المشهد التونسي بين الإعتباطية و شغل التياسة

<img src=http://www.babnet.net/images/1b/Crazy-Pulling-Out-My-Hair.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم / منجي باكير

فراغ و غوغاء وصعلكة سياسية اصبحت عنوان المشهد السياسي التونسي هذه الأيام مشهد عديم الحراك الجدّي في التعاطي مع الشؤون الدّاخليّة و الخارجيّة للبلاد ، بل إنّ انعدام الفعْل السياسي هو السّمة المسيطرة ، كانّما توقّفت كلّ دواليب السياسة في هذه البلاد و اختفى كلّ من أوكل لهم أدارتها و تسييرها ... فقط هي الروتينية الخانقة و الارتجالات و السقوطات و الاستقالات و التشققات مقابل تحالفات واهية لا تعني الوطن و لا تنفعه ...

...

لم يبق إلاّ تحرّكات إعتباطيّة استعراضيّة لبعض مسميات الوظائف السياسية العليا لسد فراغ او لتحقيق صفة بروتوكولية أو حضور فلكلوري رمزي لافتتاح سنة دراسية أو تدشين منجز قديم ، غاب الانجاز و تعطلت الرؤى و انعدمت المبادرات مقابل تأجيل خلق الحلول الجذريّة لعبًا على عامل الزّمن أو احتمال تغييرات في التشكيلة القائمة لترحيلٍ مجدّد و تأجيل مجدّد و انتظارات مجدّدة ….

مجلس نوّاب أضاع الشّعب من أمواله و ووقته الكثير لتنصيبه بُغية التعويل عليه في صنع آماله و خدمة مصالحه ،غير أنّه آثر أن ينخرط في مجادلات بيزنطيّة تنمّ عن تخلّف في التعاطي مع الشؤون العامّة و انحدار في ماهيّة و مفهوم العمل النيابي لديه لتحلّ عند جلّ شاغلي قبّة البرلمان رغبات جامحة في البحث عن مصالح شخصيّة ضيّقة عبر تكتلات نيابية عقيمة و سرابية سرعان ما تنحل لتتلون و تتشكل في أخرى لسعي محموم إلى تملّك السيطرة المطلقة على القرارات وتحويلها من صالح الشّعب إلى أجندات خاصّة أو حزبيّة أو لتعزيز نرجسيّة واهية فقاعية .

مشهد سياسي غوغائي لم يحافظ إلاّ على المسمّى ،، يشغله خليط من الشّخوص لا يتقنون الفعل السياسي على أصوله و لا يعملون بمقتضياته ، إضافة إلى ارتهانهم لأحزابهم و ولاءاتهم و كذلك لمصالحهم الذّاتيّة ممّا يجعلهم قاصرين عن الحركة الفعليّة و إحداث التغيير فضلا عن عدم تقديم الإضافة و التحرّك بالبلاد و العباد إلى مستويات أفضل إقتصاديّا ، إجتماعيا و حتّى سياسيّا.

بالموزاة تشهد البلاد ركودا واضحا لمختلف تشكيلات المجتمع المدني ، حيث لم يظهر من القائمين عليها و لا الناشطين فيها أيّة بوادر و لا مؤشّرات على تحمّل مسؤولياتها الإستثنائيّة بل إنّها لم تتوصّل بعد إلى اتّخاذ أمكنتها المفروضة في دورة الحياة الإجتماعيّة و لم تبد أيّ نيّة (واضحة ) في تبيان معالم أنشطتها و مسار اشتغالها ممّا خلق شبه أزمة ثقة بينها و بين مواطنيها و ربّما حتّى يأسا من جدوى و فاعليّة تواجدها و تأثيرها الإيجابي في الحياة العامّة ….

نحن نمرّ بزمن التوافقات المشبوهة و الصفقات المصلحيّة و تنفيذ الأجندات و الضغوطات و الإنحناء للإملاءات و لم نصل بعد إلى استراتيجيّة واضحة تقوم على الإخلاص لهذا الوطن، إستراتيجيات تنبني على أسس علميّة و عمليّة تعمل على زحزحة و حلحلة الواقع الرّاهن للدّفع نحو الأفضل و لو بعد حين ،،، و لهذا كان المشهد السّياسي و ما يتّصل به مشهدا مشوّها غوغائيّا و اعتباطيّا ، وسيضلّ كذلك إلى أن يفيء الجميع إلى العنوان الأكبر و الأوحد وهو المصلحة العليا للوطن التي يجب أن تنتفي معها كلّ شذوذات الترضيات و التوافقات و الصفقات . سيضلّ كذلك إلى أن يبتعد الحراك السياسي عن شغل التياسة و يحترف عيْنَ السّياسة ….



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 168166


babnet
All Radio in One    
*.*.*