سيرين مرابط: فساد الغذاء "أخطر من قضايا المخدرات" لأنه يدخل بيوت التونسيين دون علمهم
قدّمت النائبة سيرين مرابط، عن كتلة الأحرار، مداخلة مطوّلة خلال الجلسة المخصّصة لمناقشة ميزانية وزارة التجارة في إطار مشروع ميزانية الدولة لسنة 2026، تناولت فيها عدداً من الملفات التي وصفتها بـ"الحارقة"، وعلى رأسها التعيينات داخل الوزارة، مسالك التوزيع، كراسات الشروط، ودور الغرف المهنية، إضافة إلى ملف شركة اللحوم وما ارتبط به من شبهات سوء تصرّف وإخلالات صحية خطيرة.
التعيينات والحوكمة داخل الوزارة
التعيينات والحوكمة داخل الوزارة
استهلّت النائبة مداخلتها بالتساؤل حول سبب الإصرار على تكليف متصرفين مفاوضين في الإدارات المعنية بتعديل السوق والمواد الأساسية، عوض القيام بتعيينات رسمية. واعتبرت أن الأسماء المقترحة "مستهلكة" ومعروفة مسبقاً بأنّها لن تُقبل نظراً لانتماءاتها وملفاتها، مؤكدة أن الأمر "لا يمكن أن يكون صدفة".
كما انتقدت ما وصفته بـ"تخلّي الوزارة عن حق الدولة" في إدارة الحصص المهنية (الكوتا) لفائدة غرف مهنية أصبحت، وفق قولها، تتحكّم عملياً في قطاعات استراتيجية مثل الحبوب والسيارات دون رقابة فعلية.
ملف وكلاء السيارات وتحيين كراس الشروط
أشارت النائبة إلى أن الحكومة سبق أن طلبت من الوزارة تحيين كراس شروط وكلاء بيع السيارات منذ فترة حكومة الحشاني، مؤكدة أن البطء في إتمام التحسينات المطلوبة يساهم في غياب تكافؤ الفرص ويمنع مستثمرين جدد من دخول السوق.مسالك التوزيع ومراجعة النظام
توقفت مرابط عند ملف مسالك التوزيع الذي اعتبرته من أكبر الإخلالات الهيكلية في قطاع التجارة، منتقدة عجز الوزارة عن إعداد برنامج واضح لمعالجة العلاقة بين نقاط البيع والوسطاء رغم توصيات رئيس الجمهورية المتكررة.كما تحدثت عن حلّ وحدة التصرف حسب الأهداف بالوزارة عند انتهاء مدتها القانونية، وما رأت فيه "تخلّياً ممنهجاً" عن إصلاح مسالك التوزيع.
العلامات الأصلية (Le Franchising) والمساحات التجارية الكبرى
طرحت النائبة سؤالاً حول الدور التنموي للعلامات التجارية الكبرى ومدى مساهمتها في تشغيل الشباب وتثمين المنتوج التونسي، مطالبة الوزارة بنشر نتائج أي عمليات تدقيق أو تحرٍّ قامت بها بخصوص هذه الأنشطة.ملف الدقلة بقبلي
أشارت إلى زيارة الوزير إلى ولاية قبلي لمعالجة إشكاليات ترويج مادة الدقلة بين الفلاحين والتجار، معتبرة أن الزيارة لم تغيّر من واقع الأسعار، وأن الفلاحين ظلّوا "الضحية الأولى". وسألت لماذا لم يتم تكليف مجلس المنافسة بالتحقيق في الممارسات المحتملة المخالفة للقانون.الاستعداد لشهر رمضان وعيد الأضحى
تطرقت مرابط إلى نقص يُسجَّل في عدد الخرفان مقارنة بالسنوات الماضية، ما اعتبرته عنصراً يستوجب خطّة جاهزة لتأمين تزويد السوق.شركة اللحوم: اتهامات بالإخلالات الصحية والحوكمة
خصّصت النائبة جزءاً مهماً من مداخلتها لملف شركة اللحوم، مستندة إلى زيارة برلمانية قامت بها لجنة الصناعة والطاقة والبيئة يوم 29 ماي، مؤكدة أنّها عاينت ما وصفته بـ"إخلالات بيئية وصحية خطيرة":* وجود مخلفات لحوم وشحوم وعظام مكدّسة دون التخلص منها.
* استعمال فرامة لحوم متروكة دون تنظيف لعدة أيام، ما أدى إلى ظهور الدود داخلها.
* تخزين الرئة والكبدة في أوعية بلاستيكية مملوءة بالمياه داخل ثلاجات غير مطابقة لشروط السلامة.
* نقاط بيع تعرض لحوماً "لا تستجيب لأدنى شروط الصحة"، وفق تعبيرها.
كما تحدثت عن أرضيات داخل المؤسسة وصفتها بأنها "كارثية" من حيث النظافة، وربطت بين ذلك وبين خطورة التلوث على سكان المناطق المجاورة على غرار حي الزهور والسيجومي وجبل الجلود والوردية.
العلاقة مع المزودين وشبهات التلاعب
عرضت مرابط خلال مداخلتها صوراً ووثائق قالت إنها تثبت أن مزودين معيّنين يتدخلون داخل غرف التبريد، "يُقرقشون اللحم" ويقومون بفرزه قبل تسليمه، متسائلة عن مدى قانونية ذلك.كما تحدثت عن شركة خاصة اعتبرت أنها تتمتع بمعاملة تفضيلية، وتساءلت عن أسباب تغيير هامش الربح بعد حادثة مصلخ سوسة في سبتمبر 2025.
ملف العلوش الروماني
تطرقت النائبة إلى صفقة العلوش الروماني، مبدية استغرابها من منح موافقة مسبقة بتاريخ 23 أفريل 2025 قبل اجتماع اللجنة يوم 5 ماي. واعتبرت أن هناك "غموضاً" في مراحل اتخاذ القرار.حماية المبلّغين ومسؤولية الوزارة
اتهمت مرابط المدير العام السابق لشركة اللحوم بإرسال "تهديدات" لها عبر فيسبوك بعد مداخلات سابقة، وقالت إنها أعلمت الوزير بالموضوع. وطالبت بحماية المبلّغين الذين أصبحوا، حسب قولها، عرضة للضغط.ملفات إضافية: تسوية وضعية الأعوان وسرقة النحاس
ذكرت النائبة أن 15 عاملاً من العمالة العرضية بالشركة لا يزالون ينتظرون تسوية وضعيتهم، داعية الوزير إلى التدخل.كما أشارت إلى حالة عامل متّهم بسرقة النحاس داخل الشركة، معتبرة أن إسقاط التتبع من قبل الإدارة "قرار غير قانوني"، لأن التخلي عن الشكوى يخص المال العام ولا يملك أي مدير صلاحية ذلك.
دعوة للمحاسبة والإصلاح
اختتمت النائبة سيرين مرابط مداخلتها بدعوة الوزير إلى "الضرب بيد من حديد" على ما وصفته بـ"مخربي الدولة"، معتبرة أن الفساد في قطاع الغذاء أخطر من قضايا المخدرات "لأنه يدخل بيوت التونسيين دون علمهم"، على حد تعبيرها.كما أكدت أنها تضع نفسها على ذمّة القضاء في كل ما تقدمت به من معطيات ووثائق، معتبرة أن الهدف من طرح الملفات ليس استهداف الأشخاص بل إصلاح المؤسسات العمومية وضمان سلامة الغذاء وشفافية التوزيع.






Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 318496