<img src=http://www.babnet.net/images/2b/5c1769cef27a35.70985351_jlmgekohfpqni.jpg width=100 align=left border=0>
بقلم الأستاذ بولبابه سالم
يحيي التونسيون اليوم 17 ديسمبر ذكرى اندلاع الثورة في سيدي بوزيد ، و تتزامن هذا العام مع اطلاق حملة السترات الحمراء التي تتخفى وراء مطالب اجتماعية و شعبوية لكن مطلبها الاخير فضحها حيث دعت الى تغيير النظام السياسي وهو مطلب رئيس الدولة و الحاشية المحيطة به .
يحيي التونسيون اليوم 17 ديسمبر ذكرى اندلاع الثورة في سيدي بوزيد ، و تتزامن هذا العام مع اطلاق حملة السترات الحمراء التي تتخفى وراء مطالب اجتماعية و شعبوية لكن مطلبها الاخير فضحها حيث دعت الى تغيير النظام السياسي وهو مطلب رئيس الدولة و الحاشية المحيطة به .
لا يصدق عاقل ان الثورات تنطلق من النزل و تسبقها ندوات صحفية و تمويلات مشبوهة من رجال اعمال فاسدين ، وتاريخ الثورات في تونس يؤكد انها تندلع من الدواخل المهمشة لتصل الى المركز و لا تبدأ من العاصمة و ضواحيها .
و من عجائب الامور ان انتفاضة السترات الصفراء في فرنسا تريد الحد من صلاحيات الرئيس الشاب بينما يتبنى جماعة السترات الحمراء في تونس مطلب توسيع صلاحيات الرئيس المسن .
لهذا السبب فشلت حركة السترات الحمراء قبل ان تبدأ بعد كشف حقيقة اهدافها و مموليها و شهدت صفحات التواصل الاجتماعي و بعض المنابر الاعلامية سخرية من اصحابها و تحذير للتونسيين من الانخراط فيها خاصة اثر اعتزام مجموعة فاسدة من النظام القديم المشاركة فيها و اختاروا لها يوم 17 ديسمبر لضرب رمزية هذا التاريخ الذي اسقط نظامهم و افقدهم مصالحهم و صوابهم .
و كانت الحكومة حذرت من اغراق تونس في الفوضى خلال شهر جانفي و تحدث النائب الصحبي بن فرج عن مخطط اصحاب السترات الحمراء بعد عجز رئيس الدولة الباجي قايد السبسي عن اسقاط رئيس الحكومة يوسف الشاهد ، و كانت اجهزة الدولة قد حجزت في صفاقس مخزنا يحتوي على 50 الف سترة حمراء على ملك رجل اعمال حرج من السجن بسبب قضية فساد ، كما تمكنت قوات الامن في سيدي بوزيد من العثور على مخزن سلاح على ملك احد باعة الخمر خلسة .
و بالعودة الى ثورة 17 ديسمبر فانها و رغم الانتكاسات و الهزات العنيفة تبقى شمعة مضيئة فقد أزالت كابوس الخوف و أطلقت الألسن و حررت العقول ،، كان المنجز السياسي و بناء المؤسسات الدستورية و التأسيس الجديد صعبا لكن المنجز الاقتصادي و الاجتماعي دون المأمول من شعب ثار على التهميش و البطالة .
و لكن تاريخ الثورات يشهد انتكاسات فقد نسي الفرنسيون ثورتهم و خلع نايبليون خلعا و ارسل الى جزيرة صغيرة في المحيط الاطلسي و صعد شقيق الملك لويس السادس عشر الى العرش باسم لويس الثامن عشر و عاد البذخ و الفساد قبل ان يعود وهج الثورة مجددا ،،
الثورة مزعجة لذلك تنشأ ثورة مضادة لضربها و ارباكها من المستفيدين و المتمعشين من النظام القديم الذين يسعون الى بث الاحباط و ترذيل الشرفاء و يعملون عبر ابواق التضليل و الكذب الذين سمّاهم بورديو بكلاب الحراسة الجدد الى ممارسة الحرب النفسية و تصعيد التافهين و سقط المتاع لتمييع الرأي العام و ضرب الرموز و القيم .
لكن روح الثورة لازالت حية لدى الشباب التونسي الذي افتك حريته و حرر الفضاء العام ، صحيح انه يعاني من خيانة بعض المثقفين و الأحزاب الذين يبحثون عن غنائم السلطة لكنه لن يسمح أبدا بدكتاتورية جديدة او انقلاب و سيظل الصندوق الانتخابي هو الطريق للوصول الى السلطة .
كاتب و محلل سياسي
Comments
6 de 6 commentaires pour l'article 173201