<img src=http://www.babnet.net/images/2b/saf3aaaa.jpg width=100 align=left border=0>
نصرالدين السويلمي
مباشرة بعد اعلان الحكومة عن تحويرها الوزاري تتابعت التعليقات وتمركز الزخم حول الاتحاد العام التونسي للشغل على خلفية رباعية الغرياني - البريكي ، الاعراف - الشغيلة ، وتم تقديم الامر في سياق مشكلة كبيرة قد تحيل العلاقة بين الاتحاد والحكومة على النفق المظلم وتدخل البلاد بموجب ذلك في مرحلة مفتوحة على كل الاحتمالات ، والملفت ان التركيز اهمل كل الاطراف التي يمكنها محاجة السبسي دستوريا واهتمت بالأطراف التي تعتمد على المحاجات العرفية المكتسبة بحكم السطوة والقدرة على الخلخلة والتنغيص ، والا فان مثل هذه التحويرات تتطلب التواصل مع الاطراف الرسمية والمعنية دستوريا بالتشكيل الحكومي وما يطرا عليه ، ولا شك ان اختزال الامر في المغالبات المركبة سيفقد تجربة الانتقال الديمقراطي مصداقيتها ويغوّر خصائصها ، والاستسلام الى ذلك قد يحوّل مشروع الانتقال الحالم الى ديمقراطية صورية يسوسها المال الفاسد والعنف الاجتماعي المقنن .
مباشرة بعد اعلان الحكومة عن تحويرها الوزاري تتابعت التعليقات وتمركز الزخم حول الاتحاد العام التونسي للشغل على خلفية رباعية الغرياني - البريكي ، الاعراف - الشغيلة ، وتم تقديم الامر في سياق مشكلة كبيرة قد تحيل العلاقة بين الاتحاد والحكومة على النفق المظلم وتدخل البلاد بموجب ذلك في مرحلة مفتوحة على كل الاحتمالات ، والملفت ان التركيز اهمل كل الاطراف التي يمكنها محاجة السبسي دستوريا واهتمت بالأطراف التي تعتمد على المحاجات العرفية المكتسبة بحكم السطوة والقدرة على الخلخلة والتنغيص ، والا فان مثل هذه التحويرات تتطلب التواصل مع الاطراف الرسمية والمعنية دستوريا بالتشكيل الحكومي وما يطرا عليه ، ولا شك ان اختزال الامر في المغالبات المركبة سيفقد تجربة الانتقال الديمقراطي مصداقيتها ويغوّر خصائصها ، والاستسلام الى ذلك قد يحوّل مشروع الانتقال الحالم الى ديمقراطية صورية يسوسها المال الفاسد والعنف الاجتماعي المقنن .
اذا كانت المجموعة الوطنية تحترم فعلا شروط الانتقال الديمقراطي وتخشى على صيرورته من الانحراف فلا يمكن الاستطراد في المعالجات الجانبية والمجاملات المزرية لامتصاص الغضب على حساب الاركان التي تحتكم اليها الديمقراطية ، من هنا كان على السبسي "وليس الشاهد لان الرجل لا يملك القوة ولا الجرأة للإقدام على خطوة حادة تتجاهل ميزان القوى الدستوري والآخر العرفي الانفعالي " كان على السبسي الذي يتربع على نصف السلطة بموجب النظام المختلط ، أن يدخل في مشاورات مع النصف الآخر لإحداث أي تغييرات في الحكومة قد تكون لديها طفرات جانبية ، ولا شك ان التشاور مع الكتل البرلمانية وخاصة الكتلة البرلمانية الاولى يعتبر من صميم السلوك الديمقراطي بل من الشروط الاساسية للحكم ، ولا يمكن السكوت الى ما لا نهاية له عن استدعاء الرئيس لنظام رئاسي اصم والتحرك تحت لافتة والفعل بموجبه ، بينما القوانين المنضمة لسير الحكم ثبّتت الاختلاط وفصّلت في مهام البرلمان وكذا مهام الرئيس ، وان كانت النهضة وضمن سلسلة تنازلاتها الطويلة العريضة العميقة الثخينة تنازلت عن حقها في تشكيل الحكومة غداة تنحّي او تنحيّة الحبيب الصيد باعتبارها الكتلة البرلمانية الاكبر ، فانه لم يكن من المتوقع ان تصعّد من وتيرة تنازلاتها وتسمح بمُضي السبسي الى ابعد من المتوقع ، فبعد تحجيم مشاركة الحركة في التشكيل الحكومي الذي اسندت قيادته لشخصية تم تصعيدها على عجل وبأشكال مركبة ومغصوبة ، زاد السبسي هذه المرة في اثخان النهضة حين تجاهلها ليس في اختيار الاسماء فحسب بل حتى في توقيت الاعلان عن التحوير ولو من باب رفع العتب .
فهل ستكتفي الحركة باللوم الخفيف كعادتها وتلتهم اسهمها من جديد وتحجم نفسها من حزب صاحب الحق في تشكيل الحكومة بحكم كتلته البرلمانية الاكبر الى حزب لا يعلم بكواليس الحكومة وتغييراتها واعادة الانتشار التي تحدثها الا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ، هل تمدد النهضة في صبرها وتسلم بسياسات الامر الواقع ولا تخجل من التقاط معلومة التحوير من النت مثلها مثل النشطاء والمدونين ،ذلك ما سيقرره العقل النهضاوي في لقاءاته القادمة ، حين يخرج مكتبها التنفيذي بموقف يبدو مفتوحا وفضفاضا ، نظرا لما عودتنا به الحركة ، فكما يمكن للمكتب ادانة الامر ودعوة بقية المؤسسات الى الاستنفار للخروج بقرار حاسم يرتقي الى مستوى الصفعة التي تلقاها الحزب ، يمكن ايضا ان تكتفي النهضة باللوم الخفيف والتفهم وادراج الامر في رفوف مقتضيات المراحل الانتقالية ومتطلباتها .
نحن إذا أمام صورتين متناقضتين ، الاولى تركز على التوترات الحالية والتجاذب بين النقابة والحكومة ، حيث يحاول الطرف الاول بناء سلطة موازية او حكومة ظل تعدل الكفة في وجه دولة ظل تهيمن على المشهد ، وتلك صورة تشجع على اللعب خارج اروقة الديمقراطية وتنمي فسائل خطيرة ستصبح في الغد مراكز قوى تهدد الحياة الديمقراطية السليمة ، وتقوم بعملية خلط فضيعة يتداخل فيها النقابي مع السياسي مع الاجتماعي مع المالي بحضور الداخلي والخارجي ، اما الصورة الثانية فهي تهمل احقية القوى البرلمانية في ادارة شؤون الدولة كما تهمل العمل على إجبار مراكز النفوذ على التسليم بقواعد الدستور وتضيق عليهم سبل المناورة ، إذْ لا تستقيم حياة سياسية سليمة دون امتلاك الاحزاب الفائزة لمقاليد الحكم بعيدا عن ترهيب الدولة العميقة و المال المرتاب ولا حتى ذلك الترهيب المتأتي من القوى الاجتماعية الشرهة للتوسع خارج خصائصها النقابية.
Comments
17 de 17 commentaires pour l'article 138979