عندما يصبح تعليق المديونيّة مطلبا فرنسيا

<img src=http://www.babnet.net/images/7/jean-luc_melenchon.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم الأستاذ : أبولبابة سالم

في خضمّ الحملة الإنتخابية الرئاسية التي تعيشها فرنسا هذه الأيام ,طالب مرشح جبهة اليسار الفرنسي ''جون لوك ميلنشين'' في تجمع انتخابي كبير تعليق مديونية الشعب التونسي موضحا أن معظم الأموال التي كانت تدفعها الدول المانحة لتونس تذهب لعصابات الفساد المتنفّذة في البلاد و هذه الدول تدرك ذلك جيدا لأنها شديدة الإطلاع على ما يحصل فيها و تعلم كيفية التصرف في تلك الأموال فالغرب يتتبع كل مبلغ يتم صرفه .و قد ضخّت الدول الغربية و غيرها أموالا ضخمة في تونس بعد توقيع اتفاقية الشراكة بين تونس و الإتحاد الأوروبي سنة 1995 لغاية تأهيل الإقتصاد الوطني و تطوير قدرته التنافسية في الأسواق الأوروبية و العالمية إضافة إلى ما كان يتلقاه النظام من دعم سخي لقاء خدماته في المجال الأمني فقد وصف النظام البائد نفسه بالحصن المنيع أمام قوى التطرف و الإرهاب وهو ما جعله يبتز الدوائر المالية المؤثرة حتى تنساب الهبات و التشجيعات .و بملاحظة بسيطة وردت في إحدى المجلات الأوروبية المتخصصة التي أكدت أنه لو وقع استغلال تلك الأموال للأهداف المعلنة في المجال الإقتصادي لتغير وجه البلاد لأن دوائر القرار في الغرب راهنوا على تونس من دول جنوب المتوسط بحكم موقعها و حجمها لجعلها نموذجا قابلا للتسويق في المنطقة العربية و لكن مافيا الفساد و الجشع و قانون الغاب و سيطرة العائلة الحاكمة و المتنفذين على المفاصل الحيوية للإقتصاد الوطني جعل كل تلك التحويلات تذهب إلى جيوب مافيا الفساد الذين طغوا في البلاد فازداد الفقير فقرا و زاد الغني ثراءا, و مما زاد من حجم الكارثة طبيعة الخيارات الإقتصادية التي أدت إلى الهاوية كالخوصصة و دخول العولمة الإقتصادية دون حماية للمنتوج الوطني ودون الإعداد الجيد لبنية إقتصادية قوية تستجيب للمنافسة الشرسة مع قوى عالمية عملاقة .





هذه الدعوة التي نادى بها مرشح جبهة اليسار الفرنسي يمكن التفاعل معها و البناء عليها و استغلالها لمصلحة بلادنا التي تعاني من تبعات سداد تلك الديون و التي أرهقت ميزانية الدولة خاصة أن تونس تمر بمرحلة انتقالية حرجة جدا على المستوى الإقتصادي يصبح فيها التوفيق بين الوفاء بتلك الإلتزامات الخارجية و الإستجابة للحاجيات الحارقة التي ينتظرها آلاف الشباب المعطل عن العمل و تحقيق أهداف الثورة الإجتماعية و الإقتصادية و التي تشكل أولوية مطلقة أمرا مستحيلا .فبلادنا تعيش بعد ثورة عصفت بنظام همّش جهات عديدة و ساهم بخياراته الخاطئة في ازدياد نسبة الفقر و البطالة فكان هؤلاء وقود الثورة التي حطمت قوى العسف و الإستغلال , إنها ثورة على النمط الإقتصادي و القهر الإجتماعي و مطالبة بالعيش الكريم لذلك وصفت بثورة الحرية و الكرامة , فلا كرامة دون شغل و ضمان حق الصحة للجميع حتى لا يحرم تونسي من حق العلاج بسبب ظروفه المادية . لقد اكتشف التونسيون حجم الهوّة بين جهات البلاد و اكتشفوا مناطق تفتقر لأبسط الضروريات مما يستوجب الشروع فورا في مدّ الطرقات و السكك الحديدية و جعلها ورشة عمل دائمة لإلحاقها بقطار التنمية إضافة إلى مباشرة انجاز المشاريع الفلاحية والصناعية والصحية و التعليمية لتحقيق مطالب الثورة العاجلة دون التعلل بالبيروقراطية المقيتة التي تتعلل بها الحكومة اليوم فحكومة الثورة ينبغي أن تقطع مع كل المعوقات فمنطق الثورة هو التغيير الجذري للأوضاع الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية .
إنّ مئات المليارات التي تدفع من خزينة الدولة دوريّا لسداد تلك الديون يشكل عبئا كبيرا في الظروف الراهنة وهذا محل تفهّم من عديد الدوائر العالمية المؤثرة التي تريد مساعدة بلادنا في هذا التحول التاريخي الذي تعيشه و هو وضع استثنائي لأن عجلة الإنتاج لا تشتغل بالشكل العادي فنحن لسنا دولة نفطية . إن تعليق المديونية لن يؤثر على صورة تونس في المؤسسات المالية العالمية في المستقبل فلسنا أول من يطالب بهذا الأمر فقد تبنّته دول أخرى في أمركا اللاتينية حصلت بها ثورات حيث طلبت من دائنيها تعليق ذلك الإستحقاق لمدة ثلاثة سنوات و هي اليوم تعيش انتعاشا اقتصاديا بعد زوال الفترة الإنتقالية فللثورة موجباتها أيضا . إنّ الإعتصامات و قطع الطرقات و كل مظاهر الحراك الإجتماعي يعطل عملية الإنتاج و يسبّب خسائر فادحة للإقتصاد الوطني وهو أمر لا شك فيه و لكن ذلك يؤكد أيضا أنّ الشباب الذين قاموا بالثورة يريدون أن تتحقق مطالبهم الملحّة لأنهم ملّوا الإنتظار .قد تكون الإستجابة لكل الطلبات أمرا مستحيلا و لكن تلك الوعود البراقة يريدونها أن تبدأ في التحقق على الأرض و لو نسبيا و لا يكون ذلك إلا بتحويل تلك الإعتمادات الضخمة الموجهة لخلاص الديون إلى المناطق التي انطلقت منها الثورة و التي لازالت إلى اليوم دون غيرها تشهد اضطرابات لا تهدأ حتى تشتعل من جديد , فرؤية حركة البناء على الأرض كفيلة بإعطاء رسالة طمأنة إلى تلك المناطق بأنهم في صلب اهتمامات الدولة .

إن ارتفاع الأصوات المنادية داخل تونس باعتماد هذا التوجه و الذي عبّر عنه في أكثر من مناسبة السيد حمة الهمامي من أجل التعامل بما تتطلبه دقة المرحلة بتحدياتها العديدة و الإستجابة للمطالب العاجلة لإنتظارات المواطنين و عدم إثقال ميزانية الدولة بأعباء ثقيلة في ظرف حرج قد يشكل مخرجا لإنعاش الإقتصاد الوطني بمواردنا الذاتية عوض انتظار استثمارات أجنبية قد طال انتظارها . و شكرا للسيد جون لوك ميلنشين الذي فكّر في مصلحة الشعب التونسي و قدّم هدية لحكومتنا نرجو ألاّ ترفضها من أجل تونس.
الأستاذ أبولبابة سالم
كاتب و محلل سياسي


Comments


19 de 19 commentaires pour l'article 48916

Tunisia  (France)  |Samedi 28 Avril 2012 à 22:51           
لست شيوعية ولا أحبها لكني أوحي جون لوك ميلنشن علي هذه المبادرة ونحن متعويدين علي تصريحات ميلنش النارية وجراته في الكلام وليس هناك أي وجه مقارنة بيحما الهمامي الذي يحرض علي البلبلة والذي حصل في 9 أفريل خير دليل علي ذلك وملنشن رغم خسارته في الأنتخابات إلا أنه خاطب مناصريه بل لشعب الفرنسي بان يواصلو عملهم ويتقنوه لخدمة بلدهم وأن يدلوا باصواتهم في الجولة الثانية من الأنتخابات إلي اليسار بزعامة هولاند وهذه الوطنية
التي نفتقدها في نخبة المعارضة التي تلهث وراء سدة الحكم ولا يهمها الوطن الذي تركه بن علي خراب والشعب الذي ترثي حالته

Vieux960  (France)  |Samedi 28 Avril 2012 à 16:24           
Babnet a bloquer le vote pour c. monsieur.
mais en peu voter pour les articles de m. guannouchi

Kairouan  (Qatar)  |Samedi 28 Avril 2012 à 14:28           
Pour tous ceux qui ne veulent entendre que les critiques et memes les mensonges contre le gounernement et surtout ennahdha , vous n'avez qu'a voire la tv7 violette, et laissez babnet pour ceux qui veulent entendre la verite rien que la verite de toutes les tendances politiques.

Tounis123  (Tunisia)  |Samedi 28 Avril 2012 à 13:01           
يا سي بولبابة يجب أن تكون يسارياً متطرفاً لتصبح صادقاً و بطلاً و تصبح تعاليقك
رائعة و ممتازة


Tounis123  (Tunisia)  |Samedi 28 Avril 2012 à 12:55           
التعصب لليسار المتطرف الفاشل في التعاليق التالية :

tiens pour une fois que ce mr boulbaba dise un mot de verite sur l opposition ou si vous voulez la gauche

enfin quelque chose digne d'etre lu

hallelujah, alhamdou lillah, enfin un article non partisan où la vraie analyse l'emporte sur la propagande

je préfère ce genre d'analyse à tout ce que vous avez développé jusqu'à maintenant

très bon article,il faut d'autres !!! merci pour l'auteur


Hemida  (Tunisia)  |Samedi 28 Avril 2012 à 12:36           
Ces declarations n'ont aucun impact positif sur la tunisie etant donne que ce candidat n'est pas un poids lourd dans le paysage politique francais , mais il faut garder quand meme l'espoir.

Tounis123  (Tunisia)  |Samedi 28 Avril 2012 à 12:13           
الإشتراكية أخذت شيئاً من الاسلام و تركت أشياء أخرى
الرأسمالية أخذت شيئاً من الاسلام و تركت أشياء أخرى

لو كانت الاشتراكية تنفع ، لنفعت الإتحاد السوفياتي و منعته من السقوط
و لو كانت الرأسمالية تنفع ، لنفعت الغرب ، الولايات المتحدة و أوروبا من الأزمات
الإقتصادية الخانقة التي تعصف بها و بمجتمعاتها

لقد بدأ العالم يفهم أن إعتماد الإقتصاد الاسلامي هو الحل الوحيد و الأنسب هذه الأيام
لأن الاسلام يحرم الربا و السرقات و الرشوة ، التي تساهم في تضخيم ثروات الأغنياء
و مزيد تفقير الفقراء

و من الناحية الاخرى ، الاسلام ينظم قوانين الضرائب و الدفوعات لعدم إضاعة
حقوق الدولة لتسيير أمورها اليومية و خاصة إعتماد نظام الصدقات الجارية و الزكاة
لضمان حقوق الفقراء في العيش الكريم

نحن لنا كنز عظيم لم نعرف قيمته و لم نستفد منه بعد
صندوق الكنز هو الإسلام
مفتاح الكنز هو القرآن و السنة
قفل الكنز هو التردد و الخوف من الغرب



Forama  (Tunisia)  |Samedi 28 Avril 2012 à 11:49 | par             
Etonnant de la part de boulbaba, c pas son habitude

Forama  (Tunisia)  |Samedi 28 Avril 2012 à 11:49 | par             
Etonnant de la part de boulbaba, c pas son habitude

Ballouchi  (France)  |Samedi 28 Avril 2012 à 11:48           
Très bon article,il faut d'autres !!! merci pour l'auteur

Tounis123  (Tunisia)  |Samedi 28 Avril 2012 à 11:38           
الإشتراكية أخذت شيئاً من الاسلام و تركت أشياء أخرى
الرأسمالية أخذت شيئاً من الاسلام و تركت أشياء أخرى

لو كانت الاشتراكية تنفع ، لنفعت الإتحاد السوفياتي و منعته من السقوط
و لو كانت الرأسمالية تنفع ، لنفعت الغرب ، الولايات المتحدة و أوروبا من الأزمات
الإقتصادية الخانقة التي تعصف بها و بمجتمعاتها

لقد بدأ العالم يفهم أن إعتماد الإقتصاد الاسلامي هو الحل الوحيد و الأنسب هذه الأيام
لأن الاسلام يحرم الربا و السرقات و الرشوة ، التي تساهم في تضخيم ثروات الأغنياء
و مزيد تفقير الفقراء

و من الناحية الاخرى ، الاسلام ينظم قوانين الضرائب و الدفوعات لعدم إضاعة
حقوق الدولة لتسيير أمورها اليومية و خاصة إعتماد نظام الصدقات الجارية و الزكاة
لضمان حقوق الفقراء في العيش الكريم

Tounis123  (Tunisia)  |Samedi 28 Avril 2012 à 11:08           
لا يسار متطرف و لا يمين متطرف
الاسلام الوسطي هو الحل الأنسب

Nasser  (Tunisia)  |Samedi 28 Avril 2012 à 10:23           
في انتظار حزب في قطر يطالب بإلغاء ديون تونس

   (Tunisia)  |Samedi 28 Avril 2012 à 09:55           
Laisse moi rigoler. ce candidat représente le pcf (7à 8%) et c'est normal qu'il défend la ligne de conduite impérialiste. si tu paies pas tes dettes sans l'accord des créanciers, on saisira tes biens à l'étranger et tes navires et tes avions, etc..et pour les importations on va exiger du cash sonnant et trébuchant et l'etat et les banques et la bct n'auront plus aucun crédit et on trouvera aucun pour nous prêter. ceci en dehors des autres
pénalités..comme le coût des importations et des assurances..et la dégradation de la notation du pays. c'est ce que veut les ignares comme ce boulbaba?

Leila  (Tunisia)  |Samedi 28 Avril 2012 à 09:42           
Un article intéressant... enfin si boulbèba!

Ridha_E  (France)  |Samedi 28 Avril 2012 à 09:28           
Hallelujah, alhamdou lillah, enfin un article non partisan où la vraie analyse l'emporte sur la propagande.
hamma n'est plus celui qui met les bâtons dans les roues ! et la gauche peut avoir un cerveau : c'est un miracle.

je préfère ce genre d'analyse à tout ce que vous avez développé jusqu'à maintenant.

si vous pouvez aider zitouni et le porte parole d'ennahdha à retrouver le chemin de la raison, de l'état et de la responsabilité, je vous serai éternellement reconnaissant.

Bellagha2000  (Canada)  |Samedi 28 Avril 2012 à 08:43           
C'est abou loubaba salem???
enfin quelque chose digne d'etre lu.eeeeeet saluer.

MOUSALIM  (Tunisia)  |Samedi 28 Avril 2012 à 06:26           
لو نجح اليسار في فرنسا سيدفعنا لتعديل الكفة بتعويض المرزوقي بحمة الهمامي وهي الثغرة التي بقيت في الرئاسات المثلثة لتمثيل كل الاتجاهات في الحكم وينصرف الجميع للبناء بدل افتعال صراعات وهمية تكبل الشعب عن السير نحو غد افضل لان العمل الجماعي يلقي بآثاره خارج الحدود ويظهر تونس كبلد متماسك لكل ابنائه وقيادة جماعية متوازنة تعمل بالجميع لصالح الجميع بتوافق وتكامل يستحق ان يكون مثالا فريدا يقتدى به في الديموقراطيات الناشئة ويؤسس لنظام جماعي فريد.

Leraisonnable  (Tunisia)  |Vendredi 27 Avril 2012 à 23:49           
Tiens pour une fois que ce mr boulbaba dise un mot de verite sur l opposition ou si vous voulez la gauche . sachez mr boulbaba que nous aimons tous notre pays autant que vous sinon plus.


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female