إلى الشيخ راشد الغنوشي أليس الحقّ أحقّ أن يتّبع ؟

<img src=http://www.babnet.net/images/1a/rashed-ghannoushi.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم: محمّد المختار القلاّلي (*)



اطّلعت، يا شيخ، على موقفك من مسألتيْ « رفض تجريم المثلية الجنسية و الإجهاض ضمن الحديث الذي أدليت به مؤخّرا إلى أحد الصّحافيين الفرنسيين. ونظرا لما لهذا الضّرب من القضايا من خطورة على مجتمعاتنا العربيّة والإسلاميّة أجدني مدفوعا إلى مناقشة موقفك من ظاهرة المثليّة التي يبدو أنّ هناك حراكا خفيّا بدأ يدفع إلى التّشريع لها في بلادنا(حوالينا ولا علينا )، ومن يدري لعلّ أن تكون الغاية من الحوار الذي استدرجت إليه يندرج ضمن هذا المسعى بالذّات. أمّا الإجهاض فقد تناولته التّشريعات بعدُ، بغضّ النّظر عن المواقف المتباينة منه. ما يعني أنّ الحديث بشأنه لم يعد بالضّرورة التي تفتضيها مسألة المثليّة الجنسيّة .




والواضح أنّك تناولت موضوع الزّواج المثلي من وجهة نظر إسلامية (أي باسم الإسلام) بدليل قولك: إنّ الإسلام يحترم( كذا) خصوصيّات الأشخاص، ولا يتجسّس عليهم فكلّ شخص حرّ في ميولاته، ومسؤول أمام ربّه الخ...
هل يمكن لنا أوّلاً أن نعرف ما الصّفة التي انطلقت منها في تأويلك لهذه الظّاهرة؟ أَبِوصْفك مفتيا ؟ أم مجتهدا ؟ أم ماذا ؟
أمّا الإفتاء فلم نعرف عنك اشتغالك بهذا الاختصاص، ولعلّك أنت ذاتك تنفي عن نفسك أن تكون من أهله، والحال أنّ مؤدّى تصريحك لا يمكن أن يفهم إلاّ كونه إفتاء بتصالح الإسلام مع هذا الضّرب من السّلوك، وإلاّ ما الذي يعنيه قولك: إنذ الإسلام يحترم الخصوصيات ( كناية هنا عن الزّواج المثلي)؟ الإسلام ، يا شيخنا ، بما هو ثورة على الأخلاقيات المنحرفة والعادات المَعيبة ، بدليل قول نبيّه عليه السّلام إنّما بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق ، لا يمكن له أن يحترم من ضروب السّلوك إلاّ ما كان منها مراعيا للفطرة، متماهيا مع الفضيلة، عائدا بالنّفع على الفرد والجماعة. إلى ذلك هو يوجب على أتباعه أن يمضوا في التّبشير بما جاء به من مبادئ وقيم سامية، والتّنفير من كلّ سلوك يتنافى وإنسانيّة الإنسان. كنتم خير أمّة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر (قرآن كريم ).الحاصل، في فهمي بالنّهاية و ربّما في فهم غيري أيضاً، أنّ الإسلام من وجهة نظرك يبيح هذه البدعة الدخيلة ما دامت تحظى باحترامه ( الإسلام)، وفق ما جاء على لسانك. وهذا يعني أنْ لا حرج على أتباعه من الزّواج المثلي متى ما رغبوا في تعاطيه. ماذا يمكن أن نسمّي وجهة النّظر هذه غير كونها فتوى حتّى ولو خلا إخراجها من التّنصيص الصّريح على إباحة الشّذوذ ؟
*

و أمّا إن كنت قد تناولت هذه الظّاهرة من موقع المجتهد فإنّه لا يمكن أن يخفى عنك أنّ الاجتهاد الذي كان وسيظلّ مطلوباً إلى ما شاء الله يبقى مشروطاً بشرط لزوم الثّوابت (المعلوم من الدّين بالضرورة ) و كلّ الذين عرفناهم من المجتهدين لم يتجاسروا على المسّ بالأركان أو هتك الأصول، و منهم من اجتهدوا إلى حدّ الشّطط أحيانا، متجاوزين في الكثير من المواطن ما تواطأ عليه السّلف و التّابعون، لكنّهم ظلّوا مع ذلك ملتزمين بالاجتهاد من داخل مرجعيتهم الإسلاميّة لا يتعدّونها. ولا إخالني بحاجة، في قضيّة الحال، إلى إحالتك على النّصوص القرآنيّة والحديثيّة ذات الصّلة، القاطعة بحرمة ممارسة الشّذوذ، فأنت أكثر إلماما بها منّي، ولا شكّ. إنّ المجتهد ، يا سيدي، بما هو ملتزم بأصول عقيدته لا يجوز له أن يخترق سقف مرجعيّته. هو كالشّجرة تبدّل أوراقها لكنّها لا تبدّل الجذور. الفيلسوف وحده له حقّ الانطلاق من الصّفر. أذِعْ في الملأ، إن شئت ، كونك ترتئي فكّ الارتباط بالمرجعيّات موثراً التّحول إلى الاشتغال بـــ الحكمة ( الفلسفة)، ولن يكون عليك حرج عندئذٍ فيما تطرحه مهما بدا للغير مفارقاً للسّائد.
*

إلى ذلك، كم هو مثير للغرابة قولك: ما يحصل داخل المنزل لا يعني أحدا، هي خياراتك، ولا يحقّ لأحد أن يملي عليك ما تفعله . هل هذا يعني أنّ كلّ شيء مباح مادام يجري في السّرّ؟ أي للواحد أن يذبح الفضيلة إن شاء وحتّى أن يسلخها بشرط وحيد أن لا يتّم ذلك تحت أنظار الخلق! أيّ منطق هذا يا شيخ؟ وأين ما تطرحه من علم النّفس التّربوي وما يدعو إليه من تنشئة الفرد على مراعاة الضّوابط و استحضار المعايير في السّرّ قبل العلن من خلال ما اصطلح على تسميته بـ القوانين الخفيّة ، تلك التي تحرص التّربية الحديثة على غرسها في وجدان النّاشئ لتكون لديه بمثابة الرّادع دائم الحضور (رقيب من ذاته)، يهدي المرء إلى التي هي أقوم، لا فرق في ذلك بين أن يكون في غرفة محكمة الغلق أو ماشياً بين النّاس في الأسواق. ثم ألا ترى، يا شيخ، أنّ من شأن هذا الطّرح أن يساعد على شيوع رذيلة الرّياء بين النّاس، وأن يقدّم، إضافة الى ذلك، دليلا بالمجّان لخصومكم على ما اعتادوا وسمكم به من كونكم(أتباع الاسلام السياسي ) دائما ما تتبنّون ازدواجية الخطاب ؟
إلى ذلك، يتراءى لي أنّ شيخنا ما يزال واقعا تحت تأثير الثقافة الشرقيّة التقليديّة التي من سماتها القبول بالتّناقض ما بين الممارسة في السّرّ و تلك التي تمارَس في العلن.
*

ومع كلّ ذلك، أنا على ما يشبه اليقين من أنّ الشيخ راشد لا يمكن أن يكون إلاّ ضدّ بدعة الزّواج المثلي التي تمثّل لدى جميع الأسوياء أبشع مظاهر الإنهيار الأخلاقي والرّوحي الذي تردّت فيه بعض المجتمعات الغربيّة حتىّ مع تصريحه الأخير بعدم تجريمها. بيد أنّ السياسة ربّما، والتي ما دخلت شيئا إلاّ أفسدته، هي وراء جنوح الشيخ إلى المواربة حذر الوقوع في شبهة معاداة الحرّيّة الشّخصيّة، يفرح بها خصومه من السياسيين، فارتأى سدّا للذّرائع الانتقال إلى ساحتهم والرّقص على أنغامهم، و لا ضير إن ضاعت في الأثناء جميع المعايير ، تلك العاصمة وحدها من الزّلل.
ثمّ ،هل أنت مقدّر، يا شيخ، أنّك بمثل هذه التّصريحات تلبّس، عن قصدٍ أو بدونه، على النّاس عقيدتهم و ما تراتبوا عليه من مُثُل و قيم، مساعداً بذلك من يسعون إلى إحداث فراغ عقائدي و روحي كيما يتسلّلوا من خلاله إلى داخل كيانها الثّقافي والرّوحي قصد تدميره إن هم وجدوا السّبيل إلى ذلك. وبعد، هل عدمنا يا رجل المشاغل و القضايا حتى ندير اهتمامنا إلى تقليعات شاذّة ما تزال تلقى الرّفض حتىّ من قسم واسع من المجتمعات التي ظهرت هذه التّقليعات على هامشها، أم هل أنّ ما فينا يكفينا
أخيراً، هل ننتظر منك بعد الذي حصل أن تبادر، يا مولاي، إلى تجلية ما ورد بحديثك الأخير بعد أن أثار ما أثار من اللّبس في الأذهان ؟ متسائلاً في الختام: على من يا ترى يعود اللّوم أكثربهذا الخصوص، أعلى الجمهور لمّا يمضي في تقليده العبثي للأخر، أم على النّخبة حين تتولّى تبرير هذا التّقليد والتّصفيق له؟

علماءنا يا ملح البلد من * يصلح الملح إذا الملح فسد؟



*عضو إتّحاد الكتاّب التونسيين


Comments


14 de 14 commentaires pour l'article 103670

AhmedFrance  (France)  |Lundi 20 Avril 2015 à 14:23           
يا أولادي آش إتحبوه الراجل يعمل للمبني

الصحافي إلي سهل هو بيدو إوخر

وإلي إتحبوا الشيخ إيقوملو بيدو

Mah20  (Martinique)  |Lundi 20 Avril 2015 à 13:29           
Ne perdez jamais de vue que le cheikh caméléon est en période de redéploiement stratégique par rapport a son propre parti et par rapport a un positionnement électoral adéquat en vue de la reconquête du pouvoir!cette modération affiche n est qu un trompe - l œil obligè!

3aidin  (Canada)  |Lundi 20 Avril 2015 à 13:24           
Ce n'est pas un concours de popularité. Quand il est question de religion il vaut mieux dire la vérité même si elle ne plaît pas à la majorité.

Aminetounsi  (Tunisia)  |Lundi 20 Avril 2015 à 12:44           
Doraa toujour diabolique mais 7a9iiira

DorraItaly  (Italy)  |Lundi 20 Avril 2015 à 12:04           
لا يستغرب هذا الكلام من الغنوشي فتاريخهم يفسر ذلك بدون الخوض في التفاصيل

TheMirror  (Tunisia)  |Lundi 20 Avril 2015 à 11:49           
راشد الغنوشي خاف فتوافق مع الظالم و تصالح مع القاتل و تساوت عنده الرذيلة مع الفضيلة

Karimyousef  (France)  |Lundi 20 Avril 2015 à 11:37 | Par           
Seul dieu est juge concernant cette question. Par ailleurs, La position modérée de ghannouchi a fait de bien aux musulmans qui sont salis tous les jours par les Daechs et tous les extremistes .

3aidin  (Canada)  |Lundi 20 Avril 2015 à 10:54           
أستغرب ممن مازالوا يبررون للغنوشي تصريحاته
أو من يتكلمون عن حرية الرأي و هل مع الله رأي؟
هذا ليس رأي الغنوشي أو الكاتب هذا أمر الله فيجب أن نمتثل

Chorba  (Tunisia)  |Lundi 20 Avril 2015 à 10:36           
عمركم ريتو مثلي يمشي في الشارع مستوي على شكون تمثلو قالك ساترين رواحهم في ديارهم تي ما ثماش رقعة قدهم و هاكم تشوفو في العرض يجيو في التلافز حاصرين حواجبهم و منقين وجوهم قالو قاعدين في بيوتهم تي انت يا سي الغنوشي حاشم و متركن مش هوما ظاهر فيك من بيرو مون بليزير ما تخرجش

Matouchi  (Tunisia)  |Lundi 20 Avril 2015 à 10:10           
سياسة.....سياسة يا مختار يا قلالي
الراجل يعمل في السياسة.....باش تفهمو؟
الراجل سياســــــــــــــــــــــــــــي موش فقيه...
آما ملح وآما علماء......الراجل يناور....ما تعرفش آش معناها سياسي يناور؟؟
البلاد هاي فيها النهضة في الحكم....
آش نوة رايك في الزنا والبغا والشراب و لحم الحمير ولحم الحلوف؟؟
هاو ثمة اشكون يذبح باسم الدين.....وشوف حالو
وعندنا اشكون يدافع على القحب وشوف حالو
اذا خلي الراجل يتكلم ويلقى ثنية بين هذا وذاك...

Nasr Eddine Bessaad  (Tunisia)  |Lundi 20 Avril 2015 à 09:39           
تحياتي سيد القلالي .. أوّلا تصحيحا لبيت الشعر أو الحكمة التي ذيّلت بها المقال " علمائنا يا ملح البلد من يُصلح الملح إذا الملح فسد " و الصواب هو " من يُصلح البلد إذا الملح فسد ". و ثانيا إجابة الأستاذ راشد إجابة فطن كيّس لسؤال خبّ خبيث تماثلها في التاريخ إجابة علي بن أبي طالب لأبي سفيان عندما جاء للمدينة لاهثا ينشد ستر سوأته .. فلما عاد إلى قريش و أخبرهم بتصريح علي ضحكوا منه و قالوا و الله ما زدت على أن لعب بك الرجل .

Celtia  (France)  |Lundi 20 Avril 2015 à 08:57           
Ghanouchi comme El Talbi ne font s’expliquer quelques points qui concerne la religion. Chacun fait ce qu'il veut et dieu est le dernier juge. . il faut dire à certains bouchés du cerveau que nous sommes au 21ème siècle. Les daichistes qui veulent imposer leur point de vue sur les autres qu'il aillent au diable.

AhmedFrance  (France)  |Lundi 20 Avril 2015 à 07:43           
C'est de la spéculation de l'auteur de l'article...
Je ne suis pas nahdaoui mais en musulman démocrate, je comprends parfaitement ce qu'a dit Ghanouchi à la presse étrangère....il n'a pas légiféré sur rien et il n'a rien encouragé. il n a fait que répété la position de la demande de discrétion de l'islam et le point de vue dominant dans un pays modéré qui est la Tunisie.....plus que ça, c'est aller fouiner chez les gens et déterrer les différents....
chacun de nous prie Allah tous les jours pour que ses enfants soient dans le bon chemin et chacun de nous
sait qu'il faut fermer les yeux sur certaines choses surtout celles qui se passent derrière les portes....

excuse moi mon dieu si je me trompe..


MSHben1  (Tunisia)  |Lundi 20 Avril 2015 à 00:20           
كاتب المقال يريد أن يحشر الشيخ الغنوشي في الزاوية كذبا و بهتانا . نقول لهذا الكاتب " اذا تحدثت عن زواج مهما كان فلا يكون الا بعقد مدني او شرعي " و هذا لم يصرح به الشيخ على موافقته بل كل المسلمين ينفونه قطعيا قطعيا و لكن الشيخ تحدث عن المخفي و المخفي فيه شرور كثيرة عند الناس اجمعين عربا و غير عرب و مسلمين و غير مسلمين و عقاب ذلك عند الله رب العالمين بما انه خفي على الناس
و الاسلام فعلا لا يدخل البيوت الا من ابوابها و هذا بنص القرآن الحكيم و هنا اقول لكاتب المقال قف هنا فأنك من المدحضين هذا زيادة عن قول رب العالمين ما معناه " و اذا عصيتم فاستتروا " و هنا اقول لك قف ايضا فانك من المدحضين . فهل انت تعرف خير من رب العالمين ؟ يا صديقي ينقصك التدبر في الدين فتدبره يا صديقي و لا تكن من المتواكلين .

انا خبير الاستراتيجيين و عالم الحياة و الدين
القوي بالله رب العالمين
و كنيتي mshben1.




babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female