عيد الجلاء ،،، فمتى يكون الجلاء ؟

<img src=http://www.babnet.net/images/1a/tunisie-france2015.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم / منجي باكير

كان الإستخراب الفرنسي لبلادنا و ما جرّه لها من مأسي و قتل و نهب للمقدرات و تغريب و تغييب و تستغلال و إذلال ،،، ثم كان الإستقلال - المنقوص - حتى جاء الجلاء ، جلاء آخر جندي عن تراب الوطن ، جلاء أخبر التاريخ عنه كثيرا من الإجرام و الدموية و زهق الأرواح بوحشية منه ما سُجّل و أكثره أُهمل للوحشية التي رافقته و للاجرام السياسي المحلّي الذي دفع إليه ...

...

لكن الثابت أنّ فرانسا لم تذعن لاخلاء البلد من جنودها و عساكرها إلا بعد ان أعدت طبخاتها السياسية و ضمنت بمختلف الصيغ أن تونس ستبقى لها ملكية خاصة و مزرعة خلفية ، فوقّعت الوثائق و أملت الشروط و فرضت التبعات و وضعت يدها غصبا على ماطاب لها من الثروات ، وقُعت على ذلك و أكثر مع من - استأمنتهم - على تركتها الاستعمارية و فوضتهم لحكمها و قيادتها على الشاكلة و النمط الذي تحدده هي و ترتضيه ، وقّعت ذلك على و ثائق و مراسيم و معاهدات لم ير أكثرها النور برغم مرور كمّ من العقود على التصريح بالإستقلال ،،،

لا يعرف خاصة الشعب و لا عامته عن أهم تلك الوثائق الرسمية ، لكن ما يحدث على الواقع لا يحمل الشك و لا يقبل المراء ، واقع السياسة بداخليها و خارجيها ، واقع الإقتصاد و ارتهانه الحصري و ما اتصل بذلك في الثروات و المقدرات و الاستيراد و التصدير و التجارة ، واقع إغلاق النافذة الطلة على الشرق مقابل فتحها على الغرب بلا أدنى تحفظ ، واقع الحراك الثقافي و المشهد الإعلامي و خصوصا واقع التعليم في كل مراحله ،،،،

يعرف الشعب أنّ ثرواته و خيرات بلاده في حكم السياسة التي تقنعه دوما بأن هذا البلد عقيم لا ينتج ، فقط هو يراهن على - الأدمغة - و العقول ، يعرف ان هذا ضحك على الذقون و مادة استهلاكية بدت تتعرى امام مدّ ادوات التواصل الإجتماعي التي تكشف تواترا ما يخفى و لكن يبقى ما خفي أعظم ، فبدأت تتكوّن الجمعيات و تقام الحراكات و الإحتجاجات طلبا للتوضيح و إيقاف النزيف ،،،
لكن ما بقي - بلاء - مستفحلا هو التبعية المجحفة في قطاعات الثقافة و الإعلام و التعليم ، هذه القطاعات التي لم يصلها الجلاء بعد ... قطاعات بقيت تحكمها الوصاية الفرنكوفونية في حرص على اجتثاثها من حاضنتها العربية الإسلامية في صيغ استئصالية تغريبية لإلحاقها - بقيم - فرانسا العلمانية و تغذيتها بحداثة على مرجعية شذوذ الفكر و الجسد و التجرد من كل المفاهيم التراثية المحلية و نبذ و إقصاء الديانة و الهوية - و هذا يؤيده خطاب الرئيس الفرنسي ماكرون الأخير في قمة الفرنكوفونية ، حيث اعتبر أنّ من يرفضون قيم بلاه هم (( ظلاميون )) ...

هذا الجلاء و لكن لن يكون له عيد حقيقي حتى تكتمل معالمه و يصح لفظه و معناه ،،، حتى تنجلي كل القيود و الإرتهانات الفرنسية الاستعمارية المادية و المعنوية و حتى تكون للبلاد سيادة تقريرية مستقلة !!



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 169503


babnet
All Radio in One    
*.*.*