افتتاح الدورة 59 لمهرجان قرطاج: محمد القرفي يُحيي الذاكرة الموسيقية التونسية والحضور الجماهيري دون المأمول

<img src=http://www.babnet.net/images/3b/687c8ee0949118.50213211_monhqglekjpfi.jpg width=100 align=left border=0>


افتتحت، ليلة السبت 19 جويلية 2025، فعاليات الدورة 59 من مهرجان قرطاج الدولي بعرض موسيقي بعنوان "من قاع الخابية"، أمضاه الدكتور والموسيقار محمد القرفي، وجاء بمثابة تحية فنية لذاكرة الأغنية التونسية، مستعرضًا مراحلها من بدايات القرن العشرين وحتى الألفية الثالثة.

ورغم الطابع التوثيقي العميق وقيمة المشروع الموسيقي، إلا أن العرض لم يحظَ بالإجماع، لا من حيث الحضور الجماهيري الذي كان دون المأمول، ولا من حيث التفاعل الركحي المنتظر من سهرة افتتاحية لمهرجانٍ يحمل رمزية ثقافية كبرى.





تحية للأغنية التونسية... لكن بصدى خافت

قدّم القرفي عرضًا ضم 25 فقرة موسيقية وغنائية واستعراضية، تخلّلتها مقاطع تمثيلية وشهادات موسيقية حية، عبر مشاركة الفنانين حمزة فضلاوي، محرزية الطويل، شكري عمر الحناشي، والشاذلي الحاجي، بمرافقة الأوركستر السمفوني التونسي والفرقة الوطنية للفنون الشعبية، إلى جانب حضور لافت للممثل جمال المداني في ثنائية التقديم والغناء.

لكن الحفل، ورغم استدعائه لرموز مثل الهادي الجويني، خميس الترنان، محمد الجموسي، وصالح الخميسي، لم يُقنع شريحة من الجمهور، الذين اعتبروا أن "العرض جاء أقل من التطلعات، فاقدًا للروح والحيوية اللازمة لافتتاح واحد من أهم المهرجانات الصيفية في تونس".

فقرة "هلّالو": إحياء أم استعراض خارج السياق؟

من بين اللحظات الأكثر إثارة للجدل، جاءت فقرة "هلّالو"، وهي مقطوعة نحاسية استُحضرت فيها أجواء الاحتفال بختان الأطفال، اعتبرها بعض الحاضرين "خارجة عن السياق"، مشيرين إلى أنها "لا تليق بافتتاح مهرجان له رمزية فنية وثقافية مثل قرطاج"، ومطالبين بتخصيص عرض مستقل لمثل هذه الطقوس.

اجتهادات موسيقية محل تساؤل

عبّر عدد من الحاضرين عن امتعاضهم من بعض محاولات إعادة التوزيع الموسيقي للأغاني التراثية، معتبرين أنها أفقدت الأعمال شيئًا من أصالتها ووقعها، بل وصفها بعضهم بأنها "تركيب مشوّه لتراثنا الموسيقي"، مطالبين بتقديم التراث كما هو، دون تحويرات أو تحديثات "غير مدروسة".

حضور رسمي دون توهج جماهيري

واكب العرض كل من رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة ووزيرة الشؤون الثقافية أمينة الصرارفي، إلى جانب عدد من الوجوه الفنية والإعلامية. ورغم ذلك، فقد لاحظ متابعون أن المدارج لم تكن ممتلئة، ما يعكس فتورًا جماهيريًا واضحًا تجاه العرض الافتتاحي.

خلاصة: افتتاح لم يرتق إلى "هيبة قرطاج"

في المحصلة، وبالرغم من النية الفنية النبيلة لمحمد القرفي في الحفاظ على الذاكرة الموسيقية التونسية، فإن الافتتاح لم يحقق الإجماع، وفتح الباب أمام تساؤلات حول مدى تطابق خيارات البرمجة مع انتظارات الجمهور العريض، خاصة في دورات يشهد فيها المهرجان منافسة كبيرة من مهرجانات صيفية أخرى أكثر تنوعًا وانفتاحًا على الأذواق المتعددة.


Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 312062


babnet
*.*.*
All Radio in One