تريدونها خليلة و نريدها حليلة
عبد الجليل الجوادي
كثر الحديث في الآونة الأخيرة حول موضوع تعدد الزوجات بين مؤيد و مناهض. بين من يعتبره مطلبا شعبيا و يقترح طرح المسألة على الإستفتاء العام ليقول الشعب كلمته الفصل و يقطع ربما مع إرث تشريعي قديم فقد كل مبرراته الواقعية، و بين من يعتبر مجرد الحديث فيه لغط و تفاهة و مضيعة للوقت في مسائل يعتبرونها ثانوية.
كثر الحديث في الآونة الأخيرة حول موضوع تعدد الزوجات بين مؤيد و مناهض. بين من يعتبره مطلبا شعبيا و يقترح طرح المسألة على الإستفتاء العام ليقول الشعب كلمته الفصل و يقطع ربما مع إرث تشريعي قديم فقد كل مبرراته الواقعية، و بين من يعتبر مجرد الحديث فيه لغط و تفاهة و مضيعة للوقت في مسائل يعتبرونها ثانوية.
هذا من جهة الجدل الفكري فماذا عن الواقع؟
هل توقف الرجال يوما عن التعديد و اكتفوا بامرأة واحدة طوال العمر؟
حتى أولئك الذين يتشدقون بحقوق المرأة و ينتصبون مدافعين عن مكاسبها في المحافل العامة، ألم يحصل أن عددوا و مددوا و جددوا و داسوا على الشرف و الفضيلة و لم يترددوا؟
نحن نعرفهم و كل الناس يعرفونهم. هم زناة الليل و أصحاب المجالس الخمرية و رواد المواخير السرية و حفلات الدعارة التي تذبح فيها كرامة المرأة باسم الحرية الهابطة. حرية الجسد في أن يلبي كل رغباته دون قيد أو شرط هذا هو مبدؤهم و هذا هو فكرهم، حتى إذا تجرأ أحد على مناقشة كتابهم المقدس مجلة الأحوال الشخصية، هاجوا و ماجوا و أرعدوا و أزبدوا و جادلوا عن حقوق المرأة بنفس الحماسة التي انتهكوا بها كرامتها و نهشوا لحمها و استباحوا حرمتها...
إنه النفاق في أجل صوره و العناد لمنطق الفطرة و طبيعة الأشياء.
أرباب الكنيسة حين حرموا-قديما- على أنفسهم النساء و تحدوا غريزة الجماع التي فطرهم الله عليها، ليتفرغوا للعبادة، غلبتهم شهوتهم فمارسوا الزنا مع الباباصات في قلب الكنيسة....
و هؤلاء ليسوا أفضل منهم حالا، فحين حرموا على أنفسهم ما أحله الله لهم من الزواج بأكثر من واحدة و حاربوا فطرة الله، وقعوا في الخطيئة فعددوا الخليلات و استباحوا المحرمات و تعدوا على أعراض العباد.

و أريد أن أسأل العقلاء من الناس، أي حال أفضل لهم أن تكون أخته أو إبنته زوجة على سنة الله و رسوله أو تكون خليلة يعبث بها و تترك مثل عقب السجارة تداس تحت الأقدام و ينالها العار و قلة القيمة.
و هنا يحضرني حوار دار بين رجل مسيحي و شيخ مسلم حين تهجم المسيحي على الشيخ و وصف المسلمين بالمتخلفين لأنهم يهينون المرأة بإباحة تعدد الزوجات و هو يستنكف من هذه الوضعية التي تجبر فيها المرأة على تقاسم زوجها مع نساء أخريات....
نظر إليه الشيخ المسلم نظرة متفحصة و سأله عن سنه، فاستغرب المسيحي من بساطة السؤال و أجاب بأنه في الستين من العمر. فأردف الشيخ بسؤال أحرج المسيحي. قال الشيخ: هل تستطيع أن تؤكد لي أنك من يوم بلغت و صرت قادرا على الجماع، حتى هذه السن المتقدمة، قد اكتفيت بامرأة واحدة و لم تعدد؟ فابتسم المسيحي و أجاب بأنه لم يكتف في بامرأة واحدة أبدا. فسأله الشيخ عن عدد النساء اللاتي جامعهن و عاشرهن جنسيا، فاحتار في الجواب لأنه لا يستطيع عدهن لأنهن كثيرات....
قال الشيخ: و أنت في هذه السن و متزوج، هل تستطيع أن تؤكد لي بأنك فعلا تكتفي بزوجتك و لا تخونها مع أخريات؟
قال المسيحي: بصراحة لا، فأنا حتى الآن لي صديقات ألتقيهن من حين لآخر و أختلي بهن.
فرد الشيخ المسلم: ما الفرق بيننا و بينكم؟؟؟؟
أنتم تريدونها خليلة و نحن نريدها حليلة.
و أنا سأحرج أصدقائي المتزوجين بسؤال صريح، حتى الذين لا يعددون و لا يخونون، هل أنتم فعلا تكتفون بزوجة واحدة؟؟؟ لو كنتم صرحاء ستجيبون بالنفي. معلوم أن الرجل نفسانيا لا يكتفي بزوجة واحدة. المرأة تحيض و تنفس و تمرض و تضجر من الجماع و بعد الحمل و الولادة تصاب بالبرود العاطفي و يصبح اهتمامها بالأسرة و الأولاد مقدم على الزوج. و تهجر المرآة و تقاطع أدوات الزينة إلا حين تريد الخروج من بيتها. و دعوني أهمس في آذان الرجال بحقيقة لا ينكرونها. بعد سنوات من الزواج أنتم تجدون أنفسكم في أتم الإستعداد بل أن البعض تكبر شهوته في الجماع و تزيد رغبته و يقوى الجهاز الذكوري عنده بفعل الممارسة. و لكن واقع الحال بخلاف ذلك لدى النساء و لا يحتاج الأمر إلى مزيد من التفصيل و أنتم لا يعوزكم الفهم....
فكفانا مكابرة و تنكرا للفطرة. و لنعد الأمور لنصابها و ونترك للعباد الحرية في اختيار نمط حياتهم فلا مجال اليوم لأي نوع من الإكراه أو الوصاية تحت أي اسم أو شعار. و أنا شخصيا أرى أن مسألة مراجعة الفصل 18 من مجلة الأحوال الشخصية باتت متأكدة و قد آن الأوان للشعب بأن يقول كلمته و يختار ما يلائمه بكل حرية بعيدا عن التجاذبات السياسية و النقاشات البيزنطية المفرغة من كل محتوى سوى المتاجرة بالشعارات الجوفاء لغايات ضيقة. و نحن قد جربنا أو جرب علينا التوحد نصف قرن من الزمن فلم نجن سوى الفساد و الرذيلة و التفكك الأسري و طابور من العانسات و أبناء الزنى و النساء العزبوات.....فما يضير لو جربنا التعدد في زمن التعدد و الحرية....
Comments
44 de 44 commentaires pour l'article 54176