لا يرغب النظام العسكري الجاثم على أرض مصر في الاستماع الى أي صوت يعكر صفوه، ويقول بغير قوله، إذْ لا صوت يعلو فوق صوت المعركة! أي معركة؟ ذلك غير مهم، هي معركة والسلام، ومن طبع المعارك أنها لا تحب كثرة "الرغي"، وتثمينا لهذه البدعة العسكرية يستعد البرلمان المصري الى البحث في مسودة مشروع يرفع من سقف عقوبة منتقد السلطة من خارج مصر، او ما هذبه القانون واطلق عليه "تحريض على الدولة"، ورغم ان العديد من النشطاء المؤيدين للانقلاب العسكري كانوا انتقدوا المادة 80 من قانون العقوبات والتي تنص على معاقبة بالحبس من 6 اشهر الى 5 سنوات وبالغرامة من 100 جنيه الى 500 جنيه لكل "مصري أذاع عمدًا فى الخارج أخبارًا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة حول الأوضاع الداخلية للبلاد"، رغم تلك الاعتراضات، فان البرلمان يستعد الى تعديل المادة 80 ليصل بالحكم الى المؤبد والغرامة من 500 الف جنيه الى مليون جنيه.

تلك محاولة جديدة ضمن محاولات عديدة سابقة قام ويقوم بها النظام العسكري للسيطرة على حرية الراي خارج مصر، بعد ان تمكن من قمعها داخل البلاد، وحتى تصل الرسالة الى المعارضة والنشطاء في الخارج، لم يتم ادراج المقترح ضمن قانون مكافحة الارهاب، وذلك ليتأكد صاحب الراي ان المقصود هو الراي المخالف، و أنه امام خيارين لا ثالث لهما، إما التقاعد المبكر من النضال والكف الفوري عن ممارسة الحرية حتى في بلاد الحرية، أو الاستعداد لقضاء بقية العمر خلف القضبان.