مريم نور

<img src=http://www.babnet.net/images/imgfes/mnour.jpg width=100 align=left border=0>



سأقول كلاما سيزعج ويضايق الكثيرين منكم: أعتقد أن معلقة لبيد بن ربيعة العامري هي التي سببت لي التهاب القولون، فعند الجلوس لامتحان الشهادة الثانوية، كان مفروضا علينا أن نحفظ تلك المعلقة عن ظهر قلب ونفهم (يعني نحفظ) معاني أبياتها، وكنت أحفظ عشرة أبيات منها ثم أنتقل إلى العشرة التي تليها لأكتشف أن الأبيات العشرة الأولى تبخرت من ذاكرتي، وعانيت طوال نحو ستة أشهر حتى حفظتها وحفظت معانيها وأحرزت فيها درجة "ممتاز" في الامتحان، ولكنها لم تترك في نفسي أثرا لأنها فرضت علينا كواجب ثقيل، ولو طلبوا مني بدلا من ذلك حفظ شعر المتنبي كله لكنت أسعد الناس، وهكذا ظلت تلك المعلقة من أثقل الأشياء على قلبي، إلى أن اكتشفت مريم نور.. كلما رأيت هذه السيدة الوقور تجلس أرضا أمام كاميرات التلفزيون، وتتحدث في ثقة مفرطة ومطلقة حول كل شيء، أُفكر على الفور في تشكيل تنظيم إرهابي يقوم باختطافها والمطالبة بفدية ضخمة: ادفعوا لي 500 مليون دولار وإلا فسأوزع 500 مليون شريط لبرامجها على كل بيت، وأهدد الناس بالجمرة الخبيثة ما لم يشاهدوا تلك البرامج! ما هذا الذي تقوله مريم نور ويتناقله البعض وكأنه أحاديث قدسية؟: مريم نور قالت لو شربت عصير الخس وأنت ترقد على جنبك اليمين ثم لحست كوع يدك اليسرى فإنك ستستغني عن النظارة الطبية! مريم نور قالت إن الآيسكريم بنكهة السمك يزيل حب الشباب الذي تعاني منه، إذا مسحته في وجه شخص يجلس بالقرب منك! وتقول مريم نور عن نفسها إنها سافرت إلى عشرات البلدان وعالجت حالات مستعصية بتفجير الطاقات الكامنة في الليبيدو المتفرع من الأنا العليا باستخدام الأروما ثيرابي (يمكن ترجمتها بالعلاج العطري)! عندها لكل سؤال جواب ولكل علة دواء، ولا أفهم لماذا لا يتم تخصيص قناة تلفزيونية كاملة لها على مدار الساعة لتصبح عيادة عامة يؤمها المصابون بالسرطان والبواسير وقصر النظر والاكتئاب والشيش كباب.

أين اتحاد الأطباء العرب مما تقوله مريم نور ليل نهار؟ بل أين هذا الاتحاد من الأطباء ذوي المؤهلات المعترف بها الذين يجلسون أمام كاميرات التلفزيون يشخصون الأمراض ويصفون لها الدواء، في مخالفة صريحة لأخلاق وتقاليد المهنة؟.. بحت الأصوات من الشكوى من شيوخ الفتاوى التلفزيونية الفورية ومفسري الأحلام "بصورة قطعية".. تقول لهذا إنك حلمت بأن ثعبانا خرج من فمك وتحول إلى فتاة حسناء فيقول لك: أبشر، ستخرج من مأزق تواجهه أو تشفى من علة تعاني منها،.. وتسرد نفس الحلم على آخر فيقول لك: نهارك أسود ومنيل، لأن رأسك يضخ بأفكار شيطانية .. يحدث كل هذا لأن القائمين على أمر القنوات التلفزيونية عندنا يعانون من جدب في الأفكار وقحط في الرؤى وتصحُّر في الثقافة،.. هناك عدة ساعات ما بين نشرات الأخبار لابد من ملئها بشكل أو بآخر.. والمكتبات فقيرة لأن أولي الأمر منعوا عنها الكتب خوفا على العقول من التلوث! ما الحل؟ هات كل من يستطيع الكلام حول أي موضوع، وضع ديكورا حسبما اتفق، وليذهب الجمهور إلى الجحيم طالما نحن "في السليم".








جعفر عباس

Al Watan




Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 2085


babnet
All Radio in One    
*.*.*
French Female