لم يكتف الزرقوني بنسف ما حاول إقناعنا به سابقا، وقلب عمليات سبر الآراء بشكل سلمي دون الحاجة الى الدمار والجنائز وإجلاء السياح وتشريد الاستثمار، بل قدم معطيات اخرى مثيرة تشبه الى حد بعيد نزول النهضة وصعود الحزب الشبح دون الحاجة للعملية الارهابية الكبيرة، اكد الزرقوني أن النهضة والغنوشي الأبعد عن قلوب التونسيين! بينما تحتل الحركة المركز الاول في المشهد منذ 2011 الى يوم الناس هذا بفعل التونسيين، رغم ذلك دعنا نسلم بما قاله وبان النهضة ضعيفة في بعض المناطق المحسوبة تاريخيا على السلطة من بورقيبة إلى بن علي، ماذا عن جنوب التونسي الذي تشكل مساحته ثلثي البلاد، هل يعود الى الشقيقة ليبيا ام الشقيقة الجزائر بما انه لا يمكن ان يعود الى فرنسا بحكم الدغبجة والجغرافيا، وبحكم ان فرنسا هواها مع غير الجنوب العصي.

كيف يعقل ان تكون قلوب أهالي الجنوب في صناديق الاقتراع مع النهضة وفي سيغما الزرقوني ضد النهضة! ألا يدرك الزرقوني أن النهضة تتنفس الجنوب وعمقها الجنوب وبذرتها الجنوب، الا يدرك ان كل انتصاراتها المشرفة المشرقة في الجنوب، الا يعلم ان ما قدمته مدنين قلعة الجنوب للنهضة لا يقدمه الحبيب المتيم لحبيبه، الا يدرك ان مدنين سلمت جميع بلدياتها إلى حركة النهضة خلال الانتخابات البلدية الاخيرة، فكيف اذا تنكب الزرقوني هذا، وترك الجنوب بطم طميمه واعتمد على معتمدية معروفة بعزوفها عن الحركة التي ناكفت بورقيبة وساجلت بن علي، واختارها الشعب حين أسقط التجمع.

لحظة.. لحظة.. دقيقة أرجوكم.. فكرة مجنونة قفزت للتو إلى السطح! هل يمكن ان يكون الزرقوني اعتمد على تصريح عبير موسي بتاريخ الأربعاء 20 مارس 2019 عبر إذاعة ديوان أف، الذي جاء فيه ان "الحزب الدستوري الحر افتكّ الجنوب التونسي من النهضة"! أم هل تراها المعارك القذرة وصلت الى درجة سحب الجنسية التونسية من كل الجنوب بما فيه صفاقس، ومن مناطق في الوسط والشمال معروفة بعلاقاتها الوطيدة بالنهضة!

مادام وعد تونس بتغيير دراماتيكي عبر عملية إرهابية مدمرة ثم قام به عبر عملية سلمية مزورة، فهو لن يتورع في سحب الجنسية التونسية من جميع الجنوب وبعض الوسط والشمال، لصالح أجندة يهمها جدا ان تسقط النهضة ولا يهمها في شيء من يأتي بعدها وإن كانت غولدا مائير.