بدأت صغيرة ككل الصغار وبأنه من حقي ان اكبر ككل الكبار

<img src=http://www.babnet.net/images/imgfes/sonia1.jpg width=100 align=left border=0>


لا تخفي الفنانة التونسية سنية مبارك اعجابها بالمنهج الذي اتبعته زميلتها اللبنانية ماجدة الرومي للانخراط في الوسط الفني العربي والعالمي عموما.ولعلها تريد ان تقول من خلال ذلك إنها لا تريد الانتماء الى هذا الوسط الا من خلال بعض تجاربه الاستثنائية والنادرة والتي تقوم على ثوابت ومبادئ هامة كضرورة اداء القصائد العربية الجادة والتأكيد على هوية الاغنية التونسية وغير ذلك مما يستشف من كلامها في هذا الحوار الذي اجريناه معها على هامش صدور اسطوانتها الجديدة المتضمنة لمجموعة الاغاني التي قدمتها في اذاعة كولونيا بألمانيا وعلى هامش بداية إعدادها لمشروع جديد مع الموسيقار العربي الكبير عطية شرارة، وايضا في مناسبة انعقاد مهرجان الاغنية التونسية.


* نفضل ان نبدأ بسؤال تقليدي عن نفسك، فكيف ستقدمينها، هل بطريقة تقليدية ايضا؟

ـ ارجو الا يكون كذلك، اذ لا أتفق مع رؤية عامة للفن وخاصة في ما يتعلق بالموسيقى والطرب والغناء كما هو سائد في عالمنا العربي. اني احبذ اداء القصائد العربية وهو ما جعلني اغني لشعراء معروفين من امثال التميم ابن المعز وابي القاسم الشابي وجعفر ماجد وغيرهم. كما اني اؤكد عندما انتقي احد اعمال هؤلاء على المضمون ثم اعطي قيمة بعد ذلك للوقت فأقضي احيانا سنة كاملة في اعداد عمل واحد. اضافة الى اني عاهدت نفسي أن أعرف بالاغنية التونسية ليس على مستوى الوطن العربي فقط بل على مستوى العالم، ولذلك فان تركيزي على اداء موشحات المالوف المستوحاة من التراث الاندلسي يندرج ضمن هذا المسعى.



* لكن الا تعتقدين انك بهذا الاتجاه انما تسبحين ضد التيار؟



ـ احس بأني اسير او ربما اسبح ضد التيار فعلا، لكن ارجو ان يكون ذلك بالمعنى الايجابي لمثل هذا التشبيه. وحكمة القول اني لا اريد استسهال الامور بل افضل التأمل والتفكير في كل شيء.


* هل نتج ذلك عن تكوينك الاكاديمي؟ أي هل يا ترى اثرت فيك نظريات صامويل هانتيغتون التي اعددت حولها رسالة الماجستير؟
ـ افضل القول اني بدأت صغيرة ككل الصغار وبأنه من حقي ان اكبر ككل الكبار ايضا
على الساحة الفنية وانا في سن الطفولة وذلك من خلال اغنية خاصة اديتها مع الفنان عدنان الشواشي تحت عنوان «احكي لي عليها يا بابا». وعلى الرغم من النجاح الكبير لهذه الأغنية فاني لم اكن في ذلك الوقت اتوقع احتراف الغناء. لكن سلسلة التجارب التي قمت بها بعد ذلك هي التي شجعتني على المضي قدما في هذا الميدان. واقصد بهذه التجارب خاصة مجموعة المسرحيات الغنائية التي قمت ببطولتها او بالمشاركة فيها، وأذكر بالخصوص «صيف 61» و«صابرين في مدينة سلطان تاج» و«تحت السور» و«عليسة». وقد مكنتني هذه الاعمال وغيرها من ان اغني للحرية والسلام وللشباب وما الى ذلك من المواضيع التي تواصل مشواري معها على امتداد حوالي عشرين سنة. وهي مدة كنت كلما تقدمت فيها بخطوة اتساءل: وماذا علي ان اضيف في الخطوة التالية. ولعله من هنا جاء اقبالي على الاستمرار في الدراسة وعلى المضي في التكوين الاكاديمي. سواء كان ذلك في الموسيقى، فانا حاليا استاذة موسيقى، او في العلوم السياسية حيث اني اعد لأطروحة دكتوراه في هذا المجال. ولقد مكنني هذا الجانب من ان تكون لدي نظرة الدارسة والباحثة والمتثبتة مليا في مصادر الاشياء وظواهرها.

* وهل يفسر هذا ايضا عزوفك عن الانخراط في موجة «الكليب» او ما يسمى بالاغاني المصورة؟
ـ لا بد من القول إن هذا المجال قد يفيد الاغنية من حيث التعريف بها، لكنه لا يفيدها من ناحية قيمتها الفنية و الجمالية، ثم هو يتطلب تمويلا كبيرا أنا مثلا لا اقدر عليه. فضلا عن ذلك اعتقد ان على الفنان ان يفكر في هويته وهوية فنه قبل التفكيرفي الشهرة والانتشار الواسع. والمطروح بالنسبة الينا كفنانين تونسيين هو ان نفكر في مفهوم الاغنية التونسية وفي هويتها.


* ولو نبدأ بسنية مبارك، فكيف تراها تفكر في هذا المفهوم وفي هذه الهوية؟

ـ كلنا يعرف ان هنالك طبوعا واوزانا وكلمات وايقاعات تونسية. لكن للأسف فان بعض فنانينا تنقصهم الدراية العميقة بمثل هذه الاركان. غير ان ذلك لا يعني ان عدم التعمق فيها او عدم اعتمادها سيحول دون انتاج اغنية تونسية. الذي يميز الاغنية التونسية عن غيرها هو في رأيي الحس التونسي والروح التونسية، وهذه عناصر يمكن ان تتوفر في اللحن او في الاداء. ولا بد من التذكير هنا بأن رائد الاغنية التونسية خميس الترنان لحن اغنية «نوبة الخضراء» في مقام النهوند وهو مقام شرقي. وهذا يعني ان التأكيد على هوية الاغنية التونسية وعلى حسها وروحها لا يعني الانغلاق والتقوقع على الذات، بل لا بد من الانفتاح على التجارب الاخرى. لكن هذا الانفتاح يجب ان يكون مشروطا ايضا بضرورة الانطلاق من تونس وبضرورة انتاج اغنية تنشأ وتترعرع في بيئتها ويتقبلها جمهورها اولاً.


* هذا الكلام يفهم منه موقف واضح من هجرة الفنانين الى الخارج، فهل انت ضد هذه الظاهرة ايضا؟

ـ اؤمن بأن تكون الهجرة من اجل الدراسة مثلا، اما بهدف الانتشار الفني فهذا لا يقنعني كثيرا. ولكن هذا لا يعني اني لست مع الانفتاح على العالم، بل بالعكس، فانا ادعو الى ذلك واعمل من منطلقي على تحقيق هذا التوجه في اعمالي عبر انخراطي في ما يسمى بموسيقى العالم، وهو المجال الذي ما فتئت انشط فيه منذ سنوات ومكنني من ان اغني في بلدان كثيرة مثل فرنسا وايطاليا وبلجيكا واليونان والمانيا والولايات المتحدة. وانا لم اغن في هذه البلدان امام الجاليات العربية فحسب بل امام الجمهور الاجنبي اساسا، واعتقد ان هذه الجماهير التي تفاعلت مع اغاني بشكل جيد، لم تفعل ذلك من باب الاغرابية، وانما من منطلق محاولة اقتناعها بتميز ما اقدمه.


* أطرح سؤالا آخر أستشفه من كلامك ايضا، فكأنك تفاخرين بانتشارك على مستوى العالم على خلاف انتشارك المحدود على مستوى العالم العربي؟

ـ لا اعتقد اني محدودة الانتشار على مستوى العالم العربي، وأعقب على ما سبق من كلامي بالقول انني غنيت في اغلب البلدان العربية مثل سورية والعراق والجزائر وليبيا والمغرب ومصر حيث دعيت من طرف الدكتورة رتيبة حفني (1994 و1997) للمشاركة في مؤتمر مهرجان الموسيقى العربية. وقد غنيت في دار الاوبرا المصرية مجموعة من الاغاني التونسية اعجب بها الجمهور المصري كثيرا، واذكر ان الحاضرين طلبوا مني اعادة اداء اغنية «يا زهر الليمون» للمرة الثانية.

* يقال انك رفضت الغناء باللهجة المصرية في احدى تلك المناسبات؟
ـ لم يحصل هذا بتاتا، وانما كل ما حدث هو اني اردت خلال هذه المناسبات اداء اغان تونسية اولا وبالاساس لاني اعتقد ان مشاركتي تندرج في هذا الاطار أي في اطار الاضافة والتنويع وفي نطاق التعريف بكل الوان الموسيقى والاغنية العربيتين، ثم كيف لي ان ارفض الاغنية المصرية وانا شأني في ذلك شأن كل العرب سبق لي ان تعلمت منها كثيرا. فضلا عن ذلك فقد سبق لي ان غنيت باليونانية والايطالية والتركية والانجليزية والفرنسية، فهل يعقل اذن ان ارفض الغناء بلهجة عربية.

* سأختم بسؤال كلاسيكي ايضا.. فهل من لمحة عن مستقبل اعمالك؟
ـ شرعت منذ سنة تقريبا في اعداد عمل جديد قدمته مع الاوركسترا السمفوني التونسي في افتتاح المهرجان الدولي للموسيقى السمفونية بالجم (تونس)، كما اعدت تقديمه ضمن طابع شرقي في الدورة الاخيرة من مهرجان المدينة بتونس، ويتمثل هذا العمل في مجموعة من الاغاني بعضها من الحاني وهي من كلمات شعراء معروفين من امثال جميلة الماجري ومصطفى خريف. كما شرعت منذ مدة قصيرة في التحضير لانجاز عمل جديد وذلك بالتعاون مع الموسيقار المصري الكبير عطية شرارة وابنه حسن شرارة اللذين سيلحنان لي قصيدتين عربيتين احداهما بعنوان «ورق قلبي» للشاعر فوزي ابراهيم. اذن فلعل عودتي القادمة الى مصر ستتم عبر هذا الباب.



Habib Saidi

AA


Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 618


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female