الغابة بعد الانتخابات.. قصة لم يروها ابن المقفع

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/5e01b0209d39f8.67285893_gjnphflkemqoi.jpg width=100 align=left border=0>


أبو مــــــازن

زعموا أنّ حيوانات الغابة قد قرّروا يوما انتخاب من يسيّر حالهم بعد أن سئموا حكم الحيوان الدكتاتور الأوحد الذي يجمع السلط تحت عرشه فيصيب منها ما يشاء. ارتأت الحيوانات أن تنتظم على شكل أحزاب وجمعيات فتقنع ببرامجها ورغبتها في استصلاح حال الغابة وتنظيمها. كان الفكرة أن تشكل الثدييات الكلبية حزبا كبيرا له مجلس وطني أو لنقل مكتب سياسي وأن تتقدم الطيور في شكل ائتلاف يجمع بين الجوارح والطاووس والحمام والنعام والحجل والعصافير بشتى أنواعها. أمّا عائلة القطط البرية فقد ارتأت أن تنتظم تحت اسم حركة النمور وان اختلفوا في اختيار الشعار.. أيكون نمرا اسودا أو فهدا مرقطا. أمّا القرود بأنواعها فقد واصلت مرحها و قفزها غير عابئة بما يحدث ومن يحكم.

...

بقيت عائلتان لا بأس بأعدادها وهي البقر الوحشي والغزلان من جهة وحمير الغابة بوحشيّها وأحصنتها البرية. كلا العائلتين رغبت في الحكم فهي اول فرصة تسنح لها بعد غياب الحيوان الدكتاتور الأكبر لاسيّما وهي الفريسة الطبيعية له لسنوات عدّة حيث يكتنز الشحم واللحم.

شارك أغلب التشكيلات الحيوانية في الموعد السياسي وتجزّأت الأصوات فغابت الأغلبية المطلقة والأغلبية المريحة اذ صوّتت الضباع لصالح الثدييات الكلبية صوّت الثعلب لصالح الحمير الوحشية كما صوّت الغراب الى صالح البومة مرشحة القائمة الحرة لطيور الليل. تفرقت الأصوات وتفرق الأمل وصار الحلم بعيد المنال ان لم يكن مستحيلا. أومأت قيادات الحيوانات الكلبية والقطط الكبيرة الى اجتماع خاص لعلها تجد حلا فاختلفوا في استدعاء ائتلاف الطيور والتعويل على القاعدة الكبيرة للبقر الوحشي وأنواع الغزال المختلفة. هنالك انطلق الشك والتخوين وصار الجميع يتحيّن الفرصة لإفشال المنافسين.
دبّت الخلافات داخل الحزب الواحد والجمعية الواحدة فتنابز الحمار الوحشي والحصان وتشاجر الصقر مع النسر ونفش الطاووس ريشه استعلاء على النعام وهاجم النمر المرقط صغار الفهد. لم تعد حالة الغابة تحتمل وقد تباكى السنجاب السلحفاة والضفادع والخفاش على أيام الدكتاتور ولكن هيهات التاريخ لا يعيد نفسه. باتت الحيوانات الصغيرة تنتظر القدر لعله يلقي بدكتاتور جديد أو يصطنعونه فينفخون فيه كما نفخ السامري في العجل. وصارت الحيوانات الكلبية التي واصلت حتما اصطيادها، امتعاضها من الواقع المعاش ومن قلة الموارد والماء. كما حنق البقر البري والحمير بأنواعها من قلة الكلأ وتزايد وتيرة الافتراس، حتى خرجت الى اعلام الغابة ليعبّروا عن تنديدهم وسخطهم واستهجانهم كما يقال عند اعلام البشر، باستفحال حالة الفوضى وانهيار المقدرة العشبية وانسداد افق التغيير وغياب التنسيق وصعوبة إيجاد أرضية مشتركة للحكم.
هكذا يحدث في عالم الحيوان اذا تطبّع بطبع الانسان، ولكنّ الله سلّم أتاه الغريزة ومنع عنه العقل الذي أسأنا استخدامه.



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 194902


babnet
All Radio in One    
*.*.*