تونس تجمع كفاءاتها الطبية بالخارج: ملتقى وطني يبحث عن حلول للهجرة الصحية

تحتضن تونس اليوم السبت 19 جويلية 2025 ملتقى طبيًا وطنيًا استثنائيًا يجمع عددًا هامًا من الأطباء التونسيين المقيمين بالخارج وزملائهم في تونس، بمشاركة شخصيات فاعلة في القطاع الصحي، وذلك في مسعى لتعزيز جسور التواصل وتثمين الكفاءات، وسط قلق متزايد من نزيف هجرة الأطباء.
تعزيز التعاون بين الضفتين
تعزيز التعاون بين الضفتين
في تصريح لإذاعة "إكسبريس أف أم"، أوضح الدكتور فايز العموري، طبيب التخدير والإنعاش المقيم بفرنسا، أن الهدف الأساسي من هذا اللقاء هو تعزيز الحوار بين الأطباء التونسيين في الداخل والخارج، وبناء إطار رسمي للتعاون يكون قادراً على اقتراح حلول واقعية تُرفع إلى سلطة الإشراف.
وأشار العموري إلى أن اللقاء يُقام تحت إشراف وزارة الصحة وبحضور عمداء كليات الطب في تونس، إضافة إلى رؤساء العمادات المهنية والجمعيات العلمية في مختلف الاختصاصات، ما يمنحه صبغة عملية تتيح الانتقال من التشخيص إلى بلورة خارطة طريق مشتركة.
أسباب الهجرة: ليست فقط مادية
وفق الدكتور العموري، تُعد تونس من أبرز البلدان المصدّرة للكفاءات الطبية، مشيرًا إلى أن فرنسا وحدها تضمّ أكثر من 6 آلاف طبيب تونسي، في حين بدأت دول أخرى على غرار ألمانيا بجذب الكفاءات نظرًا لتيسير شروط الإدماج.وفي تحليله لأسباب الهجرة، شدد العموري على أن الدافع الأول للشباب هو استكمال التكوين الطبي، إلا أن غياب بيئة مهنية محفزة في تونس يدفع الكثيرين إلى الاستقرار بالخارج. وأكد أن العامل المادي ليس دائمًا المحدد الأساسي، بل إن العديد من الأطباء العاملين في القطاع الخاص بتونس يحققون دخلًا يفوق ما يحققه أطباء في فرنسا.
كما أشار إلى أن الضغوط النفسية، وضعف التجهيزات، وانعدام الحوافز المهنية، جميعها عوامل طاردة يجب التعامل معها بجدية.
التكوين التونسي.. نقطة قوة
أشاد الدكتور العموري بمستوى التكوين الطبي في تونس، مؤكدًا أن الكفاءات التونسية تضاهي نظيراتها في كبرى الجامعات العالمية. واستدل بتجربته الخاصة، حيث عاد لفترة قصيرة إلى تونس سنة 2015، لكنه اضطر للعودة إلى فرنسا لأسباب عائلية، رغم اقتناعه بجودة المنظومة التكوينية المحلية.أطباء بالخارج.. رغبة صادقة في المساهمة
أبرز العموري أن دراسة أنجزت ما بين 2011 و2023 أظهرت أن 86% من الأطباء التونسيين بالخارج يرغبون في المساهمة في تحسين المنظومة الصحية في بلادهم، وأن 64% مستعدون للتعاون في إطار منظم ورسمــي، وهو ما يعزز الحاجة لإنشاء شبكة دائمة تجمع هذه الكفاءات وتمنحها قنوات واضحة للعمل المشترك.توصيات أولية: قوافل صحية، مساهمات علمية، وتدريب افتراضي
قدم العموري أمثلة على مساهمات عملية ممكنة، من بينها:* تنظيم قوافل طبية في المناطق الداخلية بالتعاون مع وزارة الصحة؛
* المشاركة عن بعد في التكوين وخاصة في اختصاصات الأشعة والتخدير والإنعاش، مستفيدين من تطور الطب الافتراضي؛
* نقل التجارب الدولية الناجحة إلى الإطار الصحي التونسي، مع مراعاة الخصوصيات المحلية.
ختام برسالة واضحة: "فلنتحد من أجل صحة تونس"
اختتم الدكتور فايز العموري حديثه برسالة مؤثرة إلى زملائه في الداخل والخارج:"تونس تمتلك ثروة هائلة تتمثل في كفاءاتها الطبية. فلنضع اليد في اليد، ونبني مستقبل الصحة التونسية، بعيدًا عن الحنين والكلام العاطفي، بل من خلال عمل مؤطر، جماعي، وفعّال."
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 312013