الغريب أن باقي النخبة يصدّق ما يقال و يطلق لتصريحاته العنان دون التثبت فيما قيل أو يقال ودون ترو. هكذا صدرت البيانات تباعا والتصريحات متتالية ردّا على ما أخبر به الصافي سعيد حول "السلفة" القطرية لتونس بعد توسط الغنوشي. يحسبون الذوات المعنوية و تحديدا الدول تتعامل كما يتعامل الناس "سلفني لراس الشهر...".

لو عقل هؤلاء.. نقابة واساتذة و قضاة وساسة و منظمات اجتماعية أنّ المهم هو حلّ أزمة أرهقت المجتمع بأسره و أرعبت جيلا طموحا و ضيعت مستقبل الوطن الذي بات منتقصا للمهارات و المعلومات. و أن الأمر محمول على تدارك الوضع و رعاية الناشئة المنهارة و المتأزمة مما أصابها من تخاذل و انكسار واكتئاب و يأس.

لم يتدخل الغنوشي لدى قطر و لا أراه يرنو لفعل ذلك ولم تقرض قطر تونس و لو دانقا لحل هذه الأزمة ولكنه ايمان بمقادير البلد و جنوح الى يقين العقل. فكم تخفى أمور على عدد من الناس حتى تختلق الحكايات والروايات ثم يعزف الاعلام على الوتر الحساس فيصدّقه الجميع ثم نتبين أن الخبر كاذب أو على الأقل محرّف أو أخرج عن سياقه و هي عبارات قد استأنس الناس بمثل هذه القوالب.

إذن... لا كذا ولا كذا و لا شيء ولا غنوشي ولا قطر ولا تركيا و لا غيرها و الأمر بين أساتذة يصنعون الأجيال و يعانون في كامل أصقاع الوطن في سبيل بناء جيل الغد ولا يجدون مقابلا لما يقدمونه و دولة غرقت في الزيادات و المزايدات السياسية حتى هاجت اللوبيات و تمكّنت من عصب الاقتصاد والقوت و التهريب و الموازي وكل ما يخدم مصلحة الفساد الضيقة و يفسد مصلحة المواطنين.