سوف نفيق على عراق جديد وعالم عربي متغير.

<img src=http://www.babnet.net/images/imgfes/vote.jpg width=100 align=left border=0>



سوف نفيق على عراق جديد وعالم عربي متغير. عراق ليس فيه رابح واحد لكنه عراق مختلف: الحكم المركزي فيه مختلف. والعلاقة المركزية مع المناطق مختلفة. والدور السني مختلف. والدور الشيعي مختلف. والدور الكردي هو الأقوى منذ إقامة العراق الحديث.

عراق الأمس لا وجود له بعد اليوم. لقد مزقته حرب جورج بوش. وكرس التمزق العجز العربي. ووقف العرب يتفرجون مذهولين، فيما كانت إيران تندفع نحو جارها المقلق سابقاً بكل قواها. وفيما كانت تركيا أردوغان تحصّن نفسها بالبقاء على مسافة من الجميع، بما في ذلك أميركا. وبعد غد سيبدأ فرز جديد، داخل العراق وخارجه: العجز الأميركي عن الحسم سوف يظل قائماً. والترقب السوري القلق لما يحدث سوف يزداد قلقاً. والاندفاع الإيراني سوف يتخذ الطابع العلني بعد عامين من الدخول المرئي وغير المعلن.

ولا يستطيع أحد التكهن بالمفاجآت ولا بطبيعتها. لا أحد يعرف كيف ستعامل القوى الانتخابية الفائزة، النظام الموقت. وهل ستتحرك قوات مقتدى الصدر من جديد، وفي أي اتجاه. وهل سوف تظل القوى الأساسية بزعامة السيستاني في موقع الانتظار أم ستخرج لتضع شروطها الداخلية والخارجية، التي تشبه أو تشابه الواقع الإيراني، من مسألة المرأة إلى مسألة القدس. وكيف ستواجه حكومة إياد علاوي هذا الأمر. وهل أن «الهدنة» بينه وبين هذه القوى، تنتهي بانتهاء الانتخابات، أم يمدد لها. وإلى متى؟

...

لن يبقى شيء كما كان بعد آخر يناير 2005: الإسلاميون الذين تحالفوا مع البعث السابق، سوف يبتلعون القوى البعثية مع الوقت، بملء رضاها. لأن رجال صدام حسين سوف يتخلون عن كل شيء من أجل الثأر. وحكومة علاوي سوف تستعين بالحلفاء الجدد لقمع الحركة المستمرة ولن تكتفي بالاعتماد على الحرس. والأكراد قد يغيرون كل الموازين إذا سيطروا على كركوك، لأن تركيا سوف تتحرك. وإذا تحركت تركيا في الشمال وإيران في الجنوب، عاد الصراع إلى ينابيعه الأولى.

العراق اليوم هو تركيا المريضة عشية الحرب العالمية الأولى. أميركا تريد حصتها منه. وبريطانيا تريد حصتها. وتركيا تريد سلامتها وإيران تريد حصة الأسد. لأن العراق المتغير هو خليج مختلف. وهو عالم عربي أقل اطمئناناً. وكان العالم العربي يخاف مغامرات صدام حسين وحروب النشامى وإحراق نفط الخليج وناقلاته. لكنه بالتأكيد يخاف أكثر من عراق غامض وسريع العطب ومعرّض للتفكك، كما حذر الرئيس بشار الأسد في موسكو. ويخاف العالم العربي خصوصاً من كونه عاجزاً عن أي شيء في زمن متضارب وسريع التطورات. وباستثناء سورية التي تقيم علاقة خاصة مع إيران وتركيا، فإن بقية الدول العربية لا تقيم أكثر من علاقة رسمية وحذرة مع جارتي العراق. كما أن علاقة طهران مع العاصمة العربية الكبرى القاهرة معلقة أو متوترة. ولذلك سوف يذهب العرب إلى قمة الجزائر في مارس وعلى طاولاتهم خريطة سياسية جديدة ومعقدة. وبعدما كان يمثل العراق طه ياسين رمضان وعزت الدوري ومحمد الصحاف، سوف يمثله هوشيار زيباري وإياد علاوي. أو الحكيم. أو ربما وزير من آل الصدر ومدينته.

ليس هناك مشروع عربي أو رؤية عربية للعراق المولود من انتخابات هذا النهار. هناك انتظار عربي طويل. وخوف عربي عميق. ومخاوف عربية من النوايا المتضاربة. فالمعلن لا علاقة له بالمضمر. والمبطن لا علاقة له بالمعانقات. والواقع في العراق لا علاقة له بأحد. لقد تخطى الوضع في العراق كل الفرقاء. وتخطى خصوصاً أميركا والعرب. أيام النظام السابق كانت المقابر الجماعية تحت الأرض، والآن لا يكلف أحد نفسه رد التراب على الضحايا في مدافن ما فوق الأرض.


سمير عطا الله

Acharq Alawsat




   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 2173


babnet
All Radio in One    
*.*.*