سؤالي الذي يطرحه عدد من أهل البلد المتمدنين و الذين يؤمنون بالديمقراطية : ان حالفك الحظ وفزت بأغلبية في البرلمان أو كرسي قرطاج فستعمدين على ارجاع المخلوع الى أرض الوطن وهنا يكمن السؤال: هل ستضعينه تحت سلطة القضاء الذي استقل عن التعليمات؟ ام تراك تسعفينه بالعفو و الصفح ثم تتنازلين له عن الحكم اعترافا بفضله و مجهوده الذي لا يخلو اجتماع من التذكير به؟
لو أجبت بلا عن الجزء الأول فتلك خيانة لمن تستعملينه منذ مدّة كشعار سياسي و هو انكار لعهد "الأمن والأمان هنا يحيا الانسان" و هو نفاق لسنوات الجمر التي قيل فيها "ما كيفو حد" ففضله على ما بقي من التجمع كفضل الغدير الآسن في يوم قيظ و حرّ. امّا اذا كانت الاجابة بنعم للجزء الثاني من السؤال فلما تحملين لواء من أرهق البلاد لعشرات السنوات و قامت عليه الثورة و تدعين لدستور نقحه من هبّ ودبّ على المقاس حتى صار رتقه أصعب من خياطه من جديد.

كلا الاجابتين تنكران أحقيتك بصولجان الحكم وان طبّل الطبال و الزكار فتونس اليوم تحتاج الى فكر "دستوري" جديد يندمج مع فكر الدولة المدنية و دستورها المتقدم جدّا مقارنة بدساتير عربية و اقليمة أخرى. تونس اليوم التي فتح لها توظيب استراتيجي للمنطقة سبيل الانعتاق و الحرية والديمقراطية لا يمكن أن تسعها أدبيات البورقيبة وان كانت ناجحة في ستينات القرن وسبعيناته فالزمن غير الزمن و ثورة العقول لا تقدّس الشخصيات بل تقدّس الأفكار.