دون ان يزمجر الامريكي.. يرتعش الصيد

<img src=http://www.babnet.net/images/1b/benissaa1040.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم: شكري بن عيسى (*)

ليس لانه يحمل معي نفس اللقب سانتقده باقل حدة من المعتاد، بل لانه شخصية اشكالية يصعب الغور في اطرافها لندرة المعطيات في الصدد، ما يستوجب التحفظ، ولكن لن يمنع الغور في اعماق الاقالة التي تلفها الضبابية.





والحقيقة ان الامر يتجاوز الشخص الى ظاهرة اكثر تعقيد، فكل الناس تقريبا تفاجؤوا بعملية الاعفاء وتوقيتها، وشح التفاصيل حول اسبابها، ولكن جملة من الاحداث المتناقضة سبقت اعلان الاعفاء عمقت الغموض، زادتها تصريحات الوزير المقال حول مشروع قانون المجلس الاعلى للقضاء التباسا.

آخر حدث لوزير العدل تعلق بشجبه وادانته الصريحة لما اعتبره استفزاز ، و تدخل السفير الامريكي في السيادة الداخلية ، حول مشروع قانون الاتجار بالبشر.

وقبل ذلك كان موقفه حول الفصل 230 من المجلة الجزائية المتعلق بجريمة اللواط، وطلبه الغاء العقوبة، الامر الذي استدعى تعليق السبسي في الامر في مصر ردا على صحفية بان ما علق به الوزير لا يلزم الا نفسه .

ولكن قبل ذلك بمدة موقفه وما انتهجه وشرع فيه في تحوير القانون المتعلق بالمخدرات فيما يخص الزطلة ، في اتجاه الغاء العقوبة البدنية، والتجريم بشكل عام.

ما يستوجب التعليق ان بن عيسى احد الاكاديميين المرموقين في القانون الاداري، والعميد السابق في كلية العلوم القانونية، هو مثل اغلب اساتذة هذه الكلية وخاصة مجموعة بن عاشور مرتبطين بصفة كبرى بالتيار الفرونكوفيلي في تونس، وهو من مجموعة المسار الموسعة.

وما ربما نسيه البعض انه شغل كاتب عام في حكومة السبسي بعد 14 جانفي، وكان احد ابرز مهندسي هيئة عياض بن عاشور طويلة الاسم للانقلاب على الثورة، ولعب دورا محوريا في افراغ لجنة حماية الثورة التي انشأت بعد الثورة من كل صلاحية، وكان في الجبهة المناهضة للثورة وداخل مشروعها الانقلابي بامتياز، وهو ما جعل السبسي يكافأه بوزارة العدل على اعماله الجليلة .

البعض فسر الاقالة بوجود ضغط امريكي على خلفية الموقف الحاد من السفير الامريكي في اطار وزن امريكا وضغطها لتأديب كل مناوىء او معارض، والبعض نفى ارتباط هذا الامر بالاقالة لترجيح غياب رد الفعل الارتجالي من الادارة الامريكية، ولكن الحقيقة لا يمكن عزل هذه الواقعة ذات الوزن الثقيل على عملية الطرد المهينة، والامريكي حتى دون ان يزمجر فالصيد والسبسي ترتعد فرائسهم لمجرد الحاق ابسط اذى باقل موظف فما بالك باهانة السفير الذي يمثل السيادة والاعتبار والسطوة الامريكية، واعلانها على الملأ.

وبالتالي فلا يمكن ان يكون بحال العزل غير مرتبط بواقعة السفير، ولا اصدق الحقيقة ان مسألة مشروع قانون المجلس الاعلى للقضاء هي السبب، فقد كان يمكن تجاوزها، هي صحيح اعتمدت كذريعة، ولكن هي ابعد ان تكون السبب الحقيقي خاصة من الصيد المحافظ ، الذي يخشى التغيير، خاصة بعد تصدع الحكومة اثر استقالة العكرمي، ومسعى بعض الندائيين لاسقاطها، وقد تكون الفخ الذي نصب من اجل ايجاد تخريجة للعزل ارضاء للامريكي.

بن عيسى سجل موقفا ايجابيا صحيح دفاعا عن السيادة الوطنية ووجه لطمة حادة للغطرسة الامريكية وهو امر يحيَّ عليه، ونباركه ونثني عليه مهما كان اختلافنا معه لان هذا الامر تقريبا نادر الى حد الاستحالة، ولكن ما لا يجب اهماله هو ارتباط الرجل بحزب فرنسا، وبالتالي فان الامر يظل اعرج طالما ان الموقف قد يكون مرتبطا بتبعية لجهة اخرى، فرنسا.

ما لا يجب تصديقه والقبول به ان العزل اخذ بعين الاعتبار موقف بن عيسى من قضية اللواط والفصل 230، فهذا ما لا يمكن تصوره في ظل حكومة لا تهمها الاعتبارات الاخلاقية، وهي اصلا مصادقة على اتفاقيات تتناقض والمرجعية الاسلامية، كما انها ترعى جمعية شمس وتحميها، وتتباهى في الخارج بذلك، ولا تنسوا ان اغلب الاتفاقيات والدعم والهبات من الخارج مرتبطة بحماية ما يسمى بالاقليات بما فيها بل خاصة اقليات الشذوذ، ولم يكن موقف السبسي في مصر في تسفيه بن عيسى الا تكتيكيا حتى ينفي عنه السقوط في الميوعة وهو الشيخ الحكيم ، الذي بلغ من العمر عتيا .

ما يجب التاكيد عليه في المحصلة ان حكومة الصيد فعلا وصلت الى اقصى مدى في سوء الادارة والتصرف، وآخرها التعيينات بالمحسوبية وخضوعا للضغوط في المعتمدين، التي كان من بينها الكلوشار وعساس مقر النداء واخ بن تيشة الذي لم يحز حتى الباكالوريا كما نشر في الاعلام، قبل ان تنفضح الامور فيعلن رئيس الحكومة طلب السير الذاتية.

الصيد ايضا يبرز ان السبسي هو الذي يعين ويقيل، لان طريقة الاقالة كانت بقلم الصيد ولكن ببصمة وقرار السبسي، وما يدل على ذلك هو تعيين وزير الدفاع مرجع نظر الرئيس في العدل بالنيابة، الامر الذي لا يمكن ان يكون الا بعد الضوء الاخضر للسبسي، وهو امر يزيد من الانشغال خاصة ان وزير الدفاع لا يمكن اغراقه في مستنقع العدل المتعفن هذه الايام، وهو المسؤول عن حماية البلاد والجبهات المشتعلة متعددة وكثيرة.

بقي امر يمكن ان يكون وراء الاقالة ايضا ولكن بشكل ثانوي لا غير، فالكثير نسي ارتباط المسألة بالهجمة التي شنتها هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ضد القضاء، وموقف بسمة الخلفاوي التي دعمت السبسي في الرئاسة ولازالت تنتظر رد الفضل ، فقد يكون القرار ايضا ارضاء لطلبها بعد ان رد عليها بن عيسى بانها خاطئة في موقفها، ولا غرابة في دولة يصبح فيها البلطجي معتمدا!!

(*) قانوني وناشط حقوقي




Comments


11 de 11 commentaires pour l'article 113787

Mandhouj  (France)  |Mercredi 21 Octobre 2015 à 17:52           
@ Kamelwww (France)
نعم أنت محق ، فالمشكلة هي في توجه كامل ، لا يتماشى و تأسيس تونس الجديدة ، لتكون و عاء للجميع .

Mandhouj  (France)  |Mercredi 21 Octobre 2015 à 17:49           
@ Barbarous (Tunisia)

نعم مثلك أعتقد أن الأمر نتيجة تراكمات كثيرة ، و رئيس الحكومة أراد أن يترك الوقت يفعل مفعوله ، لكن مع الأسف هذا النوع من التعاطي مع انزلاقات بعض الوزراء ، لا يخدم مصلحة البلاد في هذه المرحلة العويصة التي تمر بها البلاد إقتصاديا ، أمنيا و إجتماعيا.
تونس في حاجة إلى خريطة طريق واضحة الأهداف ، و أن تلك الأهداف تكون انجازات يلمسها الشعب عبر تحسن المعاش ، الأمن ، دراسة ابنائهم ، ...
هذا النوع من التعاطي الحكومي مع الأحداث جعلنا نتهم الحكومة بالرجوع إلى عهد الدكتاتورية ، و أن الصيد و احزاب الرباعي يبنون في دكتاتورية جديدة . و نحن كشعب محقين في شكنا .
تونس تمر بحالة لا تحسد عليها ، خاصة و هذه هي بعد ثورة و ما أفرزته من انفلاتات عدة ليس على المستوى الأمني فقط ، إذا فوجب علينا أن نكون أكثر لباقة سياسيا . فالديمقراطية لا تقتصر على معنى (الأغلبية ومعارضة )، نحن في مرحلة تأسيس لما بعد 60 سنة من الدكتاتورية ، و هذا يتطلب حوار و توافق لمدة عدة سنوات ، خاصة في القضايا الكبرى (الاصلاحات الهيكلية للمنظومة العمومية ، لما بقي عالق من المسار الإنتقالي كالعدالة الانتقالية ، المصالحة الوطنية ، المحكمة
الدستورية ).

نتمنى لتونس الخير .

Kamelwww  (France)  |Mercredi 21 Octobre 2015 à 12:58           
المشكلة ليست في هذا الوزير أو ذاك، الحكومة كلها فاشلة ولم تحقق شيئا على مستوى التشغيل ولا على غيره من المستويات. البطالة زادت والمستوى المعيشي تدهور والبترول مازال يسرق والفرنكفونيون يغربون الثقافة الوطنية ويستبدلون اللغة العربية بلغة أسيادهم والإعلام سقط في الحظيظ .... إذا المشكلة ليست في وزير واحد. بل في حكومة وحزب مخترقان من طرف التجمع " المنحل " .

Barbarous  (Tunisia)  |Mercredi 21 Octobre 2015 à 11:36           
لا أظن أن قصة الاستفزاز مع السفير الامريكي وصلت الى هذا الحد ،لكن يبدوا ان الأمر نتيجة تراكمات الكثير من المواقف التي ذكرت والتي تقول أن الوزير بقطع النظر عن مبدئية مواقفه وصحتها يغرد خارج السرب وهو أمر مستغرب في الأداء الحكومي أذ ان الوزير لا يعبر كما هو معلوم عن مواقفه الشخصية ، بل عن مواقف حكومته ، لا أظن أن لدينا وزراء يتقدون وطنية للأسف فكما هو معروف أن هذه الحكومات لا تمكن حتى ترضى عنها الأطراف الخارجية لذلك لا يكذبن علينا احد وييقول أنه
رد على السفير الامريكي في حين انه ينفذ اجندا فرنسية ؟؟ ثم ماذاهو الموقف الذي تصدى فيه الوزير للسفير الامريكي قولوا لنا حتى نعلم ولا نظلم الرجل

Nouri  (Switzerland)  |Mercredi 21 Octobre 2015 à 08:26           
تحليل ممتاز ومتفق معه وأزيد عنه أن هذه الحكومة ليس لها لا قدرة ولا الكفائة الازمة لتسيير البلاد فهي تجد صعوبات في حل مشاكل المواطن في كل الوزارات تقريبا

رأيت لاول مرة رئيس الحكومة يتكلم في فيديو لقناة النسمة فإستغربت في الصعوبة التي يلقاها هذا الشخس في التعبير عن نفسه وفي وجود الالفاظ الازمة فكان يتعثر في كل كلمة وهذا سلبي جدا لان ذلك لا يعطي الطمأنينة للسامع والسؤال لماذا هذه الصعوبة التي لا تدل إلا على أنه غير متيقن أو غير واثق بما يقوله بل تبرز انه مرتبك، كمثل حال ركاب الطائرة عندما يسمعون بأن قائد الطائرة مرتبك.

Rommen  (Tunisia)  |Mercredi 21 Octobre 2015 à 07:56           
إن السبسي و الصيد أقالا بن عيسى لترضى أمريكا أو بسمة و لم يفيلاه لاعتداءه على المسلمين كلهم
هذا دليل قاطع على عدم وطنيتهما
في بعض الأحيان يجدر الاكتفاء بالأسماء و عدم اسناد صفات حتى نتفادى الأخطاء
بن غربية أدخل غولة في البلاد، هل هذا دور الإعلامي؟ إن السفاح يقوم بنفس الدور فلماذا نعاقبه و نصفه بالمجرم و اللانساني؟
هل أكاديمي متعود على البحث و التحليل و التفكير يتدخل في موضوع اللواط و شرب الخمر و الزنا كما فعل بن عيسى و الطالبي
هؤلاء مدرسون في الجامعة ( ينسخون مفاهيم للطلبة و في بعض الأحيان بعبقرية في الإلقاء ( كم يبدع ممثل في القيام بدور طبيب مثلا) لكن لا فكر و لا عقل لهم
فتسقط عنهم كلمة عالم، و مفكر و أكاديمي
( و للأسف هذا هو الحال لأغلب المدرسين يالجامع)

BenMoussa  (Tunisia)  |Mercredi 21 Octobre 2015 à 07:31           
بعض الكلام في المقال بعيد كل البعد عن الواقع لا منطقي ومبني على تخيلات واوهام مثل قوله "بن عيسى سجل موقفا ايجابيا صحيحا دفاعا عن السيادة الوطنية ووجه لطمة حادة للغطرسة الامريكية"
فبن عيسى اليساري المتفرنس والتابع للارادة الفرنسية كما ذكر بن عيسى كاتب المقال يدافع عن السيادة الوطنية التونسية ؟ يا للعجب
ثم من هو هذا الرويبضة ليوجه لطمة حادة لغطرسة اكبر دولة في العالم ؟ انه فعلا كلام مضحك يرثى لقائله ومصدقه

Lechef  (Tunisia)  |Mercredi 21 Octobre 2015 à 07:26           
Indépendamment de ses idées et de la marche de son ministère,
cette personne a montré un comportement devenu rare aujourd'hui car il a refusé d'assister à l'ARP pour présenter un projet auquel il n'est pas convaincu.
Excellent sur le plan comportemental . Peu importe si ses convictions aillent avec celles d'autrui ou non .
Si tous les hauts fonctionnaires raisonnent de cette façon , sans penser aux conséquences ( telles que les limoger ou les démettre ) , nous aurons une excellente société .
A moyen et à long terme , l'histoire dévoilera ces réalités . Peu être il a raison . Qui sait ???

Bombardier  (Tunisia)  |Mardi 20 Octobre 2015 à 23:19           
Il faudrait le rappeler au gouvernement quand il y'aura un ministère *******

المنصف بن مسعود  (Tunisia)  |Mardi 20 Octobre 2015 à 22:56 | Par           
لقد اصاب رييس الحكومه تونس بلاد الرجالة اما المثليين واصحابهم ما يلزموناش وزيد جلطام السياسة خاطيتو قال امريكا

Langdevip  (France)  |Mardi 20 Octobre 2015 à 21:48           
Analyse par excellence, bravo a l'auteur.



babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female