية هذا الموعد...التزام أخلاقي ولا شك ولكن للأخلاق والقيم منزلة ومكانة في مشهد ما بعد الثورة حيث، كان السقوط الأخلاقي وانهيار منظومة القيم شعار وممارسة عهد الاستبداد.



نعم شاب هذا اليوم حماس مفتعل للمعارضة، بالتلويح بنهاية الشرعية وهو لعب بالنار وممارسة سياسوية تغلب مصلحة الذات والعنوان على مصلحة شعب ووطن، نهاية الشرعية ومن يحددها لتصبح مرسوما ملكيا أو أملا مغشوشا أو حلم الكوابيس.

23 أكتوبر ولا شك بداية مرحلة ونهاية أخرى، نهاية عهد الصنايق المثقوبة وصولة الاستبداد والجور وغياب الوطن مع غيبة المواطن، وهي بداية عهد الديمقراطية في أحلى منازلها مواطن حر ومواطن كريم ومواطن يساوي صوت واحد ودون أن يستند إلى جذع الشجر، تسقط معها الدرجات والمستويات والامتيازات ليبقى مواطن ووطن.
ولكن هل من وقفة في هذا اليوم للمراجعة والتقييم ولو على رمال متحركة...دستور يتعثر، حكومة تتردد ومعارضة لا تعارض ولكن عنز ولو طاروا والتجمع على الأبواب بعدما غادر السفينة من النوافذ، وشعب يتمارى بين أمل منشود وواقع مردود، وثورة لم تنته تبحث عن شهدائها حتى تحدثهم بما فعل اللاحقون...

نعم هناك إرادات وهناك عزائم وهناك جهود للبعض، حتى لا نبخس الناس أشيائهم، ولكن هناك فقاقيع وهناك فراغ وهناك فشل، فشل حكومي يجتمع في حالات تردد في الحسم والكي، ونلمسه في تعثر في مواجهة عودة التجمع حيث غابت الجرأة وغاب معها منطق الثورة على حساب منطق الدولة، غابت فيها بعض المبادئ والثوابت على حساب اجتهادات وحسابات سياسية لا نراها صائبة ونرى اسقاطاتها ستكون مدوية على مستوى البعد الاستراتيجي للتغيير والإصلاح...
نريد ولا شك أن نرى الثورة تلمس أصحابها عن قرب وبكل وضوح، نريد للفقير والعاطل والمعوز والمحتاج جهة وأفرادا أن تكون الأولوية لهم في كل قرار، فالضعيف يبقى ضعيفا إذا لم يجد التضامن المطلوب والنصرة والمساندة والفعل الحكومي المباشر والسريع. نريد للحاكم ان يكون النموذج في فهمه لواقعه وقربه من هموم الناس وحضارتنا والبعض من روادها مروا من هناك وتركوا لنا نجوما تنير المكان... إن أجندة حكم ما بعد ثورة شعبية إذ لم تجعل بوصلتها تلبية مطالب أصحابها هي أجندة مغشوشة ومزورة وليس لها مكان في واقع الناس...

نعم هناك معارضة يريد بعضها العمل الجاد من نقد بناء لإصلاح البلاد، ولكن الصوت الغالب هو هذه المعارضة المرتبكة الواقفة على الأطلال، تنقد ولا تبني، تهاجم ولا تطرح البديل، لقاء عجيب غريب لبعضها بين الزيت والماء، تركيبة تريد أن تتكون وهي تحمل عناصر النفور والتباعد، من أجل مواجهة المشروع الإسلامي والهوية العربية الإسلامية للبلد، نسيت هموم الوطن ومطالب الثورة وأصبحت تعيش على عداء فاضح ومختفي وممنهج ضد هوية البلاد وتاريخها البعيد والقريب المغروس في أرض الإسلام.

23 أكتوبر لهذه السنة هي هذه الفسيفساء التي لا تزال قطعها تبحث عن مكانها، بعضها جاء في غير مكانه، مستدير ليملأ بقعة مستطيلة، وبعضهم رمت به الأقدار نتيجة قانون انتخابي غريب فوجد نفسه على فوهة بركان وكان يظن أنها استراحة ومنزلة اجتماعية وموكب امتيازات، وبعض آخر قضيته سلطة وكراسي وحقائب وما أكثرهم على الباب...
ولكن حتى يبقى حديثنا متفائلا ولا نبخس الناس أشيائهم فإن هذه الأرض الولادة قد أعطت على قلتهم في هذا الظرف الحساس رجالا ونساء يعملون حيث يستريح الناس، ويجتهدون حين ينام الآخرين، صادقون فعلا وممارسة، وموجودون في كل العائلات الفكرية الوطنية، وعلى أكتافهم يقوم صرح البلاد ولا يسقط غصن الزيتون.

* رئيس حركة اللقـــــاء


Comments


5 de 5 commentaires pour l'article 55805

Hemida  (Tunisia)  |Mercredi 24 Octobre 2012 à 10:47           
السبسي عزيه يقبل العزاء فقد سقط مخططه في الماء و لم تنجح فكرة الشرعية التوافقية البجبوجية

MSHben1  (Tunisia)  |Mardi 23 Octobre 2012 à 16:51           
وجب على المعارضة الغبية ان تعي ما معنى يوم عادي في ايام غير عادية . معناه انه كف لا مثيل له الى المناورين في الانقلاب على الشرعية . انه كف بامضاء الشعب و نيابته الترويكا .
انا mshben1 .
خبير الاستراتيجيين و تقني التقنيين

Bourced  (Tunisia)  |Mardi 23 Octobre 2012 à 15:21           
انه للشعب اساسا لأن الشعب هو الذي انتجه.هو فاتحة البناء والتاسيس والتنمية رغم الرهانات والصعوبات.التي سيقع تجاوزها بنفس الروح الحضارية التي انهت عهدا من الاستبداد والفساد.لكن المؤلم فابرز يوم في التاريخ التونسي المعاصر وهو بحق يوم ي هذا اليوم هو تجاهل المعارضة له والاستهانة بشعور الناس وفرحتهم ظنا منها وانها تخدمه بهذا الغياب الذي يؤشر لغياب رؤية ومسؤولية وتشبث باوهام ونعرات حزبية واهية.

MOUSALIM  (Tunisia)  |Mardi 23 Octobre 2012 à 06:43           
باختصار يوم 23 أكتوبر أرادته المعارضة استفتاءا ميدانيا لمدى شعبيتها لدى الجماهير لتقود ثورة جديدة وتطيح بالشرعية وكان الجواب قبل الموعد وانكفأت على نفسها وتأكدت من صحة أرقام الانتخابات السابقة .الثورة هي لحظة فارقة في زمن ومكان محدد ولن تتكرر لأننا نشهد نهاية مظاهرها ولكن بداية تشكلها فهي خفية عن الجميع ...

Amara  (Tunisia)  |Lundi 22 Octobre 2012 à 22:59           
وخاصة المخربين فى إنقراظ .


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female