حي النصر... أعجوبة العصر

سمير الوافي
الصريح
الصريح
قتلو الشجر وزرعوا الحجر..
..هكذا بنوا حي النصر.. مكان كل شجرة كانت هناك زرعوا جدارا .. فتحولت الغابة الخضراء المنعشة.. إلى غابة إسمنتية خانقة ..ولا شيء ضل أخضر هناك.. فكل ما هو أخضر.. قتلته اللهفة على المال.. على الكسب


.. الناس هنا عرضة وفريسة للاكتئاب.. في تلك العلب الإسمنتية الضيقة.. المتراصفة بلا ذوق ولا نضام .. انه حي الاسمنت الكئيب.. حين بنوه.. أرادوه هكذا .. بلا أي غصن شجرة.. بلا أي حديقة خضراء منعشة.. بلا مساحات للروح وللقلب وللتنفس.. فكل متر بثمنه الخيالي.. وكل فلاح كان هنا عوضه مقاول.. وكل شجرة عوضها جدار.. وما زال الاسمنت يتمدد.. ويأكل مساحات أخرى .. وكل يوم علبة اسمنت جديدة..ليغلقها الإنسان على نفسه.. وتزيد كثرة المقاهي في تعكير الأحوال.. وتعقيد الحركة هنا.. المقهى هو مشروع العمر والعصر هنا .. لذلك نجد بين المقهى والمقهى مقهى آخر.. ويستطيع النادل أن يتجول في بيتك إن أردت.. افتح شباكك واطلب كوب قهوة أو شاي.. سيجيبك مائة نادل..
وإذا طبقنا مواصفات الحي الفوضوي.. فان حي النصر هو المثال.. فيه تلك المواصفات.. وفيه كل الألوان إلا اللون الأخضر.. لون الحياة..
حي النصر مثال معماري فاشل.. لا يجب أن يكون قدوة.. ولا ينبغي تقليده.. فالفوضى التي فيه والحرب على الأخضر لصالح اليابس .. وتكاثر المقاهي في كل قاراج وركن وزاوية وحديقة وباركينغ.. واختناق الأطفال.. في غابة إسمنتية.. والضوضاء التي لا تسكن ولا تهدأ.. كلها ظروف وعوامل تجعل من حي النصر.. أعجوبة العصر..
أشتاق إلى رؤية شجرة.. أو وردة.. في شوارع حي النصر..
Comments
24 de 24 commentaires pour l'article 15610