عنبة السلطة و عناقيدها...حكام تونس الجدد

<img src=http://www.babnet.net/images/6/carthagemultiparty.jpg width=100 align=left border=0>


على هامش المفاوضات التي تجري لتوزيع الحقائب الوزاريّة و الرئاسيات الثلاث يحضرني المثل الشعبيّ "عاش يتمنّى في عنبة مات جابولو عنقود "، و لكن بمعاني أخرى تتصل بالفرق بين الحياة و الموت والاختلاف بين العنبة و العنقود. فيبدو من بعض التسريبات التي تظهر من حين لآخر أنّ نخبنا السياسيّة عموما تواجه مأزقا كبيرا في تعاملها مع شجرة العنب التي نتحدّث عنها كناية عن السلطة و الحكم ، و عناقيدها التي ستوزّع على معالي الوزراء.

عرفنا مثلا أنّ الخلاف على أشدّه بخصوص رئاسة الجمهوريّة و قد أصبحت قائمة المرشّحين لذلك المنصب طويلة، بعد أن تردّدت في البداية أسماء قايد السبسي و المرزوقي و بن جعفر، و الصراع مازال على أشدّه بين الفرقاء، فالنهضة تحاول إقناع شركائها بالموافقة على منح ذلك الشرف لقايد السبسي "باعتبار تجربته و حفاظا على الاستمراريّة التي تحتاج إليها بعض الملفّات و تطمينا للخارج الذي يميل إلى ذلك الخيار"، لكنّ المؤتمر يرفض الرجل رفضا تامّا لتكون المقابلة النهائيّة محصورة بين المرزوقي و بن جعفر للفوز بتلك العنبة. و يقال إنّ الصراع بينهما سيعطي رئاسة الجمهوريّة للأوفر حظّا و رئاسة المجلس التأسيسيّ لمن لم يحالفه الحظّ.

...

و الحظّ هذا لا منطق له إن منح السلطة أو جزءا منها لمن عمل مع النظام السابق للثورة، و لكنّه الحظّ، و قد يبتسم ثانية لقايد السبسي إن تحوّل من رئاسة الحكومة إلى رئاسة الجمهوريّة بعد أن كاد ينسى و يبقى في أرشيف أيّام بورقيبة، و الحظّ هذا قد يبتسم لوزراء آخرين فيبقون في مناصبهم رغم أنف الذين عارضوا مجيئهم ، و هو الحظّ أيضا حين يبتسم للأحزاب التي جاءت في المراتب الأخيرة و مع ذلك دُعيت لتشارك في وليمة العناقيد و تسيير المقاليد ، و هو نفس الحظّ و لكن بوجهه السيّء الذي يكشّر في وجه الحامدي و يمنعه من اقتسام الكعكة مع المنتصرين و المنهزمين. و لعلّه بعد أن ألغى عودته إلى تونس، و تنكّر له نفر من نواب عريضته نراه في وضع لا يحسد عليه فلا هو بالمنتصر و لا هو بالمنهزم و إنّما في منزلة بين المنزلتين كأصحاب الأعراف الذين تساوت حسناتهم و سيّئاتهم فلا هم دخلوا النار و لا هم دخلوا الجنّة.
و الكلّ يعلم أنّ صاحبنا كان من البداية راغبا في شجرة العنب و مخطّطا لبلوغها. و كاد الحظّ أن يوصله إلى مبتغاه.
و لكن هل هي مسألة حظوظ؟ و هل صارت تلك المناصب تعتبر قضيّة حياة أو موت؟



يقول النهضويّون في تصريحات سابقة إنّ الفترة القادمة تحتاج إلى الجميع للعمل على إصلاح ما فسد، و هو ما دعاها إلى الانفتاح على كلّ القوى فعبّرت عن استعدادها لتقديم بعض العناقيد لمن يريد المشاركة في عمليّة التأسيس الجديدة، و من بين تلك القوى من يُعتبر ميّتا باعتبار النتائج الانتخابية التي أظهرت حجمه الصغير. و لكنّ موته حسابيّا لا يحرمه من عنقود يقّدم إليه إن شاء أن يخدم وطنه و قد صدق المثل الشعبيّ في هذا الباب: "مات جابولو عنقود!".

و اليقين الذي نريد التنبيه إليه أنّ المناصب التي ستسلّم لا يجب النظر إليها من زاوية قيمتها السلطويّة أو الماديّة أو المعنويّة بمفهوم "البريستيج". و إنّما يجب التعامل مع كلّ منصب باعتبار ما يفرضه من واجبات المرحلة الجديدة في التعاطي مع الملفّات الشائكة التي تنتظر من سيفتحها و يدرسها و يقدّم حلولا لعلاجها.

لكنّنا نشعر و نرجو أن نكون مخطئين أنّ بعض الذين رُشّحُوا أو رشّحوا أنفسهم للمناصب الجديدة قد لا يعنيهم من ذلك المنصب إلاّ حجم العنقود و سقف الصلاحيات التي يريدونها، و نوع السيارة التي ستقلّهم و قيمة الراتب الذي سيتقاضونه مقابل خدماتهم. لذلك نقترح على من يهمّه الأمر أن يعدّ ورقة تقشّفيّة تدعو إلى التحكّم في تلك السيارات التي ستوضع للخدمة و تلك الرواتب التي ستدفع بما يحدّ منها و يحاصر تضخّمها، و ليست هذه الفكرة بدعة فقد أُعلِن منذ أيام عن إجراءات أكثر صرامة في الدول الأوروبيّة التي تمرّ بأزمة ماليّة خانقة بما فيها فرنسا حيث ظهرت دعوات لتجميد رواتب الرئيس والوزراء.

و على العموم سينتظر الشعب أياما قليلة قبل أن يعرف من الذي سيتحكّم في شجرة العنب و من سيحظي بعناقيدها وهل ستكون تلك العناقيد لذيذة سهلة الهضم أم شديدة الحموضة و هضمها عسير، و هل سيحوّلها أصحابها إلى عصير يشربونه احتفالا بالكراسي. لنقول لهم حذار من التخمّر بالسلطة فقد قتلت من سبقكم إلى ذلك الصنيع.

عبد الرزاق قيراط



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


12 de 12 commentaires pour l'article 41279

Gannas  (Tunisia)  |Jeudi 17 Novembre 2011 à 18h 43m |           
Saha likom ......

Hakika  (United States)  |Mardi 15 Novembre 2011 à 20h 43m |           
Bcepresident
priere de lire le web ( elyoumesabie) d'egypte , il vienne d'annoncer que marzouki est le nouveau president et ce selon un journal allemand.

BCE Président  (Tunisia)  |Mardi 15 Novembre 2011 à 19h 22m |           
Arrêtez ce cinéma et arrêtez vos commentaires, le nouveau président c'est bien l'actuel premier ministre el béji caied essebsi, et vous les tunisiens ne soyez pas dupe, toues les indications logiques s'orientent vers essebsi en tant que président et je défis quiconque qui me dit le contraire et nous verrons bien, même le cinéma d'ettakatol, soit disons la suspension de ses discussions avec ses partenaires, c'est du vrai cinéma pour nous
induire en erreur, mais moi, je suis sûr à cent pour cent que c'est essebsi présent.

تونسي  (Tunisia)  |Mardi 15 Novembre 2011 à 13h 42m |           
قضية الحكم و السلطة لن تحل الى يوم الدين..لان الانسان خلق هكذا مفتونا بالسلطة و المال

وكلاهما يعني الاخر في هذا الزمان

فمن يحكم العالم من وراء ستار اليوم هي اللوبيات المالية

لن نستطيع ان ننفي على احد رغبته او استحسانه لام يكون رئيسا او في منصب معين لان السلطة فتنة يسعى اليها الجميع بمختلف اشكالها

قديما قيل ان من يطلب الولاية لا يولى ...فاين لنا في هذا الزمان برجال لا يطلبون السلطة ويكونوا مؤهلين لها

يجب ان نصنع القادة ..ان نختار القادة من بيننا منذ الصغر
لاكتشاف قدراتهم و تنميتها...
الرسول صلى الله عله وسلم اختار اسامة بن زيد قائدا لجيش فه كبار الصحابة ليس لمحاباة ولا تكريم وانما لخصال قيادية فيه ..فليس كل الرجال يصلحون ان يكونوا قادة
...
يجب ارساء اكاديمية لتدريب القادة من الشباب

Hakika  (United States)  |Mardi 15 Novembre 2011 à 12h 22m |           
@ mr guirat
tres bon article , bien comedique mais qui represente une realitee qu'on ne peu pas nier.
en tout les cas s'il vont , et la je veux dire les trois partis qui ont gagner le plus de chaise a la constituante, je dis s'ils vont faire de probleme pour la presidence : il y a deux chacal qui attende : morjane et hamdi , c'est tous qu'ils veulent les deux , et comme cas les grappes de raisin , ou bien toute l'arbre de vigne retourne a ben ali et consort, et qu'ils boivent ( hatta atthoumalah ) si je peux dire.
tres bien ecrit et bien dit toujour excellent.
cordialement et patriotiquement
hakika.

مواطن  (Tunisia)  |Mardi 15 Novembre 2011 à 10h 49m |           
لو كانت نتائج النتخابات بعكس ما هي عليه لما تحدث كاتب المقال بهذه الطريقة الفولكلورية..

Mad  (Tunisia)  |Mardi 15 Novembre 2011 à 10h 12m |           
Pauvre tunisie

Nabbar  (Tunisia)  |Mardi 15 Novembre 2011 à 09h 23m |           
En tout cas ,l e peuple,surtout les jeunes et les chomeurs (environ 800000) ont pris une nouvelle habitude:les manifs et les sitins genre elkaba;si les gens sont décus ,ils descendront dans la rue ;la police n'interviendra plus et ca sera l'affrontement pro-anti pouvoir

Amina  (United Arab Emirates)  |Mardi 15 Novembre 2011 à 08h 48m |           
ارجو من الاخوة الرّابحين في الانتخابات ...وملّاك القرار ..أن يفهمو أنّ الشّعب قد انتخبهم تكليفا ..وليس تشريفا لهم ..نريد وزراء عمل ..لهم القدرة الفائقة على تطوير الدّولة والنّهوض بها الى الاحسن....فالرّئاسة اليوم أو الوزارة ..ليست كما كانت بالامس!!! من لا تثبت جدارته بالمنصب ...يترك مكانه لشخص أكثر كفاءة وجدّية ونجاعة!!!! هذه ليست حفلة نحابي فيها الاصدقاء ونطيّب خاطر الاعداء ..انّها الدّولة الجديدة يا قوم!!!!!

MOUNIR  (Tunisia)  |Mardi 15 Novembre 2011 à 08h 08m |           
Il est d'abord important de rappeler qu'il s'agit d'un gouvernement provisoire, ensuite ennahdha insiste sur bce parcequ'il a un agenda americain qu'il doit accomplir

TOUNSI AKAHAOUA  (Tunisia)  |Mardi 15 Novembre 2011 à 08h 01m |           
لقد قرأت المقال وأعدت قرائته ولكن لم أجد أي معنى لإدراج المثل التونسي عاش يتمنى في عنبة مات جابولو عنقود في

Najah  (Spain)  |Mardi 15 Novembre 2011 à 07h 57m |           
Malheureusement c est la verite


babnet
All Radio in One    
*.*.*