كل الذين كانوا يعتبرون الحديث عن الهوية مضيعة للوقت ونوعا من تشتيت التركيز على القضايا المهمة، الآن وبعد فضيحة باردو وجريمة التنكر لقراءة الفاتحة أم الكتاب ومدار المصحف ولغة الصلاة الخالدة، أصبح يتحتم عليهم اعادة النظر فيما ذهبوا إليه، وإعمال البصيرة والاعتراف بأن الأمم تبني نهضتها على أسس تقاليدها وعاداتها فكيف بهويتها وثوابتها، وان أمة مسلوخة فاقدة لإهابها الحضاري لا يمكن ان تستعير إهاب غيرها لتتدثر به.

برلمان بلا نهضة قوية يعني ان لا تقرأ الفاتحة على أول شهيد عربي برتبة رئيس جمهورية استشهد يدافع عن شرعية الثورات العربية نسخة 25 يناير، يعني ان تحذف الآيات ثم السور من القرآن الكريم تباعا، من آيات الميراث الى آيات الاحكام مرورا بآيات تتناول الأخلاق والجهاد وترتب العلاقات من الفرد إلى الجماعة، لا نتحدث عن تنشيطها من تجميدها وإنما نتحدث عن شطبها كليا، وقد قدمت في ذلك مسودات لم ترى النور، لكنها لم تنصرف ،فهي في شكل خلايا مقترحات نائمة تترقب التوقيت المناسب، وقد هددت الكثير من الشخصيات ان البرلمان القادم سيصادق على ثورة "حقوقية"، والقصد من ذلك كل تلك القوانين المثيرة المصادمة لهوية الشعب، كما أعلنت بشرى بلحاج صاحبة الملف المثير، انها ستغادر السياسية لتتفرغ الى مثل هذه القضايا، والاكيد انها تعول على مجموعة برلمانية متعاونة"على الإثم والعدوان" مع بعض الضغوطات من أصدقائها في أوروبا، يتم تركيع الثوابت وتمضي تونس أبعد من تدمير الأسرة وتغوير الفطرة.

برلمان بلا نهضة قوية، يعني برلمان بدقيقة صمت بدل الفاتحة، ودقيقة صمت على غير المسلمين الضالعين في إسلامهم، وليس من ثبت عليهم الارتباط الوثيق بالدين، وتعاملوا مع الإسلام كعقيدة وليس كمنتوج فلكلوري، يعني برلمان يجرم على البسملة والحوقلة، ويصوت على خفض صوت آذان الصلوات الأربع، مع إلغاء آذان الصلاة الخامسة "الفجر"، برلمان يقتطع من الأم الريفية المنحنية في الحقول ويهب الى الام العزباء، برلمان بلا نهضة قوية يعني برلمان بــ"برشا" فاطمة المسدي، وبرشا من فصيلة النواب الذين يغشون ثيابهم ويصمون آذانهم فرارا من فاتحة الكتاب.

برلمان بلا نهضة قوية يعني برلمان بلا قوة ردع ثوري في وجه قوى الثورة المضادة الصاعدة على وقع الصعوبات الاقتصادية الموضوعية والاخرى المصطنعة وعلى وقع العملية القذرة التي ترصد لها الأموال الطائلة من اجل انهاك الربيع العربي ثم تشويهه ثم شيطنته ثم تقديمه كطاعون يجب ان تتضافر الجهود مع ترامب وناتنياهو ومحمد بن زايد والسيسي وحفتر لاقتلاعه.

برلمان بلا نهضة قوية، يعني اقليات عرقوثورية هائمة على وجهها في دنيا المعارضة والأغلبية نيوتجمعية تعيد مخادنة تونس مع استعمال العزل أثناء المخادنة كنوع من التجديد والتمديد للدكتاتورية، برلمان بلا نهضة قوية يعني فقدان قوة هوية وقوة ثورية، قادرة على قيادة المسار، وان تعذر ليس أقل من أن تكون قادرة على حماية المسار، يعني قوة قيادة تمنع الانحراف بالهوية أو الانحراف بالثورة، او هي قوة شراكة تراقب تحركات الثورة المضادة من داخل رحم الدولة.

هل يعلم الذين يستهترون بقراءة الفاتحة، ان "السكارجية" في بعض الخمارات وحين تصل السكرة الى ذروتها يشرعون في قراءة سورة الفاتحة، يعني هذه الدواب التي فرت من أمام الفاتحة هي أدنى من العقل الذي عبثت به السكرة ورغم ذلك فارق الفكرة ولم يفارق الذكرى، سقطت كل القيم تحت مفعول الخمر، إلا الفاتحة ابت السقوط، لقد احتفظ بها هذا العقل المخمور، نتيجة المواظبة التاريخية، سكنت الفاتحة في عقله الباطن، عن أبيه عن جده عن جد جده ، وصولا الى دار الارقم بن ابي الارقم.. لقد كان الرسول صل الله عليه وسلم عند بدايات الوحي يتولى حين تناديه الملائكة، فأوصاه ورقة بن نوفل بالثبات وإجاب الداعي، هناك نزلت سورة الفاتحة، ثبت النبي صل الله عليه وسلم حين أوصاه ورقة بن نوفل بالثبات، وفرت الحمر المستنفرة من البرلمان حين أوصاها نوفل بن خويلد بالفرار.
برلمان 2019 بلا نهضة قوية، يعني فقدان السند الهووي، وفقدان قوة متمرسة في مراقصة افاعي الثورة المضادة.. برلمان 2019 بلا نهضة قوية، يعني مغامرة خطيرة مفتوحة على كل الاحتمالات، يعني فقدان سبعطاش ديسمبر لقوة ثورية صبورة تقدم العقل على العاطفة، وتحسن ادارة الصراع، مع ثورة مضادة جبارة صرعت الى اليوم اربع ثورات وتحاول عرقلة ثنائية الجزائر والسودان.