هل أتاك حديث المتطاوسين؟

بقلم الأستاذ أبولبابة سالم
إذا سمعتهم تسمع عجبا , و إذا أبصرت تصرّفاتهم تندهش لتعاليهم و قلّة تواضعهم , يتحدّثون و كأنّ الله جمع فيهم المعاني كما يقول المتنبي .فاجأنا السيد سمير بالطيب عضو المجلس الوطني التأسيسي عن القطب الحداثي و حركة التجديد تحديدا برفضه تعويض السجناء السياسيين عن فترة السجن و التعذيب و التشريد و رحلة العذاب التي كان ضحيّتها آلاف التونسيين من مختلف الإتجاهات السياسية و يشكّل سجناء حركة النهضة الثقل الأبرز في هذا المجال فقد كانوا يعيشون محرقة حقيقية ذاقوا فيها مع عائلاتهم ألوانا من العذاب تعجز اللغة و تأبى الألسنة عن ذكره ووصفه , إنها جرائم تقشعرّ منها الأبدان بما فيها من امتهان للكرامة البشرية وصلت حدّ اغتصاب زوجة أحد المعتقلين أمام زوجها في زنزانات الداخلية الموحشة في أفضع صور التدمير النفسي قبل الجسدي , دون الحديث عمّن استشهد تحت التعذيب أو من توفّي ذويه كمدا و حسرة و لوعة وهو يتابع فلذة كبده يواجه آلة العسف و القمع و الإرهاب بلا نصير إلا من بعض شرفاء الوطن من الحقوقيين .
إذا سمعتهم تسمع عجبا , و إذا أبصرت تصرّفاتهم تندهش لتعاليهم و قلّة تواضعهم , يتحدّثون و كأنّ الله جمع فيهم المعاني كما يقول المتنبي .فاجأنا السيد سمير بالطيب عضو المجلس الوطني التأسيسي عن القطب الحداثي و حركة التجديد تحديدا برفضه تعويض السجناء السياسيين عن فترة السجن و التعذيب و التشريد و رحلة العذاب التي كان ضحيّتها آلاف التونسيين من مختلف الإتجاهات السياسية و يشكّل سجناء حركة النهضة الثقل الأبرز في هذا المجال فقد كانوا يعيشون محرقة حقيقية ذاقوا فيها مع عائلاتهم ألوانا من العذاب تعجز اللغة و تأبى الألسنة عن ذكره ووصفه , إنها جرائم تقشعرّ منها الأبدان بما فيها من امتهان للكرامة البشرية وصلت حدّ اغتصاب زوجة أحد المعتقلين أمام زوجها في زنزانات الداخلية الموحشة في أفضع صور التدمير النفسي قبل الجسدي , دون الحديث عمّن استشهد تحت التعذيب أو من توفّي ذويه كمدا و حسرة و لوعة وهو يتابع فلذة كبده يواجه آلة العسف و القمع و الإرهاب بلا نصير إلا من بعض شرفاء الوطن من الحقوقيين .

إنّ قضاء يوم واحد في أقبية الداخلية و جلاّديها لا تعوّضه كنوز الدنيا و لا يقدّر حجمه و قيمته إلا من عاشه أو من يرقب من فوق سبع سماوات نضالات أجيال حرم منها هذا الوطن .يطلب سمير بالطيب من هؤلاء أن يطالبوا بن علي بالتعويض و ليس الدولة التونسية , ما هذا التردّي الأخلاقي في الخطاب السياسي, هل بلغ العداء لدى هؤلاء إلى هذا الحدّ مع شركائهم في الوطن , إنّ هذه اللغة المتعالية نابعة من خطاب إقصائي و فكر يعتبر المنافسين السياسيين لمن صنّفوا أنفسهم حداثيين و لم يثبتوا لنا حداثتهم المزعومة في السلوك و الممارسة . هو و أمثاله يرى في خصومه الإيديولوجيين مجرد ضيوف فى هذا الوطن يمنّ عليهم بما يراه ملائما ووفق ما يرضاه . لا تحسبوا القطبي سمير بالطيب جاهلا بالقانون فهو أستاذ قانون و يدرك معنى العفو التشريعي العام . فالدولة عندما تعوّض و يسترجع الإنسان حقوقه التي سلبت منه عن سنوات الحرمان في الوقت الذي كان هو يتمتع بالترقيات و السفر دون قيود لأنه لا يشكل أي إزعاج لنظام المخلوع بل كان حزبه يتمتع ب90 ألف دينار كمنحة سنوية من الدولة , فإنها بهذا السلوك تعتذر لمن اضطهد وهي رسالة للمستقبل حتّى لا تتكرر هذه المظالم . و لا ننسى أن السيد سمير بالطيب احتج مرّة على نوع العشاء بكثير من العجرفة . إنّه يفتقد أول صفة للسياسي الناجح وهي التواضع , قال تعالى : و عباد الرحمان الذين يمشون على الأرض هونا {متواضعين}و إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما .فأين أنت من هذا و لولا الكسور الإنتخابيّة لما كنت في ذلك المنصب و لكنّها لعبة كواليس السياسية .

أما الشكل الآخر للإستعلاء فنجده عند نجوم جدد صنعهم إعلام لم تدركه الثورة حيث يتابع المهتمون بالشأن السياسي تعدد الإطلالات الإعلامية للسيدين عبد العزيز المزوغي و شكري بالعيد , أما الأول فتشمئزّ من لغته و سلاطة لسانه و قلّة احترامه لخصومه السياسيين ولم يستفد من دروس الإنتخابات .أما الثاني فكثرة حضوره في أغلب البرامج تثير التساؤل , فهو لا يمثل المعارضة { مقعدين في المجلس التأسيسي} و يشارك في المنابر الحوارية معتبرا نفسه طرفا قويا في مواجهة السلطة المنتخبة فكان الأجدى لمن يدير الحوار و يعدّه { و تلك من مصائب و خبث من يسهرون على تلك المنابر}أن يستدعي القوة الثانية التي لها وزن حقيقي في المعارضة .أما إدارة حوار بين ممثلي الحكومة و رموز اليسار الستاليني المتطرف فلا يقدم فائدة للمشاهد الذي لن يرى غير صراع كصراع الديكة لأنّ هناك تناقض جوهري بين مشروعين أحدهما إقصائي إستئصالي غير واقعي , فهل شاهد أحدكم في القنوات الفرنسية من يستدعي ماري لوبان زعيمة أقصى اليمين لمناقشة الشأن الإقتصادي مع رئيس الوزراء الفرنسي,طبعا لا بل يقع استدعاء ممثل الحزب الإشتراكي لأنه يشكل حكومة الظل و المنافس الحقيقي للتنافس على الحكم .و الأدهى من ذلك أنّ شكري بالعيد يعطي الدروس و لا يقبل حتى بالتعايش مع خصومه الفكريين وهو من مقتضيات الحياة الديمقراطية الحقيقية.لم أسمع في حياتي في حزب ديمقراطي يحترم نفسه و مناضليه يفشل رئيسه شخصيا في الإنتخابات يحافظ على موقعه بل حتّى محاولات التوحيد مع الأطراف القريبة منه باءت بالفشل بسبب الصراع على الزعامة لأنه لا توجد اختلافات فكرية أصلا.

إنّ الإعلام الرديء هو الذي سمح لأمثال هؤلاء بالتواجد في المشهد السياسي و كلاهما يكنّ عداوة غريبة و عجيبة للتيار الإسلامي و يحتجّون على مرجعيته الإسلامية و العربية التي هي قيم المجتمع و روح هذا الشعب , أما مرجعياتهم الماركسية اللينينية الستالينية و يمكن أن نزيدها أنور خوجة في ألبانيا و التي تخلّت عنها حتى الأحزاب الشيوعية الأوروبية بعد مراجعات عميقة فيعتبرونها من المقدسات . أما المقدّسات الإلهية فمرفوضة .
إنّ معركة الإعلام هي أم المعارك , و عند تطهيره فقط يمكن أن يستضيف من يفيد الناس لا من يصيبهم بوجع الرأس.
لأستاذ أبولبابة سالم
كاتب و محلل سياسي
Comments
102 de 102 commentaires pour l'article 49048