«رابعة حنبعل: شيبوب يدعم رياضة سوق المنافسة، وبسيّس ينتصر الى «كرة الزواولة

<img src=http://www.babnet.net/images/3/bsais.jpg width=100 align=left border=0>


في كثير من الأحيان لا أجد فرقا كبيرا بين عبارتي «المواطن» و «المتفرّج» لأسباب عديدة ليس هذا الفضاء المكان المناسب لتحديدها وشرحها وتفصيلها، لكني أستسمح القرّاء الكرام بأن يتفهّموا دوافع استعمالي لعبارتي مواطن ومتفرج كمرادفين.

«المواطن ـ المتفرج» لم يهجر في نظري القنوات التلفزيونية التونسية وإنما هجر الرداءات التي كثيرا ما تقدمها هذه القنوات، بالاضافة الى العزوف عن البرامج التي لا يجد المواطن فيها نفسه لاعتمادها لغة غريبة عنه، الهدف منها تغطية الحقائق (بمعنى إخفائها) عوضا عن القيام بتغطيتها إعلاميا (بمعنى الكشف عنها وتقديمها).





ومن القرائن التي تدعم هذا الرأي، الصدى الطيب الذي تركته الحلقة الاخيرة من برنامج «... الرابعة» الذي بثته قناة حنبعل هذا الاسبوع في 4 مناسبات ابتداء من مساء الثلاثاء.
تلك الحلقة التي أعدّها وقدمها الزميل عادل بوهلال كانت الاستثناء الجميل الذي أكد القاعدة... ويتمثل هذا الاستثناء الجميل في ترك آليات الحديث الخشبي والدعائي والموجّه خارج الاستوديو والتمسك بتسمية الاشياء بمسمياتها.

وإيمانا مني بأن «صاحب صنعتي» ليس عدوّا لي وإنما زميل نبيّن له مواطن الخلل إن وجدت ونبارك عمله إن أصاب، فإني أنوّه بجرأة عادل بوهلال في طرح موضوع الجهويات في الرياضة وتداعياتها وأسبابها، بالاضافة الى توفّقه في تجميع الضيوف الخمسة الذين كانوا ضمانة حقيقية لنجاح الحصة في شد المتفرج.
«الاستوديو الملكي» توسطه عادل بوهلال باعتباره منشطا للحصة إضافة الى برهان بسيس ونجيب الخويلدي (على يمينه) وسليم شيبوب وفتحي المولدي وعصام الشوالي (على يساره)، وقد كنت سعيدا للغاية لسيادة منطق الاختلاف طيلة الحصة حيث حاول كل ضيف أن يكون كما هو في الحقيقة وليس رجعا لصدى ما ينبعي أن يكون عليه أو مرددا لما ينبغي عليه قوله.
وبعيدا عن منطق الغالب والمغلوب لأن الحوار في نهاية المطاف هو قدح للرأي بالرأي وليس صراعا بين ديكة، يمكن القول بكثير من الاطمئنان أن المتفرجين تمكنوا من الوقوف على حقيقة مفادها أننا نستطيع أن نرى واقعنا بأعين مختلفة وبزوايا متعددة وبمقاربات متنوعة... فكل واحد منا يحب بلاده ويحب المنتخب ويحب فريقه، لكن كلّ على طريقته.


* بين شيبوب وبسيّس
مثلما أشرت آنفا، الحوار ليس صراع ديكة وتبادل الآراء لا يعني بالضرورة وجود غالب أو مغلوب، لكن بالرغم من ذلك لا يمكننا أن نغُض الطرف عن أن نجميْ الحصة الاساسيين كانا رئيس الترجي الرياضي الاسبق سليم شيبوب والمتحرك في الفضاء الاعلامي التونسي والعربي برهان بسيّس.
السيد سليم شيبوب برز برحابة صدر استثنائية من خلال تقبّله لكل السهام النقدية القادمة من السيدين بسيس ونجيب الخويلدي سواء حول رؤيته للرياضة أو طريقته في تسيير الترجي وتشكيك البعض في تتويجات فريقه فضلا عن تباين وجهات النظر حول الاسباب الحقيقية للجهويات في الرياضة وسبل معالجتها. الرئيس السابق للترجي الرياضي التونسي وعضو اللجنة التنفيذية للفيفا تحدث (سواء كان عن وعي وقصد أو عن غير صد) من موقع الرأسمالي المستفيد من الابعاد الرمزية للسلطة في مفهومها العام والشامل، ومن يتحدث من هذا الموقع لا يمكنه إلا النظر الى الرياضة كسوق تنافسية وصناعة تحرّكها المادة وباعتبارها كذلك أداة لابراز النجاحات وتقديم نماذج للنجاح من ناحية والمساهمة في ضمان الاستقرار الاجتماعي من ناحية أخرى.
شيبوب تساءل عما إذا كان النموذج الغربي للديمقراطية قابل للنجاح عندنا؟ وهو سؤال سمعناه في مناسبات عديدة في فضاءات أخرى مما يؤكد ما ذهبت اليه سابقا. كما أنه عبّر عن اعتزازه بتعصّبه لفريقه ودعا محبي الترجي وغيره لأن يحبّوا فريقهم بتعصّب لأن المحب متعصّب أو لا يكون بشرط ألاّ يكون التعصب مقترنا بكراهية الآخرين، في حين أن اللغة في حد ذاتها وعلم الاجتماع وعلم النفس تقول أن التعصب يفترض الكراهية حتما وبالضرورة!


* رياضة الزواولة
أما برهان بسيّس فقد اختار الوقوف الى جانب ما سماه بـ «رياضة الزواولة» مما دعا بقية الضيوف وخاصة شيبوب والشوالي الى الحفر في أساسيات خطابه وإرجاعه الى الفكر اليساري ومحاججته بفظاعات وإخلالات الاتحاد السوفياتي السابق.
إن أهم ما قام به برهان بسيس في الحلقة الاخيرة من «... الرابعة» هو الغوص في أعماق الرياضة باعتبارها ظاهرة اجتماعية مستنجدا بتخصصه الدراسي وبتجربته في العمل السياسي (انتماؤه لليسار على الاقل في مرحلة الدراسة الجامعية)، بالاضافة الى كشفه عما يمكن أن أسميه بـ «ما ورائيات الرياضة» وربطها بالراهن السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وبالنمط الثقافي الذي تعمل مختلف الاجهزة على ترويجه.
انتماء برهان بسيس رياضيا للنادي الافريقي هو انتماء وجودي على غرار الملايين من التونسيين كما جاء على لسانه، والكل على علم بالفوارق الدلالية بين الانتماء الوجودي والانتماء المتعصّب، وهنا تكمن أهمية التكوين الاكاديمي (علم الاجتماع) وقدرته على التمكين من استعمال العبارة المناسبة بالشكل والطريقة المناسبتين بعيدا عن السقوط في فخ التأويلات.

Me Fathi Mouldi et Issam Chawali



* إضافات نوعية
حضور الاستاذ فتحي المولدي لم يكن متوهّجا على غرار حضوره في برنامج «بالمكشوف» وهو أمر يمكن تفهّمه نظرا لاختلاف الفضاء واختلاف الضيوف أو المشاركين ونوعيتهم، وبالرغم من ذلك فإن مجمل تدخلاته كانت إضافة حقيقية للحوار خاصة عندما ربط الجهويات بالتفاوت بين الجهات على المستوى التنموي. وإني أستغل هذه الفرصة لأشير الى الاستاذ المولدي بأن عبارة «ظاهرة» لا تعني أنها الى زوال ولا تتعارض مع عبارة «واقع» ولنا في مفهوم الظاهرة في علم الاجتماع أفضل مرجع لتحديد المفاهيم.
أما الزميل نجيب الخويلدي فقد تميزت تدخلاته بالجرأة وبالدقة في نفس الوقت، في حين كان الزميل عصام الشوالي عنصر إضافة على مستوى سرد بعض المعطيات والوقائع وليس على مستوى عمق التحليل.

عبد السلام الزبيدي


lien vers vidéo de l'émission: http://www.hannibaltv.com.tn/visualise.php?emission=54&episode=497&ep=497&em=54


Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 13766


babnet
All Radio in One    
*.*.*
French Female