إنهم يصرّون على مصرنة وسورنة الثورة التونسية..

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/5c398781eaf621.36560686_ekomlpjnfqghi.jpg width=100 align=left border=0>
نصرالدين السويلمي


نصرالدين السويلمي

عندما ينغرس الورم في الجسم تصبح العملية معقدة الى درجة كبيرة، وتصبح متداخلة بشكل يعجز غير أولي الاختصاص على التفريق بين اللحم الحي والطاعون الدخيل، هذا ما يحدث تماما للاتحاد العام التونسي للشغل، اين تترست العديد من قوى الاستئصال الإيديولوجي وأحكمت إلتحامها بمنبر حشاد، ثم انطلقت في استعماله بأشكال مهينة بل ومقززة، حتى اذا نبه الواحد الى خطورة العبث بهذا الصرح وأشار الى الأورام، قيل ان المستهدف هو الاتحاد في ذاته، في حاضره وماضيه ومستقبله!

...

كنا أشرنا الى أن مستحضر الوطد يعتبر اخطر المسحوقات الخانسة داخل منبر العمال، هذه الآفة التي تولت رعاية منظومة بن علي الى آخر رمقها، وهي التي أشرفت على تعذيب سجناء الرأي كما أسهمت بقوة في إعداد خطة تجفيف المنابع، هي ايضا سوقت للأشرطة الفاضحة المفبركة و اثثت البوليس السياسي وحولت جيناته من بوليس يقمع بقدر المحافظة على أمن النظام الى بوليس يشتهي القمع ويدمنه، يلاحق التدين وشبهة التدين وإمكانية التدين، لقد حول الورم الوطدي البوليس السياسي الى حقل من الحقد ليس فقط على المعارض الاسلامي او المخالف لراس السلطة في السر دون العلن، بل للمظهر واللباس والسلوك الذي يحيل على شبهة التدين، يختبرون الموقوفين ان كانوا ينطقون العبارات الفاحشة وسب الجلالة بسلاسة تؤكد تعودهم عليها، أم بصعوبة وتلعثم، تتطلب المتابعة والتحقيق! لعلها حالة تدين او نبتة تدين أو بعض حنين الى التدين.

لا شك هناك العديد من العناصر اسهمت في تشويه صورة الاتحاد وفشلت في الانحياز الذكي لهذه العائلة الفكرية او تلك، واستعملت المنظمة في التشويه والتشهير والتلفيق ، وسخرتها آلة دعاية لقوى الفشل الانتخابي، تلك القوى التي امتهنت الاستئصال قديما. ولكي نقترب أكثر من طبيعة المنتوج النقابي الوطدي، تكفينا إطلالة على نوعية خطاب وتوجهات واختيارات سامي الطاهري، الوجه الوطدي الذي تحصن بالاتحاد، واختار العمل لصالح الوطد من خارج الوطد. والمقام ليس بصدد استعراض الاجتماعات واللقاءات الجانبية وما رشحها عنها ومنها، فقط يستعرض ما ارفقه الطاهري على صفحته بإرادته ورغبته وفي كامل قواه العقلية. تلك مواد تفصح وتفضح.. تؤكد ان الحقد الذي يحمله هذا الشخص تجاه بعض الأحزاب لا يمت بصلة الى النضال النقابي ولا يلتقي مع حقوق الشغيلة من قريب ولا من بعيد، هو ايضا لا تغذيه الاغتيالات المشبوهة ولا أي من الاحداث الاخرى، بل هو الحقد المكتسب.. ديدنهم، عقدتهم وعقيدتهم: انا اكرهك وارغب في استئصالك قبل ان اعرفك وقبل ان تنطق وقبل أن تتحرك وقبل ان تخطئ وتصيب، انا اعاديك.. انت العدو أَكنت الجنة ام النار، ان جئت بالخير او بالشر، اسود انت ام ابيض ام بين بين، انت العدو فقط لوجه الشيوعية ولغير وجه الله.

كل الوسائل مباحة لهذا الكيان الوطدي المهوس بالحقد، منذ مطلع الثورة، منذ 2011 والنقابي الموطد يتجشأ الحقد، منذ انخرط في الحملة قبل انتخابات 23 اكتوبر، الى حديثه الاخير عن الغرف واعلانه ثبوت الجريمة!! أي جريمة؟ لا يهم! المهم شيء ما يساهم في تحويل وجهة حزب الهوية وانصار الهوية الى اصطبلات المسالخ وأحواض الاسيد ومن ثم تحويل وجهة الثورة الى سراديب المصرنة والسورنة واليمننة، في عرف هؤلاء يهون حرق تونس وتدمير تونس وبيع تونس..مادامت الصناديق مغلّقة في وجه الاستئصال مفتوحة في وجه الهوية.. طوفان من الحزن يؤزهم، واسئلة شريرة تمرّغ ادمغتهم الممرغة، يتساءلون بحرقة، لماذا حُرمت تونس من المجازر الجماعية.. من البراميل المتفجرة.. من البيانات الأولى.. من العسكر.. من الدبابات.. من محتشدات الاعتقال الجماعي.. لماذا ليس لنا سجن طره والسجن الحربي ولا نستمتع بصراخ الآلاف كما في سجن المزة، لماذا هذه الحرية وهذه الاحزاب وهذا الاعلام وهذا المجتمع المدني الذي يحرق الاعصاب، لماذا ليس لنا كسجن تدمر، وليس لنا سجناء يستنطقون والعصي في أدبارهم وليس لنا سجناء يجبرون على هتك ابنائهم وبناتهم، لما لا يُدخلون 100 معتقل من المعتقلين في زنزانة صغيرة ويأمرونهم باغتصاب بعضهم البعض ثم يحضرون طبيبا ليفحص الجميع ومن لم يتم اغتصابه يحول الى غرفة الموت، تماما كما فعل سفاح الشام.. لماذا تتمتع الشعوب الاخرى بالموت ونشقى نحن بالحياة؟! هكذا يحدثون أنفسهم بالليل والنهار.

انهم يهتفون: يموت الوطن ويحا الانتقام.. عاش الحقد..عاش الكره..عاش التعذيب..عاشت الانتهاكات.. الموت للحرية، الموت للشراكة، الموت للمواطنة، الموت لدولة لا محتشدات فيها ولا براميل متفجرة ولا قتل جماعي.. الموت لدولة لا تقلب فيها الإشاعات موازين القوى.. الموت لدولة رأس مالها المؤسسات..الموت لدولة تغازل صناديقها الموروث الهووي وتقفل شبابيكها حين تقترب أكياس القيح الشيوعي والنفايات السامة التي تخلصت منها البلد الام منذ مطلع تسعينات القرن الماضي.. الموت، كل الموت لثورات الشعوب العربية.. والحياة كل الحياة لثورات الثكنات العربية..هكذا يهرفون، هكذا يلهجون!! إنهم يغازلون الفشل في وطن يغازل النجاح.



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


1 de 1 commentaires pour l'article 174996

Mandhouj  (France)  |Dimanche 13 Janvier 2019 à 19h 22m |           
الذي ينظر لخصمه السياسي علی إعتبار إديلوجي لا يمكن أن يكون مساهم مع الأخرين في البناء و لا في هدم قواعد الماضي المقيتۃ.. و هذا مع الأسف التوانسۃ لم يكتشوا المعادلۃ الصحيحۃ ليعملوا مع بعضهم .. خاصۃ أن التدخلات الخارجيۃ لا تبخل بإفساد كل عمليۃ تقدم في المسار الديمقراطي و لا التنموي.. يلزم وقت ليستقيم القطار علی السكۃ ..


babnet
All Radio in One    
*.*.*