قضاء موزاييك .. في محاكمة الشرفاء

بقلم: شكري بن عيسى (*)
لقد اعفتنا البارحة على احد القنوات الفضائية الصحفية رنا الصبّاغ مديرة مركز اريج المتخصص في الاعلام الاستقصائي كل عناء للتعليق، لما عرّت في العمق اعلام الهشك بشك والتعليمات والشبكات الذي لا يزال متنفذا بقوة في الساحة. هذا الاعلام الذي همّش وشيطن كل ما قدمه موقع انكيفادا والصحفيين الاستقصائيين الذين قدموا للراي العام التونسي والعربي ملف بنما بايبرز في جزئه الخاص بتونس.
لقد اعفتنا البارحة على احد القنوات الفضائية الصحفية رنا الصبّاغ مديرة مركز اريج المتخصص في الاعلام الاستقصائي كل عناء للتعليق، لما عرّت في العمق اعلام الهشك بشك والتعليمات والشبكات الذي لا يزال متنفذا بقوة في الساحة. هذا الاعلام الذي همّش وشيطن كل ما قدمه موقع انكيفادا والصحفيين الاستقصائيين الذين قدموا للراي العام التونسي والعربي ملف بنما بايبرز في جزئه الخاص بتونس.
ولكن الزخم الذي لم ينته في فضاء الاعلام الذي يقصف آذاننا واعيننا كل ساعة ولا تكاد تنقطع صعقاته السمعية والبصرية، يدفعك للرد وتبيان كم الغالطات والاضاليل والتلويثات الصحفية، وخاصة لما ينصّب البعض انفسهم قضاة ويقيمون محكمة على جرف هار وتولي محاكمة الشرفاء دون صفة ولا اهلية ولا حجة ولا دليل كما حدث اليوم، في اذاعة احد المعنيين بالمصادرة، بتجريم القاضية المكلفة بملف المصادرة.
القاضية الفاضلة السيدة ليلى عبيد وقد واجهت مع زوجها الشريف القاضي المناضل أحمد الرحموني عتاة الدكتاتورية لما كان صحفيو الاذاعة المعنية لا يذيعون الا الاغاني والديديكاس و توجيهات سيادته ، واليوم يواجهون بقايا ونسخ الاستبداد والفساد ويقاومون ممارساتهم المخالفة للقانون والمنتهكة للحقوق والحريات، السيدة عبيد ليست في حاجة لمن يدافع عنها شخصيا ولا عن موقفها ولا عن احكامها او تحركاتها الاعلامية فهي دقيقة ومؤسسة ويكفيها انها خرجت بشجاعة وكشفت المستور لما خرس الكثيرون ولما انتشر طاعون النفاق والتملق في الساحتين السياسية والاعلامية.
فقط ما اضطرنا لتحبير هذه الكلمات هو تذكير بعض طلبتنا من صحفيي المستقبل وبعض اعلاميينا ببعض القواعد واصول الصحافة وحتى لا يترك الطير يغني وجناحو يرد عليه فيحسب من لا اطلاع له بمجال الاعلام انه يغني بحق وانه شحرور الغابة. اولا ما يجب التنويه به هو ان اعلامنا تقريبا هو الوحيد في العالم الذي شكك وشيطن الصحفيين والموقع الاعلامي المخول بنشر وثائق بنما وغيّب بل عوّم القضية الاصلية واخذ يناقش ترتيب النشر و توقيت النشر ، ثانيا ايضا اعلامنا هو الوحيد الذي يهمل خبر تعطيل الرئاسة والضابطة العدلية لحكم قضائي وينتصب محكمة متهاوية الاسس لادانة قاضية وطنية شريفة تدافع عن قضية وطنية.

المجموعة وهذا فعلا مخجل (ولا نريد ان نقول كلاما آخر يعطي التوصيف الحقيقي) انبرت تحاكم القاضية ليلى عبيد على خروجها على واجب التحفظ و خروجها على واجب الحياد و تسييسها القضية ولم يعنهم من الخبر شيئا والحال ان الاعلام اساسا ما يهمه بدرجة اولى هو الحقيقة والخبر الذي يرتقي الى مرتبة المقدس، وفي بعض الحالات في الاعلام الاستقصائي يصل ببعض الصحفيين الى ارتكاب بعض الجرائم بالدخول في حروب او في تجارة ممنوعة مثل المخدرات او الاسلحة او الكنترا او حتى مع المافيا لكشف الحقيقة التي تظل مسعى ومبتغى كل صحفي.
وطبعا مع الفارق السيدة ليلى عبيد من صميم صلاحياتها ان تثير عدم تنفيذ حكم قضائي تمت عرقلة تنفيذه من سلطة سيادية ومن ضابطة عدلية، وهي المؤتمنة على علوية القانون وهي التي يهمها ان ينفذ الحكم القضائي الذي يصدر باسم الشعب وبالتالي فهي تدافع على سيادة القانون كما تدافع في نفس الوقت على سيادة الشعب، كما انها تتصدى بصفتها الحقوقية الى كل اشكال الافلات من العقاب وتواجه كل اشكال المحسوبية والاستنسابية، وما آثرت ربما ان لا تصرح به للعلن هو تدخل دولة اجنبية كان يقيم بها احد المعنيين بالمصادرة لحمايته.
القاضية الشريفة بنضاليتها العالية ونضاليتة عائلتها الراسخة هزتها الحمية للدفاع عن المصلحة الوطنية واستخلاص المال العام الذي هي مكلفة لحفظه وصيانتها، والمصادرة هي احد استحقاقات الثورة لتحقيق العدالة وتحقيق التوزيع العادل للثروة وجبر الضرر الذي لحق بكل الشعب ورد اعتباره، وبالتالي فهي ايضا دافعت عن اهداف الثورة بل تشبثت بطبيقها وترسيخها وهي كذلك كشفت حقيقة للشعب المعني بهذا الاستحقاق وهو لعمري هدف نبيل ليس اعلى منه هدف وزيادة فقد دفعت عنها شبهة ان يقع تأويل عدم تنفيد الحكم بتعطيله من طرفها في وقت اختلط فيه الحابل بالنابل واصبح لا يروّج الا الاشاعات والتشويه.
نحن نحيي بقوة القاضية المحترمة ونسندها في كشفها الحقيقة ودفاعها عن العدالة وذودها عن الحفاظ عن المال العام وتشبثها بتحقيق اهداف ثورة الشعب الذي ضحى وحرصها على دفع الشبهات عن نفسها، واتهامها الرئاسة اثبته عدم تنفيذ الحكم وخروج رؤساء مراكز الجهات المعنية بالتنفيذ في اجازات مرضية واضحة الهدف، وهو الامر الذي داسه من نصبوا انفسهم قضاة (في محاكمة ستالينية دون ضمان حقوق الدفاع المستوجبة ودون احترام قواعد القضاء) ولم يشهّروا به ولم يناقشوه وانبروا يكيلوا التهم جزافا الى حد الادانة بتسييس القضية.
لم يقدم واحد منهم دليلا واحدا على التسييس وهذا يكفي لبيان خرق القواعد الصحفية المهنية الجسيم ان لم يكن الانتصاب لفائدة الغير في مهمة واضحة المعالم لمن يعرف ارتباط الخيوط وتفرعات الشبكة، وفعلا لا يزال جزء من الاعلام ينزل الى ما تحت القاع الذي باح لنا بمشهد مزدحم غاية في الرداءة ونسمو بانفسنا عن توصيفه الدقيق احتراما لبعض الشرفاء الذين لا يزالون في قيادة المشهد للدفاع عن الحقيقة وحرية التعبير وقواعد الاعلام النزيه.
(*) باحث قانوني وناشط حقوقي
Comments
5 de 5 commentaires pour l'article 123691