<img src=http://www.babnet.net/images/6/beji_caid_essebsi-copy.jpg width=100 align=left border=0>
بقلم عبد الرزاق قيراط،
كان الحوار المسجّل الذي بثته نسمة مع السيّد قايد السبسي و أعضاء من حكومته واضح الأهداف منذ البداية. فقد كان السؤال الأوّل الذي طُرح على سي الباجي، متّصلا بمسؤوليّته المفترضة عن تعذيب اليوسفيّين، ليردّ بنفي قاطع لتلك التهم باعتباره تولّى وزارة الداخليّة بعد تلك الأحداث بسنة على حدّ قوله.
نؤمن طبعا أنّ المتّهم بريء حتّى تثبت إدانته ، و نعتقد أيضا أنّ الجهة الكفيلة بتلك المسائل هي العدالة بهياكلها القضائيّة قبل وسائل الإعلام، و لكنّنا نسجّل على كلّ حال أنّ قناة نسمة حاولت بجهدها المساعدة في هذا الملفّ بما تستطيع، انطلاقا على الأقلّ من الخبرة التي اكتسبتها في هذا الميدان بعد أن زارت المحكمة مرارا في قضيّة الفيلم الإيراني، و كما حضر السيّد قايد السبسي في آخر جلسة بصفته الحقوقيّة، كافأته نسمة بأكثر من حوار لدرء الشبهات عنه و عن حكومته.
كان الحوار المسجّل الذي بثته نسمة مع السيّد قايد السبسي و أعضاء من حكومته واضح الأهداف منذ البداية. فقد كان السؤال الأوّل الذي طُرح على سي الباجي، متّصلا بمسؤوليّته المفترضة عن تعذيب اليوسفيّين، ليردّ بنفي قاطع لتلك التهم باعتباره تولّى وزارة الداخليّة بعد تلك الأحداث بسنة على حدّ قوله.
نؤمن طبعا أنّ المتّهم بريء حتّى تثبت إدانته ، و نعتقد أيضا أنّ الجهة الكفيلة بتلك المسائل هي العدالة بهياكلها القضائيّة قبل وسائل الإعلام، و لكنّنا نسجّل على كلّ حال أنّ قناة نسمة حاولت بجهدها المساعدة في هذا الملفّ بما تستطيع، انطلاقا على الأقلّ من الخبرة التي اكتسبتها في هذا الميدان بعد أن زارت المحكمة مرارا في قضيّة الفيلم الإيراني، و كما حضر السيّد قايد السبسي في آخر جلسة بصفته الحقوقيّة، كافأته نسمة بأكثر من حوار لدرء الشبهات عنه و عن حكومته.
في الحوار الأخير و بعد نفي التهمة الثقيلة في أقلّ من دقيقة، انقلب النقاش إلى جلسة لمحاكمة الترويكا و تقريع حركة النهضة حتّى قال الصحفي سفيان بن حميدة في نهاية البرنامج مستنتجا إنّ ّ من حقّ من يشاء أن يدعو إلى إسقاط الحكومة دون أن يتّهم بالتآمر عليها لأنّ التنظيم المؤقّت للسلطات يوافق على ذلك بطريقة أو بأخرى من خلال البند الذي ينصّ على توجيه اللوم إلى الحكومة و حجب الثقة عنها.
و يبدو أنّ نسمة بادرت إلى تطبيق ذلك البند في برنامجها الحواريّ مع قايد السبسي و من رافقه من الوزراء السابقين قبل أن يفكّر المجلس التأسيسيّ نفسه في الأمر.
صحيح أنّ سي الباجي تمنّى لهذه الحكومة النجاح، معتبرا أنّ الفضل يعود إليه في وصول النهضة إلى الحكم لأنّه أقنع الغرب في اجتماع القوى العظمى الذي حضره أنّ الديمقراطيّة لا تتعارض مع الإسلام ، و لكنّه خاطب النهضة بلهجة لا تخلو من التحذير موجّها إليها شروطه الثلاثة ليحقّ لها البقاء في السلطة. و هي أن تعمل بالوفاق و من أجله، و أن تحترم الرأي و الرأي الآخر و أن تعبّر عن موقف واضح و صارم من السلفيّين.
و الحقيقة أنّ قايد السبسي لا يضع النهضة بقدر ما يضع نفسه في مأزق خطير، فكيف يخوّل لنفسه إملاء الشروط على من وصل إلى الحكم من خلال الانتخابات التي نظّمت في عهده. و هل يمكن القول اليوم إنّ النهضة تريد الحكم بمفردها بينما الواقع يقول إنّها شريك مع المؤتمر و التكتّل. و في ذلك دليل على العمل بالشرط الثاني لأنّ الوفاق يقتضي التشاور و احترام الرأي الآخر. أمّا الموقف من السلفيّين فمعلن في إطار القانون الذي يسمح لجميع التيارات بالتعبير عن أفكارها دون استعمال العنف الذي أدانه الجميع بدون استثناء، في حين يبقى أمر الحساب و العقاب من مشمولات القضاء.
و مع ذلك فإنّ ما يستشفّ من شروط قايد السبسي أنّه يتّهم النهضة بالانحراف عن الوفاق و مبدأ احترام التعدّديّة، و يسانده في ذلك وزير التربية السابق الطيب البكوش و لزهر العكرمي اللذان أدليا بدلوهما و أضافا إلى لائحة الاتهام أنّ الحكومة الحاليّة ابتعدت عن مهمّتها الأصليّة و فضّلت تلهية الشعب التونسيّ بقضايا ثانويّة لا علاقة لها بأهداف الثورة، و الدليل على ذلك الدعاة الذين زاروا البلاد لبثّ الفتنة و الأعمال التي يقوم بها السلفيّون و لا تجابه بالصرامة الكافية.
غير أنّ السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان يتّصل بالجهة الحقيقيّة التي تقف وراء تلهية الناس بتلك القضايا، أهي وسائل الإعلام أم الحكومة التي لا تسيطر على ذلك الإعلام فتتّهمه بالمشاركة في التآمر عليها.
و لعلّ المشاهد لذلك الحوار سيفهم _ إن كان فطنا_ أنّ قناة نسمة بجلستها تلك حوّلت لائحة الاتهام من المتّهم إلى الضحيّة فقد أنكر قايد السبسي و وزراؤه كلّ التهم الموجّهة إليهم بما في ذلك مسألة الاتفاقات التي أثقلوا بها كاهل الحكومة الحاليّة. و عبّروا في نهاية الأمر عن استعدادهم لمساعدة الوزراء الحاليّين في دراسة ما أسموه بالملفّات المفخّخة . و هي بادرة تعبّر عن ثقة كبيرة بأنفسهم و بسياستهم مقابل التشكيك في من أخذ مكانهم ليسيروا بالبلاد إلى نفق مظلم أو نحو الحائط كما قال قايد السبسي.
و هكذا رفعت الجلسة بتبرئة قايد السبسي و حكومته مقابل إدانة الترويكا و النهضة. و لكنّ الملاحظة التي نسوقها إلى قناة نسمة و بكلّ لطف أنّ محاكمتها لم تكن عادلة فقد رأينا المتّهم الذي أصبح مشتكيا و استمعنا إلى رأيه و لكننا لم نر ضحيّته او حتى من يدافع عنها.
Comments
59 de 59 commentaires pour l'article 46973