الثقافة والاعلام المعركة الحقيقية من اجل بناء قدرة المجتمع للتكيف مع الانتقال إلى مرحلة جديدة

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/thakafaaaaaa.jpg width=100 align=left border=0>


عادل البوغانمى (*)

حقق الشعب التونسي معركتهالحقيقية والتي تهدف إلى تحرير المجتمع واستعادة قوته كرقيب على الدولة والأجهزة الإداريةواسترجاع السلطة الحقيقية الى الشعب بشكل يجعله قادر على التحكم في الدولة بدعمها في مسارها الصحيح او تصحيح المسار أو التغيير إن لزم الأمر
و قد مثلت هذه المعركة الاختبار الحقيقيللأحزاب و قياداتها في تجسيم الشعارات و الأفكار و الأهداف التي جاءت بها الثورة و التي تولدت عن صراعات في المجتمع تجاوزت التنظيمات و الأحزاب السياسية و قد اخترقت جميع المساحات الاجتماعية و السياسية حيث أن تحقيق الهدف المتمثل في بناء قدرة المجتمع على التحرر و ممارسته لهذه الحرية وفق ضوابط تضمن له الكرامة ورغد العيش تفرض على الأحزاب العمل على تحديد مناطق الفراغ و طرح البدائل للمسائل التي لم يتم التطرق إليها في السابق و تأسيس المشاريع الجديدة الضرورية لدعم هذا المسار الجديد من الحريات بالإضافة إلى العمل مع المجتمع المدني لصناعة تيارات موازية تتحرك في اتجاه الدفع نحو تحقيق الأهداف المشتركة التي يتم التوافق عليها لبناء المجتمع المتحرر
...

لذا فان صعوبة تنفيذ هذه المرحلة تمثل في تحديد الأدوات التي ستساعد والتي يجب إرسائها لبلوغ الهدف و هيمرحلة صراع تطلبت إيجاد آليات الحسم وتركيز المنظومات الرئيسية لتهيئة الطريق نحو التأسيس لممارسة السلطة التنفيذية و التي اصبحت الأداة التي تمكن من تحويل الأفكار و الشعارات إلى واقع ملموس

هذه المعركة ابرزت قوة الأحزاب في تاقلمها و استيعابهاللقوى الموجودة و هي مرحلة ذات أهمية كبرى من حيث أنها تسودها التحالفات بين مختلف الأحزاب و منظمات المجتمع المدني لإبراز المتفوقين و تعتمد المرحلية و التدرج في الاستجابة للمطالب و التفاعل مع الجماهير وهى مرحلة صراع حقيقية مع الخصوم من حيث التأقلم على استيعاب الضغط و الردة و القراءة الصحيحة للقوى المتواجدة و تحديد الخطط الفعلية للتحرك سواء بالمشاركة أو الامتناع لإضعاف مصادر الخصوم في إطار الاعنف .

و قد مكن ذلك منمعرفة حقيقة الأحزاب التي تعمل اليوم على الساحة و صدقيتها من حيث فعلها الحضاري بعيدا عن المزايدات السياسية و الحسابات الانتخابية للحصول على مقاعد سلطوية فالأحزاب الحقيقية هي التي تؤسس للبناء الحضاري و لا يعنى ذلك لجوؤها إلى خلفية إيديولوجية معينة و إنما إلى تصور شامل للإنسان التونسي الذي له من الارث و التراث الحضارى بمختلف انواعه الكثير باعتبار تداخل عديد الحضارات منذ القدم على بلادنا و لا يمكن السطو على حصر تاريخ 3000 سنة فى فترة معينة و تحت نظرة ايديولوجية ضيقة
فالفعل الحضاري أهم عنصر يميز الشعوب بعضها عن بعض من حيث المرجعية الحضارية و المبادئ و الثقافة السلوكية و هذا البناء هو الضامن لاستمرارية المحافظة على احترام و ترسيخ القيم الإنسانية فكرا و ممارسة وسلوكا على كافة المستويات الثقافية و الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية
و تتطلب هذه المرحلة امتلاك الأداة التنفيذية وإرجاعها إلى المجتمع بمفهومه الشامل من مؤسسات و هيئات وطنية و احزاب الخ..للانطلاق نحو تحقيق أهدافه و الاستجابة السريعة و الحقيقة لمجابهة التحديات التي ستعترض بناء المشروع الحضاري الجديد و يبقى العمل على تحقيق اعلى نسبة نمو و ضمان الاستمرارية في التطور بكافة أشكاله و في مختلف المجالات هو المقياس الحراري لسرعة الاستجابة .
فالمواطن التونسى يبقى فى الاخير هو الهدف الاسمى لكل هذه التغييرات و الصراعات و الشعارات التى ترفع اليوم و هو فى انتظار تلمسها فى الواقع اين كرامته و هو عاطل عن العمل و هو يقطعه الجوع و الحرمان اين عيشه الكريم وظروفه الحياتية صعبة و التونسى ينتظر اليوم كسب ثمار ثورته بعيدا عن المزايدات و يريد خاصة معرفة اين المصير و الى اين نسير والاجابة عن هذا السؤال تكون جماعية فىظل البناء الحضارىالحقيقى لان ذلك يتطلب توحيد القوى و توجيهها نحو تحقيق الرخاء لهذا البلد و مواطنه لان الديمقراطية ليست الا الوسيلة لارساء حياة سياسية و طريقة ممارسة السلطة بينما يبقى الهدف من كل ذلك هو التاسيس لبناء مشروع حضارى اسمه "تونسى " تاريخ عريق و حاضر مزدهر و مستقبل واعد
و الى جانب الاحزاب كفاعل سياسي فىالبناء الحضارى يعتبر الاعلام و الثقافة محوران هامان فى المراقبة و تصحيح المسار و تحييد هذا البناء عن التجاذبات السياسية الضيقة و الخلفيات الايديولوجية و من ثم تحديد الملامح الثقافية و ترسيخ الهوية الوطنية و ربط الصلة بين الماضى و الحاضر دون القطع مع الجذور فبناء المشروع الحضارى لا يمكن ان يتم دون الاعتماد على الركائز التى تمثلها الثقافة و الاعلام بينما يمكن الجزم بان القيم الحضارية و الفعل الحضاري و عقيدة العمل و الانضباط هي المفتاح الحقيقى للتطور
فالتفكير الصحيح ليس فى المردودية المالية والربح السريعوإنما في توفير نمط عيش محترم فيه الكرامة و الشعور بالذات و السلم الاجتماعي و لا يكون ذلك الا بإعطاء القيمة الحضارية للعمل
فالأحزاب و المنظمات و كافة مكونات المجتمع المدني مدعوة الى التأسيس عبر الفعل الحضاري لبناء مجد و رقى تونس الجميلة الضاربة في القدم فالثروة لا توجد الا بالإنسان و العنصر البشرى أو الموارد البشرية هو سر نجاح النماذج في العالم و فى هذا السياق يمكن الاستئناس بتجربتين فى العالم الحديث استند فيهما الفعل الحضاري إلى المخزون و الموروث الثقافي و التاريخي لهذه الشعوب لبناء مجتمع متطور حديث في إطار مشروع حضاري متكامل له جذوره التاريخية المتأصلة و يعيش الحداثة و التطور بأرقى درجاته في العصر الحديث مع تحقيق نسب نمو و تطور هامة و ضمان العيش الكريم لموطنيها فى كنف الحرية و العدالة و هما النموذج الالمانى و النموذج اليابانى اللدان بالرغم من انهما يمثلان مدرسيتين مختلفتين من حيث الفعل الحضاري فأنهما يمثلان نموذجا للتقدم و الرقى فى العالم حاليا
الياباني والالمانى واللتان أسستا نجاحهما على تراث حضاري و مبادئ عامة بعيدة عن الصراعات الإيديولوجية و المذهبية و الطائفية جعلت من العمل القيمة الحضارية لتقدم الشعوب

خبير في التخطيط الاستراتيجي



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 141666


babnet
All Radio in One    
*.*.*