سامية عبو تعرّي حقيقة ''الدّولة المزرعة''

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/5b523ace565784.28881686_imfnolkhpgjqe.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم: شكري بن عيسى (*)

أمل جديد تعيده اليوم النائبة النزيهة سامية عبو عن الكتلة الديمقراطية للشباب اليائس من الوطن.. للشباب اليائس من تردي المشهد السياسي وانتشار الغنائمية والفساد والمحسوبية.. أمل المقاومة وكفاح الفساد وشبكاته المنصهرة صلب السلطة والادارة.. أمل استرجاع قيم الجدارة والاستحقاق والنزاهة المسحوقة في هذا الوطن السليب.. أمل استعادة مبادىء المحاسبة وفضح تجاوز السلطة والاعتباط والتعسّف.. أمل الحرب الحقيقية على جبهة الفساد العميق المتلحّف بشرعية الحكم والادارة..

...

صمود لمدّة 39 دقيقة كاملة وبطولة نادرة في مواجهة أحد رموز الفساد السياسي في عهد بن علي وفي حكومة الشاهد؛ بطولة حقيقية لأنّ العملية شاقة ومضنية وليست سهلة بالمرّة، فالحصون المقابلة سميكة وصلبة بل حديدية ويصعب ان لم يستحيل اختراقها، فأدواتها جبّارة وأسلحتها فتّاكة وانتقامها لا حدود له، ومع ذلك تستمر النائبة الصادقة في المواجهة بجسمها القويّ، ولكن أساسا بنزاهتها القيميّة والفكرية والسياسية الراسخة، وتخندقها في جبهة الحقّ والقانون والدستور التي لا تقهر في ميزان الحقيقة والعدل والفضيلة، في الوقت الذي يتمترس فيه اكثر النواب خاصة في السلطة في أوحال شهود الزور وتبرير المنكر وانتهاك الدستور والقانون..

وأنت تشاهد المواجهة تسترجع بطولات شهداء الثورة وجرحاها، وتحسّ أنّ روح ديسمبر 2010 وجانفي 2011 والقصبة 1 و2 حاضرة بقوّة، وأنّ الثورة تضمر وتنتكس ولكنّ قيمها لا تموت، وأنّ من ضحّوا بأرواحهم وانفسهم لازال هناك من هو وفيّ لمبادئهم وقيمهم السامية الأزلية، فالمساءلة كانت مشهدا قتاليا للباطل والظلم والاستبداد والفساد، ولكن أيضا لنهج التضليل والمغالطة الذي يسنده ولآلته الدعائية التي تزوّق شناعته وتطمس بشاعته، فالمواجهة تتضمن عديد الأبعاد وتنفّذ على عديد المحاور عالية التعبئة والحشد من الجبهة المضادة، وتستوجب خطّة وتمركزا واليات ولوجستيك وتوظيفات تكتيكية ونفسية عالية القوّة..


مشهد مليء بالدلالات والمعاني والرموز، بايقاع عالي وصدق كبير من النائبة عبو في مقابل دخول في التخبّط من الوزير بن سالم؛ مشهد هيتشكوكي دارمي انكشفت نهايته بانتصار ساحق للحق على المغالطة وفوز للقانون على التجاوزات، وحالة التخمّر والهستيريا التي دخل فيها وزير التربية، بقطعه عشرات المرات كلمة نائبة الشعب وضّحت الصورة الناطقة، فالوزير لم يقبل الاعتراف بالخروقات الجسيمة، ودخل على خطّ العنف اللفظي والبلطجة تحت قبّة الرلمان مصادرا حق النائبة الدستوري والقانوني والاخلاقي في مساءلة الحكومة..


والأمر كشف عمق الفضيحة باثبات التجاوز الاداري والقانوني والسياسي، ولكن وهو الأخطر ممارسة العنف اللفظي والفوضى، لارباك نظام المساءلة الدستوري، وهو الأخطر في كلّ العملية، والحمد لله أنّ النائبة سامية تحمّلت كل العنف اللفظي والمقاطعة والتشنيع، وعرفت بذكاء وتحكّم انفعالي كبير في كشف الخروقات، وكشف الفساد السياسي والاداري، لتعرية مستوى التجاوزات التي تفوق الافعال غير المشروعة الى استهداف الحقوق الدستورية والقانونية في الرقابة والمحاسبة..



والحقيقة أنّ الفضيحة كانت مجلجلة، فالوزير عيّن شخصا مدانا بأربع (4) سنوات سجن، بمنطق المحسوبية بحكم ارتباطه بمصاهرة مع مستشار رئاسي، في منصب سامي بتكليفه بالكتابة العامة لأكبر وزارة في البلاد، من حيث الميزانية ومن حيث عدد الموظفين ومن حيث المهمّة التربوية الحسّاسة، وزيادة فقد اضيفت لهذه المهمة ثلاث مهام خطيرة اخرى، بتكليفه بادارة ديوان مساكن اعوان الوزارة ومكلّف بمهمّة وحق السلطة التأديبية، متحوّزا باقوى وأشدّ السلطات ما جعله ينتقم بسهولة بكل من يبلّغ عن التجاوزات في وضعيته، والواقع أن الاستهتار بدا شنيعا لحد لا يوصف..


وطبعا كان منتظرا ادخال حصّة المساءلة في فوضى من جانب الوزير، فقد عجز عن الاعتراف والتراجع الى الوراء، فهو يتحمّل ورئيس حكومته الذي ساهم في التسمية مسؤولية سياسية وربما ايضا جزائية جسيمة، وبالتالي كان التعنّت والصّلف واضحا، قبل الدخول على خطّ الضحية باستدعائه عند خروجه اعلام السلطة وخاصة "موزاييك"، التي نشرت له تصريحا تحت عنوان "ما رأيته اليوم في البرلمان لم أره في تاريخي وحياتي السياسية"، في محاولة لنشر الضبابية والالتباس على حقيقة وجود التجاوزات، وايضا على حقيقة عدم اصلاحها والتراجع فيها، وعلى حقيقة مغالطة الشعب بارباك الامور، وعلى حقيقة احداث الفوضى لطمس كل ذلك..



في دول أخرى مثل هذه الفضائح الشنيعة ترحل بموجبها حكومات بأكملها، بل تزلزل بموجبها المنظومة السياسية برمّتهاها، أمّا عندنا فالحكومة الفاقدة اليوم لكل الشرعيات في الأداء والسند البرلماني، وفي تعيينها في اغلبها بمنطق المحسوبية والقرابة والمصاهرة، تتمترس وتجد من يدعمها حتى لو أغرقت كل البلاد والعباد، وبالفعل فقد كشفت النائبة سامية عبو زيف هيبة الدولة وكذبة الحرب على الفساد، كما أثبتت أن الدولة تدار بمنطق المزرعة، والأهم هو هذه الروح النضالية في مقاومة الزيغ والاعتباط والتعسف والتجاوز والفساد والاستبداد، وهذه الثقافة المقاومة في وجه هذه المنظومة المتجذّرة للفساد، والتي تصنع أملا في تغيير أصبح اليوم ممكنا مادامت هناك أصوات بهذه القوة وهذه الرّوح والايمان !!

(*) قانوني وناشط حقوقي




   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


2 de 2 commentaires pour l'article 165205

Ftouh  (Tunisia)  |Lundi 23 Juillet 2018 à 08h 27m |           
Bravo bravo bravo

Lazaro  (Tunisia)  |Dimanche 22 Juillet 2018 à 09h 27m |           
Monsieur corruption est courtois honnête intellectuel et il défend l'éthique du dialogue et il est extrêmement pour le respect des ministres .


babnet
All Radio in One    
*.*.*