أحمد الصغيري، مهندس شاب يفقد عمله بسبب كورونا ويصبح بائع قهوة متجول

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/61ebde44ad6851.41139143_kmefghpoijqln.jpg width=100 align=left border=0>


وات - عبد الحميد عمري - قبل فترة الحجر الصحي الشامل التي أقرتها السلطات بسبب جائحة كورونا، في مارس 2020، كان أحمد الصغيري، ذو التسعة وثلاثين سنة، يعمل مهندسا لدى شركة مختصة في مجال صناعة الطيران بالمنطقة الصناعية بالمغيرة من ولاية بن عروس في الضاحية الجنوبية لتونس.
فقد المهندس الشاب مورد رزقه الوحيد خلال فترة الحجر الصحي بعد أن قررت الشركة الاستغناء عن نصف العمال في خطوة للضغط على مصاريفها وضمان استمرارية نشاطها.

بقي أحمد أشهرا طويلة عاطلا عن العمل على غرار العديد من الشبان الذين عصف بأحلامهم هذا الوباء الذي خلق أزمة اقتصادية في تونس، بلد يعاني فيه الاقتصاد مسبقا من الركود وتتفاقم فيه أزمة البطالة بينما تواصل السلطات الضغط على المصاريف وتجميد الانتدابات في الوظيفة العمومية.
...


فحسب معطيات المعهد الوطني للإحصاء، بلغ عدد العاطلين عن العمل خلال الثلاثي الثالث من سنة 2021، 6ر 762 ألف شخص من مجموع السكان النشطين أي بنسبة بطالة تقدر ب4ر18 بالمائة.
لم يستسلم هذا الشاب هادئ الملامح والمتحصل على شهادة في الهندسة الصناعية، لهذا القدر وقرر أن يستغل كفاءاته في تصميم وسيلة عمل تخرج عن المألوف وتضمن له دخلا حرا لا تطاله النوائب ولا الأزمات.


عربة قهوة متجولة "إيكولوجية" ولافتة للأنظار

شغف التونسيين بالقهوة، هذا المشروب المنشط الذي كان أكثر روتين اشتاقوا له خلال فترة الاغلاق ورفع الكراسي من المقاهي إبان الحجر الصحي الشامل، ألهم أحمد فكرة صنع "مقهى متجول" يوفر القهوة للجميع في كل مكان وخارج الفضاءات المعهودة.
"قررت بعث مشروعي وانطلقت في تصميم عربتي "coffee Bike " وبعد عام ونصف تقريبا من العمل، كانت النتيجة هذه التحفة الفنية التي تراها"، قال أحمد مازحا وعلامات الرضا تعلو محياه.

وعربة هذا الشاب المتفائل البشوش، هي عبارة عن دراجة هوائية بثلاث عجلات تحمل منضدة من الخشب البني الفاخر، ثبتت فوقها الة عصرية لتحضير القهوة مصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ.

وهذا المقهى المتجول ذو السقف الاصفر الجذاب يعمل بقارورة الغاز المسال. وجهزه صاحبه بكل ما يلزم وبمجموعة من أكواب القهوة وأكواب العصائر الكرتونية بأحجام مختلفة كما حرص على أن لا يكون له أي أثر سلبي على البيئة.
فأحمد يبقي "مقهاه الإيكولوجي طيلة الوقت نظيفا لامعا كأنه مرآة تعكس وجوه المارة والزائرين وهو ما يجلب إلية شرائح مختلفة من الحرفاء العاديين منهم والمثقفين المولعين بالابتكار وكذلك المحبين للبيئة والحريصين على نظافتها.
"لقد حرصت على أن يكون مشروعي الصغير صديقا للبيئة وأنا مولع بطبعي بالدراجات الهوائية واستعملها في حياتي اليومية. لا ألقي أي نفايات في محيط عملي بل أحتفظ بها للتخلص منها بالطرق اللائقة"، يضيف أحمد بكل ثقة.

وتجلب هذه العربة أينما جالت فضول المارة بألوانها المتناسقة والمتناغمة التي تجمع بين الاصفر و الاحمر وعلى واجهتها كتبت أسعار المواد المعروضة بالأسود.
كما تجلبهم أناقة صاحب العربة الذي يعتمر قبعته الرياضية الصفراء عليها شعار المقهى والذي لا يبدأ عمله دون أن يرتدي ميدعته التي صممها وحرص على أن تحمل أيضا شعار مقهاه المتجول وكأنه مصمم على تجذير "هويته الجديدة".

ولا يغفل صاحب المقهى على تطهير يديه وكل أسطح العربة والمنضدة الجانبية التي يضع فوقها الحرفاء أكواب القهوة، بمواد التعقيم التي أصبحت جزءا من حياته.

وأينما حلت عربة أحمد في ضاحية بن عروس النشيطة، فهي ثاني مركز صناعي بالعاصمة تونس، تنتشر رائحة القهوة وتفوح على بعد العشرات من الأمتار خاصة في الصباحات الممطرة الباردة التي يرغب فيها المارة أكثر في احتساء كوب ساخن من القهوة يدفئ أفئدتهم وينشطهم.
و ليس لهذا الشاب مكان محدد مسبقا ليركن فيه عربته، بل هو يتنقل كل يوم حسب حركية ونشاط ألأماكن فتارة تجده أمام المعاهد والجامعات و طورا أمام المحلات التجارية الكبرى أو أين تتواجد المنتديات و الاحداث الكبرى اخر الاسبوع.

يتصفح أحمد هاتفه وهو يمعن النظر في الصور التي التقطت له مع أناس عاديين أو مع وزراء و موظفين سامين أعجبوا بعزيمته وإبداعه ونجاحه في التحول من مهندس صناعي إلى صاحب مقهى متجول يقضي حوالي 12 ساعة في الشارع لا يكل و لا يمل.


"سأصنع عربات أخرى لتشجيع العاطلين عن العمل"

قال أحمد أنه يرغب في تطويع معرفته وكفاءته في الهندسة الصناعية لصنع عربات اخرى لبيعها و تشجيع العاطلين عن العمل على خلق مشاريع مماثلة.

وقال فؤاد بن طالب، صاحب مخبر وهو صديق أحمد ل"وات" أنه لا يشجع فكرة المقهى المتجول فقط بل اقترح أن يمنح أحمد الامتياز التجاري لباعثين اخرين أو ما يسمى بالفرنسية "فرانشيز" يعملون تحت نفس علامة "Coffe Bike" وتنتشر في كل الولايات.


وتشجع الدولة في تونس الشباب، خاصة أصحاب الشهائد العاطلين عن العمل، على بعث مشاريع خاصة من خلال امتيازات وقوانين مثل القانون الخاصّ بدعم الشّركات النّاشئة في البلاد، والّذي يحمل تسمية "" Start-up Actستارت اب اكت". ويهدف هذا القانون إلى وضع إطار محفّز لبعث مؤسّسات ناشئة تقوم خاصّة على التّجديد و إعتماد التّكنولوجيّات الحديثة

لكن نسبة البطالة خاصة لدى أصحاب الشهائد العليا في تونس ما انفكت تتفاقم وتدفع بهِؤلاء إلى الهجرة. فقد بلغ عدد العاطلين عن العمل في تونس خلال الربع الثالث من عام 2021 نحو 762.6 ألف من مجموع السكان النشطين مقابل 746.4 ألف عاطل عن العمل في الثلاثي الاول من نفس السنة وارتفعت بالتالي نسبة البطالة إلى 18.4 بالمائة، حسب المعهد الوطني للإحصاء.
وكانت عمادة المهندسين قد حذرت من تفاقم ظاهرة هجرة المهندسين التونسيين، مؤكدة أن ما لا يقل عن 10 آلاف مهندس قد غادروا البلاد خلال السنوات الأخيرة.
وحسب عميد المهندسين التونسيين، أسامة الخريجي، يغادر نحو ثلاثة آلاف مهندس تونس سنوياً للعمل في الخارج ، أي أنَّ نحو 30 في المائة يهجرون البلاد، من بين نحو 8 آلاف متخرج سنوياً.




   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 239915


babnet
All Radio in One    
*.*.*