حنايا الأمس الغابر وقناطر اليوم العابر

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/5bc8343402b287.68415829_mhjfgqknoeilp.jpg width=100 align=left border=0>


أبو مـــــازن

لم يكن الأجداد أيّ كان انتسابهم قرطاجيون أو رومان، بربر أو عرب مسلمين يعرفون الصفقات العمومية بل كانوا ينجزون بنية وطنهم التحتية ربّما تحت مسميات أخرى ولكنّها فعالة وتدوم لمئات السنين. هذه حنايا باردو التي جاوز عمرها العشرين قرنا لا زالت ثابتة على أرضنا لم تأخذها السنون والفيضانات والكوارث الطبيعية رغم غياب المهندس "الكفء"و المتعلم في أرقى مدارس الهندسة و غياب "الدكتاتور" الحاكم بأمره وغياب طلب العروض وكراس الشروط و ظروف المقاولين و معلوم التأمين وغيرها من القوانين المتحجرة التي أتت على تونس الأمس القريب حتى صارت أضحوكة البنية التحتية في العالم.

...

لم تكن حنايا الرومان المثل الوحيد فمواجل الناصرية بصفاقس والتي عمّرت طويلا وأزيلت بفعل الاستعمار والتوسع العمراني حمت المدينة لقرابة الثماني قرون من العطش وقد انتصبت بعدد أيام السنة لاتقاء الجفاف خشية ندرة المياه. في ذلك العهد أيضا لم يكن هناك عمل بلدي ولا وزير للتجهيز يمضي الصفقات ولا رشاوي تحت أو فوق الطاولة. كان العمل ديدن الناس يشتغلون لكسب القوت الحلال حيث لا اضرابات و لا غش ولا عطايا ومنح تعطى من أعلى الى أسفل.

أجدادنا الذين اشتغلوا بتحرير الوطن في كل حقبة فحاربوا تارة الرومان و تارة الوندال و و طورا الفرنسيس بنوا دولة فاقت مهارتها عددا من البلدان فكانت خصبة حتى لقّبت بمطمورة روما وكانت جامعة للعلوم حتى قصدها الناس من أصقاع العالم وكانت صانعة لأول دستور عربي و أول من منعت الرق. كان الأجداد ينتظرون الاستقلال أن يقدم بأي طريقة فقبلوا ذاك العهد رغم الألم و قالوا لعل الأيام تصلح ما صحبه من اللمم ولكن هيهات، لقد بدّدوا الثروة كما اتفق فضاعت البلاد. سيارات ادارية تجاوزت أرقامها عشرات الآلاف و مأموريات لا يجنى منها الى علب الشكلاطة التي تسرق بدورها في المطارات وصفقات تتلوها صفقات نكتشف محتواها كلما أرعدت السماء وتهاطلت الأمطار.



لعل التسريع بتفعيل فصول الدستور وصياغة قوانين تقطع مع نهب المال العام المقنن وتوقف نزيف العملة الأجنبية بات ضروريا لانقاذ البلاد، حينها سننعم بالديمقراطية و تكوين الأحزاب وانصهارها وتشققها فيسعد كل برأيه في ظل انتاج وفير وبناء باتقان و موظّف لا يبتزّ الناس أموالهم و مقاول لا يستطيع شراء الذمم.



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


6 de 6 commentaires pour l'article 169681

Volcano  (Tunisia)  |Vendredi 19 Octobre 2018 à 07h 24m |           
اجيال اليوم تدفع غاليا ما ارتكبه مجرمو الامس القريب لفظة انعدام المساءلة و بالتالي المسؤولية تجعل كل المتسببين في هذه الكوارث من العامل البسيط لصاحب المشروع الى المراقب الى الوزير مسؤولون وكلهم مجرمون بالتضامن في المسؤولية

Humanoid  (Japan)  |Jeudi 18 Octobre 2018 à 12h 06m |           
@Cartaginois2011
شاهدت على الفيسبوك عديد الفيديوات عن ما آل إليه الحال في عديد الولايات.. وحسب ما قرأت وشاهدت، فإن انهيار الجسر وقع في إحدى المعتمديات التابعة للقصرين.
لا أعرف هل الفيديو فعلا هناك أم لا، أم هل أن الفيديو قديم أم جديد، ولكنّه يصوّر بشكل مباشر انهيار الجسر.
وعلى حسب ما أرى في الصورة، فالجسر هو نفسه الذي ظهر في الفيديو
https://www.youtube.com/watch?v=lC81sagCKsk

BenMoussa  (Tunisia)  |Jeudi 18 Octobre 2018 à 11h 01m |           
مقارنة صائبة ووصف دقيق لواقع مر نعيشه
ولكن مع مسحة واقعية من التفاؤل فشكرا للكاتب القدير
اما الذي يسأل عن القنطرة التي انهارت فالكاتب تحدث عن القناطر ولم يقصد قنطرة بعينها والقناطر المنهارة لا تكاد ولاية تخلو منها فاسال المتساكنين حواليك يدلونك عليها ويكفي ان اذكرك بقنطرتين على الطريق السريعة في عهد بورقيبة تم اصلاحهما واخرى على واد ران في ولاية صفاقس

Mandhouj  (France)  |Jeudi 18 Octobre 2018 à 10h 36m |           
Quand la Corruption devient la règle dans le travail des gouvernements, le n'est pas impossible !! La Tunisie de la modernité a délaissé les valeurs.

Mnasser57  (Austria)  |Jeudi 18 Octobre 2018 à 10h 30m |           
يجب محاسبة الغشاشين والمرتشين والمهندسبن

Cartaginois2011  ()  |Jeudi 18 Octobre 2018 à 09h 09m |           
الكلام عن القناطر،والصورة لا تحتوي حتى على قنطرة،بل على التراب الذي يغطي قناة المياه،و ليس هناك انهيار لأي جسر على حد علمنا،وأن كان الأمر كذلك فالرجاء إعطاء الصور والمكان


babnet
All Radio in One    
*.*.*