جرّموا التكفير يرحمكم الله

<img src=http://www.babnet.net/images/5/mosquee.jpg width=100 align=left border=0>


أبو مـــــــازن

السادة النواب المحترمون، انتم على موعد جديد لإتمام لبنة الديمقراطية و ايلاء الحريات مركزا هاما في الحياة اليومية فتصبح هذه الأخيرة ممارسة يتمتع بها المواطنون دون الخشية من بعضهم البعض. انّ حق العيش الكريم في هذه البلاد يشمل الجميع دون تمييز والقوانين المستصدرة تطبق على الجميع دون حيف لجهة أو مدينة او فئة او طائفة.





لقد انعم الله علينا أن جمع أهل تونس على دين الاسلام و هداها الى سنة الرسول الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، كلمة يقولها الجميع ايمانا أو تمتمة فالله المطلع على القلوب ولكنها تردد من قبل جل أهل تونس على كل حال. ولقد اهتدى علماؤنا الى هذا المنهج فجمعوا لنا من عبقات الفقه والعقيدة ما يرغبنا فيهما فكنّا ولا زلنا مالكيين سحنونيين و أشاعرة ممتنّين لسادتنا العلماء الزيتونيين الذين حموا الدين والوطن قبل الاستعمار و كانوا قادة للحركة الوطنية قبل الاستقلال. ولتعلموا ان تغييب رأي الزيتونة وتعطيله كان سببا رئيسا في تفشي هذه الظواهر الدينية الغريبة بعد تصحر رعته يد التغريبين ففسّروا الدين والآيات والاحاديث النبوية حسب الهوى والفهم المحدود والحال أن القوم يجهلون قواعد لغة الضاد و أسباب النزول و مجريات السيرة النبوية المطهرة.
وجدنا أنفسنا بعد الثورة في عصر يذكرنا بسطوة العقل من جانب و التزمت والتصوف من جانب آخر. فترة تشبه الى حد بعيد زمنا من أزمان الدولة العباسية في ظل حكم المأمون حيث انقسم المسلمون فرقا متعددة تكفر بعضها بعضا. لقد عمت الفتنة الى سنوات وعقود وتساقطت الأرواح الزكية ودخل تاريخ الحضارة الاسلامية نفقا مظلما لم يكد يخرج منه حتى استفردت به عاهات التتار والصليبيين فأرهقته و دمرته ونسفت امة أخرجت للناس لأجل الهدى والصلاح. قال شيخنا العلامة الامام الأكبر محمد الطاهر بن عاشور في كتابه أصول النظام الاجتماعي في الإسلام : ... وفيما عدا ما هو معلوم من الدين بالضرورة من الاعتقادات فالمسلم مخيّر في اعتقاد ما شاء منه إلا أنه في مراتب الصواب والخطأ. فللمسلم أن يكون سنيا سلفيا، أو أشعريا أو ماتريديا، وأن يكون معتزليا أو خارجيا أو زيديا أو إماميا. وقواعد العلوم وصحة المناظرة تميّز ما في هذه النحل من مقادير الصواب والخطأ، أو الحق والباطل. ولا نكفر أحدا من أهل القبلة . تلك هي تونس السمحاء التي تستغني عن التكفير فأمر القلب بيد العلي القدير، يهدي من يشاء الى الطريق القويم و يصرفه عن من يشاء.
لكن استخلاص النتائج والاحكام مربوطة بالفقه والعلم التام بعديد أمور الدين وخصوصياته و علوم الاجتماع و مفرداته حتى يكون القانون صالحا لفترة من الزمان فتهدأ الخواطر و يعلو البنيان. انّ التكفير والكفر و غيرها من المرادفات التي أرهقت المسامع مجرد شعارات لا تقدم ولا تؤخر بل تبعث على الشؤم والحبور مادامت لم تبيّن للعموم. ان هذا الجهد المبارك يبذله أهل القانون وأهل العلم الشرعي الزيتوني ويقدّرون مقدار أذى الجرم ان وقع قولا او ايحاء. هم القادرون على التنصيص على صيغ التكفير واضحة جلية لترتقي لمستوى الجرم وهم الذين يستأنسون برأي العلماء المختصين الذين يعلنون الولاء لهذا الدين دون غايات سياسية ولا حزبية وهم الذين يدرؤون الفتنة بالمحافظة على قداسة الدين و ترسيخ معالمه السمحاء فينص نفس القانون أيضا أحكاما لمن يلغ في الدين ويسيء اليه بعلم أو بدون علم، فيبعثون على الاستقرار الروحي للفرد والمجتمع. أما النائب أو النائبة المتعجلة لغايات يعلمها الله لتجريم التكفير دون وضوح ودراية و تبيان فانها تُسأل عن تلاوة سورة الكافرون من أعلى الصومعة، أنهدمها وننعتها بالكفر والتكفير أم ننسفها كما يفعل بشار؟
ان عملا ثقافيا و آخر اجتماعيا ينتظر أهل تونس لنبذ الدخيل من الآراء الدينية على طريقتنا الزيتونية، فينتفي التكفير كله ونستغني بذلك عنه و عن تجريمه. ليعلم السادة النواب ان في تونس الثورة جمعيات ترتدي بهتانا أثوابا عديدة كالأشعرية والزيتونية وهي تنشر كتبا و فكرا يحرض على تقسيم الناس و تبويبهم بين مرتد وجب تجديد ايمانه وكافر ضال لا يرجى منه خيرا، جمعيات تصدم المسلم الغض في فقهه وتكوينه الديني بكلاميات التجسيد والخلق و الوحدانية، فيكفّر أمه وأباه ومن ثم باقي المجتمع ويعتزل الناس في أفراحهم وأتراحهم فيصبح لقمة سائغة للمجرمين القاتلين. كثيرا ما سمعنا ممن ارتاد هذه النوادي، المقننة الى اليوم، كلاما مؤلما ينسف السلم الاجتماعي وهو يدعو لتجديد الايمان في كل كبيرة وصغيرة وكأنه الببغاء الذي يردد فلسفة وافدة علينا من الخارج قد استقاها من الإنترانت أو من الكتب المروجة بطرق شتى. و في المقابل بيننا جمعيات وهابية دخيلة عن فكر الزيتونة تحدث الشباب حديث اقامة شرع الله و عن الجهاد وغيرها من المغالطات فتُهجر اللحية بصورة معينة و يُلبس القميص ثم يغوص المسكين بمفرده في أعماق علوم الدين فيفقدها رونقها و حكمتها ويتيه في الأحكام فيظلم الناس ويضللهم. ولعل الأمثلة عديدة في هذا المضمار كحديث الكفر لتارك الصلاة كما يروج دون بيان ان الامر كان سهوا وتثاقلا أم انكارا لمشروعيتها.
انّ مثل هذه المواقف المتقدمة في الفقه و العقيدة لا تدرك الا بدراسة بالغة التعمق و فكر مقاصدي ينفع في هذه الفترة الضبابية من تاريخنا. قال شيخنا العلامة محمد الطاهر بن عاشور في كتابه مقاصد الشريعة بعد أن استهجن انغلاق كثير من علماء المسلمين وغفلتهم عن دراسة علم المقاصد وفقه النّظر في مصالح النّاس ممّا انجرّ عنه حسب رأيه تأخّر الأمّة : طريق المصالح هو أوسع طريق يسلكه الفقيه في تدبير أمور الأمّة عند نوازلها و نوائبها، إذا التبست عليه المسالك، وأنه إن لم يتّبع هذا المسلك الواضح والحجّة البيضاء فقد عطّل الإسلام عن أن يكون دينا عاما و باقيا ، رحم الله شيخنا وقدس ثراه و رعى الله تونس وسائر بلاد المسلمين بالخير وجنّبها الفتن والقلاقل.


Comments


15 de 15 commentaires pour l'article 109227

Jhd398  (Tunisia)  |Samedi 25 Juillet 2015 à 01:31           
@Dorra
إسلام بورقيبي!!!!!!!!!!! أول مرة أسمع عنه

Abou_Mazen  (Tunisia)  |Vendredi 24 Juillet 2015 à 07:28           
درة: عددي مقالاتي على الزيتونة واشعاعها فستجدها كثيرة
ولكنك عمياء صماء منذ أمد تتكلمين في الدين و نقيضه فلا تفلحين في الأول ولا في الثاني.
لسبب بسيط جدا: انك تعانين من انفلونزا الاسلاموفوبيا قد أصابتك وأنت بين الطليان فصرنا نحذر عليهم من العدوى

ملاحظة لا يوجد اسلام تونسي بورقيبي ولكن اسلامنا مالكي المذهب على عقد الأشعري يا حمقاء

Dorra  (Italy)  |Vendredi 24 Juillet 2015 à 03:27           
لأسابيع مضت كان الاسلاميون التونسيون لا مرجعية لهم الا شيوخ الخليج و الوهابية و اقطاب الاخوان المسلمين ففي عهد الترويكة تم استدعاء حسان و القرضاوي و غنيم و القرني و العوضي و خالد مشعل و جميع المرجعيات التي لا تمت باي صلة بالإسلام التونسي الزيتوني الأشعري الوسطي البورڤيبي المتسامح المعتدل المنافي للعنف و للتطرف و بفعل فاعل و بعد وصول البجبوج الى الحكم و خاصة بعد الضربة القاضية التي وجهها السيسي للتطرف و بعد انتصارات الأسد و جيشه على الدواعش
و بعد فضح النوايا الحقيقية للوهابية الاخوانية و فضح تعملها الدنيء مع الصهيونية و العثمانية الجديدة اصبح الكل الان ينادي يا سي ابي مازن بالإسلام الزيتوني

Ateff  (Tunisia)  |Jeudi 23 Juillet 2015 à 20:09           
أقصد تجريم التكفير...

Ateff  (Tunisia)  |Jeudi 23 Juillet 2015 à 20:07           
عندما يقع تجريم المس بالمقدسات : الله,الرسول و القرآن لن يكون هناك داعي لتجريم الكفر

Abou_Mazen  (Tunisia)  |Jeudi 23 Juillet 2015 à 19:18           
الفكر الدخيل على تونس متعدد الوجوه: قطعا هناك فرق "سنية " كالوهابية و الأحباش و هناك حسينيات الشيعة وهناك منتديات ونوادي تمارس فيها سطوة العقل "الفارغ" كخرافة القرآنيين
والسبب في كل هذا غياب الزيتونة لعقود عن ساحة الفعل الديني الوطني
حسيبو ربي الّي كان السبب

Omarelfarouk  (Tunisia)  |Jeudi 23 Juillet 2015 à 19:09 | Par           
المنظومة الفقهية الوهابية منظومة متخلفة لا تاخذ الا بظاهر النص وكل ما قيل هو فهم خاطئ وسطحي للاسلام بدليل ان هؤلاء الوهابيون لم يحسم امر سياقة المراة للسيارة ويتعاطون معها كقضية حياة اوموة في حين في تونس المراة تسوق الطائرة. انظر الى طريقة تعاطي زعماء الوهابية كاابن عثيمين او بن باز مع النص القرءاني هو تعاطي سطحي يحكم بظاهر الاشياء وانظر لنفس المواضيع الفقهية والتي تناولها سماحة الشيخبن عاشور في كتابه التحرير والتنوير كان يعرض كل الجواب اللغوية والسنة العرب والشعر وعلم الكلام وياصل مواقفه بكل الاراء الواردة سلفا باطناب و تمحيص وتدقيق وبعد نظر في المقصد واسباب النزول شتان بين هذا وذاك. الذي يعيش متناقضات الواقع وضرورات النص الذي يلبسونه ما ليس فيه ويتوهمون انهم على السيرةالاولى ولا يفرقون بين السنةالعادة والسنة العبادة ولا الزمان الغير زماننا ولا زمانهم

MOUSALIM  (Tunisia)  |Jeudi 23 Juillet 2015 à 19:07           
مقال مهم يسلط الضوء على التكفير خصوصا داخل بعض الجمعيات الدينية وهو ما لم أكن أصدقه من قبل .معا ضد التكفير .

Antisalafy  (Tunisia)  |Jeudi 23 Juillet 2015 à 18:42           
Tout les musulmans considérent l'autre le différent religieusement ou méme sectairement blasphémeur ou hérétique (kafer en arabe). C'est la culture qui régne depuis 14 siécles et personne ne peut rien y changer, ni ibn achour ni la zaitouna, car tout est écris dans le coran et les hadiths, et les wahabites que vous voulez dénigrer, ils ne font que pratiquer l'islam à l'état pur, comme il était dans ses premiéres années..!

Omarelfarouk  (Tunisia)  |Jeudi 23 Juillet 2015 à 18:20 | Par           
المؤسف اخونا ابو مازن ان هؤلاء ادعياء السلفية الذين لا يمتون للسلف الصالح بصلة لا خلقا و لا اخلاقا ترى في وجوههم العبوسة الشرر يتطاير من اعينهم واذا وقف احدهم بجانبك فتع جناحيه المفتولنان وفتح ساقيه مترا الا ربع حتى اذا التقى عليك اثنان خات ان نفسك قد انقطع. مع الاسف هؤلاء الروبضة المتنطعة في كل مسجد حدث و لا حرج عن التبديع والتكفير كشرب الماء لا تسمع الا تطبيق شرع الله ولو سالته عن معنى شرع الله لبهت في الاجابة تطبيق شرع الله بحسن المعاشرة بطاعة الوالدين بعدم الاعتداء على الناش باقامة الصلاة وايتاء الزكاة بصوم رمضان بحج البيت لمن استطاع باجتناب الكبائر بالتسامح ووسع الصدر هذا ما تعلمناه عن الاسلام اما هذا الدين الجديد الذي يكفر ويبدع وينفر بالعذاب وسوء الاخلاق والاعمال فانا اعلنها انني اول كافر به هذا الذي لا يصون الاعراض والاموال والدماء!!!!!!!!

MSHben1  (Tunisia)  |Jeudi 23 Juillet 2015 à 17:48           

الدين الاسلامي هو الدين الذي ارتظاه الله للعالمين جميعا و ما ضيعه العرب الا لأنهم ضنوا انفسهم انهم هم فقط الناطق الرسمي باسم الدين بينما الحقيقة أن الرسول و الدين هما للعالمين جميعا و خيركم هو من طبقه على نفسه قولا و فعلا و لا تمثيلا ظاهرا او زورا و تدجيل . فنحن العرب نصلي و نلغو و نصوم و نأكل حقوق بعضنا البعض و نشهد و نذبح اهلنا المشهدين و المصلين و نزكي انفسنا و نكفر العباد غيرنا و هذا كله لعمري انفصام في العقلية العربية و جهل و تخلف . فالدين و
خاصة القرآن اما ان نأخذه بالفطرة و البساطة الممتنة او ان نأخذه يالتدبر العقلي العلمي المتين فيكون ايمانا حقانيا مبين و اما سنة الرسول فوجب ان نأخذها سلوكا فقط كما كان الرسول . اما العرب المعاصرين فانهم ضاعوا بين هذا و ذاك لانهم لم يكونوا فطريين مهادنين للعلام الغيوب و لم يكونوا علماء اكادميين كبارا متدبرين . فادلى المتطفلين بدلوهم فكان هلاك الوطن و الدين . و بقي التفسير اعرجا و سطحيا و بسيطا لم يواكب العلم التجريبي الحديث و بقيت المنشورات منشورات
يشوبها الكذب و التلفيق و السطحية و الهوى و النفحات الاصولية و الارهابية و التموقع المتطرف . فكان الضلال و كان ضياع الوطن و ضياع الدين .

انا mshben1 .

Imad Tanta  (France)  |Jeudi 23 Juillet 2015 à 17:32           
C'est du blabla

Jhd398  (Tunisia)  |Jeudi 23 Juillet 2015 à 17:28           
التكفير في الإسلام ليس محرما و ليس له حد شرعي مثل الجلد أو النفي.
و أظن أنه من الصعب استخراج فتوى من شيوخ الزيتونة أن تكفير الشيوعي أو المسيحي أو اليهودي حرام شرعا و يستباح به مال المسلم أو نفسه فيلقى في ظلمات السجون.
أما عن تكفير بعض المسلمين بعضهم فكان من الأجدر الدعوة للنقاش بين هاته الطوائف فيطرح كل حجته إلا إن كان شيوخ الزيتونة عديمي الحجة أو لا يمتلكون الزاد الكافي لنقاش علمي و فقهي جاد مع مخالفيهم. و ذلك خير من حل الخلاف بقوانين تفرض رأيا فكريا بقوة السلاح بدل قوة البرهان.

Ahmed01  (France)  |Jeudi 23 Juillet 2015 à 17:24           
تحية صادقة على هذه الدعوة الناصحة وندعو الله وإياك أن يجنب تونسنا شر الوهابية ، أصل الفتنة والبلاء أينما وُجدت

Antar Ben Salah  (France)  |Jeudi 23 Juillet 2015 à 17:13 | Par           
Il faut incriminer toute personne qui diabolise l'islam ou les musulmans et ça est une obligation de voter cette loi qui met fin aux agissements de certains voyou et hors la loi .


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female