أجسام رشيقة، لكن متمسكون بحقن إنقاص الوزن Bookmark article

صورة قدمتها غابرييلا
Gabriela
غابرييلا تقول إنها جربت الحمية والتمارين الرياضية، ولكنها لم تفلح في إنقاص وزنها

تسعى غابرييلا إلى إنقاص الوزن، الذي اكتسبته خلال جائحة كوفيد. ولكن بعض الكيلوغرامات العنيدة لا تريد أن تتزحزح.

تقول إنها جربت كل شيء. من الحميات الغذائية الأكثر صرامة، إلى التمارين الرياضية القاسية ستة أيام في الأسبوع.

لكن لا شيء من هذا نفع مع المحامية البرازيلية، التي يبلغ وزنها 76 كيلوغراماً، وطولها 1.69 متراً.

ثم أخبرتها بعض الصديقات على سرهن. كن يستعملن حقن إنقاص الوزن، وحققن بها نتائج مبهرة.

وعلى الرغم من أن غابرييلا، البالغة من العمر 40 عاماً، من هواة التمارين الرياضية، فإنها قررت عمل الشيء نفسه.

اشترت حقنة أوزمبيك الأولى في فبراير/شباط 2020، من صيدلية في ريو دي جانيرو، دون وصفة طبية. وشرعت في أخذ الحقن دون إشراف طبي.

وحققت نتائج على الفور تقريباً.

تذكر غابرييلا (ليس اسمها الحقيقي) أن الأمر كان "خيالياً".

وتضيف: "كنت أذهب إلى مطعم ياباني. آكل ست قطع من السوشي، وأشعر أنني أكلت طبقاً كاملاً من اللحم".

التحول كان ملحوظاً، ولكنه لم يستمر. عندما توقفت عن أخذ الحقن، بدأ الوزن يعود تدريجياً.

عندها شرعت غابرييلا في تطبيق نظام اعتادت عليه. تتوقف عن أخذ الحقن عندما تكون راضية عن مظهرها. ولكن عندما لا تعجبها صورتها في المرآة تعود إلى الحقن مرة أخرى.

استمرت على هذه الحالة مدة عام كامل.

تقول: "عندما أنظر إلى المرآة، كل شيء في الحياة يبدو لي سهلاً".

يحذر الأطباء من أن الأشخاص الذين لا يحتاجون طبياً - مثل غابرييلا - إلى حقن إنقاص الوزن، ويأخذونها بشكل متقطع، دون إشراف طبي، يجازفون بصحتهم.

في بريطانيا، لا تصف هيئة الصحة العامة عادة حقن إنقاص الوزن، التي تحاكي هرمونات ضبط الجوع وتجعلك تشعر بالشبع لمدة أطول، إلا إذا تجاوز مؤشر حجم جسمك 35 أو 40، حسب الدواء. وتكون العتبة أدنى من ذلك بالنسبة لبعض المجموعات العرقية، والأشخاص الذي يعانون من أمراض مرتبطة بالوزن.

مؤشر حجم جسم غابرييلا كان 26،6 عندما شرعت في أخذ الحقن. ولا تعاني من أي مرض مرتبط بالوزن. وكانت قوية العضلات لأنها تمارس التمارين الرياضية العالية الكثافة.

يقول الدكتور بارتي شيتيي، نائب رئيس جمعية طب السمنة في الولايات المتحدة: "هناك رواج متزايد لاستعمالها لأغراض تجميلية".

"سمعت عن حالات كثيرة يستعمل الناس فيها هذه الحقن فقط من أجل الحصول على مظهر جميل".

يرى البروفيسور المتخصص في الغدد الصماء، سيمون فام دي ساند لي، أن هذه "أدوية لعلاج الأمراض مثل السكري والسمنة. وليست وسائل للتجميل".

خبراء الصحة يحذرون من أخذ حقن إنقاص الوزن دون إشراف طبي
AFP via Getty Images
خبراء الصحة يحذرون من أخذ حقن إنقاص الوزن دون إشراف طبي

"كنت أشعر أنني منتفخ"

يقول أندرو، البالغ من العمر 49 عاماً، الذي كان جسمه دون الحد الأدنى للحاجة إلى إنقاص الوزن في بريطانيا.

وهو مدير في شركة أغذية. اعتاد على استضافة الحفلات الراقية في بيته وسط لندن، ودفعه مظهره إلى استعمال هذه الحقن.

"كنت أشعر أنني منتفخ. لم أكن راضياً عن مظهري"، قال الرجل الذي فضل أيضا عدم ذكر اسمه الحقيقي، ويضيف: "عدت من عطلة أعياد الميلاد، وقلت في نفسي لابد أن أجد حلا لهذا الأمر".

كان وزن أندرو وقتها 90 كيلوغراماً، وطوله 1,83 متراً. وعلى الرغم من عضلاته القوية، مثل غابرييلا، فإن مؤشر حجم جسمه كان 26.9.

ويقول أندرو إنه تمكن من الحصول على الحقن من صيدلية على الانترنت، بملء استمارة تقييم ذاتي فقط. وعلى حد علمه، لم يتأكد أحد من دقة ما كتبه، ولا مما إذا كان العلاج مناسباً له.

في مطلع 2024، بدأ يأخذ حقن فيغوفي أسبوعياً. وبعدها شرع في أخذ حقن مانجارو.

"على الفور، ذهب عني الاهتمام بالأكل. شعرت بالراحة لأنني أصبحت لا أفكر في الطعام كثيراً".

لا يزال أندرو بذهب إلى المطاعم، ولكنه يأكل كميات أقل بكثير.

ويوضح: "لم أعد أشعر بالجوع مثلما كنت أشعر من قبل".

وعلى غرار غابرييلا، يأخذ الحقن تارة ويتركها أخرى، وفق ما تقتضيه المناسبات الاجتماعية. يقول إنه استعملها قبل ذهابه في رحلة بحرية إلى البحر الأبيض المتوسط هذا الصيف. ثم توقف لمدة شهرين، ثم عاد لاستعمالها في الفترة الأخيرة، قبل أعياد الميلاد.

وأحيانا تترك غابرييلا الحقن قبل الحفلات حتى تستمتع بالأكل أكثر.

تقول: "إذا كنت سأشرب كثيراً فلن أستعملها، إذا كنت أعرف أنني سأشرب كميات هائلة من الجعة، لماذا آخذ الحقنة. لن آخذها".

وتضيف: "ربما أنني في هذه الأيام آخذها بطريقة غير مناسبة. صراحة لا أعرف".

تقول إن أخذ الحقن تارة وتركها أخرى يساعدها في توفير المال، إذ أنفقت أكثر من 2000 دولار حتى الآن على شرائها.

خطر ضعف العضلات

وإذا كانت غابرييلا وأندرو راضيين عن تجربتهما فإن خبراء الصحة ينبهون إلى المخاطر التي تترتب عن استعمال حقن إنقاص الوزن، دون إشراف طبي.

بدأ استعمال النسخ الأولى من أدوية محاكات الببتايدات لعلاج النوع الثاني مرض السكري في مطلع التسعينات. ولكنها اكتسبت شهرة واسعة في الأربع سنوات الأخيرة. وهذا بعدما سمحت هيئات مراقبة الأدوية عبر العالم باستعمالها في إنقاص الوزن.

يقول سايمون كوك، أستاذ علم وظائف الأعضاء في جامعة راسكين، بريطانيا: "بكل بساطة، لا نعرف ما تأثير هذه الأدوية على من يستعملونها لأغراض تجميلية بحتة".

ويضيف البروفيسور لي أن "أغلب من نعرفه عن هذه الأدوية يأتينا من الذين يأخذونها بانتظام تحت إشراف طبي. ولكننا لا نستطيع أن نقدر تأثيرها على المدى الطويل بالنسبة للاستعمال المتقطع".

ويقول الدكتور برونو هالبرن المختص في الغدد الصماء، والرئيس المنتخب للفيدرالية الدولية للسمنة إن البحوث بينت "سلامة" هذه الأدوية بالنسبة لمن يعانون من السمنة أو السكري.

ويضيف: "ولكن بدأ ملايين الأشخاص الأصحاء يستعملونها، بعضهم دون حاجة طبية، ولذلك فإننا نتوقع أن تظهر بعض الآثار الجانية النادرة أكثر فأكثر"، وتشمل الآثار الجانبية لهذه الأدوية الغثيان والتقيؤ، الإسهال والإمساك.

ولكن الآثار النادرة والأكثر خطورة، مرض حصى المرارة الحاد، والتهاب البنكرياس، والحساسية المفرطة.

تقول غابرييلا إن مشكلتها الوحيدة الآن هي بعض الآلام الخفيفة في المعدة، وترى أنها بسبب عدم الأكل وشرب الكحول أثناء أخذ الحقن.

وتقر أنها "كانت تمر بمرحلة جنونية".

ومن سلبيات هذه الحقن أنها تجعل مستعمليها يفقدون العضلات أيضا مع فقدان الدهون. وهذا حسب الدكتور هالبرن أمر صحيح، خاصة بالنسبة للأشخاص الأكثر نحافة.

ويضيف: "الأشخاص النحيفون غالباً ما يفقدون العضلات عندما يخضعون للحمية"، "وعندما يستعيدون الوزن لاحقاً تزداد تركيبة أجسامهم سوءاً"، وينبه إلى أن عملية التدوير بين إنقاص واستعادة الوزن يحمل مخاطر زيادة الوزن على المدى الطويل، خاصة إذا كانت العملية باستعمال الأدوية.

وتوصي مطويات أدوية أوزمبيك، ويغوفي، ومانجارو بأن تؤخذ الحقن مرة واحدة في الأسبوع، في مدة محددة تحت إشراف طبي. وتشير الإرشادات إلى أن الجرعات تؤخذ بانتظام وبشكل متواصل وليس من حين لآخر.

ويُفترض أيضاً أن تؤخذ الحقن في الذراع أو الفخذ أو البطن، بجرعات متصاعدة.

الأثر النفسي

هناك خطورة على الجانب النفسي.

يقول الدكتور هالبرن إنه شاهد مرضى يتخيلون أنهم إذا أنقصوا الوزن سيشعرون أنهم محبوبون وسعداء ومقبولون. ولكن هذه التوقعات نادراً ما تكون واقعية.

ويضيف أن الناس عندما يتوقفون عن أخذ الحقن، ويعود وزنهم مثلما كان، يشعرون أنهم فاشلون.

ويوضح الدكتور كورك تحدياً آخر، هو أن أجسامنا تميل إلى مقاومة إنقاص الوزن على المدى الطويل.

ويضيف: "عندما تفقد الوزن، لا يرضى جسمك بذلك"، "هرمونات الجوع تتحفز لديك. ويتباطأ الأيض، ويحاول جسمك استعادة ما يراه وزنك الطبيعي".

ويشير إلى أنه بمجرد أن يتوقف المريض عن أخذ الحقن التي تلغي الشعور بالجوع، يستأنف الجسم معركته من أجل استعادة الوزن المفقود.

ولهذا السبب فإن الأدوية توصف لمن يحتاجونها لمدة طويلة. ويؤكد على أن السمنة مرض مزمن. وتنص إرشادات هيئة الصحة العامة في بريطانيا على استعمال أدوية إنقاص الوزن لمدة لا تزيد على عامين.

لا نية في التوقف

في مطلع 2025، شدد مجلس الصيدلة في بريطانيا القيود على الصيدليات الالكترونية في وصف وبيع الحقن بسبب تزايد المخاوف من إساءة الاستعمال والسلامة والندرة.

وشددت البرازيل أيضا قوانينها هذا العام بشأن وصف هذه الأدوية للأسباب نفسها.

وعلى الرغم من المخاطر، تقول غابرييلا وأندرو إنهما لا يفكران في التوقف.

وتعترف غابرييلا أنها أصبحت "مدمنة" على هذه الحقن. أما أندرو فيراها التزاما طويل المدى للاهتمام بمظهره.

ويرى في الأمر "مخاطرة واعية"، ويقول: "إذا تطلب الأمر أن استمر على أخذها وتركها طوال حياتي، فلا بأس في ذلك".